|
بناء أنساق النظرة الجديدة الى الحدث التأريخي تحليليا وثقافيا وفنيا
جمال السائح
الحوار المتمدن-العدد: 2370 - 2008 / 8 / 11 - 05:39
المحور:
الادب والفن
قراءة بحثية جديدة في فكرة بدهية
في ضرورة بناء أنساق النظرة الجديدة الى الحدث التأريخي سيّما واقعة الطف في كربلاء والسيرة المحمدية والعلوية وسيرة أهل البيت من الائمة المعصومين (عليهم السلام جميعا) ومجمل احداث التأريخ القديم والمعاصر بشخوصه ومجرياته وقراءتها حداثيا عبر إعمال نبض الخيال والتأمّل الادبيّين في خلال عمليات الخلق النصّي والابداع الادبي في محتوى وبنية النص الادبي القصصي والروائي ونص السيناريو والمشهد الدرامي السينمائي والتلفزيوني والمسرحي والاذاعي
بقلم جمال السائح
وكانت البداية لما كان فنّ القصة والرواية ، يحتاج الى اتقان في الصنعة ، فان من الواجب الاشارة الى أن بعض الوانه هو الآخر ليحتاج الى عناية ورعاية خاصتين ، وعلى الاخص ما يتعلق منها بكتابة الرواية التاريخية ، ذلك انها تجمع ما بين الحدث والحوار المستل من مصادره ، وما بين الصياغة والحبكة والصناعة الادبية المشفوعة أجمع بإعمال القدرة وإنفاذ الخلاقية والابداع التخيلي ، فضلا عن الاستلهام الواقع بفعل لون الالهام الالهي ومعدن قريحة الكاتب نفسه ، اضافة الى ما تجب الاشارة اليه من أهمها واخطرها، وهو سبيل التحليل الروائي والبحث العلمي بمختلف جوانبه ، لا سيما السياسي منها . وان الاهتمام بهذا الجانب ، جعلني افكر بصعوبة الرواية التاريخية ، لان ذلك سيقود الى الجدل والبحث ، والدفع بآراء متعددة وفرضيات مختلفة . فضلا عن طبيعة عقلية الكاتب ، ومنهجه في التوصل الى تصورات عديدة ، لتكمل لديه صور البرهان حتى ترسو عند مرافئه صور واضحة ، يكون هو قد اندفع الى اكتشافها بعون الله وفضله . . لانه لا يمكنه ان يقعد مكتوف اليدين ، يجد الاراء متضاربة ومتشاحنة ومتداخلة ، ومع ذلك لا يحرك ساكنا ! . . لانها وفي مثل تلك الحال ، سوف لا تغني من الحق شيئا ، وإن أغنت ! فانه ليس لها ان تغني الإے؛ّّ في مضمار محدود يراه الكاتب قصير العمر حتى ان دقائقه وجزئياته هي وبدورها، ستعود لتلهج وتستغيث ، وتستصرخ متضرعة طالبة إماطة ستائر الابهام عن ناظريها ، وازاحة أسمال الوهم من أمام عينيها . . ليتطلب مثل ذلك كله إعمال البحث مجددا ، وإدغام سيل الاحداث بواقع التصورات والاعتقادات، والتوصلات الاستدلالية الخاصة بالمؤلف نفسه ، حالها كحال رواياته وشخوصه الخاصة به وتحليلاته ، حينما تركن الى المنطق العقلي والمنطق النقلي . وربما عارض البعض مثل ذلك انه بمستطاعه ان يجر بكاتب القصة الى خارج حدود المضمار الذي تتحرك فيه ريشة لوحته ، ويراع فنه حتى يغدو باحثا محقّقا ، ومدلفا الى طريق البحث الموضوعي وسياق التحقيق العلمي ، لا منهج القصة والرواية الادبيين . الا انه لما وجدت ضرورة الاولى ، وعدم امكان التخلي عنها باعتبار ان ثمة لكاتب الرواية كذلك ، من الرأي والتحليل الخاصين ، وايلاج النظرة والفكر العاملين بأمره ، والذي له ان يبدع من خلالها جميعا ، كيما يتحرك في حقول الاستكشاف والبحث وتحليل الاحداث التاريخية ، واستنطاق أحوال مقالها ، واستبطان معاني كل حوار وحوار . . ليصب نتائجها كافة في قوالب قصصية مثيرة ، يصوغ منها ما يراه طيبا سائغا للاذواق والاذهان ، وان استاق كثير من صفحاتها الى نوع من التشريح ، ربما لا يوافق عليه البعض ، الا اني وجدت أن مثل ذلك ضرورة لا بد منها ، شاء الكاتب ام أبى ، وذلك خدمة لالوان الحقيقة ، وامعانا في توكيد دور المثقف والكاتب الروائي والقصصي ، فهو الاخر محقق وباحث الى جانب كونه قصصي وروائي . . فلا بد له أن يدغم توليفاته بما يستحقها في لباب نظره، وتفسيره واعتقاده الخاصين بالاحداث وسياق المشاهد ، لانه ليس للكاتب الا ان يثبت دوره ، وان يعلن عن قلمه يتحرك في مشاهد الرواية. وما عليه الا ان يصبغ القصة برأيه العلمي والعملي في الاحداث ، للتعبير عن وجهة نظره الفكرية المستلة من مصادرها العقلية والنقلية الحقيقية . وهنا تجب الاشارة الى نقطة مهمة وأكيدة ، وهي انه لا أستخلص من ذلك كله أن يتحرك الكاتب على رقعة الاحداث التاريخية وحسبما يرتضيه هواه وتعصبه وتخيلاته التي لا تمتّ الى العقل والنقل بصلة ، بل لا تحاكي وجدان الانسان النزيه ، ولا تتحرك بفعل ما يمليه عليه ضمير الحقيقة الناصع البياض فيروح يتحرك بفعل ما يُملى عليه رغبة ورهبة . . لانه ليس للكاتب ان يمر على الاحداث مر الكرام ، أو يثبّت حوارا ما ، فيمر عليه وكأن لم يسمعه ، ليصير بالتالي لا يعني سوى رؤيا الشيطان الاخرس ومعنى الساكت عن الحق ، وكأنه يحاول ان يكتم شهادة أمره الله بأدائها . فجعلت اوجب على نفسي ضرورة ان اقوم بركز رمحي بعد ان أستل سيفي ، ولا الوّح بيراعي بعد ذلك وحسب ، بل أن اضرب به أقصى ما استطيع ، لا يحدوني في ذلك سوى رضى العزيز الجبار . فلا أهزه حيثما هو يشاء ، بل أصوّبه حيث تشاء مقادير العقل البشري . . لان من حق الكاتب الروائى والقصصى غ أن يجلي هو الامور ، ويقف على الحقائق ، ويستكشف الخفايا ، كحال المحقق في دائرة التعقيب ومكافحة الاجرام . وربما كان لى ان احدث بنفس ما حدث به الفيلسوف الكبير الملا صدرا والملقب بصدر المتألهين حينما قال: ولقد اطلعت على اسرار لم اكن اطلع عليها الى الان ، وانكشفت لي رموز لم تكن منكشفة هذا الانكشاف من البرهان ، بل كل ما علمته من قبل بالبرهان ، عاينته مع زوائد بالشهود والعيان من الاسرار الالهية ، والحقائق الربانية والودائع اللاهوتية ، والخبايا الصمدانية ، فاستروح العقل من انوار الحق بكرة وعشيا ، وقرب بها منه وخلص اليه نجيا ، فركى بظاهر جوارحه ، فاذا هو ماء ثجاج ، وروى بباطن تعقلاته للطالبين ، فاذا هو بحر مواج ، أودية الفهوم سالت من فيضه بقدرها ،وجداول العقول فاضت من رشحه بنهرها ، فأبرزت الأوادي على سواحل الاسماع جواهر ثاقبة ودررا ، وأنبتت الجداول على الشواطىء زواهر ناضرة وثمرا ، وحيث كان من دأب الرحمة الالهية ، وشريعة العناية الربّانية ان لا يهمل امرا ضروريا يحتاج اليه الاشخاص بحسب الاستعداد ، ولا يبخل بشيء نافع في مصالح العباد فاقتضت رحمته ان لا تختفي في البطون والاستتار ، هذه المعاني المنكشفة من مفيض عالم الاسرار ، ولا يبقى في الكتمان والاحتجاب الانوار الفائضة عليّ من نور الانوار ، فألهمني الله الافاضة مما شربنا جرعة للعطاش الطالبين والإلاحة مما وجدنا لعمة لقلوب السالكين ، ليحيا من شرب منه جرعة ، ويتنور قلب من وجد منه لعمة ، فبلغ الكتاب اجله . وجدت من اللازم ان اشرح اوضاع كتابة هذه الاجزاء التي ستتناوب في الصدور وابوح بالبعض من اسرار كتابتها والتي وقفت عليها ، أثناء تنظيمي لها ، وإعمال بحوثي فيها ، وكتاباتي الروائية لها ، حتى ما وجدت أبلغ تعبيرا من ذلك ، الا هذه الجمل والمقاطع من التعابير المعطاءة للفيلسوف الشهير ، مجدد الفلسفة الاسلامية ، محمد المشتهر بصدر الدين الشيرازي . فاستللتها من مقدمة كتابه الحكمة المتعالية في الاسفار العقلية الاربعة ، والتي كان قد عبر فيها عن نفسه ، هو ومن خلالها في الصفحة 8 من الجزء الاول . إن صيغة الرواية التاريخية لها ان تعد نمطا خاصا يحاكي نفس أسلوب الرواية ذات السمات الحدثية المعاصرة والتي لها هي الاخرى أن تستقطب لونا خاصا بها ، بميسوره ان يفضي بها الى طبقة من الطبقات التي تلم بمفردات محاكاة واقع تاريخي ، لا تهضمه الا رشفات العقل النابضة بالحس ، ونفحات وعي الادب بحرمة المواد النقلية الواردة في كتب التاريخ ، ومعاجم العلوم المتنوعة . . التي يمكن ان يستعين الكاتب ببعض ما ورد فيها ، بل بكامل ما يجده هناك ، يتعلق أو يمت بصلة بما يكتب ، سواء من قريب أو من بعيد . وذلك بغية منه لكي يحرك قلمه على جسد التاريخ ، وفقا للامانة التي يجب ان يراعيها ويحافظ على مبادئها حين يتعامل مع الحدث والشخصية التاريخيين - كالنظافة التي يجب أن يراعيها الجراح ، وفريق العمل الطبي في أثناء قيامهم بعملية جراحية معينة . والا فما كان للقصة ان يخلع عليهما الادب والنقد أيما لون من الوان التاريخية التى تستقطب عباراتها شيئا من مسحاته العبقة ببريقه ، أو تستضيف مفرداته بعضا من لمعات انعكاساته - ليدعم بعد ذلك ما خرجت به تحاليله ، من النظريات العامة والخاصة التي أعانه على سبك مقدماتها وتسويق نتائجها، ما استخرجه من مفردات ، استخلصها هو من وحي تفكراته ، ومذهب تحليلاته الخاصة ! والممزوجة بسلسلة من الاخبار ، ليفضي وعبر استخلاص نتائج ذلك الى معين استكشاف ينبوع ، يستخلص مياهه النقية من حركة الافكار الجازمة فى اعتقاداته ، عبر المسير فى خلال حلقة ذهنية ، تصفو اوعيتها كما يصفو حال البعض ، ويروق حين النظر في نقي الماء الزلال الصافي . . ولا اقول هذا ، الا وتحضرني حقيقة ما يختزنه الكاتب الروائي من حصائل ، هو لا يعرضها كما هي امام مرأى من القارىء . بينما يعمد الباحث الموضوعي الى عرض كل بضاعته امام القارىء ، وبشروطها الخاصة التي تخضع لها دراساته . حيث يتقيد بصفة الارجاع والنقل ، حتى يقدم رؤاه الخاصة وعروضه التي توصل اليها عبر نتائجه التي استخلصها ، ومن خلال دراسته تلك . فما يكاد أن تخفى بعدها على القارىء أيما التفاتة كان قد التفت اليها الكاتب الباحث هو نفسه ، ولا ايما خبر نقلي ، ولا ايما نظرة ورؤيا تعبران عن رأي الباحث بها ، او ردود فعله تجاهها ، حتى ينضح أخيرا وبكل ما عبّه ، ليصور حقيقة ما انطوى عليه مذهبه ، وفاضت به خلجاته . فيلقي بدلوه صافيا ، خلوا من ايما صناعة وابداع ، وخلق يمكن ان تختص جميعها بالكاتب الروائي الذي يخبّىء مزيج أتعابه ، وفصائل ألغازه التي يحتضنها موجه المسترسل خلف نوافذ المفردات ، وثغور الكلمات المشبعة بوحي فنان ، يكاد يغازل القارىء عبر التفنن بعرض المسائل وبحث القضايا وبنمط لا يثقل لا على الفيلسوف ولا حتى على ربة المنزل . لان الكاتب الروائي يدرس القضية المطروحة كما يدرسها الباحث الموضوعي ، ويحقق في صحة الاخبار الواردة والتي اشتقّها من الكتب الروائية والحديثية ، ويخضعها الى المجهر ، ويتفنن في مراقبة جزيئاتها كمإے؛عع يعمل مثل ذلك الباحث ) الاكاديمي ( نفسه . . حتى يقف عند كل حركة في الخبر ، وعند كل حوار ، يتأمله ، ويتفحصه بكل تروٍّ وهدوء ، فلا يعبر من عليه الا وقد بدت عليه أمارات العشق لكشف الاسرار التي تختفي وراء هذه السواتر الذاتية التي تنطوي عليها لغة الخبر ، او الحادثة التي تحمل التعريض بها مقتضيات الرواية ، وما تحتمل تأويلاتها المختلفة.. أو أنه ما تطال الشخصيات التي تنوء بالتعريف بها فصول الخبر نفسه ، او الرواية الخبرية النقلية التي يكتشفها الكاتب والباحث كلاهما في الكتب التاريخية . . من بعد التأكد من سلامتها السندية ، والتحقق من رواتها ، فضلا عن ملابساتها التاريخية.. كل هذا رغم ان الكاتب الروائي ربما عمد فى غالب الاحيان - ولكي لا ينشغل ببحث ليس من ديدن عمله ولا منوال اختصاصه ولكي يفيد من وقته الخصائصى - الى ان يعتمد على نتائج كبار البحاثة من المحققين ويمضى مدعوما بها فى نفس الوقت الذي يدعم نصه الروائي بتلك الاستنادات التحقيقية والتحليلية التي كان قد استند اليها واستنتجها محقق وباحث اخر يعمل فى مجاله المختلف عن مجال الكاتب القصصي والروائي، سيّما وان عمل الروائي فى الحقيقة ليس عمل بحث فى المراجع والمصادر وتقصّ للاخبار وجمع لصحيحها ورمي لبعيدها عن الصحة بل ان له ان يفيد من مثلها فيوظفها فى بيان استنتاجاته الخاصة بباعه وشغل القصة وخصائص النص السردي.. ولمثل هذا كله يمكن ان نطلق عليه المواد الخام لالة النص التي تتحرك بين يدي السارد لنص الحكاية، وذلك لكي يختصر وفي نفس الوقت كل الطريق ويتوجه الى مراده دون اتلاف لوقته الثمين باعتبار ان موادا تحقيقية جاهزة بامكانها ان تغنيه عن كل هذا الوقت الذي يمكن ان ينفقه فى مجال او تخصص هو ليس بمجاله فى الحقيقة ولا اختصاصه الصريح . ثم ان نفس الشخصيات التأريخية لها ان تخضع هي الاخرى الى مبضع الكاتب والباحث ، وان تقع في اطار الاضواء الكشافة ، لتعيين مناحيها ونوعيات حركاتها ، واهدافها واتجاهاتها الحقيقية . غير ان الدارس الاول هو سيخضع كل هذه الامور ، ووفقا لمناهجه التي استنبطها وحيه ، واستساغتها استعداداته حتى ضمن ان يواصل فيها مسيره ، من حيث استخدام معادن الرواية ، واستدراج القارىء باسلوب القرآن الكريم القصصي نفسه . في حين درج الثاني على التعرض لكل هذا ، وفقا لمنهج دراسي أكاديمي موضوعي تحليلي ، من دون ان يسمح بالحدث التاريخي ، أو مشاعر الشخصية الواردة في الرواية الخبرية او الخبر النقلي ان تجّاوز اطار كتابها التاريخي ، أو تخرج عن قالب الموضوعية التي انحصرت به . فغدا الباحث كأنه يستخدم اسلوب الافلام الوثائقية ، ودوره فيها دور المذيع المعلق الذي يدفع بدفقات صوته ، كيما يرافق ايقاعها حركات المشاهد المصورة ، وشريط اللقطات المسجلة ، للتعريف بواقع الاحداث التاريخية . كما هو الحال مع مشاهد من تاريخ الازمنة والسنوات الخوالي من التي تتعلق مثلا ، بالحرب العالمية الاولى ، او الثانية . الا أن المُشاهد ، وحينما يطالع هذه الصور بنظره ، فان تصوراته هي لتختلف وتتباين اظهاراته وانعكاسات وحيه النفسي ، وذلك حينما يطالع نفس الحادثة على شاشة السينما أو اجهزة التلفاز حتى يتفاعل مع الادوار التي يلعبها الممثلون ، ويتجانس في حلقة خاصة ، تظل تدور به حتى ينتهي العرض ، ولربما لا ينتهي هذا النوع من التفاعل ، ليبقى يلاحقه البعض أو الكثير من التألقات ، والاستيحاءات المستخلصة من وحي ذلك الانسجام الخاص مع ألوان المشاهد والتأثيرات التي جسمت روح الواقعة وحقيقة الحادثة . فضلا عن طبيعة المسألة التاريخية ، وبكل شفافياتها المخترمة عبر الاسلوب القصصي الشيّق . مع اننا لا نغمط حظ القارىء من الدراسات الموضوعية ، ولا نغبن اسهامات الدارسين من أصحاب البحوث والدراسات الموضوعية ، التي ربما هي الاخرى كانت تعدّ موادّا خامّا لكثير من القصص ، استفاد منها كتاب الرواية كثيرا ، فوظفوها لهذا الغرض نفسه . الا أنّا أردنا أن ندرس المسألة بتجرد عن المسائل الكفائية والعينية في كلتا الوجهتين ، نعالج القضية بعيدا عن كل ما له ان ينسخ دور الفعل والرؤيا والابداع من حيث النهج المستعمل والطبيعة المستخدمة ، وذلك عبر المبدأ والاصل . فضلا عن الاثار الحية الكاملة لكليهما . مع انا وفى الوقت نفسه لا نسعى الى أن نغبن حظ المشاهد كذلك ، ومن مشاهدته الافلام التاريخية ، ومتابعته الصور الوثائقية والاشرطة المسجلة . ذلك أنها تبث اليه حالة واقعية ، ونسيجا لا تشوبه صنعة مخرج او رتوش فنان . . الا ان هذا لا يمنع الكاتب الروائي حينئذ من ان يجمع بين الاثنين ، بين خلط الشبكة التي تشتمل على الحقيقة الناصعة بسجل ناطق، يكشف عن مفاد الواقع وبنفسه ، مجردا من أيما ثوب او لثام . ولربما عرّاه الى اكثر مما تعرّيه المشاهد الوثائقية التي هي دائما ما تخفي وراء مظاهرها وصورها المعروضة أسرارا واسرار لها ان تغدو وبالتالي عرضة للتنقيب من قبل معول الكاتب وفأسه اللذين يعبران عن حركة ، هي أشدّ اخبارا واعلاما عن حقيقة الحوادث من معول وفأس الكاتب الذي يكتفي بالدراسة الموضوعية . وان تطرق الى حالة العرض القصصي والسرد الحكاياتي ، فانه ربما اكتفى بنقل الخبر الروائي بأصله . فان الباحث الموضوعي بالتالي سيعرض كل بضاعته مزجاة بالهوامش وينصرف ، بينما يظل الكاتب الروائي حين تعامله مع التاريخ ، يكتم أسرار بضاعته، ليلقى بها خلف لائحة من المصادر والكتب التي استعان بها في توصلاته - تحت عنوان إحالات وغيرها - كان قد استفاد منها في التعرف على اخبار تلك الحوادث والوقائع . . حتى يظن القارىء انه ما فعل شيئا ، سوى ان سطّر اسطرا تسرد مزيجا من قصص تعج بالاحداث . ولم يطلع على القارىء بأيما جديد - على خلاف الكاتب الاكاديمي الذي كان قد عرض بضاعته كاملة أمام القارىء . لذلك وثق به الاخير انه قد فعل ما فعل ، وصنع ما صنع ، وحقق ما حقق، عن دراية موضوعية واسهام دراسي واثق . . وان ما توصل اليه ما كان الا كنتيجة سلسلة من التحقيقات الفكرية والعقلية والنقلية ، والتي ربما انفق الباحث نفسه وفي سبيل الحصول على نتائجها ، ردحا لا يستهان به من الزمان.. بينما غاب عن القارىء ان كاتب الرواية - وعلى الاخص الرواية التاريخية ، كان قد اشتغل في ذلك اكثر مما يشتغله الباحث الاكاديمي نفسه فضلا عن محترفى الكتابة في الدراسات المختلفة . لانه قد صنع نفس ما يصنعه الباحث - مع انه ليس كذلك ، بل فعل ما فعله الباحث نفسه ، لانه بحاجة الى توظيف حقيقة المادة التاريخية في كتابة روايته ، والتخلص الى انتقاء المقدمات والنتائج التي هي عبارة عن أولويات ونهايات تقتحم سياق الحُبكة وتنفذ الى واقع الشخصيات ، عبر السرد القصصي ، والمسار الحدثي للرواية نفسها . الا انه يختلف عن الاول ، ان الاكاديمي كان قد وظف كل ما وجده لعرضه امام القارىء ، ونشر كل اشيائه امام اعين قرائه ، وبشكل يطبع نطاق البحث المجرد بلمسات الدراسة الصرف . في حين ان الاديب الروائي لما اكتشف البديع من ألغاز الحادثة الفلانية ، ووقع على اسرارها التي ربما قبلت عدة توقعات ، كان له ان يصوغ منهاجا روائيا يحتفظ بهيكل الرواية العملي ، وينسجم مع صيغة اسلوب الكتابة القصصية ، بحيث لا يخرج عن عهدة الاطار والنص الروائيين ، ولا يضعف أساس النمط الاسلوبي ، ولا يهمل المحافظة على نسق النظام الذي تنتهجه تلك الصنعة الفنية ، والتي تدخل جزئياتها في انتاج ثقل اللمعات الصادرة عن حركة سيل الابداع وتدفق عوامله المتراكمة في ذهن الكاتب ، وبالقوة الى العرض والفعل ! بحيث لا يدع القارىء ان يتصور ولا للحظة واحدة ، انه يضع عدة نهايات ممكنة للرواية ، او انه يخلّي سبيله كما يخلي سبيل العقل امام الوان من الاحتمالات . . ليزجّه في عنابر ومخازن من التفسيرات القابلة للعرض والتخمين في حيال الحدث والقضية المعينين . بينما ان العملية لدى الباحث تكاد تكون اسهل من رشفة فنجان شاي او قهوة ، حينما يتيح له مجال عمله ان يرسل بالقارىء الى حفنة من النقاط والفقرات التي يحتملها في خلال تفسيره للحادثة التاريخية الفلانية . . الا ان كاتب الرواية لتجده يستخدم طريقة العرض هذا ، ومن دون التنويه الى مقدار الجهد الذي بذله . فيعرض الى الحقيقة التي توصل اليها بعد التي واللّتيا صافية جاهزة ، الا انه يستخدم فنونا هي كفنون محقق الشرطة في تحقيقاته الجنائية، ولكن بشكل لا يثير أيما نزعة من الملل أو الكلل . . كما انه غالبا ما يعمد كاتب القصة والرواية الى عدم التوقف عند حدود كتب الاخبار الروائية والحديثية المذهبية منها . فتراه يتعدى في معالجته لانواع الاحداث ، وفصولها الغامضة حتى الظاهرة منها الى كتب ومصادر العلوم المختلفة . لينتقل من هناك الى مراجع التآليف المتعلقة بحقبات ما قبل الميلاد مثلا والتي تعالج بحث تلك الفترات ، والتعرض لمجمل أحداثها، واخضاعها هي الاخرى الى سيل من التحقيق ، والفحص والبحث ، واستنطاق احداثها ومقارنة كل النقاط التي تحفل بالحساسية ، وتنشط تهتم باثارة الوان وحي المقايسة والموازنة التي ربما تتكافأ اوراقها ، حتى تنسجم أبحاثها النتائجية في خلال صفات تلتصق اعمدة دلالاتها متوزعة ما بين الخبر الوارد عن المعصوم مثلا ، وما بين الخبر الوارد عن علماء متخصصين في علوم أبحاث الاثار والارض وغيرها . ولربما تساءل البعض ، ان كيف يمكن المقايسة ما بين الخبر الوارد عن المعصوم ، وما بين الخبر الوارد عن حصيلة أبحاث قام بها متخصصين مثلا في علوم الاثار والتحقيق التاريخي في عصور ما قبل الميلاد . . فعندئذ سنقول ان القضية هي نفس قضية العلم الذي يدعو الى الايمان . فانه لما للعلم الابحار في عرض التاريخ والانغمار في مستويات الازمان الماضية منه او الحاضرة ، حتى المستقبلية منها والحافلة بالاعاجيب والغرائب ، وكل ما لها ان تعد في عداد المجهولات . . فهي الاخرى كان قد نقب العلم نفسه عن وقائعها . فان العلم الذي اكتشف المسائل العلمية امثال الكهرباء في عصور متأخرة ، فانك لتراه يتطاول ويتبجح انه توصل اليها الا انه سرعان ما يخر راكعا ساجدا امام عظمة الله وقدرة المعصوم الربانية . وذلك حينما يجد ان الامام علي بن أبي طالب عليه السلام ، يحدثه - ومنذ زمانه وعصره الذي كان يعيش في خلاله والناس في جهل جاهل - عن الكهرباء وان لو أراد الناس لاستخرج لهم من هذه المياه قوى وطاقات كهربائية ، كذلك الذهب الاسود وهو النفط . . فهذا العلم جعله الله تبارك وتعالى صورة مصداقية عن قدراته الابداعية وليس هو حاكيا عن نفسه ، وبالاصالة . كذلك هي النتائج التي يتوصل اليها علماء الاثار حينما يكتشفون ان المدينة الوحيدة التي سجلها التاريخ في ضمن حضارات بلاد وادي الرافدين ، ولم يكتشف لها أيما أثر هي بلدة أكد ! او ان الملك الفلاني هو أول من استخدم علامة الالوهية في مجسماته ونحوته التي صنعها له فنانوه ومهرة مملكته وسلطنته ، وهي التي تتمثل في النجمتين المخصوصتين لنحوت الالهة فقط ، فضلا عن القلنسوة ذات القرون الاثنين المخصوصة كذلك بالالهة . . فهذه الاعمال النحتية والتي عثر عليها المنقبون في المكتشفات التاريخية في أغوار الجبال واطراف الهضاب والمنحدرات ، وحتى السهول والسهوب من بعد اجراء عمليات الحفر والتنقيب ، هى كانت قد خضعت الى دراسات عملية وتحقيقات علمية من قبل متمرسين فى تلك الاختصاصات حتى توصلوا الى نتائج باهرة ، وخرجوا بحصائل عدة ، يمكننا ومن خلال اخضاعها الى مقابلة تحقيقية مثلا ، مع الكتب الروائية الشيعية والسنية على حد سواء ، والتي تقول ان نمرود هو اول من تجبر واول ملك ادعى الالوهية ، او ان بلدته لتعد من المؤتفكات التي قلبت عاليها على سافلها ، حتى غيبتها قدرة الحق ، ولم يعد بمقدور بشر ان يكتشف محلها ولا مكانها . . عندها سيكون بامكاننا ان نقف على واقع وحقيقة تلك المقايسات ، وما يمكن ان نستخلص عبرها من حقائق ظلت مجهولة ولردح طويل من الزمن ، لنفهم بعدها حقيقة المملكة التي كان يعيش في ظل حكومتها نبي الله ابراهيم مثلا وما كان اسم عاصمتها ، وما اسم ملكها وما هي الظروف السائدة آنذاك . . حتى تتكشف لنا وبالتالي طبيعة تلك الاسرار والخفايا التي استطعنا التوصل اليها عبر سياسة المقابلة التي تلتحم مبانيها ما بين العلم والتاريخ والتي تساهم هي - وبجدية منقطعة النظير - في خلق جيل يتعرف الى الحقائق ، كما يتعرف اليها برأي العين . ويلمس الدلائل الواقعية ، كما يلمس بشرته الحية . ثم ان كثيرا من المفكرين اوعزوا بالاشارة الى حقيقة هامة وهي ان كثيرا من الحقائق التأريخية والتي لم يتوصل الى حلّها المحققون والباحثون في الاخبار والتأريخ والتي تكاد تنسدل عليها العديد من الخفايا والابهام كثيرا ما كانوا يعترفون بانهم كانوا يعثرون على الحلول والحلقات المفقودة في ثنايا الروايات والقصص التأريخية والتي يختلق اكثر احداثها كتّاب القصة والرواية من الادباء واصحاب القلم الادبي والمتضلعين في هذا الفن لان خيالهم لا يعجز عن استنطاق الحدث والحقبة التأريخية بينما يعجز الخبر المأثور والرواية النقلية التأريخيين عن تحريك خيوط الاحداث وتبيان محالّ الرصد الحقيقي فى الحدث والواقعة التأريخيين لان الرواة لم يذكروا لنا كل شيء في ولا نقل لنا الاخباريون كل دقيق لما حدث وجرى وربما لم يتوفروا على الاحاطة بكل ما جرى لكن قريحة وخيال الكاتب كان له ان يسعف الباحثين في علم التأريخ بل ويعينهم في اغلب الاوقات لحل اعوص الاحاجي والاسرار التأريخية بعد ان يميط اللثام عنها ويكشف عن ستائرها وخباياها من خلال فيض خياله وتشعّب تفكيره الواسع النطاق ! لذا، كان علينا ان نهتم باهم حقبة تأريخية في زمان الاسلام وهي الاحداث التي عاصرت خلافة الخليفة الاموي يزيد بن معاوية بن ابي سفيان يعنى حرب كربلاء او واقعة الطف التي استشهد فيها الامام الحسين بن علي )ع( ثم استنطاق كافة الاحداث التي جرت هناك من قبل كربلاء او في ايام كربلاء او من بعد كربلاء ! كذلك يمكن ان نعكس نفس عملية الاستجواب العقلي والنصي والخبري من خلال فكرة الاستنطاق العلمي ولكن بحلية ادبية وذلك على سيرة اهل البيت (عليهم السلام) جميعا ونبدأ بكتابة سيرة جديدة لهم بما فيه الرسول الاكرم (ص) وبضعته الزهراء (ع) ووصيه بالحق علي بن ابي طالب (ع) والائمة الاثني عشر )عليهم السلام( من خلال معايشة الاحداث وقراءتها من جديد وان نعيشها كما لو كنا نجاور كل شخوصها وازمنتها وامكنتها وبكل اثاراتها ومؤثرات الصوت والمشهد واكسسوارات بليغة فضلا عن التنويع في انعكاس الحس واللقطة والبيان الناطق والمشهد المحسوس والمنظور تحت تأثير كافة الاشعاعات القائمة خلف انفاس التصوير المكتوب او المرئي بعدئذ، او حتى المسموع وذلك حينما يكون للتعاطي أن ينطلق من خلال النص المقروء او من خلال التعبير المرئي المنبعث اساسا والمولود تباعا من نص مقروء ومكتوب وذلك عبر الاحاطة بكل ما ورد عنهم فى السير والاخبار وكتب التأريخ وما نقله القدامى عنهم وعن غيرهم مما يتعلق بهم انفسهم وكشف الاخبار عن ملابسات الوقائع من خلال استكناه اسرار الحدث ومن دون تأليه الخبر وتوثين النقول ثم الانطلاق الى استنباط الحكي من خلال وحي الخيال الخصب والذي ليس له ان يشط عن وعي الضرورة الخبرية او النصية لاننا لسنا من القائلين بصحة كل ما يرد من نص الخيال ولكن نستعين بوحيه الاصفى وروعته الاجلى تلك التي بامكاننا ان نفيد من دقائقها التى بوسعها ان تستجيب للغة العقل المتطابقة مع لسان حال الحدث وكل ضرورات الخبر او قرائن الحاصل التأريخي حينما تتأكد لنا سياسات البحث والتحقيق والتكهن الواقعي والتحليل المنطقي المستند الى صيغ عاقلة لها ان تفيد باستجلاء تلك المساحات الغامضة او الضمائر المستترة فى ازمنة الحدث التأريخي ليكون لنا وفي وقتها ان نقع على حصيلة كامنة في ظلال الاحداث وليس تحت شعاع الضوء الذي كان بالامكان تغطيته. واذن فالمهمة امامنا ليست عسيرة وهي في نفس الوقت ليست ببسيطة لكنها في كل الاحوال لا يمكن ان تقبل رفضا بل لها ان تقوم مقام الدرس والتمحيص في الدراسات التحليلية التي تحصل في ابحاث المحققين والباحثين من الدارسين في سيرة اهل البيت والتأريخ عموما كما حصل مثله من قبل الاستاذ جعفر العاملي حينما اماط الغمام عن كثير من الخفايا الحدثية حتى كشف عنها الخفاء كما في كتابه الصحيح من سيرة الرسول الاعظم )ص( وهذا ان دل انما يدل على صحة ما اعربنا عنه في هذه الرسالة والتي نطمح ان تجد كل الاذان الصاغية والمصادقات الواعية انشاء الله وسوف لا يزيد كاتب النص الروائي والقصصي والمسرحي عما يزيد عنه الباحث والدارس والناقد في الحدث والحصيلة التأريخيين وذلك من حيث المبدأ ومضمون الفكرة، مع علمنا بان القاص والروائي له ان يتحرك فوق مساحة اوسع نطاقا لانه سوف يعتمد على ابحاث المحقق والباحث التأريخي نفسه او بالاحرى سيستعين بها وينطلق ربما من عندها في بعض الاحيان لبناء تحليلاته الاحدث والاجدد، مع فارق الرقعة الخيالية التي من الممكن ان يتحرك في مجالها الكاتب والمحلل الادبي على حد سواء وهاذا يفتح الباب لنا ايضا ان نشير هنا الى اهمية الباحث والناقد الادبي ايضا حينما يكون له ان يسلط الضوء ادبيا على حدث تأريخي يجده في نص قصصي او روائي وهذا نفسه سينعكس على نفس البحث ولكن لدى الباحث والناقد الفني حينما يشاهد حدثا تأريخيا يتجسد فوق الشاشة البيضاء او فوق الشاشة الفضية.. وهذا كله وبالتالي سيحيلنا الى مقدار العمليات التي بامكانها ان تغني الحدث التأريخي من خلال النص الادبي الذي يتوسع فى القاء اكبر مساحة ضوئية على مجريات الاحداث لينقل القارىء ومن ثم المشاهد الى مجال اوسع ليحرك الاخير ايضا ذهنه ويشحذ قدراته العقلية في تحليل السيرة او الحدث التأريخيين وليكون هو الاخر شريكا بالتالي لكل من الباحث والمحقق التأريخي والقاص والروائي الاديبين اصحاب الخيال النافذ والبيان القادح ومن ثم الناقد الادبي للنص الادبي المقروء والمحلل الفني للنص المرئي والتمثيلي. وبذلك تتأكد لدينا حقيقة التعاطي والتعاون بشكل مباشر وغير مباشر ما بين الباحث والمحقق التأريخي من جهة وما بين الكاتب القصصي والروائي الاديب والباحث والناقد الادبي والفني من جهة اخرى. لنجد ان سلسلة متصلة تربط بينهم كافة لنصل الى تبيان حقائق الماضي او حتى احداث معاصرة كما يحدث ان يجلو الكاتب الاديب الستار عن موت رئيس دولة ويذهب في خياله الوقاد والمقرون بحقائق صحيحة والذى يكون مدعوما في نفس الوقت بقرائن خاصة وعامة يستشفها هو بقدرة اختراقه لظواهر الاحداث من خلال منطقية دلائلية يكشف من خلالها وبالتالي عن حقائق كانت خافية على الرأي العام سيما العالمي منه فضلا عما لبس من الاشياء المحيطة بابسط دقائق الحدث وبفضل ابسط القرائن التي يكون للكاتب ان يوظفها في خلق مكامن الاشياء التي لم تذكر او لم ترو او حصل التعتيم عليها جزافا او عمدا او بصورة عفوية او لسقط في الخبر او حذف رقابي في النقل الصحافي او حتى عجز في استجلاء الحقيقة الكامنة وراء الستار في مسرح الاحداث. ثم انه لا ننسى ان هذا التعاون )اقصد التعاون العفوي وغير العفوي والمباشر منه وغير المباشر( بين الباحث الاكاديمي في علوم التأريخ هو لا يحدث دائما بل ما نراه مدعما بالادلة والقرائن ان كاتب القصة والرواية غالبا ما يعتمد على وجهة نظره الخاصة حتى لو كان له ان يطالع الاخبار في الصحف ويلاحق تحليلات الصحافيين ذات العلاقة فوق صفحات الجرائد وفي الاعمدة الثابتة وغير الثابتة فانه بالتالي ينطلق من نفسه ليصل الى نفوس الاخرين حينما يباغتها ويقف بها على اجناس من الوقائع ما كان ليعيها او يذكرها ولا حتى خيال اخصب الباحثين والمحققين الاكاديميين في علوم التأريخ سيما علوم تأريخ السيرة المحمدية والامامية فضلا عن اخصب الخيال المتوفر لدى نفس علماء النفس والمتوفرين على قراءاتهم في علوم الشخصية وغيرهم من المفكرين والمحللين في اصعب وأبلغ الاختصاصات وذلك لعدم توفرهم على ذلك الخيال الخصب الذي يتوفر عليه كاتب القصة والرواية ولا اقصد بالاخير اي كاتب قصة او رواية ولكن المتبحر في فنونها ونسج احداثها والربط بين اخبارها ومطاوي حواراتها وخفاياها لنكون بالتالي امام لوحة فنية عظيمة لا تكاد تغادر صغيرة او جزيئة ربما كانت عالقة في دهماء ادق الاحداث الا واحصتها قريحته وبلاغته في التصور والتخيّل والتأمل والتدقيق... بعد ان يعمل في الحدث او الخبر او الواقعة كل افكاره ويقحم فيه كل آلياته ويوظف لتحليلاته التي يحكيها من خلال نسجه لعصير الحدث المختلق والجديد والحوار المتصانع بطبيعة التكنيكات التي تشغلها مساحات الحدث والتصور والتامل بعد معاينة النفسيات ومراقبة المؤهلات التي سيكون لها ان تخضع دوما الى تقلبات او تواترات او حتى ثباتيات خاصة او عامة وبفعل حالة الانوجاد النصّي دون التناصّ مع الحدث التأريخي الاصلي الا من خلال الانطلاق من عيّنات الاصل والتحرك حول دائرة النقل الثابتة والتي له هو الاخر ربما ان يعكس في بعض الاحيان صورة هي في الاساس معاكسة لصورة الخبر المنقول او مناقضة له وصولا الى ان نقف في بعض الاحيان امام نصوص ادبية تدحض وبالكلية ــ ووفقا لدلالات ومستندات تختص بمهنة الادب ــ صحة ما ورد في بعض الاخبار النقلية ليثبت لنا بعدها النص الادبي وبالتالي صحة مدعيات جديدة لم تتنفس هي من قبل في بطون النصوص والاخبار التأريخية ابدا انما كان لها ان تتنفس الصعّداء في رئتي النص الادبي القصصي او الروائي سواء كان في الاقصوصة او في القصة القصيرة او في القصة القصيرة الطويلة او في القصة الطويلة او في الرواية القصيرة جدا او في الرواية القصيرة او في الرواية الطويلة وصولا الى المسرحية بنصوصها وعروضها فضلا عن النص الاذاعي والتلفزيوني والسينمائي بما يمكن ان يعبر عنه بالسيناريو ومن ثم نفس الفلم والمسلسل التمثيلي سواء كان في السينما ام في التلفزيون. وبذلك يكون لنا ان نصل الى احقيتنا في صحة مطلبنا ودقة مدعانا في ضرورة التصرف بمنطقية تخييلية مدعومة بلوحات من القراءات العقلية ذات الدلالة والمدلول (نحن عبّاد الدليل اينما مال نميل) في الحكاية التأريخية وكافة نصوص السيرة المحمدية والعلوية لان من قمة الادلة العقائدية ذات المدلول التفكيري والاجتهادي في القراءات العقلية والتنميات الفكرية والتأملات الذهنية هي بناء الانتماء والمعتقد وعلى ضوء الاسترسال في التحليل وقراءة الاحداث التأريخية نفسها والا ما كان لنا ان نشهد تلك التحولات في الانتماء العقائدي الديني او المذهبي. وعليه، فيترتب على ما سبق ان نعني بافساح المجال امام كتاب الرواية والنص الادبيين ان يعملوا اقلامهم في خلق النص الروائي والقصصي الذي تراه مخيّلة كل منهم وذلك بعد الاستناد الى وحي الخبر والرواية التأريخية وفي مجاله المحدّد ليس الا وذلك انطلاقا من معرفتنا بطريقة التعامل الادبي مع النص التأريخي سيما حينما يترتب علينا احياء دراما من بطون احداث التاريخ الذي لم يرو لنا كل شيء ولا تتوفر الادلة القانعة مائة بالمائة على ان ما رواه ايضا يعد حجة بالغة يمكنها ان تغني وبطريق الالزام الشرعي عن باقي الصيغ والدلائل والقرائن الموضوعية والفنية باعتبار ان النص التأريخي يعد وعند اهل الادب واصحاب القلم الروائي والقصصي ليس اكثر من عمود وهيكل فقريين للنص يحصل الاستناد اليه ليتم خلع اللحم والجلد عليه وسائر اجزاء الجسم الاخرى ومكوناته من قبيل الشرايين والاوردة والاعصاب والعضلات والالياف والاجهزة الخليوية والاعضاء وما الى ذلك.. يعني انه كما ينطلق الكاتب ازاء النص التأريخي ليعيره كل ومضاته ويخلع عليه كل دقائق تفكيره واستنطاقاته واستنباطاته ليحيلها في متنه ونصه شعابا من الحدث والدراما والحوار متداخلة مع بعضها في وحي من نسيج فني تم خلقه وابتداعه بقدرة قادر كان له ان يستمد عونه من رب العزة تعالى كما يمكن لمبتدع الة او جهاز ان يصنعه او كما لباحث ان يصنع ادلته وفق قرائنه الخاصة به لكن الكاتب هنا يتوفر على قرائنه الخاصة بعلمه ومضمار اختصاصه الذي يتحرك في مجاله ومنواله سيما وانه يشبعه ضربا من الخيال المباح والذي تم الترخيص له في مختبرات اهل الفن والخبرة الاختصاص حتى اشادت بمعامله - وكما كنت أشرت اليه فيما مضى من الكلام - جلّ العقول والمدارك واقرت أن كثيرا من اهل البحث والاستدلال غالبا ما يرجعون الى نصوص روائية وقصصية لاستكشاف ما غمض واستعصي عليهم من أمر استدلالاتهم الاكاديمية وابحاثهم التأريخية خاصة! ثم اننا ومن بعد ذلك، نحيط الرأي العام علما، ان الكاتب واستنادا الى حرية التعبير في النص سيما الادبي منه، هو لا ينتظر منّا الضوء الاخضر ليشرع عمله وينوي قراءته الحداثية للنص التأريخي ليصنع مزاجه الفني والشخصي فيه عبر ما يسرده ويبتدعه من نص وحوار وصراع وعقدة وتنوير تتخلله مشاهد منولوج وتداعيات وحبكة ونفي واثبات وصولا الى حلّه لعقدة الصراع المترتب على كل ما تداعى وتم اسقاطه وفق قرائنه المحددة تأريخيا ووفقا لتكاتفها الحميم مع صيغة وطريقة الكاتب في الكتابة واسلوبه في حبك الفكرة وتجسيد المحتوى وسبك الصراع وتنظير رؤياه الشخصية وصولا الى حريته المطلقة في اختياره لطبيعة الاحداث واشكال الانتقاء الذي يمرّره في مسيرتها التكاملية والتي تتخللها مجملات من المنعطفات والتحوّلات والتي لا يمكن ان يقررها احد غير الخيال الخصب للكاتب الروائي او القصصي المتمكّنين من وضع بصماتهما الشخصية فوق الاحداث كوجهة نظر شخصية لها ان تفتعل جوهر الريادة او التقليد في اتخاذ موقفها الالتزامي وعدمه حيال النص التأريخي والخبر الموروث فان شاءت عارضته وان شاءت طابقته وان شاءت نسفته وفق قرائنها الشخصية واستدلالاتها الموضوعية والعلمية ولكن تحت ستار الاسلوب الفني في اختيار البنية التامة لسبيل النص وعنوان المتن المتراتب وفق خطة مبدعه وفنانه باعتباره انه صاحب النص وهو المسؤول عن قولته وكلمته التي يرغب في ان يعبر عنها تجاه الحدث وكيفية التعامل معه من وجهة نظره الشخصية وعنوان رغبته النظرية في حياله فسيكون وبالتالي قد شرع في التعبير عن رؤياه الخاصة تجاه القضية التأريخية او اي حدث معاصر كما لصاحب البحث العلمي ان يسمح لنفسه ان يقول مقولته ويؤثر رؤياه على رؤى غيره من الباحثين وذلك من خلال استدلالاته الخاصة فلكل ادواته التي يستخدمها في مختبره العملي والنظري وفي حقل اختصاصه بشكل ليس لاحد ان يعيب عليهم ما توصلوا اليه كما هو الحال لدى كاتب النص الادبي اذ انه صاحب القرار والنظرة باعتباره صاحب النص ومنظمه ومبتدعه رغم انه ربما يكرر وجهات نظر اخرين سيما لو كان معتقدا بها ومقرا بها كما يحصل لدى الباحث ايضا وهذا كله امر يترادف مع ما يجري فى مختبرات رجال التحقيق الجنائى العقلية والعلمية من استدلالات واستنباطات يتم من خلالها التوصل الى فك خيوط الجريمة او الحدث ليتأكدوا من ازالة كل لبس وغموض يحيط القضية كى يصلوا الى الجاني الحقيقي ليكشفوا وبالتالي عن كافة ملابسات الحادثة الفلانية مثلا او القضية الكذائية بشكل لا يمكن لاخرين ان يعيبوا عليهم مثل هذا العمل او ان يحجّموا من طاقاته ويحدّوا من باعه في الامر ويقصروه وفق تنظيراتهم غير المدروسة على ما توافر لديه من ادلة دون السماح له باعمال قدرته التخييلية والتأملية في دراسة الامر وحياطته من كل جانب وتقصي كل احتمالاته وقراءة كل تكهناته عبر الانغمار في عالم كثيف من التراكمات الحدسية والفرضيات القائمة على قواعد علمية لا يمكنها ان تخطىء الا نادرا ووفقا لمعاني فكرية واطاريح نظرية يمكنها ان تتدمّج في واقع تسجيلي او تقريري للحدث التأريخي او المعاصر حتى لو لم يكن قد مضى على حدوثه او وقوعه أكثر من دقائق او ساعات فكيف بكاتب النص وسائق الحوار وخالق الحدث من جديد بعد ان تهاوى بناؤه وانعدم صرحه بفعل تقادم الزمن وانصرام الايام وانقضاء الاوطار فعاد المبدع ينظمه من جديد ويعيد تصوراته في قراءة الموضوع وهو يعيد بناءه لبنة لبنة وبيديه وعقله وفكره ليلقي عليه مسحاته الواجب عليه القاؤها عليه كي تتضح له مرادفات الاحداث وملابساتها وبالكلية.. فيصبح بعدها متوفرا على كل تلك البرامج الغامضة والخافية حتى على اعين وعقول اكابر البحّاثين والمفكرين والذين يثبتون عجزهم الدائم ابدا عن التوصل الى حلول نقدية في فك ملابسات الاحداث التأريخية بينما يتحرك الكاتب الادبي ومن دون ارباك او تحير او حتى عجز يتنافى مع الصورة الذاكراتية التي لخياله ان يختزنها ويتصورها عن الاشياء والاشكال والاشخاص سيما حينما ينقلون له حكايات عن فلان شخصية حتى لتبدو اسطورة لكنهم لا ينقلون له ماذا يفعل هذا الشخص في داره فيبدأ بدراسة نفسية الشخصية ليقيم تكهناته ويسقط توجساته الاخرى فيصل بالتالي الى تحديد شخصي لسلوكيات تلك الشخصية خلف الابواب رغم ان التأريخ المعاصر او القديم مثلا لا يقوم بنقلها لكنه وبفعل ادراكه القوى وخياله الخصب يتوصل الى البت في طبيعة السلوك الشخصي والاعمال الخاصة والتصرفات الخاصة لأمثال اولئك الطغاة او العظام من الشخصيات. وخلاصة الامر نستدل في نهاية هذا البحث على قدرة كاتب النص الادبي الروائي او القصصي على احالة المادة التأريخية القديمة او المعاصرة - حدثا كانت أو قضية ما تحمل ايديولوجياتها الخاصة او العامة - الى مادة نصية قصصية يعمل فيها كل اشياءه وآلاته وادواته المختبرية بعد ان يخضع كافة دقائقها العملية واجزائها النظرية الى فحوصات معمله العقلي والفكري ليمرر عليها بعدئذ طريقته في ناريته التي لها ان تزيد جواهرها نضارة وخرائدها طلاء ومن ثم يقوم بخلع ما يراه مناسبا لها ليتركه يلتصق بمكوناتها ليصبح بالتالي جزءا لا يتجزأ منها كما لو كان متصلا بها ومنذ الازل ووفقا لنظرية المبدع نفسه لا نظرية اخر غيره، وبنفس الطريقة التي تتحدد ازاء الباحث العلمي والمحقق الاكاديمي الذي يعمل هو الاخر مشرطه ومبضعه العلمي في المادة التأريخية ليتوصل في النهاية الى رأي خاص لا يمكنه ان يلزم به الاخرين الا من خلال قدرته الذاتية في الاقناع بعد توسله بمختلف ادواته العلمية والاختصاصية سيّما حين يكون له ان يشطب ويحذف ويضيف ما يراه مناسبا من الشخصيات او الاحداث او يكون له تصورا خاصا عن الحدث او القضية او الزمان او المكان او انه يسلط الضوء على مسافة معينة من حياة الشخصية او على حادث خاص تمر به او على حالة معينة او سلوكية خاصة او يتخيلها من زاوية ينتقيها وبنفسه دون الزوايا الاخرى او ان يقوم بتسليط شعاع الاخترام على مسألة لا تتعلق بالشخصية او القضية او الحالة او الحدث لا من بعيد ولا من قريب لكنه يجد تواصلا ما بينها وبين تلك الثيمة التي يراها ذات علاقة ثم انه ربما يحاول ان يواكب ازمة ويترك قلمه يتحسس انطباعات الازمة فوق رقعة تلك الشخصية او ان يتناول الاخيرة وفقا لمعيار الواقعية السحرية او الساحرة او غيرها او يتلمذها وفق مدارس ادبية مختلفة او يخضعها الى تجزئة وتركيب متتال او متوال او احادي المبدأ او يترك مسبار يغوص في دخائلها ثم له ان يعبر ومن خلالها كيف يشاء ليجد اثر المكنون وصراعه مع الموروث في حيز لا يمكن رؤيته لقرب المسافة بينهما وتداخل عصيان الزمكان فيما بينهما من حيث الاشراف على صور المسرد واتحادياته مع المعطيات غير المباشرة في حال اتسام كل استيعابات الماحول الحدث وورائية تلك النفوس باشكال من المباشرة ومتشاكلاتها في نفس الوقت ايضا .. وذلك كله من اجل ان نرسم ابعادا شتى لظروف نفس الشخصية في نفس الوقت الذي نسمح لانفسنا ان نرسم لها ابعادا غير واقعية بفرض الضد حينما لا يكون لنا الا ان تتركها تتحد مع عناصر الزمان والمكان وعقلية الجمهور غير الاخذ بعينيتها الزمانية الا من خلال توريث حالة من التحميل تكاد تنسلخ بين الحين والاخرى سيما حينما تجد مطالبها سعة في قلوب الناس فنجد ان الاخيرين يبحثون عن اجوبة لاسئلة لا تتحد الا في حالة التمني المسبقة لحالة الصراع بين قبول الموروث وبين مدنية العصر التي لها ان تلقن عناصر الشخصية القوية سيما الدينية منها نوعا من المطاطية لها ان تنغرس في دخيلة الفرد المتفكر وذلك حينما يجد ان لا مناص من تغيير تلك المناخات التي كان اشبع بها نفسه دون اي طائل سواء كان هو الذي بذل مجهودا ذاتيا فيها ام انها توافدت عليه تلك التلقائيات وبصورة قسرية بعى ان حبس نفسه على الموروث حتى في التقليد والعرف الذي راح يصوغ له اجتهادات مسبقة من دون حياطتها بمجمل الوعي الاختياري في انتقاء الموارد الصحية لتفكيرو الذي بيتدئه عن رضى وليس عن تصاغر لا يسلّم لمكوناته الا من خلال شيء مفروض عليه فيما سبق حتى كاد (وبالفعل) ان يتطبع عليه ليجده صلاحا وغيره محالا لان كل شيء حوله كان يسوّغ له الانكماش عليه دون استيعابه في حدوده ولذا كان لنا ان نلتقي بحالات انسلاخ فتواجه المرء لا عن وعي مباشر مع انها توالت عليه ومنذ القدم في وعي اكثر مباشرة من دون ان يحس به سيما حينما يعبر عن رغباته وخلجاته خلسة او يفترضها بنوع من التفكه والمزاح والمرح دون اثارة الاخرين بانه يعتقد بها او انه ينطوي عليها ولو للحظات ! .. لتكون لدينا عندئذ (وبالتالي) حالة من التمكن والتسلط على الموروث والاحداث وتتنوع لدينا وجهات النظر والقراءات التي يمكنها ان تسلط شعاعها الثاقب والناقد والمدروس على حقبة تاريخية او شخصية ما او هذه القضية او تلك الحادثة البعيدة او القريبة زمانيا او المتجامحة في غور التأريخ وبطون الزمان. وعندئذ سنتوفر على ثراء عظيم في قراءة الاحداث جميعا سيما سيرة اهل البيت عليهم السلام. حيث سيتيح كلامنا الذي سبق ان نستنتج استنتاجات متعددة قابلة للهضم والدرس نكون من خلالها قد اثرينا المكتبة العربية والاسلامية والعالمية عموما ومكتبة التنظير والدرس والفحص في مجال الاحداث والقضايا والشخصيات في الماضي او في الحاضر ، ولا غرو ان نولي السيرة النبوية وسيرة الائمة الكرام عنايتنا التي تسعى لتطبيق مثل هذه الاغراض في مظانها المتعلقة بكافة مناخاتهم النظرية والتطبيقية والتي لها ان تعيش في مخيلة الناس الذين يعيشون في ظل استيعاب منشعب لكل تلميحاتهم وضروراتهم . . وكما حصل في مسلسل الامام علي (ع) او فيلم الرسالة لمخرجه مصطفى العقاد او فيلم الشيماء اخت الرسول او فجر الاسلام او سقوط الامبراطورية الرومانية او اخر امبراطور او عنتر يغزو الصحراء او باريس تحترق او جان دارك او ليلة سقوط غرناطة او ليلة سقوط بغداد او مسرحية الزعيم فكلها تتحدث عن وثائق تاريخية لا يمكن الوقوف على نص ما جاء فيها وحسب لان الانسان نفسه والجمهور كذلك وسائر المفكرين من ذوي العقول والمواهب لا يعتقدون بل يجزمون بان ما وصلنا من تلك الاخبار والروايات والوثائق هي محض عيّنات لا يمكنها ان تبل الغليل ولا تطفئ حرارة النير المتوهج في عيون القلوب المتطلعة الى استشراف كل ما كان ولو بشق الانفس او الاكتفاء بنزر معتدل من المعلومة التي لها ان تشف الظليل بين وارف الحدث وعيون التشخص المنبثقة عن اركانه وبشكل اضعف الايمان ! ثم ان الحدث والشخصية ليس لهما ان يكتملا الا بوسع المنجِز الذي يقوم على انجاز منجَزه بحشد كل طاقاته العلمية والعقلية مشفوعة بلمسته الاساسية وهي خياله وعنوان تأملاته الخصبة لانه لولاها لما كان ليحسب مبدعا ادبيا وناظما لنص يشتمل على صيغة وحبكة وابداع والا كان يحسب ضمن المؤرخين والناقلين للاخبار او المولفين والجامعين والمعدين لاجناس من الاخبار المتفرقة في بطون الكتب التأريخية وغياهب المعاجم القديمة وحسب! وبعد ، فان في سياسة التأمل وخلق الشخصيات والاحداث وحذف الزائد وغير المتناسب مع شبكة الحدث او نسيج المحتوى الكثير من عيون العقل وسياسات التأمل التي لولاها لما كان للنص ان يتخذ ابعاده المرسومة وغير المرسومة سيما وان في كل مخ وذهن وخيال انسان تعيش نفس الرواية في معزل عن نفس المناخ الذي تعيشه في ذهن وعقلية اخر فانا اتصور الامام الحسين عليه السلام غير ما يتصوره اخر وهذا ايضا له انطباع مغاير لانطباع الثالث وقس على هذا كله وصولا الى تنوع المصاديق واختلاف الرؤى التي لها ان تنعكس حاليا في امواج الكتب والرؤى والتصورات العقلية والتحاليل العلمية حتى اننا ان لم نجد في الكتاب المطبوع حديثا اي جديد يضيفه المؤلف في استدلالاته فاننا ما كنا لنعتبره مؤلَّف وما كنا لنعتبر صاحبه انه ألّف كتابا لانه لم يأتنا برؤية جديدة مفيدة تضيف الى ما سبقه جديدا وكنا نعتبر كلامه غثا ان لم نقل انه معدّ وجامع لافكار ليس الا ! كذلك علينا في النص والمشهد المقروء والمرئي والمسموع وفي كافة صنوف واغراض الاعلام نظير الكتاب والمجلة والصحيفة والسينما والتلفزيون والمسرح والاذاعة وما يليها مما لها ان تغزو عقول كافة الافكار المتمرحلة في تمركزات شتى من قبيل اجناس الذكر والانثى وان تلامس كل غضون مراحل المدرسة وبشتى انواع تراكيبها والوان روادها فضلا عن انها تجانس مختلف صنوف المهارات الفنية والعلمية والحرفية والتعليمية والرياضية والاقتصادية التي يعيش الناس ظروفها في احتكاك يومي مباشر وغير مباشر .. من حيث اننا حينما نرى مُنتَج صناعي تقليدي لا نرعاه الاهمية مثلما نرعاها لمُنتَج اخر اكثر حداثة وفيه نرى كل جديد وتغير نحو الاحسن وهكذا كل الاشياء من حولنا فلو توقف ابناؤنا ومن امام ناظرينا عن النمو فماذا كان يشغلنا في وقتها الا مطلق الهم والغم .. ولو توقف ذهننا عن الحراك التخيلي ماذا كان بامكاننا ان نعطف على ائمتنا وساداتنا وكيف كان لنا ان نخدمهم ونحن لا يمكننا تصور ابسط جزئيات تضحياتهم ولا بامكاننا ان نتخيل في عقلنا الباطني او انعكاساتنا الجوّانية اي صورة خيالية او مرئية لكربلاء او تضحياتهم او بطولاتهم وهم يقارعون الظلم كيف كان لنا ان نخدم الله ونحن لا نمتلك مخيلة تعيننا على تصور الجنان والنيران لتكون حياتنا بعدئذ مطلق من السحاب المادي غير الاهل بريع الانسان المعنوي والخلقي لان الاخيرة ايضا لا يمكن ان نحتسب احتسابها الا من حيث التأمل العقلي لنجدها فعلا يتنقل بنا بين افاق خمائل الافعال والاقوال الحسنة ! وهكذا ايماننا جميعا بالموقف الذي نتبناه في فكرة هذا البحث التي لا يمكننا ان نؤمن بسواها ولو على مضض او بتدريج ! ومن خلال ما سبق يمكننا ان نتبين عناوين كثر في هذا المجال يمكننا ان نفيد منها في نطاقات اوسع بيانا وثقلا من مثل قضية تحديث التاريخ تحديث النص التاريخي تحديث النظرة الى التاريخ والنص التاريخي تحديث وجهة النظر التاريخية تحديث وجهة النظر في النص التاريخي كما يوجد في الكمبيوتر Update وکما ایضا في عملية الفكرة التي عرضتها في بحث قراءة بحثية في فكرة بدهية حيث عرضت لثلاث افكار 1 . الافادة من المصادر العلمانية والدينية في تدوين التاريخ مثلما استفدت من كتب اكاديمية حول تاريخ ما قبل الميلاد في فك لغز دولة نمرود ابراهيم حتى تبين لي انه على الاكثر سرجون الاكدي ودولته ما كانت الا الدولة الاكدية . 2 . تحرير الكاتب الروائي في تغيير مناخات النص التاريخي وشخوصه والحذف والاضافة وعمله هذا اوسع نطاقا وحرية ورقعة من عمل الباحث الاكاديمي ودراساته التحليلية التي تقتصر على النص والتحليل بينما كاتب القصة والرواية والمسرحية والسيناريو يتحرك باتكائه الاكثر والاكبر على خياله العلمي والتاملي والفكري والموهبي والفكرتي . 3 . يفيد المحلل التاريخي من الروايات التاريخية في استبيان الخيط الدقيق ما بين الفجر الكاذب والفجر الصادق في الحقيقة التاريخية التي يمكن ان تستعصي عنده على الحل حتى يفترض عليه ان يستعين بنصوص روائية هي من تكهن وصنع وخلق وابتداع وحدس كتاب قصة ورواية ومسرح وسيناريو كي يحل الغاز مبهمة وغامضة في احداث التاريخ وشخوصه لم يسعفه الخبر التاريخي والرواية الخبرية في كتب التاريخ القديمة في استكشاف ظواهرها المظلمة بعناوينها ودقائقها . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم ان النص اما نص وراثي ، او نص ابتداعي ............................................................. مثل الاخبار والمنقولات فهي موروثة او المنجزة المبتكرة فهي مبتدعة تأليفية ............................................................. كما لدينا علم اكتسابي وعلم حضوري ............................................................. كذلك يفترض ان يكون لدينا نص واقعي وحسب المنقول نكتسب منه ونص اخر خيالي نكتسبه من الموهبةو التامل والخيال ........................................................... مثل الباحث حينما يبحث ويشتق من علم المنقول فيبني عليه دلالاته ونظرياته ومرة اخرى يشتق من موهبته التحليلية ودراساته النقدية والتجزئتية والاستكشافية والتحقيقية الابتداعية كما يفعل المحققون الجنائيون حينما يفعّلون اذهانهم محاولة منهم لفك طلاسم المشكلة والجريمة والوصول الى حلول والتقاط لراس خيط المفتاح الذي يدلهم الى اسقاط الحواجز والستائر عن الواقعية والكشف بعدها عن حقيقة الاحداث .
انتهى البحث وبصورة اولية وبحمد الله تعالى نشكر العلى الاعلى دائما وابدا على ما افاضه علينا من فيوض ونعم انه نعم المولى ونعم الموفق القدير مع اجمل الامنيات وازكى التحايا جمال السائح روائي وناقد وشاعر عراقي عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب [email protected] ...................................................................................................................... www.postpoems.com/members/jamalalsaieh http://www.arab-ewriters.com/?action=ShowWriter&&id=244 jamalalsaieh.jeeran.com jamalalsaieh.maktoobblog.com jamalalsaieh.ektob.com www.syrianstory.com/gamalle.htm
#جمال_السائح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطة عمل خمسية لمشروع مقترح تخصيص مناهج دراسية جديدة وتطوير ا
...
-
خطة سريعة لاحتواء الازمة السياسية والطائفية والاجتماعية والث
...
-
الى سيدة تساكنني العمر قصيدة نثرية
-
فتاة تختن نفسها بنفسها رواية قصيرة
-
مسرحية لكي نمارس الحب نحتاج الى شخص اخر
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|