أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تغريد كشك - أنصاف دوائر.............أنصاف حلول














المزيد.....

أنصاف دوائر.............أنصاف حلول


تغريد كشك

الحوار المتمدن-العدد: 2355 - 2008 / 7 / 27 - 06:29
المحور: الادب والفن
    


إليكَ فاروق طوزو لأننا نقف معاً داخل مربع الدائرة

عزيزي،
ها هي دوائر الليل الصغيرة تزداد اتساعاً، وكلما ازداد اتساعها تصبح أكثر اقتراباً من هالة شيء ما كان يبدو في الماضي مضيئا.

الآن يزداد اتساع الدوائر، أراها تكبر، تتشابك، ثم تتلاقى أنصافُ الدوائرِ حلولاً لأنصاف مشاكل.
يبدو هذا عادياً في الليل؛ عندما ينام من حولك الضجيج ويتناثر ضوء المساء شعاعات من أحلام خفية، شعاعات تنتظر في مساراتها المختلفة شيئاً ما يكون مضاءً بسواد حبر الطباعة المسافر إليك عبر الكتابة الآلية.

فجأة يزداد اتساع الدوائر، تتلاقى لتتلاصق إلى الأبد ولتصبح دائرة واحدةً كبيرة مركزها ضياع وأوتارها رسمتها يد فنان مجنون تائه، وكنتُ حينها مثل عبقري ترك أحلامه غافيةً فوق غطاء سريرٍ جميلٍ وحيد.

بعد منتصف الليل بقليل تتدحرج الدائرة ببطء لكنها ما زالت لا تعرف اتجاه الدوران في زمن الهروب، وأدركُ فجأة من خلال يأسي أن الدائرة تحوي أرقاماً وأزمنةً وعقارب منحنية وأنها لا بدّ وأن تعرف اتجاه دورانها يوماً ما؛ وأنها ستحمل معها اتجاه أسفاري ومتاهاتي وتكون تماماً مثل ذاتي تدور حول نفسها كل يوم، أنطلق منها أحياناً وتنطلق نحوي دائماً.

الساعة الآن تقترب من الثالثة فجراً، أحس بأن اتساع الدائرة ما هو إلاّ اهتزازُ أمواجٍ عاتيةٍ تتلاطم في داخلي وتتسع كالمدّ والجزر، تقترب من رمالٍ دافئةٍ وتعودُ لتصطدمَ بصخور الخوف الباردة من جديد.

ما تزال الدائرة آخذة في الاتساع، وها هو شعاع الشمس الدافىء قد بدأ يخترق زجاج نافذتي وبدأ الدفء يهمس لأطرافي الباردة طالباً منها التوجه إلى المطبخ لإعداد شيء ما.
تزداد الدائرة اتساعاً واقتراباً وتتداخل الدوائر في عقلي بالتتابع حيناً وبالافتراق أحياناً،لأدركَ في لحظةٍ أن رغيف الخبز دائري الشكل، والصحنُ كذلك وقاعدة زجاجة الزيت، طاولة الطعام أيضاً دائرية الشكل والمضمون.

أيقنتُ أخيراً أنني يجب أن أكون الآن قد سقطتُ داخل دائرةٍ دائرية أخرى، ضحكتُ وعدتُ لأبحث عن دائرتي الوطنية وعن دائرتي الحزبية وعن دائرتي العقائدية ودائرتي الشعورية ودائرتي الفكرية وعن دائرتي الجغرافية ودائرتي الاتصالية.

ولكن، أيمكن أن يكون للشكل الهندسي المجرد كل تلك الدلالات؛ بحيث يكون الكون مجموعة من الاشارات والدلالات، وأن تحمل كل شارة دلالةً معينة لا يدركها إلاّ من كانت بصيرته يقظة؟
وهل يمكن أن يكون لكل منا دائرةٌ تحيط به وتتحكم به فتكون بمثاية قيدٍ أو حاجز؛ أو قد تتشكل لتظهر له على شكل دستورٍ أو نظامٍ يسير بموجبه؟

عزيزي،
الدوائر الموجودة في حياة كل منا كثيرة وليس لها ما يضبطها أو يحكمها دائماً، ونحن نرفض وضعنا ضمن تصنيف مذهبي أو عقائدي أو فكري معين، بل قد نجد في ذلك انتقاصاً لفرديتنا وتحجيماً لحركتنا وإلصاقاً لصفة العمومية بنا.

انا لست امرأة عادية، أفكاري قد لا تحمل صفة الخصوصية المطلقة لكنها في ذات الوقت مميزة وفريدة، أي أني قد أكون صاحبة انطلاقة لامحدودة الى آفاق وأماكن غير مسبوقة، أي بمعنى أنني استطعت أن أنتقل بنفسي من الدائرة الجغرافية إلى الدائرة الفكرية ومن ثم إلى الدائرة الاتصالية، ومن هنا لا أحب أن يتم تصنيفي مع الآخرين في منظومة أو دائرة واحدة ، هذا ما لا أرضاه لنفسي، ولكن تعددَ الدوائرِ هذا المساء جعلني أرى نفسي معك داخل هذه الدوائر جميعها ، فأنا لستُ خارج دائرة التصنيف الواسعة، أي أن الناس يستطيعون أن يقولبوا معتقداتي وآرائي داخل دائرة واحدة أو ضمن مجموعة من الدوائر المتداخلة حيناً والمتباعدة حيناً آخر والمغلقة أبدا.

الدائرة مغلقة دائماً؛ إذا فتحناها تغيرت معالمها وفقدت أهمَ ما يميزها وهي الاستدارة، ضمن نقطة البداية تنتهي، ومن نقطة النهاية تبدأ من جديد.
الخير والشرّ حكاية دائرية الملامح، النور والظلام حكاية دائرية الملامح، العدل والظلم حكاية دائرية الملامح أيضاً، أنا وأنت قد نكون حكاية غريبة لدوائر عديدة ؛ فنحن عزيزي نقف الآن معاً داخل مربع الدائرة الكبيرة.

تحياتي أرسلها لك إلى حين الخروج من مأزق الدائرة الكبيرة.



#تغريد_كشك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جسدٌ وجمال
- صرخة الموت
- عندما نبحث عن الوطن في الجهة اليسى من القلب
- الأنثى في داخلي متعبة
- حزن البنفسج الغائب
- لأول مرة أجرب العيش دون طقوس حبنا اليومية
- إلى بائع الأزهار
- ذاكرة فرح وراء القضبان
- ظاهرة العنف بين طلاب المدارس الفلسطينية
- فئرانهن وثقافة النوع الاجتماعي*
- وطن الجريدة كل صباح
- إلى لوركا بيراني الآتي من الشمال
- تطور المقاومة الفلسطينية خلال الأعوام من 1987 2004 / الجزء ...
- تطور المقاومة الفلسطينية خلال الأعوام من 1987 2004 / الجزء ...
- تطور المقاومة الفلسطينية خلال الأعوام من 1987 2004 / الجزء ...
- حق اللجوء إلى البوح
- مدن خارج حدود النص
- خطوات الاصلاح الإداري الناجح
- السياسة الاقليمية لإيران
- طبق الََسَلطة الفلسطيني، ما بين خصائص المركب والمخلوط


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تغريد كشك - أنصاف دوائر.............أنصاف حلول