|
الانسان اولا هو الشعار الانسب لجميع العراقيين
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2364 - 2008 / 8 / 5 - 10:20
المحور:
المجتمع المدني
من يعيش في الصراع الحالي المحتدم في الوضع العام المتقلب باستمرار للعراق اليوم و يتامل قليلا في هذا الكائن الغريب الغني بالغرائز و العواطف و الصفات الاخلاقية المتباينة والذي هو الانسان ، ويتعمق في كينونته و هو الكائن المتفرد الذي يتمتمع بمجموعة من الصفات و السلوك الخاصة، ويرى الاختلاف الواضح في الخصائص التي يتصف بها من فرد لاخر من حيث البنية البايولوجية و الاجتماعية و الفكرية فيتحيًر في تقييم هذا الكائن الفريد من منطلق الاستناد على العلم و الحقيقة، و لفهم ما في عمقه البنيوي و التاريخي لابد ان يستوضح مقاييس التقيم و كيفية تحليل و بيان النتائج، و يعتمد في النهاية على التصور لماهية الانسان و عقله و احاسيسه و كيفية استجابته للمؤثرات و ردود فعله، و في اية حال يكون في اقصى انسانيته و نشاطه الابداعي في الفكر و العمل و به يفرض شخصيته ، وفي حال اخر يكون موائما مع ابناء جلدته و لا يختلف عنهم و مستسلم لقدره و يعيش من اجل العيش فقط و يدور مستوى وعيه في اطار بيئته و يكتسب صفات مجتمعه الخلقية و الفكرية، عندئذ يمكنه ان يتاكد من اسباب السلبيات التي تظهر في مجتمعه و يعمل على كيفية معالجتها ،هذا ما يمس فردية الانسان و كيانه و معيشته. اما المجتمع بشكل عام هو نتاج مجموع الافراد تاريخيا و يتصف بالصفات التي توازي ما تمتلكه الافراد من الصفات المتشابهة او ربما هنا يختلف عنها بشكل طفيف و نسبي نتيجة القوانين الوضعية و الثقافة و مستوى المعيشة و العادات المترسخة تاريخيا و التي تختلف من مجتمع لاخر و النظام الاجتماعي الثقافي السياسي الذي يسود المجتمع والدولة و نوعها و موقعها و مؤسساتها التي تؤثر بشكل مباشر على الفرد و المجتمع معا . ان كانت الدولة مبنية على المؤسسات القانونية و تنفذ واجباتها حسب ما تقتضيه الخدمة الانسانية العادلة في الدولة الحديثة التحرر و في الوقت الذي تكون المفاهيم التقدمية هي التي تسيطر على الحياة و في مقدمتها التفكير في الانسان و ما يمس به اولا ، حينئذ يمكن العمل بشكل جدي على ما يضمن العيش الطبيعي للمواطن و ذلك بتوفير المتطلبات و الخدمات الاساسية له، و لكن نظرا لعدم تخصيب ارضية تثبيت العمل المؤسساتي و قلة الخبرة و النانية و وما الى ذلك من الغرائز الانسانية المتطرفة في بعض الاحيان و انعدام الثقافة العامة و القانونية للفرد البسيط ، اي تدني مستوى الوعي العام للفرد و الجهات كافة و منها السلطة و المواطن على حد سواء. الخطوة الاولى للتوجه نحو بناء المجتمع المدني في اية بقعة من العالم هو ضمان الحرية و احترام القانون و توفير مستلزمات الحياة المدنية و الاستقرار و السلم و الامان في مقدمة الشروط اللازمة لبناء مجتمع مدني واعي ، لذلك لم نتوصل الى تامين تلك الشروط و نرى ما لا يعقل. الجميع على دراية كافية لما هو عليه العراق اليوم من حيث المجتمع ككل او السلطة و المؤسسات التنفيذية و المعايير العامة لكيفية العمل الحكومي و تسيير الاعمال و كيفية تصريف شؤون الدولة و المواطن و ما هو عليه المواطن بعد عقود من الحكم استنادا على المزاج الشخصي و ثقافة المسؤول و مدى استغلاله لموقعه و لمصلحته الذاتية دون اي رادع او اي اعتبار للمصلحة العامة، ومدى تداخل العلاقات الاجتماعية و ظروف المواطن و المسؤول و الموقع او المنصب في تنفيذ الاعمال من دون اي اعتبار لالية العمل و القوانين المستندة في اي عمل و استغلال القانون و ما فيه من الثغرات في الامور الخاصة و من اجل الاهداف السياسية و الحزبية . اليوم وبعد هذه الموروثات الثقيلة الواقعة على كاهل العراق الجديد، كيف يمكن ان يتوصل المجتمع الى ما يجب ان يصل اليه في الوضع العالمي الحالي و بعد سقوط الدكتاتور و بناء نظام حكم جديد مستند على الفكر و الفلسفة التقدمية الحديثة بحيث يكون معتمدا على القانون و الديموقراطية الحقيقية في سير الامور لضمان الحريات و عدم انتهاك حقوق الانسان ، هذا ما يجب التفكير جديا فيه لازاحة الطواريء الحادثة في بنيته. الا اننا نشاهد اليوم من العجب ما لا يوصف من انتشار الواضح للفساد نتيجة الاخطاء و تدخلات الاخرين و نقص الخبرة و سيطرة الافكار و العقائد الدينية والمذهبية و القومية الضيقة المعيقة للتعايش السلمي و بالضد كاملة من المساواة و الحقوق الانسانية، مما جعل الانسان محصورا بين العوامل المؤدية الى التخلف و الجهل و بين متطلبات المجتمع المدني المنشود، و شاهدنا سرعة استغلال الحرية التي جاءت بعد الكبت و تحولت من نقطة قوة لخدمة المجتمع الى نقطة ضعف استغلت من قبل الافكار البالية و في مقدمتها الاصولية الرجعية المؤمنة بالخرافات و المستغلة للانسان في سيطرتها على العقول و الاماكن التي هي اراضي خصبة لنشر هكذا افكار و اعمال ، مما اضطر الانسان العراقي الاصيل ان ينعزل و يبتعد عن الساحة و المواطن البسيط محصور بين الفساد و الحرية، و انتشار الفساد الاداري نتيجة طبيعية لما آل ايه الوضع و ما كان يؤمن به المواطن و ما انتظره و صبر لعقود و غرز في كيانه عدم الاحساس بالمواطنة و هو العامل الكبير و الحاسم لعدم الوفاء و للفوضى و الفساد بعد فراغ طويل في دولة خالية من القانون و الحكومة و السلطة العصرية. بعد كل تلك التناقضات استوضح لنا جميعا ان الواقع يفرض العديد من الامور التي تجبر المخطط المخلص على اعادة النظر فيما كان يعمل من اجله ، اي بعد التحرر و الخروج من طوق الدكتاتورية، و بعد ان عمت الفوضى التي كان من الواجب ان لا تظهر في زمن الحرية المفتوحة و بالعكس هي التي تسببت من استغلال الوضع و يمكن ان نقول ان بعض المفكرين اعادوا النظر في ان الحرية تضمن الديموقراطية و غياب الوعي العام و الثقافة الذاتية، و بالعكس تماما الحرية هي التي تجعل افرازاتها بالضد من نفسها من دون توفر الشروط الاخرى ، و هذا ما يؤكد ان كانت اطر الحرية مفتوحة و من دون قيد او شرط سوف تتحول الى الفوضى العارمة و الفساد و تسبب في انقطاع طريق بناء المجتمع المدني و سلطة القانون و التقدم المنشود، وعليه يجب ان يتعاون الجميع في بناء المجتمع استنادا على مصالح الانسان و تحديد الاطار العام للسياسة و فلسفة السلطة، و يجب ان يكون شعار الكل في البلد هو الانسان اولا و هو الذي يمكن ان يوفر الشروط و الارضية لبناء المجتمع المدني الديموقراطي الحر و بمقاييس خاصة مؤقتا في الوضع الحالي، لحين الاستقرار الكامل.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تدهور الوضع العام فرض نقض نظام التخلي عن المواطن
-
تاثيرات الخطاب السياسي و الثقافي على بعضهما في العراق اليوم
-
كيف تواجه المراة التحديات المفروضة عليها في العراق اليوم
-
افتعال ازمة كركوك في هذا الوقت، من اجل اهداف مخفية
-
دور المؤسسات التعليمية في توعية المجتمع
-
في حضرة المسؤول الشرقي المبجل
-
الاعتراف بتقرير المصير للشعوب كحق من حقوق الانسان
-
ما بين مؤتمري نقابة صحفيي كوردستان و العراق
-
مجتمع مدني و فلسفة نظام حكم جديد في العراق
-
نحتاج الى الاشتراكية ام الليبرالية في العراق اليوم?
-
نعم انها انسانة حقا
-
الاحساس بالاغتراب رغم العيش بحرية في الوطن
-
الشعب العراقي بحاجة الى الحب و الحرية و الحماس و الحكمة في ا
...
-
من هم دعاة حقوق و حرية المراة؟
-
حذار..............مازال امامنا الكثير
-
التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان استنادا الى قرارات محكمة د
...
-
سالني استاذي عن جاويد باشا
-
ما دور اقليم كوردستان في دعم استتباب الامن و ترسيخ السلم الع
...
-
من اجل قطع دابر الدكتاتورية في العراق
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة السلام
المزيد.....
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
RT ترصد خروج الأسرى من معتقلات إسرائيل
-
جماعة حقوقية في بنغلاديش تتهم الحكومة بالفشل في حماية الأقلي
...
-
وسط تواجد مكثف للجيش الإسرائيلي.. لحظة وصول الدفعة الثالثة م
...
-
-القسام- تبث مشاهد تسليم الدفعة الثالثة من الأسرى الإسرائيلي
...
-
الأمم المتحدة: الدعم السريع احتجزت شاحنات إغاثة في دارفور
-
مبعوث ترامب: صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة يتقدمان بشك
...
-
وصول 9 معتقلين أفرج عنهم الاحتلال إلى قطاع غزة
-
نتنياهو يطالب الوسطاء بضمان سلامة الأسرى
-
أحد أقدم الأسرى الفلسطينيين.. ماذا تغيّر في غياب محمد فلنة؟
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|