خالد درويش
الحوار المتمدن-العدد: 2360 - 2008 / 8 / 1 - 05:25
المحور:
الادب والفن
السلاح أوّل مرّة
سرقت من بيتنا تحفة نحاسية،
جعلكتها
وبعتها لتاجر خردة في قرية النيرب
واشتريت بثمنها ثلاث رصاصات
لأطلقها في هواء السهل المظلم البارد
من مسدس فوزي السعيد.
القبلة
لم تكن قبلتي الأولى بطعم التفاح
كما ذكرت في إحدى قصائد ديواني "88"
الذي صدر عام 1997 في القدس.
فالقبلة التي كانت بطعم التفاح
هي الثالثة أو الرابعة في حياتي
على شفتي فتاة آشورية
بين الصفصاف على ضفاف نهر الخابور.
أما قبلتي الأولى فكانت بطعم الثوم
نلتها عنوة من شفتي بهية الكرزيتين
إذ؛
كانت بهية المطلقة الشابة في خلوة مرتبكة
تحت شجرة التوّت الشامي
مع عشيقها محمد
الملقب بالكيس.
اقتحمتا عليهما خلوتهما؛
أنا وفتحي ويوسف.
خاف الكيس الجبان وهرب
وخافت بهية،
ولكنها لم تتمكن من الإفلات
واتفقنا معها على أن تمنح كل واحد منا ثلاث بوسات
مقابل إخلاء سبيلها.
جاء دوري،
كنت متعطشا للتقبيل،
وكنت أظن أن القبلة هي الطريق إلى السماء
اقتربت من بهية
فاستسلمت لجموحي
بجسد مرتعش
وشفاه مزمومة
تفوح منها رائحة الثوم.
الرسائل
أول رسالة وصلتني
كانت من سجن الجفر الصحراوي،
عبر الصليب الأحمر.
كتبها لي بادي المدرب في معسكر الأشبال
الذي غادر حلب إلى الأردن عام 1970:
" هذه أول وآخر رسالة تصلك منّي
فأنا بانتظار تنفيذ حكم الإعدام الذي صدر عليّ قبل يومين.
تحياتي، وتحيات عبد السلام الذي يشاركني الزنزانة
لك وللجميع/
بادي".
وأول رسالة كتبتها كانت
رسالة حب إلى سعاد
كتبتها على صفحة مسطّرة من دفتر الجغرافيا
وألقيت بها في طريقها اليومي
بين باب بيتها وحاوية القمامة
وكمنت خلف شجيرات العليق
انتظر تحقق أمنيتي.
أطلت سعاد
بوجهها المشرق وقميصها الأزرق،
لاحظتني،
ابتسمت
ثم انحنت
وتناولت رسالتي
وخبأتها تحت كعبها في الحذاء.
ماتت سعاد بالسرطان بعد رسالتي بسنتين
والتقيت بادي في بغداد بعد رسالته بثلاثين عاما.
بيانات أول الثورة
في ليالي الشتاء الباردة
كانت بيانات أول الثورة تتلى علينا كنصوص الكتاب المقدس،
ثم تطوى بعناية وتخبأ في خزانة المؤن العامرة بالمخللات وأواني مربى الورد والمشمش.
وكنت، حين آوي إلى الفراش
أتخيل الفدائيين وهم يعبرون مخاضات نهر الأردن كالأشباح، ثم يعودون معفرين بتراب الوطن البعيد ودخان الانفجارات.
#خالد_درويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟