|
الباحث المغربي: التجاني بولعوالي...بالقراءة المتواصلة ترتوي أشجار الثقافة والفكر والمعرفة، كما ترتوي أشجار البرتقال واللوز والزيتون!
يوسف رشيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2362 - 2008 / 8 / 3 - 10:50
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى الحوار: يوسف رشيدي س- من هو الأستاذ التجاني بولعوالي؟ ج- التجاني بولعوالي شاعر وكاتب وباحث مغربي، ولد بقرية الدريوش/إقليم الناظور في شمال المغرب (منطقة الريف)، وذلك في أول يناير 1973، وقد تلقى طوال حياته تكوينات متنوعة، جمع فيها بين الأدب والفكر والإعلام، وتتوزع رحلته الدراسية والعلمية والثقافية عبر مرحلتين: المرحلة الأولى: وهي ترتبط باستقراره في الوطن، أي قبل أن يختار الهجرة إلى الشمال، وقد تلقى أثناء هذه المرحلة تعليمه الأولي بمسجد القرية، ثم بمدرستها الابتدائية، وبعد ذلك انتقل إلى ميضار حيث تابع دراسته الإعدادية فالثانوية، ومنها ارتحل إلى مدينة وجدة، حيث سوف يدرس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، اللغة العربية وآدابها، ليحصل على الإجازة في هذا التخصص، ثم يضيف إليها سنة واحدة في الدراسات العليا، ليغادر الوطن بعد ذلك إلى هولندا. وكان التجاني بولعوالي في هذه المرحلة أكثر ميلا إلى كتابة الشعر وبعض الأجناس الأدبية، وقد أثر ذلك على أغلب الأنشطة الثقافية والإعلامية التي كان يساهم بها، سواء أكان ذلك بمدينة وجدة، أم بقريته. ويفضل أن يطلق على هذه المرحلة: المرحلة الذاتية، لأن الشاعر كان أثناءها أكثر التصاقا بالقضايا الذاتية، وأكثر انطواء على النفس، وقد كتب خلالها مجموعات شعرية (إرهاصات، في مهب اليتم، الطين يعشب حزنا في وطني، قصائد متمردة، أسنان/الشوك)، وسردية (البرتقال الصامت، من السماء إلى الأرض). المرحلة الثانية: وهي مرحلة الاستقرار في المهجر/هولندا، حيث سوف يدرس الشاعر اللغة الهولندية في جامعة أمستردام، ثم بعد ذلك سوف يتلقى تكوينا خاصا بأساتذة الأديان (المرحلة الثانوية) في كلية التربية بأمستردام، وموازاة مع ذلك كان الشاعر مشغولا باستكمال ما قد بدأه بالمغرب، حيث سوف يتوجه بنيل شهادة الماجيستر في النقد الأدبي من الجامعة الحرة بمدينة لاهاي الهولندية، وعقب ذلك سوف يساهم الشاعر مع ثلة من الأكاديميين في تأسيس جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، التي يشغل الآن منصب نائب رئيسها. هكذا يبدو الشاعر التجاني بولعوالي، في المرحلة الثانية، أنه ارتاد عوالم معرفية جديدة، وفق فيها بين مختلف الانشغالات الفكرية والأدبية والإعلامية والأكاديمية، وهي انشغالات محكومة دوما بسؤال الهوية، في عالم تظل فيه هوية الإنسان الجنوبي المسلم محاصرة ومهددة، ولا يتأتى حمايتها واستمراريتها أمام تيارات الإدماج القسري، والعولمة الشرسة، بالتقوقع والانعزال والتطرف، وإنما بالمناعة الفكرية التي يستقيها المرء من تعاليم دينه، وخصوصيات ثقافته، ليستثمرها من خلال تواصله الدائم مع مكونات المجتمع الذي ينتظم فيه، عن طريق الإسهام الإيجابي، والتعامل الحسن، فكانت نتيجة هذا المخاض الفكري أن ألف كتاب (المسلمون في الغرب بين تناقضات الواقع وتحديات المستقبل)، ثم إنه إلى جانب سؤال الهوية الإسلامية في الغرب، كان يحضر في ذهن الشاعر وحياته، سؤال الهوية الأمازيغية، الذي غالبا ما يفسر بأجوبة وتأويلات ناقصة أو شاذة أو مؤدلجة، فما كان عليه إلا أن يساهم بقلمه في التناول الوسطي لمختلف جوانب القضية الأمازيغية، وهو تناول يراعي جميع مكونات المجتمع المغربي؛ الإسلامية والأمازيغية والعربية، وقد كتب عن ذلك كتابين، أولهما (الإسلام والأمازيغية؛ نحو فهم وسطي للقضية الأمازيغة)، وثانيهما (دفاعا عن الأمازيغية؛ رؤية واقعية تستشرف المستقبل). كما أن الشاعر يدرك أنه في زمن الإنترنت والعولمة والنظام العالمي الجديد... لا يستمر إلا من يملك إعلاما قويا، يؤهله لأن يتحدث بحرية مطلقة وهيمنة ممتدة عن نفسه، مسوقا أفكاره ومنتوجاته، ولو كانت شاذة ومهددة للإنسانية، وما دامت الأمة الإسلامية تشهد عجزا مذهلا في ميدان الإعلام، ليس على المستوى الكمي فحسب، وإنما على الصعيد الكيفي والمنهجي والتقني وغير ذلك، من هذا المنطلق كان التفكير في تأسيس جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، التي تعتبر أول جامعة بكفاءات أمازيغية وعربية وإسلامية، تتخصص في علوم الإعلام وتقنيات الصحافة، مما سوف يجعل الشاعر ينخرط في مجال الإعلام، مؤسسا وأستاذا ومؤلفا، حيث كتب أطروحته حول تاريخ الصحافة الأمازيغية المكتوبة بالمغرب، وساهم في مقرر الجامعة، في مواد فن الإعلان، والإعلام الفضائي والإلكتروني، والصحافة المكتوبة وغير ذلك. والجدير بالذكر كذلك، أن اهتمام الشاعر بما هو فكري وإعلامي، لا يعني أنه تخلى عن ذلك الشاعر الخجول الذي يسكنه، فهو يساهم من فينة لأخرى بنصوصه الشعرية، التي وإن كانت قليلة، فإنها تحمل بين طياتها إضافة ما إلى الشعر العربي أو الأمازيغي المعاصر، كما أنه لا يعني أنه تخلى عن ذائقته النقدية، فهو يفتخر برئاسة تحرير مجلة الفوانيس المتميزة، وإسهامه فيها بعمود ثابت، يتجدد كل نصف شهر، يحمل عنوان (بقلم رئيس التحرير)، ويتناول النصوص الشعرية والسردية التي تنشر في المجلة.
س- أستاذ التجاني تشغل نائب رئيس جامعة لاهاي للصحافة والإعلام, من الممكن أن تتحدث عن فكرة إنشاء الجامعة, وما وصلتم إليه في أول عام دراسي؟ ج- في الحقيقة، إن جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام تمثل مشروعا علميا وحضاريا متميزا، يندر مثله في العالم الإسلامي أو الثالثي برمته، ويتجلى هذا التميز من جهة أولى، في طبيعة هذه الجامعة التي تختلف عن باقي المؤسسات الجامعية، في أنها أول جامعة تتخصص في علوم الإعلام وتقنيات الصحافة، حقا أن ثمة العديد من المؤسسات المتخصصة في الإعلام والاتصال، لكنها لا تعدو أن تكون إلا معاهد أو كليات تابعة لجامعات عامة، لا يشكل الإعلام أو الصحافة إلا شعبة عادية من شعبها المتنوعة، أو قسما معينا من أقسامها الكثيرة، مما يحكم عليه بأن يظل هامشيا وأحيانا مهمشا، رغم أنه يعتبر الرهان الأول والأخير الذي يوجه راهن البشرية ومستقبلها، أما في جامعتنا فالإعلام يعتبر الأصل أو المركز في حين تعتبر التخصصات الأخرى تبعا له أو خدما له، وهذا هو ملمح تميز جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، التي يستشعر مؤسسوها أن المستقبل سوف يكون لمن يملك سلطة الإعلام، التي أضحت تشكل السلطة الأولى، لا الرابعة كما هو سائد في التنظير التقليدي. وتنفرد جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام من جهة ثانية، بسبقها التاريخي والعلمي إلى تخصيص أقسام إعلامية وصحافية جديدة، تفتخر بأنها السباقة إلى اقتراحها وتنظيم مناهجها، رغم أن المصادر العلمية فيها شحيحة، بل ومنعدمة، كما هو الشأن في القسم الأمازيغي، الذي راهنت الجامعة عليه، فنجحت في استقطاب التأييد اللازم لإنجاحه، سواء من الأساتذة والباحثين، أم من الإعلاميين، أم من الطلبة، وهذا أمر جد عادي، في زمن اليقظة الثقافية والعلمية الأمازيغية، لذلك فإن إطلاق هذا القسم من جامعة لاهاي العالمية، يشكل إضافة نوعية في مسار خدمة الأمازيغية خدمة علمية وحضارية، وسوف يتحول هذا القسم في المستقبل القريب إلى كلية قائمة بذاتها. كما تجدر الإشارة إلى أن الجامعة في طور تهيئة أقسام إعلامية وصحافية جديدة، كالتركماني والإسلامي والإفريقي وغيرها. ثم إنه رغم أن ظهور الجامعة، لم تمر عليه إلا بضعة أشهر، فإنها حققت ما لم تحققه بعض الجامعات التي مر على ظهورها حوالي عقد زمني، حيث تم تسجيل عدد لابأس به من الطلبة، في مختلف أقسام الجامعة، وينفرد القسم الأمازيغي بحوالي 50% من عدد الطلبة المسجلين رسميا بالجامعة، وهو عدد متزايد باستمرار، مما يشكل مؤشرا حسنا على أن قسم الإعلام والصحافة الأمازيغية في جامعتنا سوف يشهد إقبالا كبيرا وتطورا ملحوظا، ثم إن ما تفتخر به جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، هو أن أغلب الطلبة المسجلين ينخرطون، بشكل مباشر، في الميدان الإعلامي، كتابة أو إشرافا، بل وأن منهم من يحضر بقوة في الثقافة الأمازيغية.
س- الأستاذ التجاني نود منك أن تتحدث ولو قليلا عن قسم الصحافة الأمازيغية, بحيث أنتم السباقون لتدريس الصحافة الأمازيغية؟ ج- يشغر تخصص الصحافة والإعلام الأمازيغي حيزا أساسيا ومتميزا في جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، فمن الناحية التاريخية تنفرد الجامعة بأنها أول مؤسسة أكاديمية تفتح هذا التخصص وترعاه، وتعد له المناهج والبرامج الدراسية، ويحاول هذا التخصص تقديم رؤية شمولية حول مختلف علوم وفنون ومعارف الإعلام الأمازيغي، حيث قام مركز إعداد المناهج في الجامعة بصياغة منهج علمي متكامل، يتضمن مختلف المواد الأساسية في الصحافة والإعلام الأمازيغي، كتاريخ الصحافة الأمازيغية المكتوبة، ونماذج من الصحافة الأمازيغية، والصحافة الأمازيغية الإلكترونية، وفن الإعلان الأمازيغي، والإعلام الفضائي الأمازيغي، والإعلام السمعي الأمازيغي، والمؤسسات الإعلامية الأمازيغية، وغير ذلك من المواد. وقد تمكنت الجامعة في زمن قياسي من إصدار العديد من المقررات التي تعرف بمكونات الإعلام الأمازيغي، رغم أنها لا تتوفر على أي دعم خارجي، بقدرما تعتمد على التمويل الذاتي من قبل مؤسسي الجامعة، وبعض رسوم التسجيل التي يدفعها الطلبة! س- الأستاذ بولعوالي, هل تتوقعون أن الجامعة ستمد المؤسسات الإعلامية الأمازيغية بالمغرب بالرغم من قلتها بالموارد البشرية, المتخرجة من الجامعة؟ ج- كما سبق وأن قلت، إن إقبال الطلبة والمهتمين على قسم الإعلام والصحافة الأمازيغية، والجامعة لاتزال في مهدها، يعتبر فألا حسنا لهذا المشروع، الذي سوف يتطور أكثر، فيتحول القسم الأمازيغي إلى كلية للإعلام والصحافة الأمازيغية، ذات فروع ومعاهد وشعب متنوعة، وذات مناهج علمية وأكاديمية متميزة، لم يؤلف بعد مثلها، في الفكر الأمازيغي، مما سوف يؤهلها لأن تكوّن إعلاميين وصحافيين أمازيغيين متمرسين، فتنتقل بالإعلام الأمازيغي من درك الهواية والتلقائية والعشوائية، إلى نطاق المهنية والاحترافية، وهذا لعمري مكسب عظيم للثقافة الأمازيغية، سوف يدعم بمشاريع عدة تنوي الجامعة إطلاقها، كمركز علمي متخصص في الدراسات الإعلامية الأمازيغية، ومجلة علمية أمازيغية، واتفاقيات ثقافية مع مختلف المؤسسات والجمعيات الأمازيغية وغير ذلك. كما أود أن أعلم المثقفين والباحثين الأمازيغيين، بأن جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام تسعى إلى دعم كتابة البحوث والدراسات الأكاديمية بإحدى الألسن الأمازيغية، أو باللغة الأمازيغية الموحدة، وهذه بادرة منقطعة النظير، تفتخر الجامعة بأنها ستكون السباقة إلى طرحها ودعمها، لاسيما وأن ثمة الآن رسالة ماجيستر مسجلة لدى الجامعة، لعلها سوف تكون أول رسالة جامعية تكتب باللغة الأمازيغية الموحدة. س- الأستاذ بولعوالي بحكم أنك فاعل أمازيغي بهولندا, ماذا يمكن أن تقول عن العمل الأمازيغي بهولندا؟ ج- إن الحضور الثقافي الأمازيغي في هولندا، محكوم بعنصرين هما؛ أولا: طبيعة القوانين المنظمة لمشاركة الأجانب في الحقل الثقافي العام، وهي قوانين تمنح الحرية الكافية لسائر الأقليات الموجودة على التراب الهولندي، في القيام بأنشطة فنية وفكرية وعقيدية ونحو ذلك تمت بصلة إلى ثقافتها الأصلية، بيد أن التوجه الأخير للسياسات الغربية نحو إدماج المسلمين في بوتقة الثقافة الغربية، والتي نجم عنها تقليص الاعتمادات المادية التي كانت تخصص للأنشطة الثقافية التي كان يقوم بها ذوو الأصول الأجنبية، سوف يؤثر سلبا على الحضور الثقافي الأجنبي، ومنه الأمازيغي، الذي كان مدعوما في الماضي، مما سوف يدفع العديد من الفاعلين الثقافيين إلى خلق أنشطة جديدة مدعومة ماديا، مادام أنها توازي متطلبات الدولة الهولندية، كتشجيع سياسة الاندماج، وتعميم اللغة الهولندية، ومحاربة العنف المنزلي وغير ذلك. أما العنصر الثاني، فهو طبيعة الجالية التي تقطن الديار الهولندية، التي يعتبر شغلها الشاغل تحقيق الرخاء المادي، أما الجانب الثقافي فهي لا تؤمن به أصلا، لاسيما وأن أغلب أفرادها منحدرون من مناطق المغرب غير النافع، التي كان يعشش فيها الجهل والتخلف، الذي ظل سمة متجذرة في معظمهم، رغم احتكاكهم المباشر واليومي مع عالم جد متحضر، مما سوف يؤثر سلبا على الحضور الثقافي الأمازيغي، الذي وإن استطاع تحقيق بعض المكاسب الهامة، كتأسيس عشرات الجمعيات الأمازيغية التي تنشط في مختلف الحقول الثقافية، من فن وأدب ومسرح وفكر وتراث وغير ذلك، وإصدار العديد من الأعمال الفكرية والأدبية بلغتها الأصلية أو مترجمة إلى اللغة الهولندية، وإدخال مادة اللغة الأمازيغية في بعض الجامعات الهولندية كجامعتي لايدن وأوتريخت، واستحداث برامج إعلامية أمازيغية تذاع عبر الأثير وغير ذلك. رغم هذه المكتسبات فإن هذا الحضور الأمازيغي يعاني من خلل عميق، وهو طغيان الطابع الفردي في العمل الثقافي، وغياب التنسيق الجماعي، الذي من شأنه أن يوحد صفوف المثقفين الأمازيغيين، ليشكلوا بذلك نوعا من الضغط على السلطات الهولندية، فيكون من السهولة بمكان تلبية بعض المطالب المطروحة من لدن النخبة الأمازيغية بهولندا، بالإضافة إلى ذلك يمكن الحديث عن لا جدية بعض الجمعيات الأمازيغية التي أسست أصلا لتلقي الدعم المادي من الدولة الهولندية، فهي مسكونة بما هو مادي لا بما هو ثقافي أو فكري، لذلك نراها تقوم بأنشطة هزيلة تفتقد الجدة وروح الإبداع، حتى تقنع الجهات الهولندية بأنها قامت بشئ ما، وهي أنشطة لاتعدو أن تكون إلا سهرات غنائية الغرض منها تهييج الجمهور وتقديم الفرجة له، وهذا في اعتقادي لا يخدم الأمازيغية في شيئ، بقدرما يمسخها!
س- بعد إصدارك لكتاب الإسلام والأمازيغية، هل تفكر في إصدار كتاب جديد؟ ج- في واقع الأمر، أن كتاب الإسلام والأمازيغية ليس الأول، وإنما سبقه كتاب المسلمون في الغرب الذي طبع قبل عامين بالقاهرة، ثم بعض إصدارات جامعة لاهاي العالمية للصحافة والإعلام، كفن الإعلان الأمازيغي والصحافة الأمازيغية المكتوبة، ثم إنه ليس الأخير، إن كانت في العمر، إن شاء الله تعالى، بقية! حيث ثمة سلسلة من الكتب والدراسات والإبداعات التي تنتظر النشر، سواء في المغرب أم في المشرق أم في الغرب. س- ما رأيك في مشروع الريف الكبير ألا وهو مطالبة الدولة المغربية بمنح الريف حكما ذاتيا موسعا؟ ج- أنا شخصيا لا أومن بمثل هذه الأفكار (الموضوية!) الطارئة، مثل تنمية شمال المغرب، وتهيئة المدار القروي، ورد الاعتبار للأمازيغية، والحكم الذاتي، وهلم جرا، ليس لأنني ضد هذه الأفكار الجميلة، وإنما سئمت وسئم الجميع مما يحاك في كواليس السياسة والإعلام من مشاريع صورية، لا تعدو أن تكون إلا كوميديات سوداء لا يتجاوز وقعها الخشبة أو قاعة العرض! المهم ليست الأفكار، بل كيفية تنفيذ هذه الأفكار، وهذا هو الخلل في السياسات التي تناوبت على تسيير شؤون المغرب منذ منتصف القرن المنصرم، فهي تطرح المشاريع الجذابة والحلول الناجعة، لكن على مستوى الواقع لا نرى أي أثر لهذه المشاريع أو تلك الحلول، هذا يعني أن أغلب ما يطرح ذو صبغة آنية، قد ترتبط بما هو انتخابي، أو أنها تظهر عندما يكون الجو العام مشحونا ومكهربا، لتمتص غضب الشعب وتذمره ويأسه! إن منح الريف حكما ذاتيا أمر منشود ورائد، غير أنه كيف سوف يكون هذا الحكم، ومن سوف يعتلي سدته، لقد سبق ورأينا مشروع الجهة، ونتذكر بأننا كنا نحلم بأن التقسيم الجهوي سوف يخدم الكثير من المناطق المغربية، التي ظلت مهمشة، لكن شيئا لم يحدث! من هذا المنطلق، إن ازدهارنا لا يرتبط بما تطبخه الدولة من مشاريع وقرارات، أو ما يسوقه سماسرة السياسة من أفكار وأحلام، بقدرما يرتبط بالتنمية الذاتية لكل فرد من المجتمع، وهذه التنمية تتمثل في التربية الحسنة الموجهة، والتعليم الناجع، والاعتماد على النفس، وحماية المحيط، وتفعيل الموروث الثقافي، وغير ذلك، أما مشروع الريف الكبير فأعتقد جازما أنه إذا نفذ فلن يستفيد منه إلا عرابو الدولة وسماسرتها وتجارها، أما المواطن العادي، فيظل مهمشا مسكونا بقوارب الموت، أو يائسا يحرق أوراق عمره بالضياع والانعزال والهروب من الواقع. س- كلمة أخيرة أستاذ بولعوالي لقراء جريدة أصداء الريف؟ ج- أتقدم بشكري الجزيل إلى جريدة أصداء الريف، التي أتاحت لي فرصة الانفتاح على قرائها ومتتبعيها، الذين لا أملك إلا أن أقول لهم أن الريف بدأ حقا يلج نطاق اليقظة الثقافية والعلمية، وما تكاثر المنابر الإعلامية من جرائد ودوريات ومواقع رقمية إلا دليل على ذلك، فادعموا هذه اليقظة بالقراءة المتواصلة، التي بها ترتوي أشجار الثقافة والفكر والمعرفة، كما ترتوي أشجار البرتقال واللوز والزيتون!
#يوسف_رشيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يحي يحي , وفضيحة المجتمع المدني
-
مولاي محند ,والخونة الإستقلاليون الجزء الثاني
-
البلدية مشات مسكينة
-
مولاي محند ,والخونة الإستقلاليون الجزء الأول
-
جميل الكعناني : شا
-
الأمازيغية والإرهاب الإسلامي.
-
أضحوكة الرياضة بالريف
-
هوية الدولة المغربية
-
الإعلام المحلي الناظوري بين الحقيقة والخيال
-
تمزيغ العرش المغربي
-
بوزيان حجوط إلى أين???
-
و أخيرا طارق يحي يتمرد على الشعبوفونية
-
2007 كلنا ضد مهزلة 7 سبتمبر
-
الحب والغرام في مقرات الأحزاب بالناظور بمناسبة إنتخابات سبتم
...
-
محمد ابرشان والإنتقال الحزبي
-
جميعا من أجل الحكم الذاتي للريف
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|