اضطرنا الناس الذين يسكنون شمال الدنيا أن نعيد مراجعة مفرداتنا من الألف إلى الياء. وما من شك أننا سنعيد تفكير كل شيء من أجل أن لا نبدو غريبي الأطوار في عالم متوازن ومعولم وحر بكل معاني اللغات الهندوأوروبية، وخصوصاً المتأثرة بالجرمان والأنجلوسكسون.
ربما انطلاقاً من هذه الأرضية بالذات وجدنا أنفسنا مضطرين إلى مراجعة مفردة تصر على أن تلون نفسها – كما هي عادة الكلمات جميعاً- باعتبار اللحظة التاريخية التي تجتازها. وبهذا المعنى فإن قيام إسرائيل بقصف قانا 1996 كما قيامها بجرف وسط مخيم جنين هو دفاع عن النفس. ربما لأنه يجد تسويغه النهائي في قيام الولايات المتحدة بهدم العامرية على رؤوس من ظنوا أنه عاصمهم من الموت الزؤام القادم مع الحضارة الغربية فثبت عكس ما توهموا. وقد كرست أمريكا ذلك أصلاً في حربها الدفاعية ضد " الهنود الحمر " الذين اعتدوا على الرجل الأبيض وسلبوه أرضه التي كان يجهل وجودها إلى زمن قريب.
حسناً لا فائدة فيما نحسب في الانخراط في مناقشة مازحة أو جادة لمشروع الرجل الأبيض منذ الاكتشافات الجغرافية وحتى اليوم. فليس سراً يذاع أن مشروع رأس المال هو الذي يفسر في التحليل الأخير ممارسات الرجال البيض. ولا داعي فيما نزعم للبحث في جوف الإنجيل ولا حتى الأوديسا عن معان لأفعالهم.
واضعين في اعتبارنا الكامل مقدمتنا هذه، نقوم بمحاولة تعريف للإرهاب وذلك كي نحاول أن نحمي أنفسنا من أن تأتي المحاولة في سياق الاستجابة للهجوم العولمي على المقاومة وحركات التحرر. ولذلك ربما من الفائدة بمكان أن نذكر أن جرثومة العنف – على حد التعبير الجميل للطيب صالح في " موسم الهجرة "- منشؤها غربي أبيض مائة بالمائة. وأن النفاق هو ديدن من يهاجم " الإرهاب " من مواقع الرجل الأبيض.
ربما خير ما نعرض أولاً هو أدبيات الولايات المتحدة في التعامل مع المصطلح. وتنص تقريباً على ما يلي: الاستخدام المحسوب للعنف أو التهديد بالعنف من أجل بلوغ أهداف سياسية أو دينية أو أيديولوجية في طبيعتها، عبر الرعب أو القسر أو غرس الخوف.
ينقص التعريف بالطبع الإشارة إلى المدنيين دون العسكريين، لكن لا يغدو ذلك ضرورياً إذا تذكرنا أن الولايات المتحدة تندد بالإرهاب الفلسطيني أو إرهاب حزب الله الموجه إلى الجنود الإسرائيليين. وقد بدأت الآن تندد بإرهاب المقاومة العراقية ضد جنودها. ولذلك فإن من الخير للغة السياسية الأمريكية أن تعد استخدام العنف أياً كان " ضحاياه " إرهاباً. ومن الممكن القول من الناحية الواقعية أن الإرهاب بالنسبة للأمريكيين هو كل عمل عنيف موجه ضد أمريكا ومصالحها المدنية أو العسكرية، والذي يقع من قبل أشخاص ليسوا أمريكيين. ويستحسن بالطبع أن يكونوا عرباً أو مسلمين أو من العالم الثالث إجمالا. وهكذا يصبح جلياً أن مقاومة أمريكا أياً كانت أسبابها تعد إرهاباً صريحاً لا لبس فيه.
ربما يجدر بنا هنا محاولة تقديم معنى كلمة عنف. إنه ممارسة الأذى الجسدي أو النفسي بغرض إرغام الخصم على تنفيذ إرادة مستخدم العنف. وإذا كان هذا التصور مقبولاً، فإن من العبث حقاً استثناء الحروب " المشروعة " أو " القانونية" من دائرة العنف، لأنها بالطبع إنما تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية عبر القسر المادي أو النفسي. وعلى الرغم من ميل المفكرين في العالم "الحر" إلى التمييز بين قوة الدولة وجيشها كأساس مشروع للعنف وبين عمل الجماعات " الإرهابية " التي تعمل في السر، فإننا في الواقع نجد التميز ينصب على درجة قوة وفاعلية العنف، وليس على طبيعة السلوك نفسه. وهو تمييز يرتكب فيما نزعم مغالطة واضحة هي تجاهل المطلوب وكذلك المصادرة على صحة ما ينبغي إثباته. إن التمييز السالف الذكر هو في الواقع تشريع لعنف الكبار الأقوياء وتحريم لعنف الصغار والضعفاء.
يروى أن الاسكندر المكدوني سأل قرصاناً يجوب المتوسط: " كيف تجرؤ على إزعاج البحر ؟ بل والعالم كله؟ " فأجابه القرصان على الفور: " لأن معي سفينة صغيرة فإنني لص، أما أنت فلأن معك أسطول كبير، فإنك ملك."
لندع إذن هذا الفرق جانباً وندفع المناقشة قليلاً إلى الأمام عبر الحفر أكثر في مصطلح العنف السياسي. يتميز العنف السياسي بأنه يسعى إلى السلطة ويوجه تركيزه نحو قضايا عامة تتعلق بالجماعة ككل. ولذلك فإنه يعد ممارسة غير شخصية ولا تستهدف الأفراد لذواتهم وإنما لأدوارهم ومواقعهم. ولأنه مهتم بقضايا عامة فإن العلانية جزء أساس من تكوينه بغرض نشر القضية التي يتبنى. ولذلك فإن اضطرار من يمارس العنف إلى اللجوء إلى أساليب حرب العصابات وطرق العمل السري لا يتناقضان مع وجود جناح سياسي يسعى إلى دفع القضية إلى واجهة الإعلام الجمعي.
ويرى البعض أن من أهم ما يميز الإرهاب هو رمزيته، بمعنى أنه غير مقصود لذاته ولكنه يحمل رسالة تحذير إلى ضحايا محتملين بحيث يعتقد الجميع أن دورهم سيأتي عما قريب فيتحركون باتجاه يدعم مطالب " الإرهابيين " للتخلص من حالة الاضطراب وعدم الطمأنينة والتهديد الدائم التي يرزح الجمهور تحتها.
ومن الواضح أن للسرية دورها في فعل حرب العصابات. ولعل لحظة وقوع الفعل ذاتها تشهد ثلاثة أطراف على مسرح الحدث: الفاعل والضحية والمشاهدون الذين تستهدفهم الأعمال " الإرهابية " أكثر من الضحية ذاتها، لأن المقصود هو التأثير في نفسية وسلوك المشاهد باعتباره ضحية قادمة محتملة.
لكن هل شرط السرية هو فقط ما يجعل الفعل إرهاباً؟ بمعنى: ألا يمكن تصنيف إلقاء القنابل النووية على اليابان فعلاً إرهابياً. ألم يكن معظم الضحايا من المدنيين؟ وهل نستطيع نفي صفة الإرهاب عن العقوبات الجماعية التي تفرضها الدولة العبرية بحق الشعب الفلسطيني؟
الجواب الأمريكي هو بالطبع أن الإرهاب ليس صفة يمكن نسبها للدولة مهما يكن ما تفعله الدولة مخالفاً للقوانين الدولية. وقد كنا سنظن أن التعريف الأمريكي قد استقام أخيراً لولا أننا نجد الدولة-الشرطي تعاقب الدول التي تمارس " الإرهاب " أو حتى تمتلك أسلحة غير مسموحة..الخ وهذا يعيدنا مكاننا بخصوص الإفلاح في تقديم تعريف للإرهاب يوافق عليه الناس في النصف الشمالي من الكرة. وإذا كنا لن نتوصل مع أهل هذا الجزء من العالم إلى فهم مشترك فإن علينا أن نذهب إلى الجهة الأخرى من العالم، أي عالم الفقراء. هنا يتذرع " الإرهابي " دائماً بأن " الإرهاب " هو الوسيلة الوحيدة المتاحة للرد على المظالم التي يتعرض لها. ولعل الحالة الفلسطينية تدل دلالة بالغة على مدى جدية هذا التسويغ. فقد جرب الفلسطينيون المقاومة المسلحة ضد أهداف عسكرية ولو بشكل محدود،. ثم جربوا العصيان المدني والانتفاضة ثم جربوا المفاوضات، ثم برزت جماعات تقوم بأعمال عنف ضد المدنيين الإسرائيليين. والحقيقة أن موقف إسرائيل المدعوم أمريكياً قد ظل جوهرياً يتمسك بإنكار حقوق الشعب الفلسطيني ورفض الاعتراف بمشروعية نضاله أياً كان الشكل الذي يرتديه. ويمكن لنا أن نضيف كيف أن شارون قد قام طوال العامين الأخيرين بتصفية النشطاء الفلسطينيين بما شمله ذلك من مصرع مدنيين " أبرياء " لا علاقة لهم بما يحدث من عنف متبادل، وكذلك تصفية نشيطين في الأجنحة السياسية للفصائل المقاومة. وكان على الشعب الفلسطيني أن يلتزم بهدنة من طرف واحد مهما فعل شارون، فإذا حصل رد فعل ضد أهداف عسكرية أو مدنية في إسرائيل خرج العالم " المتحضر " عن صمته ليدين الإرهاب الفلسطيني. وقد استخلص البعض نتيجة مفادها أن الفلسطينيين هم بين فكي كماشة قياس إحراج من الطراز الأول خلاصته أن عليهم الاختيار بين تهمة الإرهاب أو الاستسلام التام دون قيد أو شرط.
يذهب أنصار وأصدقاء المقاومة الفلسطينية وغيرها من حركات التحرر والمقاومة أن إرهاب الدولة هو الإرهاب الأشد هولاً وانتهاكاً لكل القيم. ويصرون على ضرورة التعامل معه بجدية تامة إذا كان للغة أن لا تكون قناعاً إيديولوجيا مليئاً بالثقوب التي تكشف العورة في الوقت الذي تسعى فيه إلى سترها. ويمكن تعريف إرهاب الدولة بأنه استخدام أجهزة الدولة التي تتسم بالقدرة على الإكراه والعنف ضد المدنيين بغرض إضعاف إرادتهم وإصرارهم على المقاومة. ويمكن في هذا السياق التفكير في إرهاب الدولة الموجه بغرض إجبار الناس على الهجرة أو التخلي عن أراضيهم..الخ وكذلك يجب أن يعامل التعذيب والقيود على الحريات العامة عناوين لإرهاب الدولة الذي يستحق الرفض التام من قبل المجتمع الدولي وقوانين ومواثيق الأمم المتحدة.
ومرة جديدة نجد أنفسنا أمام سؤال يبدو مستعصياً: كيف نسوغ العنف أخلاقياً وقانونياً؟ أي متى نعتبر العنف مشروعا ومتى نعتبره إرهاباً؟ يبدو أن الدولة تحتكر العنف المشروع. وبالتالي يصبح كل عنف خارج إطار النظام-الدولة إرهابا. لكن وكما لاحظنا مؤخراً فإن الدولة أيضاً نوعان: هناك الدول المارقة التي تعتبر أفعالها إرهابا وهناك الدول " الشرعية " ورمزها الولايات المتحدة ، وعنفها بالطبع أخلاقي وقانون معاً.
هكذا يتضح لنا من جديد صعوبة التوصل إلى تعريف للإرهاب انطلاقاً من الطريقة الأنجلوسكسونية في التفكير. وعليه نظن أن علينا التقدم بتعريفنا القادم من الجنوب.
إن الفعل أخلاقي بقدر ما هو ملتزم بقضية عادلة. ويجب أن لا يعني ذلك الميكافيلية. إن القضية العادلة تستلزم أساليب أخلاقية في المقاومة. ولكن ذلك بالطبع يجب أن لا يصل إلى مستوى تطبيق تعاليم المسيح: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر. باعتبار أن العنف شيء غير مستحب من حيث المبدأ. إننا للأسف نعيش عالماً كلمة سره الصراع العنيف على المصالح. والقوة هي الطريق المفضلة في فض الخصومات والنزاعات. وإذا تبنى أصحاب القضايا العادلة طرقاً أخلاقية في المقاومة بينما يتبنى عدوهم كافة الأساليب الشيطانية فإنهم يتحولون إلى محاربين من طراز دون كيشوت يعيشون خارج العصر. ولذلك فإن على المقاومة أن تلتزم بالمبادئ الإنسانية والأخلاقية في الصراع لكن مع التزام الطرف الآخر بتلك المبادئ وليس جانب المقاومة فحسب. وربما أن تجربة حزب الله نموذج يحتذى في هذا المضمار:" فإذا كان العدو يريد إدخال المدنيين إلى معادلة الصراع أدخلناهم، أما إذا وافق على إبقائهم بمنأى عن ويلات الحرب فذاك غاية ما نريد." وعلى العكس فمن الواضح أن موافقة حزب الله على تلقي الضربات دون رد هي مما يثلج صدر الإسرائيليين. وهو ما عاشه لبنان منذ عام 1970 وحتى حدود 1985: غارات إسرائيلية على جنوب لبنان ووسطه وشماله، يقابلها استنكار عربي وشكاوى للأمم المتحدة. ولم يستفد لبنان كما هو معروف أي شيء.
ولكن مثل هذه التجارب بالغة الدلالة لا تثني أشخاصاً مثل تشومسكي عن هجومهم على " الإرهاب ". وهم يعتبرون أن الأفعال الإسرائيلية لا تكفي لتسويغ المقاومة-الإرهاب الفلسطيني. وعلى الرغم من علمهم أن وجود إسرائيل ذاته كان اعتداء على الشعب الفلسطيني عندما هجر معظم أبناء ذلك الشعب – حتى لو اعتبرنا أن قيام الدولة العبرية في ذاته أمر شرعي كما يرى الناس شمال الكرة- فإن ذلك كله لا يسوغ العنف الفلسطيني. ومع ذلك يسجل تشومسكي أن الانتفاضة التي يؤيدها قد فشلت فشلاً ذريعا. ويخبرنا الرجل أن امتلاك الفلسطيني قوة تشبه قوة حزب الله ليصبح أقدر على إلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلي سوف يقود فوراً إلى مجازر واسعة من قبل إسرائيل. ونحن نتفق معه في هذا التنبؤ، لكن ما نختلف معه فيه هو النتيجة التي يتوصل إليها والتي نصوغها من جانبنا بكلمة: على الفلسطيني أن يستسلم ويرضى بالأمر الواقع مهما يكن. طبعاً في الجانب الآخر يقول الناس أشياء مختلفة. فأسامة حمدان الناطق الرسمي باسم حماس في لبنان يرى أن المقاومة في حد ذاتها فعل أخلاقي رفيع المستوى، لأنها تضحية فردية وجماعية. ونضيف على كلامه أن الاحتلال هو بحد ذاته إرهاب من الطراز الأول يجدر مقاومته بكل السبل. وفي حالة المستوطن الإسرائيلي على أراض عربية فلسطينية يواجهنا منطقياً أغلوطة القياس بالمقارنة analogy: إذ ليس المستوطن مدنياً إلا من حيث الملابس. ومن العبث اعتباره مدنياً كما سكان لندن أو باريس. وحتى في إسرائيل ينظر الكثير من سكان الدولة العبرية إلى مستوطني الضفة على أنهم ليسوا مدنيين بالمعنى الكامل. علماً أننا نظن أنه من حيث الأسس لا يوجد مجال للحديث عن مدنيين ها هنا أبداً، لأن سكان الدولة مستوطنون أولاً وقل كل شيء.
نعرف بطبيعة الواقع والحال أن العدالة المطلقة أمر غير ممكن. ولا نرغب في جعل الأصول مسوغاً للحاضر مهما ابتعدت في الماضي. نظن على العكس أن هذا ضرب من الجنون يذكر بحماقة مناحيم بيغن عندما قال أن طيرانه قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 رداً على ما فعله نبوخذ نصر الثاني من سبي لليهود سنة 586ق.م. ونظن أن أفعالاً من نوع الاعتداء على البرجين التوأم في نيويورك ليست أفعالا سائغة أخلاقياً ولا قانونياً. وذلك لا علاقة له بكون الولايات المتحدة مسؤولة كدولة ونظام سياسي عن ويلات ومصائب شعوب كثيرة. المهم هنا أن الفعل ضد البرجين لا يبدو كجزء من فعل سياسي ثوري ضمن خطة واضحة للتغيير. ولذلك فإن مشروع المقاومة الذي هو أخلاقي بالضرورة غير مطروح هنا. وذلك لأن مشروع المقاومة هو خطة ثورية عقلانية وواقعية على السواء. ومن الواضح أن الهجوم على البرجين قد أضر بكل قضايا الثورة. وهو في الأساس فعل انتقامي أو فعل من نوع "فشة الخلق" وليس ذلك من الفعل الثوري في شيء.
هناك من يميل إلى التفرقة بين المقاومة والإرهاب انطلاقا من معيار المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة. فحسب اتفاقيات جنيف مثلاً ينظر إلى حرب العصابات المشروعة بأن لها قائد معروف، كذلك يلبس أفراد الجماعة زياً موحداً بينما الإرهاب يكون متخفيا. ومن البين بذاته أن هذه التفرقة شكلية وتعتمد أساساً على مدى قوة "المقاومة" وقدرتها على الإعلان عن نفسها. كما أن الموقف الدولي يمكن أن يتغير من لحظة إلى لحظة. ويجب أن نشكر زمن العولمة خصوصاً بعد 1990 الذي سمح لنا بمشاهدة انقلاب المفاهيم والمواقف بحسب الرغبة الأمريكية. وهو ما سمح بتحول الضحية إلى إرهابي. ومن ذلك تحول حزب الله إلى حركة إرهابية، وهو الذي يدافع داخل حدود لبنان بالذات عن أرضه ضد الآلة العسكرية الإسرائيلية الضخمة.
في لقاء مع مجلة الآداب – عدد كانون-شباط 2002- يؤكد تشومسكي أن المزارع المستوطن في الضفة الفلسطينية هو مدني حتى لو كان يحمل سلاحاً. وهكذا يصبح الفعل المقاوم ممنوعاً منعاً باتاً. ولا نعرف إذا كان تشومسكي يسمح للفلسطيني أن يلقي بجسده العاري تحت جنازير " المركفا " أم أنه سيعد ذلك إرهاباً.
في بعض الأوقات بدا أن المجتمع الدولي منحاز ضد جماعات المليشيا لمصلحة الدولة انحيازاً نهائياً. وذلك لأن سيادة الدولة خط أحمر غير قابل للتجاوز. ولذلك كان على المقاومة المطالبة بحق الاستقلال وتقرير المصير أن تكافح مطولاً لتقنع الناس بمشروعيتها. ولعل حروب التحرير في القرن العشرين نموذج لذلك. لكن في الألفية الثالثة اتضح أن استعمال القوة هو احتكار الكبار بامتياز وتحديداً هو ماركة مسجلة باسم الولايات المتحدة . ولذلك فإن علينا أن نستخلص مع ريتشارد فالك – الآداب العدد المذكور ص46-: سُينظر دائماً للطرف الأضعف على أنه مسؤول عن العنف على الرغم أنه هو الضحية.
ملاحظة: الكاتب أكاديمي فلسطيني يقيم في رام الله.