(المديونية العربية )
1- مدخل
منذ حوالي منتصف القرن الماضي، وخصوصا بعد أن نالت البلدان العربية استقلالها السياسي عن الدول الاستعمارية وتولي قيادات وطنية زمام الأمور ،كانت هموم التنمية وضرورة الخروج من حالة التخلف تتقدم الأجندة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للقوى السياسية الفاعلة سواء من كان منها في موقع السلطة والحكم،أو من كان منها في موقع المعارضة.وحتى أن قضية الوحدة العربية وقضية تحرير فلسطين التي كانت تتقدم ما عداها على صعيد الخطاب السياسي شكلت على الدوام جزءا رئيسيا من هذه الهموم،وكان لها قراءاتها التنموية في الأيدولوجيا العربية بمكوناتها القومية والدينية والماركسية،تارة تقدمها كمدخل للتنمية باعتبارها قضايا وطنية عالقة من مخلفات الاستعمار لا بد من إيجاد حل لها للتفرغ لاحقا لقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية.غير أنها في حالات عديدة كانت تصورها كهدف يحتاج تحقيقه إلى امتلاك عناصر القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية،فالقضايا الوطنية الكبيرة كما هي حال قضية الوحدة وقضية تحرير فلسطين لا يمكن تحقيقها في الظروف الراهنة إلا من خلال امتلاك عناصر القوة بالمعنى الحضاري.
لقد سادت الرؤية الأولى للتنمية خلال القرن الماضي،وكانت محور مختلف الصراعات السياسية الداخلية في جميع الدول العربية، وكان من نتيجتها أن الوحدة العربية لم تتحقق ، وفلسطين لم تتحرر،بل على العكس تقدم المشروع الصهيوني ،وتعمقت الخلافات العربية وتراجع الهم الوحدوي من الخطاب السياسي العربي،وأصبح القلق على مصير الدولة الوطنية خوفا من التشظي، يرتسم على الوجوه وهو آخذ في التنامي،وأصبح الكيان الصهيوني أمرا واقعا معترفا به، تتسابق الدول العربية بالسر والعلانية لكسب وده وإقامة العلاقات المختلفة معه.باختصار إن حصيلة السياسات العربية والجهود التنموية التي بذلت خلال القرن الماضي يمكن تكثيفها بعبارة واحدة: لقد أدت إلى نمو التخلف والتشرزم والضعف عند العرب.وبلغة الأرقام فقد كانت الحصيلة على الشكل التالي:
أ-وصل عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي إلى نحو 18 مليون عاطل؛ أي ما يعادل نحو 18.36 بالمئة من حجم قوة العمل العربية البالغة 98 مليون عامل في عام 2001.
ب-بلغت الفجوة الغذائية العربية في عام2001 نحو 20 مليار دولار،وهي في توسع مستمر.
ت-تدني مؤشرات مستوى المعيشة، وتراجع المداخيل النقدية اليومية . تشير المعطيات إلى أن حوالي 52 بالمئة من عدد السكان العرب البالغ نحو280 مليون نسمة يعيشون على دخل يومي يتراوح بين 2 و 5 دولارات.وهناك نحو 62 مليون عربي أو ما يعادل نحو 22 بالمئة من السكان العرب يعيشون على دخل يومي لا يزيد عن الدولار الواحد.
غير انه بعد اتفاقات كامب ديفد وخروج مصر من دائرة الصراع المباشر مع الكيان الصهيوني،وبشكل خاص بعد حرب الخليج الثانية وانعقاد مؤتمر مدريد أخذت تتقدم رؤية جديدة في السياسات العربية الرسمية تركز على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالدرجة الأولى مضمرة اعترافا وقبولا بنهج كامب ديفد لإجراء التسويات مع الكيان الصهيوني مع بعض التنويعات والرتوشات هنا وهناك حسب مقتضيات الحال،وخروج قضية الوحدة العربية من دائرة الاهتمام الرسمي العربي لتحل محلها قضايا مثل التضامن العربي مع التركيز على الوحدة الوطنية بمعناها الانعزالي كمنطلق للسياسات العربية في مجال التنمية الاقتصادية.ومع مطلع القرن الواحد والعشرين أخذت مصطلحات مثل التكامل الاقتصادي العربي والسوق العربية المشتركة والتبادل التجاري الحر..الخ تشكل محور الخطاب السياسي والاقتصادي العربي الرسمي.من هذا المنطلق أيضا أخذ الحديث عن الإصلاح الاقتصادي يتردد كثيرا في الآونة الأخيرة كنوع من التكيف مع مقتضيات العولمة وما تتركه من أثار ومنعكسات في مختلف الدول العربية.وإذا كان هذا النهج الجديد يحاول استكمال عناصره ومقوماته والبحث عن الاستقرار فإنه يمكننا القول دون مجازفة أن مصير هذا النهج التنموي الجديد لن يكون بأفضل حال من النهج التنموي السابق لأنه يفتقر كسلفه إلى أهم رافعة تنموية في العصر الراهن ألا وهي الحرية والديمقراطية.فالإصلاح الاقتصادي الذي يجري الحديث عنه في جميع الدول العربية سوف يكون مصيره الفشل إذا لم يترافق بإصلاح سياسي حقيقي يستهدف تعميم مناخ الحرية ويعزز من خيار الديمقراطية.
2-التنمية الاقتصادية:مستلزمات وقيود.
إذن تحتاج التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى مناخ سياسي ملائم يقوم على الحرية والديمقراطية،فبدون الحرية والديمقراطية لا مسؤولية وبدون المسؤولية لا محاسبة وبالنتيجة يعم الفساد وينمو التخلف والضعف.
غير أن التنمية بمعناها الشامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تحتاج بالإضافة إلى ذلك إلى العديد من المستلزمات الأخرى مثل وجود سياسات اقتصادية مناسبة ،وإعادة هيكلة الاقتصاد، وتصحيح الاختلالات في الموازين التجارية وفي ميزان المدفوعات،والسيطرة على التضخم،وإجراء إصلاح إداري وتشريعي،وتشجيع الاستثمار،وتأمين مصادر داخلية وخارجية للتمويل وغير ذلك من المستلزمات التي تسمح بإدارة التنمية بشكل صحيح يحقق في المحصلة نمواً في المؤشرات الاقتصادية يفوق نمو المؤشرات الديمغرافية ويحسن بصورة ملحوظة من شروط الحياة والعمل.
غير أن هذه المستلزمات الضرورية للتنمية لا يزال يعترضها العديد من العقبات والقيود تحول دون تحققها بالشكل المناسب ،بعضها من منشأ داخلي وبعضها الآخر من منشأ خارجي.
العقبات والقيود الداخلية هي من منشأ سياسي في الغالب الأعم،تعود إلى طابع النظام السياسي العربي،وبروز ما يسمى بالدولة الأمنية والتي من سماتها الجوهرية تعميم الفساد في الكيان المجتمعي ككل وتحوله من ظاهرة يمكن أن ترافق أي عمل عام إلى أسلوب في الإدارة والضبط المجتمعي،وتغييب القانون وتنمية العلاقات الشخصانية في البناء الاجتماعي.
وهناك قيود أخرى أكثر التصاقاً بهموم التنمية مثل ضعف الموارد المحلية وقلة مصادر التراكم المحلية،وتبديد المتوفر منها في ما يسمى بمشاريع الأبهة ذات الصلة بهيبة الدولة أمام مواطنيها،على حساب المشاريع الصناعية والزراعية والتجارية،وتهريب الأموال إلى الخارج ونمو المديونية العامة للدولة.
أما القيود الخارجية فتعود إلى السياسات الإمبريالية تجاه الدول العربية والتدخل المباشر في شؤونها حتى درجة الإملاء،تحت ذرائع مختلفة ليس آخرها بالتأكيد ما يسمى بمحاربة الإرهاب،واستنزاف ثرواتها في صراعات وحروب تشعلها بين الحين والآخر ،كلما أرادت تصحيح الخلل في موازين مدفوعاتها أو تحفيز اقتصادياتها على الخروج من دائرة الركود على حد قول أحد السياسيين الغربيين.يكفي أن نتذكر أن تكاليف الحروب في الخليج لوحدها فاقت الألف مليار دولار ،عداك عن تكاليف الحرب المستمرة مع الكيان الصهيوني منذ أكثر من خمسين عاما ، عداك عن عشرات المليارات من الدولارات التي تصرف سنويا على التسلح لا لشيء سوى لأن المناخ العام الذي خلقته القوى الإمبريالية يشجع على ذلك.وكجزء أساسي من هذه السياسات الإمبريالية تجاه قضايا التنمية في المنطقة العربية فرض وصفات المؤسسات المالية الدولية،مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما على الحكومات العربية..الخ.
في هذه الدراسة سوف نلقي بعض الضوء على المديونية العربية باعتبارها إحدى العقبات الكبيرة أمام التنمية في الوطن العربي.ومنذ البداية نود لفت الانتباه إلى أن سؤال المديونية العربية هو سؤال سياسي بامتياز لذلك تحاول الحكومات العربية منعه أو إعاقة الجواب عنه بإخفائها المعطيات المتعلقة بحجم المديونية وبنيتها.وبالفعل فقد واجهتنا صعوبات جدية في الوصول إلى المصادر الوطنية المتعلقة بالمديونية للحصول منها على المعلومات الدقيقة،لذلك لم يكن أمامنا من خيار سوى الاعتماد على المصادر الدولية مثل مصادر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والتقارير الاقتصادية العربية الموحدة وبعض الدراسات المستقلة.
3- واقع المديونية العربية.
من أخطاء السياسات التنموية العربية اعتمادها على الاستدانة لتمويل برامج التنمية المختلفة دون مراعاة لإمكانية تسديدها،بحيث وصل حجم الديون العربية في أواخر عام 2000 إلى أكثر من 560 مليار دولار.ومن المعروف أن آلية اشتغال النظام المالي الدولي الذي تديره وتشرف عليه المؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يقود المدين إلى مزيد من الاستدانة ،ومن ثم الرضوخ إلى شروط الدائنين الذين يمثلهم نادي باريس. وبالفعل فإن أغلب الدول العربية قد وقع في فخ المديونية ورضخ بالتالي لشروط المؤسسات المالية الدولية وقبل وصفاتها المعروفة للإصلاح الاقتصادي، ومنها من يفاوض نادي باريس لإعادة جدولة ديونه.
قبل الدخول في تفاصل المديونية العربية وما يترتب عليها من أثار اقتصادية واجتماعية وسياسية لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم المديونية العربية ليس واحدا جامعا،بل تختلف دلالته من بلد عربي لأخر.بصورة عامة يكن التمييز بين المديونية الهيكلية والمديونية العائدة إلى نقص في السيولة.المديونية الهيكلية تنطبق على الدول العربية غير النفطية التي يُشك في قدرتها على الخروج من فخ المديونية الذي أوقعت نفسها فيه وذلك من خلال الاستمرار في نهجها التنموي السابق. أما المديونية العائدة إلى نقص في السيولة فتشمل جميع الدول النفطية وهي ناجمة بالدرجة الأولى عن الحروب في الخليج والإفراط في الاستهلاك البذخي والأمني.
تنقسم المديونية العربية إلى مديونية داخلية ومديونية خارجية.المديونية الداخلية تشمل جميع الالتزامات المالية التي في ذمة الدولة والهيئات والمؤسسات العامة تجاه الاقتصاد الوطني ،أما المديونية الخارجية فتشمل الالتزامات المالية التي في ذمة البلد ككل تجاه الخارج والتي تكفلها الدولة.
3-1 المديونية الداخلية
تشير البيانات المتوفرة أن حجم الديون الداخلية لجميع الدول العربية باستثناء العراق والسودان والصومال وموريتانيا(لا تتوفر بيانات عنها) قد بلغ في نهاية عام2000 نحو 304 مليار دولار؛ بزيادة 28.1 مليار دولار عن حجمها في نهاية عام 1999 ؛أي ما يعادل نحو 10بالمئة.غير أن مقارنة المديونية الداخلية العامة للدول العربية بالناتج المحلي الإجمالي يعطي صورة مختلفة بعض الشيء.لقد نمى الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية في عام 2000 بمقدار10.9بالمئة مقارنة مع حجمه في نهاية عام 1999بحيث وصل إلى 545.7 مليار دولار،وبالتالي فإن نسبة الدين العام الداخلي إلى الناتج المحلي الإجمالي قد تراجعت بمقدار 0.4بالمئة.ومع أن هذه النسبة ضئيلة إلا أنها تؤشر إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي قد فاق معدل نمو الدين العام الداخلي منظورا إليه بصورة عامة.غير انه من منظور كل دولة عربية على انفراد فإن حركة المديونية الداخلية قد تختلف.فبينما نجد أن نسبة الدين العام الداخلي إلى الناتج المحلي الإجمالي قد انخفضت في كل من الكويت و اليمن وقطر والبحرين والجزائر وجيبوتي وعمان ،وقد وصلت نسبة هذا الانخفاض في الكويت إلى 12.8بالمئة وفي اليمن إلى11بالمئة، بالمقابل فقد ازدادت نسبة المديونية الداخلية إلى الناتج المحلي الإجمالي في كل من الأردن وسورية وتونس والمغرب ولبنان.
من حيث طبيعة الدين الداخلي للدول العربية فقد توزع على ما يسمى بأدوات الدين القابلة للتداول وهي تشمل أذونات الخزينة والسندات الحكومية، وعلى التسهيلات المصرفية غير القابلة للتداول. في عام 2000 بلغت نسبة الدين العام الداخلي القابل للتداول من إجمالي الدين العام الداخلي نحو 44.2 بالمئة ؛أي بزيادة مقدارها 0.9 بالمئة عنها في عام 1999،وهذا يعني تراجع نسبة التسهيلات المصرفية بالنسبة ذاتها خلال الفترة المدروسة.
من أسباب تفاقم المديونية الداخلية العربية عجز الموازنات العامة للدول العربية،الأمر الذي دفع الحكومات العربية إلى سلوك طرق مختلفة لسد هذه العجوزات . ففي حين لجأت الأردن والجزائر وتونس وعمان والبحرين إلى إصدار أدوات الدين القابلة للتداول في الأسواق المحلية ،اعتمدت سورية وجيبوتي على مصادرها التقليدية. أما مصر فقد لجأت إلى الاقتراض من المصارف الوطنية ،واعتمدت الإمارات العربية المتحدة على استثماراتها، وفي حال الضرورة كانت تسحب من احتياطيات الدولة.فقط تونس ولبنان لجأتا إلى إصدار السندات الدولية إلى جانب إصدار أدوات الدين القابلة للتداول محلياً.
أمام هذا الوضع الخطير والمتفاقم للمديونية الداخلية العربية كان لا بد من التساؤل حول كيفية إدارتها بما يخفف من أعبائها الاقتصادية والاجتماعية.غير أن الجواب عن هذا التساؤل لم يكن واحدا في جميع الدول العربية.ففي حين لجا المغرب إلى تحسين إدارة الدين العام وتطوير أسواقه ووضع ضوابط تنظم عملية التداول في الأسواق الثانوية،لجأ لبنان إلى زيادة حصة الدين بالعملات الأجنبية وتخفيض حصة الدين بالعملة المحلية ،وتفضيل القروض الميسرة،والعمل على تطوير إدارة الدين العام بما في ذلك آليات حفظه وتسويته.أما مصر وتونس واليمن والأردن فقد لجأت إلى الأسواق الثانوية لأدوات الدين العام وعملت على تنشيطها ،وبصورة خاصة تطوير أسواق إعادة الشراء والحفظ المركزي لعمليات تداول السندات الحكومية.
3-2 المديونية الخارجية.
تشمل الديون العربية الخارجية جميع الالتزامات المالية التي في ذمة الدول العربية ورعاياها تجاه مقرضيها من الدول الأجنبية ومؤسساتها المالية أو المؤسسات المالية الدولية سواء كانت هذه القروض طويلة الأجل أو قصيرة الأجل،مضمونة أو غير مضمونة،رسمية كانت أو خاصة.
تشير بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد أن إجمالي الديون العربية الخارجية قد بلغت في نهاية عام 2000 نحو 144 مليار دولار،متراجعة عن مستواها في عام 1995 بنحو 9.6 بالمئة. وإذا أضيف إليها ديون مجلس التعاون الخليجي البالغة 51 مليار دولار،وديون العراق البالغة 126 مليار دولار وديون ليبيا البالغة 4 مليارات يصبح إجمالي الديون العربية الخارجية نحو 325 مليار دولار.
من المنظور الفردي تتوزع هذه الديون على الشكل التالي: جدول (1)
جدول (1) الديون العربية الخارجية(مليون دولار)
البلد 1995 2000 مقدار التغير
جيبوتي 165.3 400 +234.7
الصومال 2678 2555 -123
عمان 3181 3555 +374
لبنان 1332.4 6870.8 +5538.4
موريتانيا 2320 1500 -820
اليمن 6217 4935.3 -1281.7
الأردن 6299 6753 +454
تونس 10923 11568 +645
السودان 17603 15938 -1665
سورية 21318 21272 -46
المغرب 22445 16372.1 -6072.9
مصر 31776 27109 -4667
الجزائر 32781 25000 -7781
المجموع 159138.7 143828.3 -15310.4
تبين معطيات الجدول (1)أن هناك خمس دول عربية هي جيبوتي وعمان ولبنان والأردن وتونس، قد سجلت مديونيتها الخارجية زيادة بمقدار نحو 6565.7 مليون دولار؛أي ما يعادل نحو 29.8 بالمئة.وقد تحقق أعلى زيادة في المديونية الخارجية في لبنان(5538.4 مليون دولار)،في حين تحقق أدنى زيادة في تونس(645 مليون دولار).أما الدول العربية الأخرى الواردة في الجدول فقد تراجعت مديونيتها الخارجية بمقدار 22.4مليار دولار أي ما يعادل نحو 16.3 بالمئة .وقد حققت موريتانيا أعلى نسبة في تراجع مديونيتها الخارجية(35.3 بالمئة)، في حين حققت سورية أدنى نسبة تراجع في مديونيتها الخارجية (0.2 بالمئة).
الأرقام الواردة في الجدول (1) عن حجم الديون العربية الخارجية لا تعطي صورة واضحة بما فيه الكفاية عن ثقل هذه الديون،لذلك لا بد من مقارنتها بالناتج المحلي الإجمالي و مع حجم الصادرات من السلع والخدمات والكشف عن خدمة هذه الديون.
لقد بلغت نسبة الدين العام الخارجي للدول العربية إلى الناتج المحلي الإجمالي في عام 2000 نحو 49.9 بالمئة متراجعة عن مثيلتها في عام1995بمقدار 23.4 بالمئة،وهذا بحد ذاته يمثل نجاحا ملحوظا في إدارة الدين الخارجي.من منظور كل دولة عربية على حدة يلاحظ تفاوت في معدلات التغير ،تفاصيل ذلك في الجدول(2).
جدول (2) الدين العربي الخارجي بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي
الدولة الناتج المحلي الإجمالي(مليون دولار) الدين العام الخارجي(مليون دولار) نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي معدل التغير
1995 2000 195 2000 1995 2000
الصومال 121 121 2678 2555 2210.7 2109.2 -101.5
جيبوتي 491 549 265.3 400 54.1 72.9 -33
موريتانيا 1059 986 2320 1500 219.7 151.1 67.6
اليمن 5111 8532 6217 4935.3 121.6 57.8 -63.8
الأردن 6733 8340 2299 6753.1 93.6 81.1 -12.5
السودان 9550 12836 17603 15938 184.3 124.2 -60.1
عمان 13803 19773 3181 3555 23 18 -5
لبنان 11122 16491 1332.4 6870.8 12 41.7 29.7
سورية 16617 18770 21318 21272 128.3 118.7 -9.6
تونس 18050 19453 10923 11568 60.5 59.5 -1
المغرب 33042 32904 22445 16372.1 68 49.8 -18.2
الجزائر 41240 53801 32781 25000 79.5 46.5 -33
مصر 60159 95801 31776 27109 52.6 27.8 -24.8
المجموع 217098 288357 159138.7 143828.3 73.3 49.9 -23.4
تبين معطيات الجدول أعلاه أن جميع الدول العربية ترزح تحت ثقل المديونية بتفاوت.فهناك بعض الدول العربية التي تقل نسبة دينها العام الخارجي في عام 2000 إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 50 بالمئة، فإن عبء المديونية عليها يعتبر معتدلا وفق التصنيفات الدولية.تضم هذه المجموعة كلا من مصر ولبنان وعمان والجزائر والمغرب.أما الدول التي تتراوح نسبة دينها العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي بين 50 بالمئة و100 بالمئة فإن عبء مديونيتها يعتبر مرتفعاً.تضم هذه المجموعة كلا من تونس وجيبوتي واليمن والأردن.أما الدول العربية التي تزيد نسبة دينها العام الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 100 بالمئة وهي سورية والسودان وموريتانيا والصومال، فإن عبء مديونيتها يعتبر عاليا جداً.
إن الوفاء بخدمة الدين الخارجي يتوقف عادة على حجم الصادرات من السلع والخدمات،ولذلك فإن مقارنة خدمة الدين الخارجي مع حجم الصادرات من السلع والخدمات يلقي مزيدا من الضوء على عبء المديونية العربية الخارجية، لهذا الغرض انظر الجداول (3) و(4).
جدول (3) مقدار خدمة الدين الخارجي وحجم الصادرات
البلد خدمة الدين الخارجي(مليون دولار) حجم الصادرات (مليون دولار)
1995 2000 مقدار التغير 1995 2000 مقدار التغير
الصومال 0.0 51 51 - 177 +177
جيبوتي 13.5 14.2 +0.7 177 189 +12
السودان 17 207 +190 680 1815 +1135
اليمن 90 217.7 +127.7 3214 4107 +888
موريتانيا 102 100 -2 510 434 -76
سورية 154 1129 +975 6160 6926 +766
لبنان 189.3 484.5 +295.2 1617 2536 +919
عمان 466 297 -169 6472 11000 +4528
الأردن 499 530 +31 3465 3533 +68
تونس 1568 1855 +287 8000 8587 +587
مصر 2015 1618 -397 14708 18813 +4105
المغرب 3425 2196.4 -1228.6 11416 9508 -1908
الجزائر 3943 5059 +1116 12095 20461 +8366
المجموع 12481.8 13758.8 1277 68514 4114705.3 19567
تبين معطيات الجدول(3) أن خدمة الدين الخارجي العربي قد ازدادت بمقدار 1277مليون دولار في عام 2000 عنها في عام1995،في حين ازدادت قيمة الصادرات خلال الفترة ذاتها بمقدار19567 مليون دولار.من المنظور الفردي فقد تراجعت خدمة الدين الخارجي في كل من موريتانيا وعمان والمغرب ومصر،وازدادت في بقية الدول.وقد حقق المغرب أعلى معدل لتراجع خدمة الدين الخارجي في حين حققت الجزائر أعلى معدل لزيادة خدمته.
جدول(4) نسبة خدمة الدين الخارجي إلى حجم الصادرات من السلع والخدمات
الدولة 1995 2000 معدل التغير
سورية 2.5 16.3 +13.8
الصومال 0.0 28.7 0.0
السودان 2.5 11.4 +8.9
اليمن 2.8 5.3 +2.5
عمان 7.2 2.7 -4.5
جيبوتي 7.6 7.5 -0.1
لبنان 11.7 19.1 +7.4
مصر 13.7 8.6 -5.1
الأردن 14.4 15 +0.6
تونس 19.6 21.6 +2
موريتانيا 20 23 +3
المغرب 30 23.1 -6.9
الجزائر 32.6 24.7 -7.9
إجمالي 12.46 15.92 3.46
أما معطيات الجدول (4) فتبين، استنادا إلى المعايير الدولية ،أن عبء المديونية بالقياس إلى حجم الصادرات من السلع والخدمات في عام 2000 كان معتدلا(أقل من 20 بالمئة) في اليمن وعمان وجيبوتي ومصر وسورية والسودان ولبنان والأردن ،وكان مرتفعا (أكثر من 20 بالمئة) في كل من الصومال وتونس وموريتانيا والمغرب والجزائر.
4- مأزق المديونية العربية وإمكانية الخروج منه.
لم يعد أحد يجادل في أن الدول العربية قد وقعت في فخ المديونية بدرجات مختلفة ، وأصبح هاجس الخروج منه يشكل هما عاما ، لا سبيل إلي تجاوزه بإتباع السياسيات التنموية السابقة.لذلك فإن البحث عن إمكانية للخروج من مأزق المديونية الذي تتخبط فيه الدول العربية يتطلب قبل كل شيء التشخيص الدقيق لأسباب تنامي الديون العربية وواقعها الراهن ومن ثم البحث في المخارج الممكنة والمحتملة.
4-1 الدائرة الخبيثة للتنمية العربية.
إن أزمة المديونية العربية هي تعبير عن الأزمة البنيوية التي تعيشها الاقتصاديات العربية، وبالتالي فهي أزمة هيكلية متعددة الأبعاد والأسباب.فهي تارة أزمة نمو وبطالة،وتارة أخرى تتجلي بصورة عجوزات كبيرة ومستمرة في موازين المدفوعات، أو على شكل ميل إلى التمويل بالتضخم..الخ.
من حيث المبدأ وبصورة عامة يمكن القول أن أزمة المديونية العربية قد بدأت في أوائل السبعينات من القرن الماضي ، لتتفجر في عقد الثمانينات منه، ومنذ ذلك الوقت وهي آخذت بالتفاقم سنة بعد أخرى.وإذا كانت الأسباب الحقيقية لتنامي المديونية العربية وتحولها إلى أزمة جدية تعود من حيث الأساس إلى طبيعة الأنظمة السياسية العربية وسياساتها الاقتصادية، التي تكشفت عن ميل واضح نحو تنمية النزعات الاستهلاكية التبزيرية على حساب المشاريع الصناعية والزراعية والتجارية،خصوصا بعد فيض السيولة المالية التي نتجت عن ارتفاع أسعار النفط بعد حرب تشرين في عام 1973.وكذلك إلى تهريب الأموال إلى الخارج بدلا من مراكمتها في الداخل، وإلى الإفراط في الصرف على مشاريع الأبهة وعلى المشاريع الأمنية..الخ.في إطار هذا المناخ العام تراجع النمو في الاقتصاديات العربية وظهر ما يسمى بالنمو السلبي للناتج المحلي الإجمالي.وترافق ذلك مع تسارع ارتفاع معدلات التضخم المترافقة بارتفاع مستمر في الأسعار وتراجع في الإنتاج والتجارة.ومن المعروف أن للتضخم أثارا اقتصادية واجتماعية سلبية،فهو يضعف من القوة التنافسية للصادرات العربية من خلال زيادة تكاليف إنتاجها،ويرفع من أسعار الواردات، وبالمحصلة تتراجع عائدات التجارة الخارجية ويحصل الخلل في الموازين التجارية .أضف إلى ذلك فإن التضخم يشجع على تهريب الأموال إلى الخارج ويضعف من جاذبية المناخ الاستثماري الداخلي ويعمق من التمايزات الاجتماعية،كما يؤدي ارتفاع الأسعار إلى تآكل مدخرات الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل،وبالنتيجة تتعمق الفجوة المالية للدولة لصالح التزاماتها المالية الخارجية. ومما يزيد الطين بلة أن نهج التنمية التضخمي الذي تبنته الحكومات العربة بناء على نصائح المؤسسات المالية الدولية كانت له منعكسات اجتماعية سلبية عديدة تجلت في تراجع القوة الشرائية للمداخيل النقدية مما تسبب في تدني مستويات المعيشة.ويدرك الاختصاصيون في الشؤون الاقتصادية أن تدني متوسط الدخل الحقيقي للفرد هو تعبير مكثف عن تدهور الاقتصاد ونمو التخلف وتراجع مؤشرات الحياة.وإذا كانت هذه هي حالة جميع الدول العربية،فإن الصورة تبدو أكثر قتامة في البلدان العربية غير النفطية وتتجلى على شكل أزمة غذاء وأزمة سكن وأزمة صحة وأزمة تعليم وأزمة مواصلات،وتزايدا في معدلات الوفيات وانخفاضا في متوسط العمر ..الخ.
من جهة أخرى أخذت البطالة في الدول العربية تسجل معدلات عالية بحيث وصلت إلى 15-20 بالمئة متحولة بذلك إلى أزمة هيكلية ، فلم تعد تتناسب أعداد اليد العاملة المتزايدة مع توفر العوامل الاقتصادية الأخرى مثل الموارد الطبيعية ورأس المال والتنظيم الجيد للنشاطات الاقتصادية.
إن السياسات الاقتصادية العربية الخاطئة، وتبني خيارات تنموية غير مناسبة قادت الاقتصاديات العربية إلى حلقة خبيثة من الأزمات المتناسلة .فالخلل في السياسات الاستثمارية أدى إلى أزمة نمو حادة أنتجت بدورها حالة من الركود المصحوب بارتفاع الأسعار،أدت هي الأخرى إلى وضعية تضخمية تسببت في تدهور شروط التبادل التجاري الخارجي فاقم بدوره من الاختلالات المالية للدولة ،وهذه بدورها قادت إلى مزيد من الاستدانة من الخارج فنمى التضخم والركود من جديد وتدهورت مؤشرات النمو لتبدأ دورة جديدة من الأزمات وهكذا دواليك.
4-2 الأسباب الخاصة للاستدانة.
من النتائج المباشرة لاستمرار العجز في موازين المدفوعات العربية نمو وتفاقم المديونية العامة للدولة ،وخاصة مديونيتها الخارجية التي وصلت في نهاية عام2000 إلى نحو 144 مليار دولار حسب التقرير الاقتصادي العربي الموحد الصادر في أيلول من عام 2001 ،وإذا أضيف إليها ديون دول الخليج والعراق وليبيا فإنها تصل إلى 325 مليار دولار. لقد وقعت أغلب الدول العربية في الحلقة المفرغة للمديونية ،فاستمرار العجز في موازين المدفوعات العربية يقود إلى مزيد من الاستدانة،وهذه بدورها تقود إلى نمو العجز في موازين المدفوعات وهكذا دواليك.ومما لا شك فيه أن هناك عوامل خاصة عديدة ساهمت بصورة مباشرة في استمرار نمو وتفاقم المديونية العربية.من هذه الأسباب يمكن الوقوف على العوامل التالية:
1 -تمويل عوامل التنمية عن طريق الاستدانة من الخارج وخصوا استيراد التكنولوجيات المتقدمة وبراءات الاختراع ومستلزمات تشغيل المنشآت الاقتصادية الحديثة.
2- الخلل في السياسات الاستثمارية المتبعة وسوء إدارة الاستثمارات الممولة عن طريق القروض الخارجية،فبدلا من التركيز على تنمية قوى الإنتاج المحلية والتصنيع وتصدير السلع الجاهزة، كما فعلت الدول المتقدمة، لجأت الدول العربية إلى استيراد السلع الرأسمالية الجاهزة بأسعار عالية وتصدير المواد الخام بأسعار منخفضة.هذا النوع من التخصص الإنتاجي أبقى الدول العربية في مهب الأزمات الاقتصادية الدولية.
3- فساد الأجهزة الحكومية و نمو ظاهرة الاستهلاك الترفي شجع كثيرا على نهب الاقتصاديات الوطنية بما في ذلك نهب القروض الخارجية وتهريبها إلى الخارج.
4 -انخفاض أسعار المواد الخام في الأسواق الدولية مقابل تزايد معدلات الفائدة على القروض الخارجية.
5-استنزاف الثروات العربية في الحروب والصراعات العربية العربية أو مع الخارج وكذلك في الصراعات الداخلية، وتلبية متطلبات الاستهلاك الأمني وخصوصا شراء الأسلحة التي لم تؤد خلال أكثر من نصف قرن إلا إلى مزيد من التدهور الأمني وعدم الاستقرار الخارجي والداخلي.تشير المعطيات إلى أن الدول العربية قد استوردت أسلحة خلال الفترة من عام 1978 إلى عام 1988بقيمة تعادل 14 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية ، وإن أغلب صفقات شراء الأسلحة قد تم تمويلها عن طريق القروض الخارجية.وفي معطيات أخرى فقد أنفق العرب(باستثناء العراق) في عام 1985 نحو 48 مليار دولار على شراء الأسلحة، تراجع هذا الرقم إلى نحو40 مليار دولار في عام 1995 ، أي ما يعادل على التوالي 10.7 و7.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. أما العراق فقد أنفق لوحده خلال حربه مع إيران (من1981 إلى 1988) نحو 166.1 مليار دولار على تأمين مستلزمات الدفاع والأمن.وإذا أخذنا بعين الاعتبار تكاليف حرب الخليج الثانية وإجمالي الخسائر الأخرى ذات الصلة تصبح الأرقام خيالية.
4-3 الوجه الآخر للمديونية العربية.
في مقابل المديونية العامة للدول العربية البالغة كما ذكرنا نحو 560 مليار دولار(بدون ديون الدول النفطية) ثمة فوائض مالية عربية هائلة مستثمرة في الخارج، تختلف التقديرات بشأنها. فحسب تقديرات مجلس الوحدة الاقتصادية العربية تبلغ نحو 2400 مليار دولار، غير أن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار تقدرها ما بين 800 و1000 مليار دولار.القسم الأعظم من هذه الأموال تعود ملكيتها إلى الأفراد والمؤسسات الخاصة،تشكل جزءا هاما منها حصيلة النهب الذي تعرضت له الاقتصاديات الوطنية من قبل اللصوقراطيا الجديدة المنتشرة في الأجهزة الحكومية الفاسدة. وهناك قسم هام آخر تعود ملكيته إلى الحكومات وخصوصا حكومات الدول النفطية.ومن المعروف أن هذه الاستثمارات العربية الخارجية تتعرض دائما للتقلبات والأزمات التي تعصف بالاقتصاد العالمي بين الحين والآخر ،عداك عن تحولها إلى أداة للضغط على الحكومات العربية بدلا من كونها سلاحا بيدها.وقد تجلى ذلك بكل وضوح بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات المتحدة التي حملت القوى الإمبريالية والصهيونية المسؤولية عنها مباشرة للعرب والمسلمين.فقد كان من نتيجتها أن تمت مصادرة بعض هذه الاستثمارات تحت ذريعة تمويل الإرهاب،وانخفضت عائداتها نتيجة تراجع الفائدة على الدولار،وارتفعت تكاليف الاقتراض من الخارج وانخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول العربية كثيراً. أضف إلى ذلك تراجعت عائدات النفط بمقدار 20 بالمئة على عكس ما هو متوقع، كما تراجعت عائدات السياحة..الخ.
إن استعادة هذه الاستثمارات الخارجية ولو جزئيا يمكن أن يحسن كثيرا من واقع الاقتصاد العربي، غير أن ذلك يتطلب إرادة سياسية وروح وطنية بالإضافة إلى خلق البيئة الاستثمارية والمناخ الاستثماري الملائمين لجذبها. وبصورة أكثر تحديدا لا بد من اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان الاستثمار وحرية حركة رؤوس الأموال ، وتطوير التشريعات الناظمة لعملية الاستثمار وتطوير البنية التحتية وخصوصا ما يتعلق منها بمستلزمات النقل والمواصلات والكهرباء والماء..الخ.تشير بعض التقديرات إلى حاجة الدول العربية فقط في مجال الاتصالات إلى 90 مليار دولار،وفي مجال الكهرباء والماء إلى 50 مليار دولار. كذلك لا بد من إتباع سياسات نقدية ومالية ملائمة،وتطوير الجهاز الإداري لجهة التقليل من الإجراءات البيروقراطية، ومحاربة الفساد الإداري والمالي..الخ.
5- ما العمل؟
سؤال ما العمل في ضوء الواقع الراهن للمديونية العربية يكتسب أهمية استثنائية ،لأن استمرار السياسات التنموية السابقة له معنى واحد فقط هو تنمية التخلف في الداخل وتضخم المديونية العربية أكثر فأكثر،وبالتالي الارتهان السياسي للخارج.لذلك لا بد من قطع السيرورة السابقة وتغيير اتجاهها، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات عديدة من بينها نذكر ما يلي:
1-إعادة النظر في السياسات التنموية السابقة بحيث يتم التركيز على تنمية وتطوير قوى الإنتاج والطاقات الإنتاجية، عوضاً عن تنمية الميول والنزعات الاستهلاكية المدمرة.
2-العمل على خلق المناخات الاستثمارية الملائمة ، بما يعني ذلك خلق البيئة التشريعية والإدارية والتنظيمية الملائمة، بالإضافة إلى تطوير البنى التحتية، ومنافذ الدخول والخروج للاستثمارات ومستلزماتها.
3-تنمية الاتجاهات التصديرية في الاقتصاديات العربية وتحسين الصادرات السلعية المصنعة على قاعدة المنافسة بالسعر والجودة،وإيجاد بدائل محلية للعديد من المستوردات وخاصة المستوردات الغذائية.
4-تصحيح وترشيد الماليات العامة للدول العربية بما يعيد التوازن إلى الميزانيات الحكومية، وإلى موازين المدفوعات، ويرفع الثقة بالسياسات المالية، فتتوقف رؤوس الأموال العربية والأجنبية عن الهروب.
5-استخدام القروض الخارجية حصرا في مجال الإنفاق الاستثماري على تطوير قوى الإنتاج والمشاريع الإنتاجية أو مشاريع البنية التحتية.
6 -تطوير وترشيد الموارد المائية العربية بما يسمح بتطوير الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي ، وتجاوز الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية إلى التصدير.
7-ترشيد الإنفاق الحكومي و الإنفاق العسكري منه على وجه الخصوص، في ضوء الاحتياجات الإدارية والأمنية الفعلية.
8-تطوير التعاون والتكامل العربي في المجال الاقتصادي،والانتقال من الاقتصاديات المتماثلة إلى الاقتصاديات المتكاملة.
9-تطوير النظم السياسية والإدارية العامة ومحاربة الفساد الإداري والمالي.
10-إن الوصفات السابقة وغيرها كثير تبقى بلا جدوى إذا لم تترافق بإصلاحات سياسية جذرية تعزز من خيارات الحرية والديمقراطية.ففي مناخ الحرية تنمو الروح الوطنية ويرتفع مستوى الإحساس بالمسؤولية،وفي إطار الديمقراطية تتعاظم فعالية القوى الاجتماعية المختلفة من خلال دفاعها عن مصالحها، وتتعزز فرص سيادة القانون وفي المحصلة الوصول إلى مساومات تاريخية تسرع من التقدم الاجتماعي.
المراجع
1-التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1996 وعام 2001.
2-البنك الدولي، التمويل العالمي للتنمية، المجلد الثاني، جدول الدول لعام 2001.
3-روبرت باول،تخفيف أعباء الديون عن البلدان الفقيرة، مجلة التمويل والتنمية الصادرة عن صندوق النقد الدولي، العدد الرابع ،كانون الأول/ ديسمبر 2000.
4-عزة أبو العز، تجربة مصر في مجال إدارة الدين العام، صندوق النقد العربي،سلسلة بحوث ومناقشات حلقات العمل.العدد الرابع، أبو ظبي 1998.
5-صباح نعوش "أزمة المالية الخارجية للدول العربية" دار المدى، دمشق 1998.
6-منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول التقرير السنوي ،أعداد مختلفة.
7- World Bank, World debt tables, External Debt of Developing countries, Washington D C ,1993 &2001.
8- International Monetary Fund, Middle East
9-U N, United Nations for Development Programme. World Report 2001
10- International Institute for Strategic Studies. London 2001
11- رمزي زكي" الموقف الراهن للجدوى من ظاهرة التضخم الركودي ومدى ملاءمته لتفسير الضغوط التضخمية " مناقشات وبحوث، الكويت،ط1 1986.
12-الحصاد الاقتصادي لعام 2001 ، صندوق النقد العربي.
13-القدرة التنافسية للأسواق العربية،معهد السياسات الاقتصادية، تحرير د. على توفيق الصادق، سلسلة بحوث ومناقشات حلقات العمل، العدد الخامس، من 5-7 تشرين الأول/ أكتوبر 1999، أبو ظبي.
14- المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، التقرير السنوي 1999.
15-معوقات الاستثمار في العالم العربي،د.محمود عمار، رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين في فرنسا، برنامج بلا حدود، قناة الجزيرة.
16-صندوق النقد العربي،معهد السياسات الاقتصادية، سياسة إدارة الدين العام في البلدان العربية، أبو ظبي، لآذار/مارس 1998.
17-المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية"، الصفاة 2000.