أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - التطبيع العربي العربي أولاً















المزيد.....

التطبيع العربي العربي أولاً


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2353 - 2008 / 7 / 25 - 10:35
المحور: كتابات ساخرة
    


التطبيع والعلاقات الإنسانية الكريمة، والقائمة على الاحترام المتبادل، فيما بين الشعوب والأمم، هو فن وسلوك حضاري راق وممارسة وتراث إنساني فذ لا يتقنه أي كان، وخصوصاً من كانت ثقافته، وعلاقاته، ونظرته تتسم بنوع من الاستعلاء والعنصرية واحتقار الآخر وكراهيته.

ويتكلم اليوم، بعض الأعراب، وبكثير من الاعتداد والثقة بالنفس، عن مناهضة التطبيع مع الدولة العبرية، وكأنه بإمكانهم التطبيع مع الآخر لو هم تنازلوا ورغبوا بذلك؟ أوكأنهم رسل سلام، وملوك تطبيع وفنانون في العلاقات العامة، ومجتمعاتهم تتعايش بسلام ووئام وثبات، وبدون حساسيات أو كراهية أو نعرات لا سبيل إلى ذكرها بسبب كثرتها وتعقيداتها التي لا تنتهي، وواقع الحال يقول بأن مناهضة التطبيع وقطع العلاقات والتناحر والحرد والزعل والاقتتال أمر مألوف وطبيعي في تراثهم، وأما التطبيع، في الحقيقة، فأمر لا يجيدونه وهو طارئ وغريب وغير مألوف ومستحيل في ثقافتهم؟ هم لا يطبعون ليس لأنهم لا يريدون، ولكن لأنهم لا يعرفون ولا يتقنون فنون التطبيع حتى فيما بينهم. فهل في تراثهم وتاريخهم أية ممارسات توحي باحترام الآخر وخصوصياته ورغبة في التعايش معه؟ وهل علاقاتهم البينية، ليس بينهم وبين دول العالم، كلا وحاشا لله، بل فيما بين بعضهم البعض في أحسن حال؟ أليس حرياً بالأعراب أن يتعلموا أولاً، كيف يطبعوا علاقاتهم مع بعضهم قبل أن يفكروا بالتطبيع أو بمناهضة التطبيع مع إسرائيل؟ ألا يناهضوا هم أنفسهم التطبيع فيما بينهم تلقائياً ويضعون العصي في عجلاته، ومن المستحيل أن نجد علاقات عربية عربية، مثالية بل كلها متوترة وتشكو من حساسيات ومثالب ما؟ ألم يصبح التعايش العربي العربي والعلاقات العربية العربية الحسنى ضرباً من المستحيل في عالم اليوم؟ ألم تصبح كافة مقررات القمم العربية ومعاهدات العرب المشتركة والدعوات لفتح الحدود العربية والعلاقات الطبيعية حبراً على ورق ومناهضة التطبيع العربي العربي هو العملية العربية الدبلوماسية والسياسية الوحيدة السائدة والناجحة جداً؟ ماذا نسمي مقاطعة العرب لقمة دمشق والتئام بقية القمم بشيء من الخجل والاستحياء، ومن باب توكلنا على الله، وربنا لا تؤاخذنا فيما فعلنا وإن كنا قد أخطأنا؟ أليست تلك المقاطعات والتمنعات والانسحابات نوعاً من المناهضة العلنية لتطبيع العلاقات العربية العربية؟ ألا يستأهل هذا الأمر الغريب والشاذ دعوة جدية للشروع الفوري في عملية تطبيع عربي عربي؟ وبرأينا المتواضع جداً، فإن التطبيع مع إسرائيل واليهود أسهل بكثير من التطبيع فيما بين العشائر والقبائل والملل والنحل والمذاهب والطوائف والبطون والأفخاذ والسيقان والأصابع العربية المتناعرة والمتباغضة والمتنافرة والمتناحرة. فهل هناك اليو، مثلاً، أية دولة عربية، تفتح حدودها مع أية دولة عربية أخرى، هكذا سداحاً مداحاً، وعلى غرار ما يفعله الأوروبيون مثلاً؟

قد يقول قائل إن التطبيع مع إسرائيل في أحسن حال، وأن العلاقات الوحيدة المحترمة هي بين إسرائيل والدول العربية "المتصالحة" معها، كما هو الحال مع إسرائيل والشقيقة الكبرى، والأردن، وحكومة السلطة، وموريتانيا، والمغرب، ناهيك عمن لديه علاقات سرية مع الدولة العبرية، والجواب أن العصا الأمريكية الغليظة وحدها هي التي تضمن استمرار العلاقة الدبلوماسية والحفاظ عليها، وليس التطبيع، فالعرب ليس في طبعهم التطبيع، بل مناهضة ومحاربة أي نوع من التعايش والتطبيع.( تتعامل إسرائيل مع قضية مناهضة التطبيع من باب رضينا بالهم والهم ما رضي فينا، هذا والله أعلم).

أليس التطبيع الأهم اليوم مثلاً، ليس بين إسرائيل والعرب، بل بين العرب والعرب، بين سنة العراق، وشيعته، وأكراده، ومسيحيه، وصابئته ويزيديه, وأعرابه وعجمانه وفرسه وأغرابه من كل حدب وصوب؟ ألا يتحتم إجراء اتفاق سلام ومصالحة واعتراف متبادل أيضاً، ومن ثم تطبيع فوري، هذا إن أمكن الأمر، بين الدارفور والجنجويد؟ وماذا عن العلاقات المتوترة والمقطوعة في صعيد مصر بين الأقباط والمسلمين والحملات الإعلامية والصدامات الدموية والعنيفة بين الجانبين؟ ألا تستأهل الشروع فوراً بعملية تطبيع وتحت إشراف جنود من الهوتو والتوتسي والخمير الحمر حصرياً وفاشيي القوميين الصرب؟ ومن يستطيع أن يطبـّع ويجمع شيعة السعودية وإسماعيلييها من جهة، ووهابييها من جهة أخرى على طاولة وتحت سقف واحد ومن باب "منشان الله يا شباب"؟( هل بالإمكان تخيل أمر كهذا في يوم من الأيام لا سمح الله؟) وهل بالإمكان إقامة أي نوع من التطبيع و العلاقات الطبيعية بين الحوثيين والزيود اليمنيين على سبيل الحصر والعصر؟ ولو عبرنا الحدود غرباً باتجاه ما يسمى زوراً وبهتاناً بالمغرب العربي الكبير، وتحرينا النار الكامنة تحت الرماد فيما بين العرب والبربر والأمازيغ ولرأينا العجب العجاب من عمليات مناهضة التطبيع الجارية على قدم وساق بين هذه الحكومات والشعوب والخلايق؟ وماذا عن المعاملة العنصرية والقاسية التي تصل حد العبودية والإذلال التي يلاقيها عرب الجوع الفارون من سعير الفقر جنوباً إلى دول الخليج الفارسي، وبشروط إقامة وكفيل وفيزا مذلة، طلباً للرزق والعيش حيث يـُنكل بهم ويحرمون من أي حق من حقوق الإنسان التي تمارسها الدول المحترمة ويتعرضون للنخاسة الرسمية وأصبحوا يعرفون بعبيد العرب، من حيث أنهم لا يتمتعون بأية حقوق آدمية معروفة عند اليهود والصليبيين والملاحدة الملاعين الكفار والعياذ بالله؟ ومن يستطيع أن يضمن اليوم علاقات سليمة وطبيعية في دولة "الكيان المسخ" ( التعبير هنا لأسعد أبو خليل وناقل الكفر ليس بكافر)، فيما بين ملوك الطوائف والمذاهب والميليشيات الذين احتاج تشكيل "حكومتهم الوطنية" العتيدة،(عجباً لماذا تسمى هكذا حكومات بحكومة وحدة وطنية؟) إلى شهر ونصف فقط، وإلى تدخل جميع سفارات العالم وجواسيسها الملحقين وفراشيها المحترمين، واستشارة جميع أجهزة الاستخبارات في المنطقة، بما فيها استخبارات جزر القمر، (والبشرى لكم فإن جزر القمر دولة عربية وعضو كامل العضوية في جامعة عمرو موسى لإصدار بيانات أي كلام، وللسمسرة والوساطة العقارية والدبلوماسية وتبويس ونتف الشوارب بين العرب العاربة والمستعربة والمتأمركة والمتصهينة والمتفرعنة).

من يستطيع اليوم، مثلاً، إقامة أي نوع من العلاقات الطبيعية بين الشقيقة الكبرى مصر وقطاع غزة وإقناع الأشقاء المصرين، وشفاعة وكرامة لرسول الله كون الغزاويين مسلمين على سنة الله ورسوله، بفتح معابرهم أمام أطفال ونساء وشيوخ وحجاج بيت الله الحرام من القطاع من المرضى والمسنين والجياع أو لإدخال الحليب والغذاء والدواء لهم؟ ( أليس هذا نوعاً متطوراً من مناهضة للتطبيع فيما بين هؤلاء؟) من يجب أن يطبع مع من؟ ومن هو الأولى بالتطبيع في هذه الحالة؟ علماً بأن رسول المحبة والسلام وجنرال الاستخبارات عمر سليمان، وعين أمه حوله وحواليه، يذرع الحدود ذهاباً وإياباً إلى عند أبناء عمومته من اليهود الإسرائيليين ولا يوفر ابتسامة أمام االكاميرات مع داعية المحبة والسلام الآخر إيهود باراك؟ وهل بالإمكان مسح "آثار العدوان" العراقي الآثم ضد شعب الكويت وعودة العلاقات الطبيعية فيما بين هذين الجارين اللدودين في يوم من الأيام؟ من يوقف ممارسة مناهضة التطبيع هذه بين هؤلاء العربان؟ ألم يدخل مصطلح دول الضد إلى قلب الخطاب والتدوال السياسي اليومي الكويتي للإشارة لتلك الدول التي ساندت الغزو العراقي للكويت ولا أمل في عودة علاقات طبيعية معهم؟ وبالمناسبة، والمناشدة يا أولاد الحلال، ماذا حل بـ"إعلان دمشق" الذي تشكـّل بعد الغزو العراقي للكويت؟ ألم يكن نوعاً من الاحتيال والنصب السياسي العلني الذي قام به "الخلايجة" على سوريا ومصر ريثما تمر عاصفة الغزو الغاشم؟ ( كان هناك لازمة قومية رائعة من بنات أفكار أحمد سعيد بعد هزيمة حزيران النكراء بالحديث المتكرر عن إزالة آثار العدوان مازال صداها يتردد في آذاننا حتى اليوم، فمن يتبجح بالقول بأنه قادر أيضاً على إزالة آثار هذا العدوان القومي الغاشم ضد الجيران؟).

لا يجب التفكير، و لا يمكن الحديث اليوم عن أي تطبيع، أو مناهضة تطبيع مع إسرائيل، فالتطبيع حين يقترن بالعرب يصبح أمراً مستحيلاً، وهو نوع من الترف الفكري ومحض تصاب سياسي فائض عن الحاجة واستباق للزمن العربي الخمول والراكد. فالحكمة والواقعية والعقلانية، والأولوية هي أساساً، لتطبيع عربي عربي، فإذا بقي أحد من العرب بعد ذلك، أو تبقى لديهم أي وقت، فلا ضير، ولا غرو أن يشرعوا في عملية تطبيع مع إسرائيل.





#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم لاتحاد من أجل المتوسط
- اعتقال البشير: ومن البترول ما قتل
- العربان دوت كوم
- حول تغطية أحداث سجن صيدنايا
- غسان الإمام: والشياطين البترولية الخرساء
- الحجاب كهوية عنصرية
- سوريا:موضة الخادمات الآسيويات
- تهنئة للإخوان السوريين
- التّمثيلُ بالأحياءِ: ضرورةُ تجْريمِ ِأُمراءِ وأشياخِ الوهابي ...
- الوهابيّة أم ِالنازيّة؟
- أنقذوا السوريين من العنصرية والاستعباد
- تَجْريمُ الفِكر القَوْمي
- لا لعودة سوريا للصف العربي
- برقية تعزية ومواساة
- همجية الوهّابية
- فرسان رفعت الأسد
- نَسْفُ الثقافةِ العربية
- خبر عاجل: اختفاء معارض سوري
- صدِقَ البعثيّون ولو كذبوا
- نكبة الأديان


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - التطبيع العربي العربي أولاً