|
واقع الطفولة في العراق وسبل الخلاص
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 11:09
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
يعاني الأطفال العراقيون ، من واقع معتم شديد الظلام ، ومن سلسلة طويلة من انعدام الحقوق ومواصلة الانتهاكات ، ومن تعثر الجهود في إيجاد بدائل للحياة المتدهورة ، التي يعيشها الأطفال في العراق في مختلف الميادين. فمن سياسة دكتاتورية ، زجت البلاد في أتون حروب شرسة ، ضد الإخوة والجيران ، لم يكن لها دافع وطني ، ومن تشريد أعمى ، لكل المعارضين لتلك السياسة ، ونفي الآلاف من خيرة الكفاءات العراقية ، وإعدامات لم يشهد لها مثيل، في محاربة كل جميل ، هذه السياسة الدكتاتورية ومجيء الاحتلال الأمريكي ، لتحقيق مصالحه في الهيمنة ، على مقدرات الشعوب العربية ، وعدم السماح في تكوين قوة كبيرة ، قد تنافس إسرائيل في المنطقة ، كل هذه العوامل أدت الى نتائج كارثية ، في الواقع العراقي ، تكاثرت الأمراض الخطيرة بسبب الإشعاعات ، وتزايدت أعداد الأرامل والأيتام ، بشكل يمثل فجيعة كبرى ، تهدد الحياة العراقية ، وتقضي على التطلعات الطيبة ، في انبثاق حياة آمنة ، على أنقاض ذلك الخراب. الطفولة في العراق تعاني من أمراض كثيرة ، لابد من إيجاد العلاج الناجع لها ، قبل فوات الأوان ، من يتم وفقدان الحنان الأبوي ، والرعاية الامومية ، ومن شحة في القدرات ، على تلبية الحاجات الأساسية ، ومن حرمان شبه كامل ، من الأصدقاء ومن الهوايات ، ومن تدهور الصحة النفسية ، والجسدية نظرا لمعاناة طويلة ، وحرمان من مصادر الدخل والأمان النفسي ، و عدم القدرة على إيجاد العلاج ، بسبب إجبار الأطباء على الهجرة ، او الاغتيال برصاصات طائشة ، لا تريد للعراق أن ينهض من جديد ، من رقاده المفروض عليه. فماذا يمكننا ان نفعل لإيقاف ذلك التدهور ، في حياتنا على جميع الأصعدة ؟ وكيف يمكن للقلوب المخلصة للعراق ومستقبله ، أن تساهم ولو بأضعف الإيمان ، للتصدي لذلك الإصرار العجيب ، على اقتلاع أي أمل في نهوض العراق ،والعودة إلى ينابيع الخضرة من جديد ؟ أليس واقعنا الأليم هذا ، يدفعنا إلى التفكير بسبل للخلاص ؟ وكيف يمكننا إنقاذ أرواحنا ،مما يراد لها ، من يتم وتدهور ، وحرمان من الحب والحنان والأمان ، أليس من واجبنا أن نفكر ، بطرق إنقاذ طفولتنا البائسة ، من واقع شديد التعاسة ؟ نترك الماضي يولي بجراحاته الكثيرة ، ونفكر ان نصنع المستقبل ، عله يكون أكثر إشراقا ، من ماض تعيس مظلم ، وقد تعلم العراقي ، أن يبدأ من الصفر كل مرة ، وان يعيد النهضة ، وان يساهم في إرواء الشجرة ،التي حاولوا اقتلاعها ، لكنهم فشلوا ، وسوف يواصلون هذا الفشل ، لو كان في العراق ، أياد متفقة على إنقاذ الطفولة ، والمساهمة في صنع حياة باسمة لها ، كما هو الحال في كل ديار المعمورة. علي مفكرينا وكتابنا ، ان يجدوا الطرق في إنقاذ طفولتنا ، من سياسة التنكيل والحرمان ، وان يعيدوا لأطفال العراق حياتهم الآمنة ، وأسرهم المتعاونة المتآلفة ، التي توفر كل حاجات الإنسان السوي ، من حب وحنان ، وتعليم اقتصاد وترفيه ، ومن تعزيز الثقة بالنفس ، التي سلبت ، ومن نظرة مطمئنة الى المستقبل ، الذي يجب ان يكون أكثر إشراقا ، من اليوم التعس ، والأمس المظلم ، لنفكر في إيجاد الطرق الناجعة ، تعيد الحياة لأطفال العراق اجتماعيا ، وسياسيا واقتصاديا ، وثقافيا ونفسيا ، وكل من هذه الميادين ، تتطلب تضافر الجهود وإمعان الفكر ، والرغبة الجادة. تعتني الأسرة بحياة الطفل، وتوفر له ما يحتاج له من أساسيات ، وتغرس فيه حب النفس ، واحترامها وتقدير الآخرين ، وحب التعلم والوطن والرغبة في العمل والإحسان فيه ، وان يدرب منذ الصغر على احترام الرأي الآخر ، ليس نظريا فحسب ، وإنما عمليا أيضا ، بان يجد نفسه في بيئة تحترم اختلاف الآراء ، وان نعود إلى ماضي تعلمينا العراقي ، حين كانت هناك مكتبات عامة ،في كل مدرسة ، وكل منطقة سكنية ، وان كان هذا الأمر مقصورا على العاصمة بغداد ، فانه يجب ان يعمم ،على كل العراق ، لتكون الثقافة عامل بناء ، ويتعلم الطفل العراقي كيف يقرا الكتاب ، قراءة نقدية واعية ، وألا ينحاز إلى وجهة نظر الكاتب ، بدون إعمال فكر ووعي ، وان تحترم المدارس عقلية الطفل ومداركه ، وان تخلو الكتب المدرسية ، من أفكار التعصب وموالاة الاعتداء ، وتغليب القوة الجسدية ، على القوى الروحية والعقلية والنفسية ، كما يجب الاهتمام بالأنشطة اللاصفية ، وان يقبل عليها الطفل طواعية ، دون فرض او إكراه ، وعلى المربين ان يشجعوا الإبداع بكل ألوانه ، الأدب : شعرا ونثرا ،والفن، رسما وموسيقى ومسرح ، الذي يجب ان يأخذ العناية الواجبة ، من المسئولين عن تربية الطفل ،والقائمين عليها في العراق ، وان تخصص المبالغ المناسبة ، لتشجيع القدرات الإبداعية ونشر الجيد منها ، وإعفاء الأطفال من التكاليف المالية ، كما يجب الاهتمام بغرس المبادئ الجميلة ،التي تحترم الحياة وتدعو الى النضال ، من اجل تحسين ظروفها، وان نبتعد قدر الإمكان ، عن ثقافة الموت والدمار او تشجيع سياسة العنف وإلغاء الآخر.ماديا ومعنويا ، وقد ننجح وليس من المحاولة الأولى بأن نساهم قليلا في إنقاذ الطفولة العراقية.
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق المرأة بين الحقيقة والضلال
-
العلاقة بين الابداع والمتلقي
-
قراءة في مجموعة قصائد نثرية
-
حوار مع الشاعر علي عطوان الكعبي
-
ترجمة الابداع بين الضرورة والمصالح الفردية
-
التراث والمعاصرة : اية علاقة ؟
-
وضع المعلم العراقي خارج العراق
-
التبعية ذلك الارث الثقيل
-
الابداع النسائي والمعوقات
-
الأرامل العراقيات منسيات
-
مجتمع القرود
-
المدونات والاضافة التي يتطلع اليها القاريء
-
أطفالنا العراقيون وطفولتهم الضائعة
-
شاعر التفاؤل والشباب وقهر الصعاب
-
أبناء أبرار
-
عيد الطبقة العاملة العراقية
-
التاسع من نيسان : ماذا حمل للعراقيين ؟
-
أما أن لهذا العنف أن يزول ؟؟
-
التشخيص : قصة قصيرة
-
شاعر شغل الناس
المزيد.....
-
فيديو.. أسرى محررون يروون ثلاثية -التعذيب والتجويع الإذلال-
...
-
المغرب.. اعتقال منفذي عملية اختطاف سيدة بطريقة -هوليودية-
-
سوريا.. إلقاء القبض على مسئول أمني سابق ارتكب جرائم قتل وتعذ
...
-
معاناة الأسرى المفرج عنهم بسبب التعذيب والتنكيل داخل سجون ال
...
-
الجزيرة نت تفتح ملف المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني
...
-
المرسوم الرئاسي وملف الأسرى
-
عدالة القضية الكردية وتطلعاتها المشروعة
-
صمود المقاومة أركع العدو الصهيوني الأميركي مجددا في صفقة الأ
...
-
وكالة الاونروا: 40 ألف فلسطيني اجبروا على مغادرة منازلهم بال
...
-
وكالة الاونروا: لا توجد وكالة اممية اخرى قادرة على تقديم الخ
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|