حسن مدن
الحوار المتمدن-العدد: 2356 - 2008 / 7 / 28 - 10:46
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
تتذكرون ولاشك أولئك النواب الذين طالبوا بإبعاد كل العمال البنغاليين من البحرين لأن أحدهم ارتكب جريمة قتل بشعة، فلم يجد هؤلاء الحل سوى المطالبة بإنزال العقاب الجماعي بجالية بكاملها يسهم أبناؤها في الدورة الاقتصادية في البلد من خلال بيع قوة عملهم بأبخس الأجور، شأنهم في ذلك شأن بقية العمال الآسيويين في البحرين وبلدان الخليج الأخرى.
أهي المصادفة وحدها التي جعلت من هؤلاء النواب أنفسهم، أو من هم على هواهم، من يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لأن قائمة الجنسيات التي أعلن عن منح حامليها تأشيرة في المطار شملت الروس، فكل من يحمل جنسية هذا البلد من النساء هن في عرف هؤلاء عاهرات. المنطق هو نفسه، فكرة العقاب الجماعي للروس كما هي فكرة العقاب الجماعي للبنغاليين.
في حينه قلنا انه ما من شعب يحمل جينات الجريمة في دمه، وجرائم القتل البشعة ترتكب في أكثر بلدان العالم تحضراً، واليوم نقول انه ليس للرذيلة وطن، وليس للفضيلة وطن، ففي كل بلدان العالم ودون استثناء توجد الاثنتان، الرذيلة والفضيلة. ومن المعيب أن يُرمى شعب بكامله بهذه الصفة، خاصة حين يدور الحديث عن شعب يمثل حضارة وثقافة عظيمة مثل الشعب الروسي، لكن أنَّى لمحدودي الأفق، من ممثلي الإسلام السياسي في مجتمعنا أن يعرفوا ذلك، هم الذين لا يعرفون شيئاً عن حضارة الإنسان وثقافته.
هل يدرك هؤلاء أن في روسيا أرقى المتاحف وأكثرها ثراء وغنى بكنوز الحضارة الإنسانية، بما فيها الحضارة العربية الإسلامية، وأن روسيا أعطت العالم كتابا عظاماً من وزن ديستوفسكي وتولستوي وغوغول ومكسيم غوركي وتورجينف، وأن أعمال هؤلاء مقروءة في العالم كله وبكل اللغات بما فيها لغتنا العربية، وما يقال عن الكتاب يقال عن شعراء من وزن بوشكين وليرمنتوف، وموسيقيين من وزن تشايكوفسكي ورحمانوف وسواهما، وأن التلاميذ الروس منذ المراحل الدراسية الأولى يتعرفون على هؤلاء الكتاب والشعراء.
هل يدرك هؤلاء أن أول إنسان طاف الفضاء ودار حول الأرض هو الروسي يوري غاغارين؟ هل يجوز بعد ذلك أن يُرمى مثل هذا الشعب بكامله بالرذيلة، لأنه صادف أن وجد فيه، كما في أي شعب آخر من يمارسها، وحسب المقال الجميل للصحافي راشد الغائب في "الأيام" أمس فان غالبية من يمارسن الرذيلة في بلداننا هن من جمهوريات أخرى، غير روسيا، كانت في عداد الاتحاد السوفييتي، وعدد كبير منها جمهوريات إسلامية التاريخ والدين .
#حسن_مدن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟