|
لقاء عباس - -أولمرت- في الوفت الضائع !!
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 04:55
المحور:
القضية الفلسطينية
من المقرر أن يعقد اليوم الأربعاء 6/8/2008، لقاءاً بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي "يهود أولمرت"،وهذا اللقاء يأتي استمراراً لسلسلة اللقاءات المارثونية والعبثية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي،والتي لم تحرز أي تقدم في القضايا الجوهرية قدس،لاجئين،استيطان حدود ..الخ، بل وحتى في الجوانب الحياتية والإنسانية،والتي في كل لقاء يكرر الطرف الإسرائيلي لازمته واسطوانته المشروخة،حول استعداداته لتقديم تنازلات مؤلمة من أجل السلام،في الوقت الذي تهدم وتدمر جرافاته وبلدزوراته منازل المقدسين،وتمارس التطهير العرقي بحقهم،وتمنعهم من إقامة أية أنشطة جماهيرية،حتى بالأبعاد الجماهيرية والخدماتية. ونحن نرى أن هذا اللقاء بأتي في الوقت الضائع،وليس أكثر من لقاء إعلامي وعلاقات عامة،حيث أن"أولمرت" وصل نهاية طريقه السياسي،وغير قادر علي اتخاذ أية قرارات ليست بالبعد الاستراتيجي والمصيري،بل وحتى في قضايا حياتية ومعيشيه،وبالتالي فحتى الطلب الفلسطيني،بإطلاق سراح قيادات فلسطينية وأسرى من مرحلة قبل أوسلو ،لن يلقى آذان صاغية ،ولو فرضنا مستحيلاً موافقة "أولمرت" عليه،فنحن خبرنا العقلية الإسرائيلية جيداً،وما تقدمه من "تنازلات سخية ومؤلمة"، وآخرها التنازلات وبادرة حسن النية تجاه الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون"،فيما عرف بالشق النهائي من صفقة التبادل مع حزب الله،والمتضمنة الانفراج عن أسرى فلسطينيين،والنتيجة كما عرفها الجميع الافراج عن خمسة أسرى فلسطينيين من أصحاب الأحكام الخفيفة،والذين قاربت وشارفت أحكامهم على الانتهاء،ومن هنا نحن ندرك أن استجابة الطرف الإسرائيلي للمطلب الفلسطيني،بإطلاق سراح كل من القادة المناضلين عزيز الدويك،رئيس المجلس التشريعي،واحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية،ومروان البرغوثي عضو المجلس الثوري لحركة فتح،وسكرتير حركيتها العليا،وسعيد العتبة"ابو الحكم"،أقدم أسير فلسطيني،والذي دخل عامه الاعتقالي الثاني والثلاثين،هي ضرب من الخيال،حتى لو لم يكن الداعم لهذا الطلب رئيس الوزراء الفرنسي"ساركوزي"،بل وحتى "بوش"نفسه،فالاستجابة لمثل هذا المطلب،بحاجة لتغير استراتيجي في الذهنية والعقلية الإسرائيلية،القائمة على العنجهية والغطرسة وإقصاء الآخر ونفيه واذلاله،وحتى اللحظة الراهنة،لا نلمس حتى عند أي من ألوان الطيف السياسي الإسرائيلي،من أقصى يمينه لأقصى يساره مثل هذا التغير،بل أن من شأن إطلاق سراح واحد من هؤلاء الأربعة فرادى وليس مجتمعين،التسبب في إسقاط الحكومة الإسرائيلية،والتي تغرس في عمق وجدان شعبها،أن الشعب الفلسطيني،هم عبارة عن مجموعات من "القتلة والإرهابيين"،وكذلك لا يوجد أي حزب سياسي إسرائيلي،مستعد للمقامرة بوجوده ومستقبله وحضوره، لكي يتبنى مثل هذا الطرح وينتحر سياسياً،وهم الذين يحصدون شعبيتهم وجماهيريتهم،ويزيدون عدد مقاعدهم في الكنيست على حساب الدم الفلسطيني والعربي. ومن هنا فنحن نرى أن"أولمرت" المثقل بالفضائح،تلك الفضائح التي وضعته على أبواب السجن،يحاول جاهداً في الوقت الضائع،أن يحقق أي انجاز مع الطرف الفلسطيني اتفاق إطار أو مبادئ عامة وغيرها،من شأن ذلك أن يحسن من صورته وسمعته على الصعيد الشخصي أولا ،وحزبه حزب"كاديما"ثانياً المهدد بالتفسخ والتفكك بسبب الصراعات والنزاعات الداخلية،بين أجنحته المختلفة والوافدة إليه من مشارب سياسية متعددة. والرئيس الفلسطيني عباس،الذي رهن كل مستقبله السياسي،بالمفاوضات حيث أعلن أن التفاوض ،هو الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني،هذا التفاوض والذي تثبت الأيام عبثيته ودورانه في حلقة مفرغة،بل أصبح عبئاً على الشعب الفلسطيني،ويلحق المزيد والضرر بوضعه الداخلي ومنجزاته ومكتسباته وحقوقه،والطرف الإسرائيلي،يستغل هذه التفاوض من أجل فرض الوقائع على الأرض،وكذلك فترة ولايته الدستورية،تقترب من نهايتها دون أية انجازات حقيقية،وهو يعزي نفسه أنه لعل وعسى،أن يحصل على دبس من "قفا" النمس،هذا النمس الهرم والعاجز حتى عن الدفاع عن نفسه ،وحتى الذين قدموا الوعود والالتزامات من حكام البيت الأبيض،بتحقيق السلام ورؤية"بوش" بالدولتين،فهم يعرفون أنهم في فترة نهاية الخدمة،وباتوا على قناعة تامة،أن هناك صعوبة في تحقيق اتفاق فلسطيني إسرائيلي،في فترة نهاية الخدمة لهم،اتفاق حتى لو كان في شكل إطار أو إعلان مبادئ، يشكل لهم مكسب على الصعيد الشخصي،ويعزز من فرص نجاح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة،وكذلك أن ينجح مثل هذا الاتفاق في وقف حالة التآكل وفقدان الثقة بالمفاوضات ومعسكر الاعتدال الفلسطيني والعربي،والذي بات يرى أن معسكر المقاومة والممانعة والمعارضة العربية،يحقق المزيد من الانتصارات ويزداد حضوراً وجماهيرية،في أكثر من ساحة،حيث أن إسرائيل بدلاً من تمد طوق وحبل النجاة لهذا المعسكر،فهي تعمل على تعميق أزمته وفقدان الثقة بخياراته،ومنذ "أنابولس" وحتى اللحظة الراهنة،ما نراه على الأرض والواقع،مزيداً من الإجراءات والممارسات الإسرائيلية،والتي تدمر وتغلق أية فرصة ونافذة للسلام،حيث الاستيطان زاد بعشرة أضعاف،وكذلك الحواجز العسكرية وتقطيع الأوصال والتواصل،ارتفعت بشكل جنوني،ناهيك عن سياسة الطرد والتطهير العرقي في مدينة القدس،والاقتحامات والاغتيالات والإغلاق في المناطق التي تتواجد فيها قوات الأمن الفلسطينية،مما أضعف الثقة والمصداقية بهذه القوات ودورها،وليس هذا فحسب،بل الطرف الفلسطيني يواصل هذه المفاوضات،في ظل حالة فلسطينية واسعة من الانقسام والشرذمة،ليس بالمعنى السياسي فقط بل والجغرافي،والتي تداعياتها تلقى بظلالها على الواقع الفلسطيني،بشكل كبير حيث تغيب الرؤى والبرامج والاستراتيجيات الموحدة. إننا نرى أن الاستمرار في هذه اللقاءات العلنية والسرية منها،دون أجندات والتزامات واضحة ومحددة،وغياب المرجعيات،من شأنه أن يجعل من هذه المفاوضات العبثية،عدا كونه مضعية للوقت وتعميق للأزمة في الساحة الفلسطينية،فهي تشكل غطاء فلسطيني رسمي،لإسرائيل للاستمرار في ممارساتها وإجراءاتها القمعية والاذلالية،وهذا اللقاء عدا عن كونه يأتي في الوقت الضائع،ولن يتمخض عنه شيء ايجابي للشعب الفلسطيني،فهو يأتي بعد إقدام إسرائيل على هدم بناية فلسطينية تأوي عشرات الأسر الفلسطينية في القدس،والتهديد بهدم مئات أخرى،رغم تدخل أبو مازن شخصياً في هذه القضية. وبالتالي من يعلق الأوهام ويطلب الدبس من "قفا" النمس، لتحرير أسرى من أمثال سعدات والدويك والبرغوثي والعتبة، فهو منفصل عن الواقع كلياً ،ولتراجع كل الأطراف الفلسطينية مواقفها،وتتفق على قواسم مشتركة،قائمة على أساس ما جرى التوافق عليه في وثيقة الوفاق الوطني- وثيقة الأسرى واتفاق القاهرة آذار/ 2005 ،وإلا فإن مآل القضية الفلسطينية ،سيكون كمآل القضية الكردية،وبسبب مباشر لصراع واقتتال أمراء الحرب والمصالح.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
برسم حسن النوايا الاسرائيلية / الافراج عن خمسة أسرى فلسطينيي
...
-
مفارقة / ما بين-أولمرت- والزعامات العربية !!
-
تصفيات....اغتيالات.....هدم.....اعتقالات فلسطينية واسرائيلية
-
بين سعدات والبرغوثي
-
حزب نور وتيار مهند
-
أمريكيا ليس لها أعداء دائمين/ فهل يتعظ المعتدلون العرب؟؟؟
-
الأسرى القدماء/ ملف -شاليط- والفرصة الأخيرة
-
من نصر تموز /2006 الى نصر تموز/ 2008
-
ويبقى الوطن مستباحاً/ العراق....فلسطين....السودان....ف...
-
بلعين الجدار..... بلعين الحوار...... بلعين أشرف أبو رحمة ...
...
-
المطلوب ميزانية خاصة للأعراس والمناسبات الاجتماعية الأخرى!!؟
-
نابلس......اقتحامات....القدس.....استيطان....غزة حصار رغم الت
...
-
من ذاكرة الأسر 35
-
الصحفي الاسرائيلي-روني شكيد-والتحريض على الأسرى الفلسطينيين
-
فتح المعبر.... سكرالمعبر... ودفعوا الرواتب .... وقطعوا الروا
...
-
مفارقات غزة- المكبر - صورباهر
-
من ذاكرة الأسر 34
-
من ذاكرة الأسر 33
-
ملاحظات نقدية على مقالة الرفيق عطا مناع/ الجبهة الشعبية في ب
...
-
المصالحة الوطنية الفلسطينية وقطع الحيل السري مع الدول المانح
...
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|