|
مجتمع مدني و فلسفة نظام حكم جديد في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2350 - 2008 / 7 / 22 - 10:34
المحور:
المجتمع المدني
يقول الدكتور علي الوردي في كتابه لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ( اننا- في هذه المرحلة المتازمة من تاريخنا - في اشد الحاجة الى التوازن بين دافع الحماس و دافع الموضوعية في انفسنا، فليس من الخير ان يسيطر الحماس على تفكيرنا دوما ، كما انه ليس من الخير ان تخلو قلوبنا من الحماس! ) . من هذا المنطلق الموضوعي ان نظرنا الى العراق اليوم و التغيرات الجذرية الحاصلة فيه ، يظهر لدينا انه يتسم بالعديد من التناقضات في كيانه و كينونته، ماذا في جعبة النخبة من الخطط و الافكار و مستوى حماسها لتحديد الاولوية الواجبة العمل عليها لارساء الاساس الاول لبناء دولة العراق و ازالة العوائق امام تقدمه و تنفسه الصعداء بعد الفترة العصيبة التي مرَ به، و العبور الى ضفة الامان بعلمية و عقلانية . نحن هنا لسنا بصدد رصد و بيان الاحداث التاريخية و مؤثراتها على كافة جوانب الحياة الاجتماعية السياسية الاقتصادية الثقافية في العراق، او لفهم كل عهد بما مرًو تغيًر مما كان عليه، و بان تاثيراته في المراحل التالية من جراء المؤثرات الخارجية او الداخلية و خاصة استفحال الصراعات القومية و الطائفية و تاثيراتها على سلوك و اخلاق و اداب العراقيين وعلى المد الحضاري و البدوي من مكونات الشعب العراقي العشائري و القبائلي و عهود نشر الثقافة و الفنون و الحضارة و مستوى الوعي الجماعي في العهود السابقة من الاحتلال و الانتداب و الاستقلال . انما نحن نعيش في فترة بناء دولة جديدة خارجة للتو من تحت قبضة الحديد و النار، ما الاهم و ما المهم من الاسس المفروض ارسائها من اجل توفير الارضية الواسعة و الملائمة لبناء عراق القرن الواحد و العشرين، عراق ديموقراطي بكل معنى الكلمة و مثال و نموذج هام في بناء دولة الرفاه و القانون ، دولة من الجميع و للجميع، دولة الخدمات العامة و المساواة، دولة التعددية و الحريات، الدولة الشرقية التقدمية العلمانية في الوسط المعقد، دولة تعمل من اجل تقارب الطبقات و الغائها، دولة الثقافة و الحضارة . كل تلك المقولات تبقى شعارات نظرية وخيالية لو لم نعمل بالدقة و الحماس المطلوب، انه الوقت الملائم الذي يحتاج الى خطط و منفذين من عقلاء و مدبرين، و لكن يجب ان يعلم الجميع ان هذه الاهداف الاساسية لا تتحقق بين ليلة و ضحاها . لب و جوهر ما نقصده هو معرفة اهم الاسس و اولها التي يتفق عليه الجميع على ان الدولة الحديثة التقدمية و فلسفة حكمها لا ترسى من دونه وهو ضمان الحرية التامة و الديموقراطية في العمل و كيفية الالتزام بها في كل مجالات الحياة ، ومن بمقدوره العمل على هذا المنوال بدون ملل . و في هذا المجال ايضا يمكننا الاعتماد على ما توصل اليه الدكتور علي الوردي في بحوثه و قرائاته الصادقة الواقعية للشخصية العراقية الاجتماعية لتحديد من هم الذين يمكنهم العمل بصح و صحيح و ما يفيد هذا العهد لبناء كيان دولة جديدة عصرية تقدمية ، و لكن مع الاسف ممتلئة بالامراض الاجتماعية العديدة التي من الواجب تشخيصها و محاولة تهميش الموبوئين بها في الوقت الحاضر لحين علاجهم، و توكيل العمل و الواجب على الاصحاء غير المرضى و هم النخبة المتفهمة للحياة و الانسانية . من المعلوم ان الدكتور الوردي اعتمد في تفسير المجتمع العراقي مستندا على ثلاث فرضيات رئيسية و هي ازدواجية الشخصية و صراع البداوة و الحضارة و التناشز الاجتماعي و هي الفرضيات المرتبطة مع بعضها ، و الفرد المتربى في هذا النوع من المجتمع يتصف بما في المجتمع من الصفات العام ة. و بعد مجيء الافكار و الجديدة الغربية الاصل و في اكثر الاحيان متناقضة مع الوضع الاجتماعي العام و ما استقر فيه من العادات و التقاليد الشرقية ينتج الخليط الغير المتجانس من السمات الجديدة، و عليه لابد من انتاج فرد تقدمي فيه معالم العصر و له الخبرة الكافية مما فيه المجتمع العراقي من الخصائص بحيث يوائم ما بين الموجود مع ما مفروض ان يتواجد و الوسيلة التي تترسخ بها الافكار الجديدة العصرية من دون افراز السلبيات الثانوية في تطبيقاتها معتمدا على المباديء الاخلاقية و الفكرية المطعمة بين القديم و الجديد، و هذا ما يحتاج الى الفرد العلماني التقدمي الاكاديمي و الباحث الذي له باع طويل في معرفة ما في زوايا و اركان هذا المجتمع للعمل على ازالة المخلفات بعقلانية و تاني و بحماس غير مفرط من اجل تدرُج في التقدم السُلًمي من غير الفوضى . عند قراءة الوضع الحالي يتبين لدينا ما نحتاجه من نوع الحكومة و خطة العمل و الوسائل و النقطة التي يجب ان تتدخل فيها الحكومة بشكل رادع و اي نقطة اخرى يجب ان تتاح الحرية الكاملة للشعب في اتخاذ قراره و يجب ان تستند الحكومة على تحديد القيم الاجتماعية و الزمن و الالية لتدخلها في الوقت الملائم لعدم نشر الفوضى، و في اي وقت يجب ان يُرتخى مقود القيادة لعدم التحول الى المركزية المقفلة لباب الحريات العامة، و كيف تعمل المؤسسات و من ضمنهاالحكومة ذلتها في التعريف بالمفاهيم و نشر الوعي الاجتماعي و الثقافي المعاصر الخاص بالمجتمع العراقي، و العمل على ابراز و اظهار قيم موجودة في المجتمع و مختفية لاسباب سياسية او ثقافية او تاريخية نتيجة العهود الظالمة السابقة بحيث تلائم الحضارة و القيم التقدمية المعاصرة لبناء دولة العراق الجديدة، و العمل على الطرق المثالية للحكم و بسط سلطة القانون . ان النزاعات المتغلغلة في كيان و اخلاق وافكار الفرد و المجتمع العراقي خلال العهود ، لا يمكن ان تلغى بسرعة كما نريد من الناحية العاطفية، و لكن اننا نعلم انها تتضائل و تنطفيء بريقها بالعمل على الجانب الايجابي التقدمي الملائم العصري في هذه المرحلة، و كما نعلم انها تظل كامنة في اعماق الفرد العراقي و هو يتربص الفرصة الملائمة السانحة لاخراجها الى العلن، الا انها يمكن ان تنطفيء نهائيا بتعدد و تسلسل الاجيال المتعاقبة ، و اكثر هذه النزعات غريزية مضرة و مخلة بالمزايا الحسنة للمجتمع . من كل ما سبق من معرفة الجوانب الاجتماعية الثقافية الفكرية للمجتمع العراقي و ما موجود في مكانه و ما يتضارب مع القيم الجديدة في العالم المعولم و مؤثرات القيم المختلطة القديمة الجديدة، لابد ان نشخص الاولوية للحكم الجديد في العراق، انها الحرية و الديموقراطية الواقعية و الممكن القول ذات الخصوصية العراقية لارساء اهم اساسين لبناء الدولة و لضمان الحد المقبول من العدالة الاجتماعية المساندة لتحقيق جميع الاهداف المنشودة للوصول الى المساواة و الرفاه و العيش الرغيد و لترسيخ الحرية و الديموقراطية العراقيةالمنشودة.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحتاج الى الاشتراكية ام الليبرالية في العراق اليوم?
-
نعم انها انسانة حقا
-
الاحساس بالاغتراب رغم العيش بحرية في الوطن
-
الشعب العراقي بحاجة الى الحب و الحرية و الحماس و الحكمة في ا
...
-
من هم دعاة حقوق و حرية المراة؟
-
حذار..............مازال امامنا الكثير
-
التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان استنادا الى قرارات محكمة د
...
-
سالني استاذي عن جاويد باشا
-
ما دور اقليم كوردستان في دعم استتباب الامن و ترسيخ السلم الع
...
-
من اجل قطع دابر الدكتاتورية في العراق
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة السلام
-
من اجل اجتثاث ظاهرة التهجير من جذورها
-
المجتمع العراقي بحاجة ماسة الى ثقافة الحوار
-
اين اليسار الكوردستاني في الوضع الراهن
-
العراق و ثقافة الخوف
-
الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
-
من يفوز في مرحلة مابعد الراسمالية
-
رسالة الى المراة العراقية
-
سلطة اقليم كوردستان العراق تلغي دور الشعب
-
تدويل القضايا العراقية لمصلحة مَن؟
المزيد.....
-
الأونروا: الأوضاع الصحية بغزة متدهورة.. وأجساد المواطنين لم
...
-
اعتقال البطل المغربي بدر هاري في أمستردام
-
الجامعة العربية تبحث ملف الأونروا
-
بيان عربي جديد ضد قرارات إسرائيل بحق الأونروا وتهجير الفلسطي
...
-
الجزيرة نت تكشف مصير الأسرى الفلسطينيين المبعدين إلى الخارج
...
-
أوكرانيا تطالب بإنقاذ أسراها من عمليات الإعدام الروسية
-
مستوطنون يقتحمون مبنى الأونروا في حي الشيخ جراح بالقدس المحت
...
-
مستعمرون يقتحمون مبنى -الأونروا- في حي الشيخ جراح
-
الجامعة العربية: حظر الأونروا يقوض أسس حل الدولتين
-
غدا.. اجتماع اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان في دورتها
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|