جوبه اصدار قرار الغاء قانون الاحوال الشخصية بصدمة شملت الرجال والنساء على حد سواء. اذ ان الهدف من ذلك هو محاولة الغاء دور المرأة بسبب النظرة الضيقة لها في المجتمع القبلي العراقي.
وكان الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم قد سعى لاصدار القانون (قانون الاحوال الشخصية) في 1959 واعتبر قانونا تقدميا ينصف المرأة ويمنحها حقوقا واسعة.
في مطلع عام 1959 الفت وزارة العدل لجنة لوضع مشروع قانون الاحوال الشخصية، واعادت اللجنة النظر في المشروع السابق وصاغت مواده مجددا عدا احكام الارث التي لم تدخل في المشروع وانما ـ كما يقول الاستاذ محمد شفيق العاني في كتابه “احكام الاحوال الشخصية في العراق” اقحمت دون علم اللجنة بمجلس الوزراء من قبل هيئة غير اللجنة الاصلية واتبع في احكام الارث احكام انتقال الاراضي الاميرية المثبتة في القانون المدني وكما يورد ذلك الدكتور احمد الكبيسي في كتابه الاحوال الشخصية.
وفي التاسع عشر من كانون الاول صدر قانون بأسم قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، واعتبر نافذا من تاريخ نشره في الوقائع العراقية في الثلاثين من كانون الاول عام 1959. وورد في الاسباب الموجبة لقانون الاحوال الشخصية انه “منذ ان انبثقت ثورة 14 تموز الخالدة جعلت من اهدافها الاولى وضع قانون موحد في احكام الاحوال الشخصية يكون اساسا لاقامة بناء العائلة العراقية في عهدها الجديد يكفل استقرار الاوضاع فيها ويضمن للمرأة حقوقها الشرعية واستقلالها العائلي. ولم تكن الاحكام الشرعية للاحوال الشخصية قد شرعت في قانون واحد يجمع من اقوال الفقهاء ما هو متفق عليه والاكثر ملائمة للمصلحة الزمنية. وكان القضاء الشرعي يستند في اصدار احكامه الى النصوص المدونة في الكتب الفقهية والى الفتاوى في المسائل المختلف عليها والى قضاء المحاكم في البلاد الاسلامية. وقد وجد ان تعدد مصادر القضاء واختلاف الحكام ما يجعل حياة العائلة غير مستقرة وحقوق الفرد غير مضمونة فكان هذا دافعا للتفكير بوضع قانون يجمع فيه اهم الاحكام الشرعية المتفق عليها. وتحقيقا لذلك فقد وضعت لائحة الاحكام الشرعية التي استمدت مبادءها مما هو متفق عليه من احكام الشريعة وما هو المقبول من قوانين البلاد الاسلامية، وما استقر عليه القضاء الشرعي في العراق. فأذا لم يجد القاضي نصا في القانون يعالج المسألة المعروضة عليه عاد الى الشريعة الاسلامية ليجد المبدأ الاكثر ملائمة لنصوص قانون الاحوال الشخصية ليحكم بمقتضاه. وعلى هذا الاساس نصت المادة الاولى من قانون الاحوال الشخصية على ان “تسري النصوص التشريعية في هذا القانون على جميع المسائل التي تناولتها هذه النصوص في لفظها او في فحواها. فأذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه فيحكم بمقتضى مبادئ الشريعة الاسلامية الاكثر ملائمة لنصوص هذه القانون وتسترشد المحاكم في كل ذلك بالاحكام التي اقرها القضاء والفقه الاسلامي في العراق وفي البلاد الاسلامية الاخرى التي تتقارب قوانينها من القوانين العراقية.
ويتضمن قانون الاحوال الشخصية (94) مادة وزعت على تسع ابواب مع مقدمة خصصت الى الاحكام العامة المادة 1 ـ 2. وقد خصص الباب الاول للزواج والباب الثاني للمحرمات وزواج الكتابيات وخصص الباب الثالث للحقوق الزوجية واحكامها والباب الرابع لانحلال عقد الزواج. وكان الباب الخامس في العدة. وخصص الباب السادس للولادة ونتائجها، اما الباب السابع فتناول نفقة الفروع والاصول والاقارب. وبحث الباب الثامن في الوصاية اما الباب التاسع فكان في احكام الميراث. وقانون الاحوال الشخصية هو لكل العراقيين من المسلمين وغير المسلمين وهذا ما نصت عليه المادة الثانية من القانون فقالت “تسري احكام هذا القانون على العراقيين الا من استثني منهم بقانون خاص”
والعراقيون الذين استثنوا من احكام قانون الاحوال الشخصية بقانون خاص هم المسيحيون واليهود بمقتضى “قانون تنظيم المحاكم المدنية المسيحية واليهودية رقم 32 لسنة 1947 . وطائفة الارمن الارثوذكس بمقتضى القانون رقم 70 لسنة 1931. والجدير بالملاحظة ان مواد الاحوال الشخصية لغير المسلمين من الكتابيين العراقيين المنتمين الى طوائف معترف بها تنظرها محاكم البداءة بمقتضى المادة 33 من قانون المرافعات رقم 83 لسنة 1969 وتطبق عليهم فيما يختص بالزواج والطلاق والصداق والنفقة الزوجية الاحكام الكنسية وما عداها من مسائل فتنظر في نفس المحاكم ويطبق عليها الفقه الحنفي وذلك بمقتضى المادة 11 من بيان المحاكم لسنة 1917 ، اما بالنسبة للصابئة واليزيدية فتنظر احوالهم الشخصية من قبل محاكم الاحوال الشخصية لانهم لم يستثنوا بقانون خاص، كما ان محاكم الاحوال الشخصية (الشرعية) كانت مراجعهم في مسائل الاحوال الشخصية حسبما يذكر ذلك الاستاذ محمد شفيق العاني في احكام الاحوال الشخصية في العراق. وتنظر هيئة الاحوال الشخصية في محكمة التمييز في الاحكام والقرارات الصادرة عن محاكم الاحوال الشخصية بعد ان الغي قانون السلطة القضائية رقم 26 لسنة 1963 مجلسي التمييز الشرعي وادمجهما بمحكمة التمييز. والملاحظ ان صياغة القانون ومضمونه كانت متقدمة في صيانة وبناء الحقوق واعتمدت في مصادره وتطبيقاته وصياغته على الشريعة والقوانين القريبة من البلدان الاسلامية والقرائن والاحكام السابقة. ولعل اهم ما جاء باحكام القانون موضوعة الارث والتي عمد انقلاب 1963 الفاشي الى الغائه في حين ان ما جاء في القانون المدني (يساوي بين الرجل والمرأة في ارثهما في الاراضي الزراعية).
وذكر الدكتور (منذر الشاوي) في كتابه المدخل لدراسة القانون الوضعي وفي تقييمه لقانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 صفحة 143 ـ ان صياغة هذا القانون تعتبر صياغة متقدمة من دون شك على صياغة مجلة الاحكام العدلية رغم ان كليهما مستقى من الشريعة الاسلامية ذات الصياغة الخاصة الا ان بناء القانون ـ حسبما يرى ـ لم يكن موفقا وبالتالي فأن التكنيك التشريعي المستخدم يبقى دون الطموح. واقترح تقليص ابواب القانون الى خمس ابواب بدلا من تسعة ـ لكن مادة وموضوع الدستور وتكامل ما يمكن ان يرد امام المحاكم من قضايا قد تثار بين المتخاصمين كان الدستور قد وقف عليها ووفق المطلوب الموضوعي.
ان المرأة كائن انساني وعضو في المجتمع عليه واجبات فيجب ان يكون له حقوق هي نفس حقوق الرجل ، وان تغييرا جذريا في قانون الزواج والارث والعائلة، والاعتراف بأن الامومة والحضانة وجها اجتماعيا ذلك ما تضمنه قانون 88 لسنة 1959 والذي قدمه عهد ثورة 14 تموز هدية للمرأة.