أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فتحي رشيد - قراءة نقدية في وثيقة جنيف















المزيد.....



قراءة نقدية في وثيقة جنيف


فتحي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 727 - 2004 / 1 / 28 - 06:45
المحور: القضية الفلسطينية
    


(1)
خدعة المكان
ارتبط اسم سويسرا وخاصة عاصمتها السياحية جنيف خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها بالحياد والإنصاف والعدل.
والحقيقة هي أن سويسرا وجنيف بالذات هي أبعد ما تكون عن الحياد والعدل المزعومين فالجميع يعرفون أن سويسرا هي جزء من النظام الرأسمالي العالمي وتتركز فيها أكبر البنوك العالمية التي يسيطر عليها المصرفيون اليهود. مثل بنك UPS. (اتحاد البنوك السويسرية) وبنك كريدت أوف سويسرا فرع آل روتشلد في سويسرا (من العشرة الأوائل) والجميع يعرفون أن سويسرا تعتمد في اقتصادها على الأعمال البنكية والمعرفية بالدرجة الأولى ثم السياحية وأخيراً الصناعية.
وفي هذا البلد يتم تصنيع كثير من المعدات الحربية التي تدخل في صناعة الأجهزة الحربية التي تصدر بصورة خاصة إلى إسرائيل مثل الأقنعة الواقية والبنادق القناصة التي يتم فيها قتل العرب والفلسطينيين. وما لا يعرفه الكثير من الناس أن سويسرا تعتبر أكثر البلدان الأوروبية استيراداً للمواد الزراعية والفواكه المنتجة داخل إسرائيل والتي تباع فيها بأعلى الأسعار حيث تؤمن لإسرائيل أكبر مدخول مالي باعتبار أن مستوى المعيشة المرتفع في سويسرا يؤمن أموالاً طائلة لإسرائيل (حيث يعتبر متوسط دخل الفرد الواحد شهرياً ثلاثة آلاف دولار أي ضعف ما هو عليه في بقية البلدان الرأسمالية مما يجعل من المتعذر على أي إنسان غير سويسري أن يقيم في سويسرا إلا إذا كان من أصحاب الملايين والمليارات).
وهذا ما يتيح لسويسرا استضافة كبار مليارديرية العالم وبخاصة أثرياء العرب والمسلمين لوضع أموالهم في بنوكها أو للاصطياف والسياحة مما يجعل اقتصادها قوياً.
والحقيقة أن اقتصاد سويسرا هذا البلد الصغير الذي لا يتجاوز عدد سكانه ستة ملايين نسمة والذي يتمتع بدخل مرتفع يقوم على وهم وخرافة إذ يستطيع أصحاب رؤوس الأموال اليهود إذا ما قرروا سحب رؤوس أموالهم أن يعيدوه إلى مستوى النمو الآسيوية المنهارة.
ولكنهم لا يفعلون ذلك طالما أنه يؤمن لهم ما يعجز الآخرون عنه وطالما أن الجميع حريصون على إبقاء هذا البلد مركزاً لاستضافة رؤوس الأموال الفائضة في البلدان المصدرة للنفط وكبار الملوك والحكام واللصوص في العالم أجمع حيث يستحيل على صغار البرجوازيين العيش في هذا البلد مما يؤمن للأثرياء  فقط وضعاً أمنياً ممتازاً بعيداً عن أعين شعوبهم.
والحقيقة التي لا يعرفها الكثير من الكتاب أن أكبر المراكز التجارية في سويسرا مثل اتحاد التعاونيات السويسرية COOP وفيجروس وغيرهما خاضعة لغرفة التجارة الإسرائيلية السويسرية.
إن صفة الحياد الكاذبة تتيح للإعلاميين والسياسيين والجواسيس والمصرفيين الصهاينة العمل على جميع الأطراف (الاشتراكيين والرأسماليين والمحايدين) وجميع أنواع المرتزقة واللصوص والهاربين من دولهم.
 
وما لا يعرفه الكثيرون أنه على الرغم من أن عدد اليهود في سويسرا لا يزيد عن 4% من عدد السكان إلا أن اليهود الصهاينة يسيطرون على أهم مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية لدرجة أن أحد رؤساء الاتحاد السويسري كانت امرأة يهودية اسمها روث دريفوس "حفيدة دريفوس" ألثير بعد أن أزيح الرئيس باسكال كوشبان قبل أن تنتهي ولايته الرسمية بسبب أنه قال "أن إسرائيل قامت وتقوم بابتزاز السويسريين عندما فرضت عليهم دفع مليار ونصف مليار دولار كتعويض عن أملاك اليهود الذين هم من اصل ألماني" إبان الحرب العالمية الثانية وأن الأب بيير وهو معادل للأم تيريزا قد أقيل من منصبه لأنه وجه انتقادات لإسرائيل.
وما لا يعرفه الكثيرون أيضاً أنه توجد في كل مقاطعة من المقاطعات (الكانتونات) السويسرية الأربعة عدد من المعابد اليهودية. وأنه تصدر في هذا البلد المجلة اليهودية العالمية باللغة الألمانية وعدد كبير من النشرات والصحف والدوريات التي يسيطر عليها الصهاينة وما لا يعرفه الكثيرون أيضاً أن قانون معاقبة معاداة السامية (كما هو في أغلب بلدان أوروبا) يفرض على من تثبت عليه هذه التهمة بالسجن من سنة إلى أربع سنوات وغرامة مالية كبيرة مما يجعل السويسريين يخشون توجيه أي نقد للصهيونية وبالتالي خاضعين لوجهة النظر الصهيونية المؤيدة لإسرائيل كما هو الحال في أغلب بلدان أوروبا والعالم حيث لا يستطيع أي فرد أن يشكك في المحرقة أو في السياسة الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال لا الحصر. تفرض في سويسرا غرامة مالية كبيرة على كل من يشير إلى اليهود أو الصهاينة أو إسرائيل بسوء حيث فرض على صاحب إحدى المكتبات التي عرضت (مجرد عرض) في واجهتها كتاب روجيه غارودي "الأساطير المؤسسة للصهيونية" غرامة مالية كبيرة جعلته يعلن إفلاسه ويغلق المكتبة.
وهذا يجعل من المستحيل على أي عربي أو مؤيد للعرب أن ينشر أي كتاب أو مقال أو أن يقيم أي مركز إعلامي لصالح القضية الفلسطينية. ولقد وجدت الصهيونية في سويسرا بلداً ملائماً تماماً لتمرير اتفاقيات كثيرة مثل اتفاقية لوزان وجنيف بسبب سمعتها كبلد محايد لأنها لم تشترك في أية أحلاف عسكرية شرقية أو غربية ولهذا وجدت الصهيونية فيها المكان الملائم لإقامة كثير من المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة بعد أن كانت مركزاً لعصبة الأمم المتحدة سيئة الذكر ولهذا السبب أيضاً شكلت سويسرا أرضاً مناسبة لعقد كثير من اللقاءات بين الشرق والغرب واستضافت وفود دول متحاربة وساهمت في صياغة اتفاقيات دولية كثيرة مثل اتفاقيات جنيف المتعلقة بأسرى الحرب واللاجئين (اتفاقية جنيف الرابعة) واتفاقية جنيف بين الأمريكيين والفيتناميين.
وبعد أن تم توقيع اتفاق جنيف عام 1975 الذي تم بموجبه إنهاء الحرب الأمريكية الفيتنامية أراد الصهاينة وعملاؤهم اتخاذها قاعدة لفرض مؤتمر السلام بين العرب والإسرائيليين بعد حرب تشرين لإيهام العالم من أن جنيف يمكن أن تكون أرضاً مناسباً لحل الصراع في الشرق الأوسط بالطريقة التي تم فيها إنهاء الصراع الأمريكي الفيتنامي مع الاختلاف الجذري والشامل بين الصراعين ولإيهام العالم أن إسرائيل دولة طبيعية كأي دولة أخرى في العالم.
لقد ارتبط اسم سويسرا في أذهان كثير من الناس والسياسيين والمفكرين بالغنى والرفاه وإمكانية التعايش بين القوميات والمذاهب المختلفة حيث تتعايش فيها أربع قوميات (الألمان والفرنسيون والطليان والرومان) وأصحاب ديانات كاثوليكية وبروتستانتية وأرثذوكسية ويهود ومسلمين (100 ألف مسلم).
ولقد ارتبط اسمها في أذهان ونفوس الكثيرين بالطبيعة الساحرة وبحيراتها الخلابة لذلك فإن مجرد ذكر اسمها يلهب خيال الطامعين في الرخاء والرفاه والمال والثروة والمتعة. ويتمنون زيارتها أو أن يعيشوا فيه ولو لأيام محدودة مهما كان الثمن الذي يمكن أن يدفعوه لقاء ذلك.
إن استضافة مدينة بال السويسرية للمؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية عام 1897 يزيل أية صفة حيادية عن هذه الدولة ويكشف حقيقتها كمرتع أساسي للصهاينة لقد أبت جميع الدول الأوروبية حتى المعروفة بموالاتها وخضوعها للصهيونية أن تستضيف ذلك المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية خشية أن يرتبط اسمها بذلك المؤتمر مما يسيء إلى سمعتها وعلاقاتها مع البلدان العربية في ذلك الوقت. ولقد ضاقت جميع مدن العالم عن استضافة المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية ولم تجد تلك الحركة غير بال سويسرا كي يعقد هناك مما يشير إلى أن ذلك البلد هو البلد الوحيد الذي رضي على نفسه أن يرتبط اسمه بالحركة الصهيونية جهاراً وعلناً.
والحقيقة أن سويسرا لم تنصف أحداً في العالم بقدر ما أنصفت الصهاينة حيث قدمت هذه الحكومة لإسرائيل مليار ونصف مليار دولار كتعويضات نتيجة لضياع أملاك بعض اليهود السويسريين من أصل ألماني مع أن سويسرا لم يكن لها أدنى علافة بالحرب وأذكر من فاته العلم أن محكمة سويسرية قدمت تعويضاً بملايين الدولارات لأخوين سويسريين من أصل ألماني لأن سويسرا رفضت استقبال والديهما أثناء الحرب العالمية الثانية مما اضطر هذين الوالدان إلى التخفي في شمال إيطاليا وهكذا تستطيع المحاكم السويسرية أن تنصف اليهود والصهاينة وتقدم لهم الملايين والمليارات لكنها تأبى على نفسها استقبال أي فلسطيني يطلب اللجوء الإنساني أو السياسي فيها.
تستطيع المحاكم السويسرية أن تنصف الصهاينة بكل جرأة لكنها تأبى على نفسها إنصاف الفلسطينيين ولو بالكلام مع أن اتفاقية جنيف الرابعة تتيح المجال لحكومتها أن تنصف ملايين الفلسطينيين الذين قامت إسرائيل بطردهم من بيوتهم وأراضيهم بالقوة. بعد أن دمرت قراهم وبلدانهم كما أن اتفاقية جنيف الرابعة تقر بحق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم إلا أنه لم يصدر عنها أي قرار يدين إسرائيل لرفضها إعادة أي فلسطيني واحد إلى بلاده.
والملفت للنظر أن الموقعين على وثيقة جنيف بعد أن داروا العالم كله برلين- مدريد- أوسلو- لندن- موسكو- لم يجدوا في غير جنيف سويسرا مكاناً مناسباً للتوقيع على هذه الاتفاقية التي تنهي الصراع العربي الصهيوني لمصلحة إسرائيل باحتفال مهيب ليعطوا انطباعاً عن حيادية وموضوعية وعدل تلك الوثيقة. وهو ما يشير أيضاً إلى أن كثيراً من الدول والعواصم المذكورة عندما رفضت أن يكون المؤتمر التأسيسي للحركة الصهيونية على أرضها رفضت أيضاً أن تكون الوثيقة أو الاتفاق الذي يتيح للصهاينة الهيمنة على المنطقة والعالم مرتبطاً باسمها. وهذا يؤكد أن بعض الدول تعتبر الوثيقة جريمة وإثماً تأبى أن ترتبط باسمها كي لا تدان في المستقبل من قبل شعوبها أو من قبل أحرار العالم.
أما البعض الآخر فقد رفض ذلك لأن اسمهم ملوث أساساً فمدريد يرتبط اسمها باسم مؤتمر مدريد السيء الذكر، لذلك لا يريد الموقعين أن يتم الربط بين مؤتمر مدريد لعام 1991 وبين الوثيقة وأوسلو مرتبط اسمها باتفاق أوسلو سيء الصيت ولندن البلد الراعي والحامي للصهاينة والذي خدع العرب والفلسطينيين أكثر من مرة والذي ألحق أكبر الأضرار بهم فإن اسمها يثير فوراًً الشكوك والريبة والتوجس لذلك لم يرد الموقعين أن يتم التوقيع على الوثيقة في لندن بلد الخيانة والتآمر والغدر بالعرب والفلسطينيين لكن مما يلفت النظر أنه على الرغم مما أصاب الفلسطينيين من ويلات ومصائب من لندن وساستها إلا أن بعض الفلسطينيين يأبون إلا وأن يثبتوا ولاءهم لبلد الغدر والخيانة فلا يجدوا بلداً يحجون إليه ويتسع للقاء عموري شارون المجرم بالرجوب مستشار عرفات السياسي إلا لندن والحقيقة هي أن لندن مربط لكثير من قادتنا.
إن حب البعض بالظهور والبروظة "ولو على خازوق"  يدفعهم لزيارة لندن والتمتع بفنادقها ويجعلهم مستعدين للتضحية بسمعتهم وشرفهم وربما لما هو أكثر أي لبيع إخوانهم وشعوبهم وأوطانهم وحقوقهم بقشرة بصل.
والحقيقة أن بعض المتنفذين لم يعودوا يخشون أن يقال أنهم عملاء أو خونة لشعوبهم وبلدانهم حيث يتعاونون مع أعداء شعبهم علناً والبعض يجاهر في محطتي الجزيرة والعربية بأنه يفضل أن يتعاون مع ساسة لندن - واشنطن وإسرائيل من أن يتعاون مع الشيوعية أو سوريا أو إيران أو مع حزب الله.

الوثيقة بين الماضي والمستقبل (خدعة الزمن)
لو هيئ لأحد من العرب سواء أكانوا بين القادة أو النخب المثقفة أو من عامة الناس المغمورين عام 1897 أن يعلم أن أول مؤتمر تأسيسي عقد في بال سويسرا من أجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين فإنه لا شك سوف يضحك من كل قلبه لمثل هذه الدعوة الخيالية. ومما لا شك فيه أن الكثيرين رأوا أن مجرد طرح فكرة أن يكون لليهود وطن قومي في فلسطين في ذلك الوقت هو نوع من الطموح الجامح السخيف الذي لم يكن يجد في الواقع العربي ما يسنده.
لذلك كان المؤتمر في نظر الكثيرين ليس أكثر من هراء.
إلا أن ذلك الهراء الذي بدأ في بال بسويسرا عام 1897 وجد استجابة سريعة لدى بريطانيا عام 1917 (أي بعد عشرين عاماً) فأصدرت وعداً تعطف فيه على إقامة مثل هذا الوطن القومي لليهود (وعد بلفور).ومع أن ذلك الوعد الهراء لم يثر وقتها إلا ضحك الساسة العرب ومنظريهم وسخريتهم إلا أنه تحول بعد ثلاثين عاماً (في عام 1947) إلى قرار دولي يقضي بتقسيم فلسطين من أجل زرع ذلك الوطن في أرض العرب وبعد أربعين عاماً أي في عام 1987 وجد ذلك الوطن القومي لليهود لدى نفر من الفلسطينيين أو ممن يزعمون أنهم فلسطينيون أو ممن يزعمون أنهم يمثلون الفلسطينيين والمجتمعون في ما يسمى بالمجلس الوطني في الجزائر من يقر أن تكون 78% من أرض فلسطين ملكاً خالصاً للصهاينة لا تشوبه نقيصة.
وهكذا تحول هذا الهراء بعد ثمانين سنة إلى دولة معترف بها على أرض فلسطين من قبل من يزعمون أنهم فلسطينيون وكانوا يهزئون بكل ما تمخض عنه مؤتمر بال سويسرا مما يعني أن ما نعتبره اليوم هراء تم في جنيف/سويسرا قد يصبح بعد عشرين عاماً حقيقة راسخة تختم المنطقة بختم الصهيونية.

 أكذوبة الدولة والسيادة:
من أسخف الآراء وأكثرها تضليلاً وخداعاً ذلك الذي يرى أن الوثيقة هي مجرد محاولة يقوم بها شخصان أو مجموعتان فلسطينية وإسرائيلية معزولتان أو راغبتان فعلاً في السلام لتجاوز الأطراف المتشددة في المعسكرين. أو أنها مجرد صفقة تقوم فيها إسرائيل بتقديم دولة لعرفات ولمن يدورون حوله مقابل أن يتخلوا عن حق العودة. أو كما لو كان عبد ربه يبيع 80% من فلسطين وحقوق شعبها مقابل أن يؤمن دولة ليصبح هو وعرفات مسؤولين فيها.
لو كان عرفات ومن حوله سيحصلون على دولة أو على نصف أو ربع دولة بالمفهوم الحقيقي للدول. فإن الأمر قد يكون قابلاً للنقاش لكن من يدقق في الوثيقة سوف يكتشف أنها لا تقدم للفلسطينيين لا دولة ولا حكماً ذاتياً بل مجرد محمية إسرائيلية وما هو أسوأ من ذلك.
فما معنى أن يقال في الوثيقة بالحرف "لسلاح الجو الإسرائيلي الحق باستخدام المجال الجوي في السيادة الفلسطينية لهدف التدريب بالتنسيق الذي يقوم على قواعد تطبيق استخدام سلاح الجو الإسرائيلي في المجال الجوي لإسرائيل" لو لم تكن الدولة الفلسطينية مجرد محمية إسرائيلية"؟
وما معنى أن يكون هناك "تواجد عسكري فعلي في غور الأردن".
وما معنى أن "تحتفظ إسرائيل بمحطات إنذار مبكر في شمال ووسط الضفة الغربية" وأن "يشغل محطتي الإنذار حد أدنى من الطاقة البشرية الإسرائيلية" وما معنى أن تشرف على معابر الحدود طواقم مشتركة من الإسرائيليين والفلسطينيين والقوات المتعددة الجنسيات مع حضور إسرائيلي غير منظور للعين في منشآت خاصة بالمكان يشغلها متدربو القوة متعددة الجنسيات وإسرائيليون باستخدام التكنولوجيا الملائمة".
أما فيما يتعلق ببنية هذه الدولة من الناحية العسكرية والأمنية حسب ما أوردته الوثيقة فيتضمن الشروط التالية:
1- لا ترابط في دولة فلسطين أية قوات مسلحة.
2- دولة فلسطين تكون دولة مجردة من السلاح. مع تأمين قوة أمنية فلسطينية قوية.
3- القيود المفروضة على السلاح الذي يمكن شراؤه أو استخدامه من قبل قوات الأمن الفلسطينية أو إنتاجه في فلسطين سوف يفصل في ملحق خاص بالاتفاق بين الطرفين.
أي أن سلاح قوات الأمن الفلسطينية سيكون خاضعاً "لمطالب الدولة الفلسطينية كدولة أمنية" فقط.
4- لا يجوز ولا يحق لأي جهة أو شخصية أو منظمة في دولة فلسطين باستثناء قوات الأمن الفلسطينية أن تشتري أو أن تستخدم السلاح باستثناء ذلك المتوفر وفقاً للقانون.
الطريف أن الوثيقة لم تتضمن فرض أية شروط على القوات الصهيونية من حيث صناعة أو استيراد أية سلاح من أي نوع كان كما لم تتضمن الوثيقة ما يمنع المستوطنين والمدنيين الإسرائيليين أن يحملوا أو أن يستخدموا أو أن ينتجوا أي نوع من أنواع السلاح.
5- الامتناع عن الانضمام أو المساعدة أو تطوير أو التعامل مع أي ائتلاف في منظمة أو ملف ذي طابع عسكري تتضمن أهدافه العنف (بينما لم توضع مثل هذه الشروط على دولة إسرائيل).
لن ندخل في تفاصيل الاتفاق التي تزيد عن أربعين صفحة خاصة بما يتعلق بمسائل العبور إلى المحمية الإسرائيلية ومسائل المياه والتعاون الإقليمي والاقتصادي والأمني والمالي التي ترك الجزء الأهم منها للتدقيق حيث سينشر لاحقاً لا نعرف كيف؟ فاتفاق أوسلو وملاحقه التي نشرت لاحقاً قد عالجت هذه المسائل بطريقة مفصلة جداً تظهر للأعمى أن إسرائيل ستظل مسيطرة على كل وسائل الاتصالات والمواصلات والمياه والبنوك والاستيراد والتصدير ونقل الأموال والمعدات حتى حليب الأطفال والأدوية والمعدات الزراعية ستخضع لمراقبة إسرائيلية مشددة مما يؤكد أنه ليس هناك دولة فلسطينية بل ولا حكم ذاتي بل محمية إسرائيلية حيث ستكون دولة مجزأة تفصل بينها ممرات آمنة" تستطيع إسرائيل التحكم بها وخنقها مالياً واقتصادياً ومائياً وبشرياً وجواً وبحراً وبراً لن نقول ما سبق ذكره وكررناه في أكثر من مجال من أن الدولة الفلسطينية المزعومة (حسبما يقول الإسرائيليون والأمريكان) هي المخرج الوحيد الذي ينقذ إسرائيل من المأزق الحالي ومن الزوال على المدى البعيد. فمن يتابع التحليلات والكتابات الكثيرة لعتاة الصهاينة خاصة في حزب العمل واليسار الإسرائيلي الأكثر صهيونية من شارون يجد أن الجميع يتفقون على أن إقامة دولة فلسطينية يشكل المخرج الوحيد الآمن لإسرائيل من أن تتحول على المدى البعيد لدولة ثنائية القومية الأمر الذي قد يهدد مستقبل الدولة والمشروع الصهيوني في المنطقة على المدى البعيد وأن هذه المحمية بالشروط الواردة في الوثيقة "إسرائيل دولة يهودية- ودولة فلسطين ديمقراطية" بمعنى أن الوثيقة تعطي الحق لإسرائيل لأن تبقى دائماً دولة يهودية صرف ويحق لها طرد الفلسطينيين الذين يمكن أن يشكل تكاثرهم في أراضي عام 1948 تهديداً للطابع اليهودي للدولة. بينما يجب على الفلسطينيين أن يكونوا ديمقراطيين ويسمحوا ببقاء المستوطنين اليهود بينهم وأن يعاملوهم بديمقراطية وقلب مفتوح.
أكذوبة أخرى وخدعة كبيرة تقول أن إسرائيل سوف تنسحب من 97.5% من أراضي الضفة الغربية وغزة وأنها ستقوم بتقديم 1% من أراضي إسرائيل مقابل الـ2.5% التي تحتفظ بها بمعنى أن إسرائيل سوف تتنازل عن 1% من أراضي فلسطين المحتلة منذ عام 1948 ذات الكثافة السكانية العربية العالية وتلقي بهم وبمشاكلهم للمحمية. بينما تحتفظ هي بالمناطق ذات الكثافة اليهودية العالية بما يثبت ويمتن الطابع اليهودي لإسرائيل على المدى الطويل.
ومن يدقق جيداً في الأجزاء التي سوف تقتطع من القدس الكبرى والبالغة 80% منها والأجزاء الأخرى التي ستترك للتواجد العسكري في غور الأردن والطرق الالتفافية 10% ولتواجد القوات المتعددة فإن المجموع المقتطع سوف يزيد عن 30% من أراضي الضفة والقطاع بمعنى أن ما يقدم فعلاً للفلسطينيين لن يزيد عن 70% مما تبقى من أراضيهم المحتلة منذ عام 1967 مقابل أن يقدموا تنازلاً رسمياً عن 30% المحتلة في عام 1967. وإقراراً آخر بحق إسرائيل بالاستيلاء على 78% من أراضى فلسطين المحتلة منذ عام 1948. وأن يقدموها لإسرائيل كهبة بقلب خالص ليثبتوا للعالم أنهم فعلاً طلاب سلام وليسوا إرهابيين. أي عليهم أن يسقطوا حق أبنائهم وأحفادهم "من المطالبة مستقبلاً بأي حق من الحقوق المتنازع عليها قبل التوقيع على الاتفاق" مما يعني أنه لا يحق لفلسطيني أن يطالب بالتعويضات. لو ثبت أن بيته قد دمر بدون وجه حق أو أن أرضاً له قد تمت مصادرتها أو مزروعات أحرقت أو حيوانات نفقت بما يخالف الاتفاقات الدولية فإنه لن يحق له الآن أو في المستقبل رفع أية دعوى قضائية أو المطالبة بأي تعويض.

 أكذوبة استعادة القدس
من المؤسف أن أغلب العرب والفلسطينيين خاصة الكتاب والمحللين السياسيين لا يعرفون أن مساحة القدس الشرقية القديمة هي واحدكم2 فقط بينما مساحة القدس الكبرى 125كم2. ولا يعرفون أن المستوطنات الإسرائيلية مع الأبنية التي شيدت في القدس الغربية قد أصبحت متواصلة مع القدس الشرقية بما يصل إلى 80% من مساحة القدس الكبرى بمعنى أن كل تلك المساحة من القدس الكبرى أي 80% منها ستكون كأمر واقع حقاً طبيعياً لإسرائيل منته أمرها وغير قابلة للنقاش أو البحث.
بينما لن يترك للفلسطينيين إلا الجزء المتبقي في القدس القديمة والبالغة مساحتها 1كم2 مع اقتطاع الحائط الغربي للمسجد الأقصى (المعروف بحائط البراق) والتنازل عن السيادة عليه وعلى النفق الواقع تحته للسيادة الإسرائيلية بحجة أنه حائط المبكى الذي يحق للإسرائيليين الوصول إليه وإلى ساحته للسياحة والعبادة ليل نهار بينما لا يحق للفلسطينيين الوصول إليه إلا بعد الحصول على تصريح مختوم من إسرائيل.
إنهم لا يستخفون بعقولنا عندما يوهموننا أنهم أعادوا القدس عاصمة لنا (أو لدولتين) خاصة عندما يرفع شبل فلسطيني أو زهرة من زهرات فلسطين فوق مآذن وكنائس القدس القديمة بل يضحكون علينا.

 مسألة اللاجئين:
لن نتناول هذه المسألة بالتفصيل لأنه بات معروفاً للجميع أن الاتفاق يستند بصورة رئيسة على التنازل عن حق العودة. أو الالتفاف على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأملاكهم التي تزيد عن 93% من مساحة فلسطين العامة. والتي هي بجميع الأعراف الدولية والشرائع الدينية والأرضية أملاك خاصة للفلسطينيين وأبناءهم وأحفادهم لا يجوز ولا يمكن التنازل عنها من قبل أي شخص كان حتى لو كان صاحب أرض لا يجوز ولا يحق لأحد شخصياً التنازل عن حقوقه باعتبار أن هناك حقوقاً وطنية وجماعية.
فكيف يجيز هؤلاء الأشخاص الموقعين على الوثيقة لأنفسهم التنازل عن حقوق الفلسطينيين في 93% من أراضي فلسطين مع أن أحداً من اللاجئين أو لنقل غالبيتهم العظمى لن تتنازل حتى عن حقوقها في الملكية الخاصة الفردية. كيف يجيز هؤلاء لأنفسهم التنازل عن حقوق لا يملكونها. حقوق فردية ليست لهم بالإضافة للحقوق الوطنية التي لا يمكن لأحد أن يتنازل عنها أياً كان موقعه.
الملفت في الاتفاق أنه يعفي لأول مرة إسرائيل من مسؤولية ما أصاب اللاجئين من تشريد ويجعل من مسؤولية التهجير والطرد مسؤولية دولية وعربية لا تتحمل إسرائيل مسؤولية عنها أكبر من مسؤولية تايوان أو بنغلادش..
كيف يجيز هؤلاء لأنفسهم التنازل عن حقوق أقرتها الشرعية الدولية وثبتت في القرار 194 وفي اتفاقيات جنيف التي وقع فيها على الوثيقة بما يخالف الاتفاقيات المعروفة باسمها. وكيف يجيز هؤلاء لأنفسهم الضرب بعرض الحائط بالقرارات الدولية التي تؤكد حق اللاجئين في العودة وتقرير المصير؟ كيف تتحول حقوقهم الثابتة وغير القابلة للتصرف إلى حقوق يتلاعب بها ويتنازل عنها نفر من الناس الملفوظين من أحزابهم وشعوبهم؟

مسألة التعويضات
من الغريب أن الموقعين على الاتفاق يمنون على اللاجئين بأنهم "سيحظون بتعويضات عن فقدان أملاكهم"، "وإنهم يستحقون الحصول على تعويضات نتيجة فقدانهم لأملاكهم". من يقرأ بند التعويضات يخيل إليه أن هناك تعويضات هائلة ستقدم لكل لاجئ على حدة حسب تشكيل لجنة "حالة لاجئ" لكن من يدقق في بند التعويضات التي قد يسيل لها لعاب البعض فسوف يجد أنها:
أولاً سوف تحسب بناء على تقدير لجنة دولية لقيمة الأملاك الخاصة بالفلسطينيين (وليس قيمة الأملاك الأميرية والعامة والجبال والبحيرات وأراضي المشاع) في سنة النزوح أي بأسعار عام 1948× 2 فقط. وبعد أن توضع في صندوق خاص تساهم فيه جميع الدول بما فيها إسرائيل سوف يحسم منها أملاك اليهود في الدول العربية+ قيمة المستوطنات التي سوف تتركها إسرائيل للدولة الفلسطينية. ثم تحسم منها التعويضات التي ستقدم للدول العربية لقاء استضافتها للاجئين. والباقي سوف يقدم للدول التي ستقوم بتوطين اللاجئين بصورة نهائية مع أفضلية للسلطة الفلسطينية. وتوضع هذه الأموال حصراً تحت تصرف اللجنة من أجل التطور المجتمعي لمجموع اللاجئين في البلدان التي سيقيمون فيها. بمعنى أنه لن يحصل أي لاجئ على فلس واحد بل على العكس فعندما ينتهي عمل الوكالة بعد خمس سنوات من بدء تنفيذ الاتفاق سوف يفقد اللاجئون جميع المكاسب التي كانوا يحصلون عليها من الأونروا (وكالة غوث اللاجئين) بصفتهم لاجئين حيث ستنتهي هذه الصفة والوكالة بعد تنفيذ الاتفاق.
الملفت للنظر والمدهش حسب ما جاء في الوثيقة أن الغاية من تطوير مجتمعات اللاجئين ستكون "لتخليد ذكرى تجربة اللاجئين الفلسطينيين الناجحة في التطور والرقي خارج بلدانهم". حيث سيكون نجاح تجربة اللاجئين الفلسطينيين في التطور والازدهار خارج بلدهم عاملاً مشجعاً لإخوانهم الفلسطينيين المقيمين في أراضي عام 48 وغيرهم من الشعوب لترك بلدانهم.
من يهن يسهل الهوان عليه:
من المؤسف أن نقول أن مجرد قبول اللاجئين الفلسطينيين للإعانات التي قدمتها لهم وكالة غوث اللاجئين ووقوفهم على الدور والتنافس للحصول على الإعاشة والبطانيات شكل بداية الهوان الفلسطيني. وأنه منذ أن بدأ ببناء أول بيت للاجئين الفلسطينيين في المخيمات بدأت عملية التوطين ترسي أسسها في الواقع وبدأت عملية التكييف مع البيئة الجديدة تستكمل عملية التوطين وتختمها بحيث لم يعد ينقصها سوى الإقرار الرسمي بها كحقيقة واقعة.
وبما أن الندم ولوم الذات لن يفيدنا شيئاً. لكن من المفيد اليوم الاستفادة مما ارتكب في الماضي من أخطاء بحيث لا تتكرر التجارب المريرة الأسوأ مرة ثانية لأن ما تخطط له الوثيقة سيجر على الفلسطينيين المزيد و الكثير من الذل والهوان والاحتقار، ويجب أن يعرف الجميع أن مجرد قبول البعض بالتعويض أو التوطين سيجر على الفلسطينيين جميعاً الاحتقار والازدراء ليس من أبناء جلدتهم العرب والمسلمين فحسب بل من أبناءهم وأحفادهم أيضاً.

حق العودة
من الضروري أن يتعرف الفلسطينيون على الخيارات الخمسة التي وضعتها الوثيقة أمامهم بعد إطعامهم (الجوز الفارغ؛ جوز التعويض؛ جوز الذل والمهانة):
1- التوطين حيث هم أي في البلدان العربية المجاورة لفلسطين.
2- الهجرة إلى الدولة الفلسطينية المؤقتة المزمع قيامها عام 2005.
3- الهجرة إلى المناطق التي ستتخلى عنها إسرائيل من أراضي عام 48 (أي الواحد بالمائة التي سيتم تبادلها مع 2.5% من أراضي القدس).
4- الهجرة إلى بلد ثالث يقبل الهجرة.
5- العودة إلى أراضي عام 48.
إن ما يهمنا بشكل رئيسي هو ما يتعلق بالخيار الأخير. والذي تشكل الخيارات الأخرى التفافاً عليه (أو على القرار 194 الذي ينص على حق عودة جميع اللاجئين إلى أراضيهم وديارهم التي طردوا منها عام 1948).
ماذا بقي من حق العودة إلى فلسطين بعد أن وضعت له شروط عديدة أهمها:
1- العودة خاضعة للتفكير السيادي لدولة إسرائيل.
2- أن لا تتعارض مع كون إسرائيل دولة يهودية.
3- لا يجوز لإسرائيل أن تستوعب أكثر من المتوسط العام الذي تستقبله الدول الأخرى.
فإذا علمنا أن عدد اللاجئين بحسب ما جاء في التعريف العام للاجئ باعتباره الشخص المسجل في الأونروا. فمعنى ذلك أن عدد اللاجئين حسب وثائق الأونروا لن يزيد عن أربعة ملايين إلا قليلاً. وإذا علمنا أن عدد الدول التي شاركت في البحث عن حل مسألة اللاجئين المطروحة على اللجان المتعددة بعد اتفاق أوسلو قد زادت عن أربعين دولة فمعنى ذلك أن إسرائيل سوف تستقبل المتوسط العام أي ما يقارب 100 ألف، خلال فترة تتراوح بين عشرة إلى 25 عام حسب الأقدمية. بمعنى أنها ستبدأ في العام الأول استقبال ذوي الأعمار العالية أي ممن تجاوزت أعمارهم الثمانين والتسعين عاماً. وفي العام التالي من هم أصغر سناً وهكذا. بمعنى أنه لن يدخل إلى فلسطين إلا من أصبح على حافة القبر.
فإذا علمنا أن رجلاً فلسطينياً واحداً (في الستين وليس الثمانين من عمره) لن يوافق على ترك أولاده وأحفاده وأن يسافر لوحده إلى فلسطين ليموت هناك. نتوصل في التطبيق العملي إلى أنه لن يعود أي فلسطيني إلى فلسطين المحتلة منذ عام 48 وعلى فرض قرر فلسطيني العودة إلى فلسطين فمن أجل أن يموت فيها فقط، وبهذه الطريقة يكون حق العودة قد شطب نهائياً، وهذا بالضبط ما أصر عليه شارون وأراده "عدم السماح بعودة لاجئ واحد" وحققه فعلاً بوثيقة جنيف.
من الضروري أن نبين للاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأونروا الأمور التالية:
1- أن من لا يتقدم منهم خلال سنتين من تاريخ البدء بتنفيذ الاتفاق بالطلب إلى الجهات المعنية (اللجنة المختصة) يحدد فيه الجهة التي يريد السكن فيها. سوف يفقد حقه كلاجئ أولاً ثم حقوقه الأخرى تلقائياً، وهذا أمر خطير للغاية بمعنى أنه إذا رفض اللاجئون الفلسطينيون التقدم بطلبات إلى اللجنة المختصة خلال سنتين سوف يفقدون حقوقهم كلاجئين حتماً. قد يقول قائل أن رفض الفلسطينيين تقديم الطلبات يعني رفضهم التلقائي لإسقاط حق العودة. والحقيقة التي تغيب عن بال الكثيرين هي أن خارطة الطريق ما دامت قد أقرت من قبل الأمم المتحدة ومن قبل القيادات الفلسطينية والعربية فإنها أصبحت قانونية لحل نهائي للقضية الفلسطينية وتلغي القرارات الأخرى السابقة. وبما أن وثيقة جنيف ستكون جزءاً مكملاً لخارطة الطريق فمعنى ذلك من ناحية القانون الدولي أن "كل فلسطيني لا يتقدم حسب هذا البند بطلب إلى اللجنة سوف يفقد حقه كلاجئ".
وهذا يعني أن من لا يتقدم بطلب خلال سنتين إذا رفض جميع الخيارات المطروحة في الوثيقة سوف يفقد من الناحية القانونية حقه كلاجئ من المطالبة بأي شيء ومن الضروري أن يعرف الأشخاص الذين قد يسيل لعابهم للهجرة إلى أحد البلدان الأوروبية أو كندا أو استراليا أو الولايات المتحدة أن هناك اشتراطات عديدة قد وضعت أمامهم حيث جاء في الوثيقة "اللجنة الدولية هي التي تقرر مكان السكن الدائم للمتوجهين بطلباتهم في ظل الاعتبار للتفضيلات المهنية والفنية والشخصية وجمع الشمل" بمعنى أن من ليس له أقرباء من الدرجة الأولى في السويد مثلاً لن يحلم بقبوله هناك. ومن لا تتوفر له شهادة مهندس لن يحلم بالسفر إلى  كندا ومن لا تتوفر لديه شهادة طبيب لن يقبل في إنكلترا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة.
2- طالما أن اللجنة هي التي تقرر مكان السكن وليس الشخص المتقدم بالطلب فقد تقرر اللجنة أن البلد المناسب له هو الصومال أو تركيا على الحدود مع العراق، أو على الحدود الباكستانية مع أفغانستان والمصيبة ثالثاً (كما جاء في الوثيقة:
"المتوجهون بطلباتهم إلى اللجنة والذين لا يوافقون على تحديد اللجنة لمكان إقامتهم سوف يفقدون حقوقهم ومكانتهم كلاجئين" مما يعني أن اللجنة إذا رأت أن فلاناً مقبول في ألاسكا أو سيبيريا ورفض قرار اللجنة فإن حقه كلاجئ سوف يسقط فوراً.
وعندها سوف يتحول إلى إنسان ضائع ومرفوض وبلا حقوق حتى كلاجئ وليس كمواطن أو كإنسان.

 

(2)

أخطار اتفاق جنيف

من المؤسف أن نقول أن أغلب العرب اعتبروا الوثيقة التي وقعها بعض الفلسطينيون هي شأناً داخلياً فلسطينياً لا تعنيهم كثيراً. ومن المؤسف أكثر أن نقول أنهم لم يتصدوا للوثيقة بالشجب والرفض أو الاستنكار. فالوثيقة تمسهم مساً مباشراً وتؤثر على مستقبلهم بطريقة خبيثة ولئيمة فلقد جاء في مقدمتها أن الموقعين عليها "يعلنون أن هذا الاتفاق يسجل مصالحة تاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ويشق الطريق نحو المصالحة بين العالم العربي وإسرائيل وهم مصممون على تحقيق سلام إقليمي شامل بما يؤمن الاستقرار والأمن والتطور والازدهار للمنطقة بأسرها".
مما يعني أن واضعي الاتفاق ينظرون إليه باعتباره مدخلاً لإقامة - ما يزعمون أنه - سلام إقليمي شامل يؤمن الاستقرار والأمن والتطور والازدهار لإسرائيل في المنطقة والعالم أي أن واضعي الوثيقة سمحوا لأنفسهم التدخل (من خلال الاتفاق مع بعض الفلسطينيين) في رسم مستقبل المنطقة لمصلحة إسرائيل. فثمة إلزام للفلسطينيين حسب ما جاء في الوثيقة "بأن يعمل الطرفان (الفلسطيني والإسرائيلي) معاً أو كلٍ على حدة مع محافل دولية مختلفة في المنطقة من أجل تطوير التعاون الإقليمي مع إسرائيل"
وكأن المطلوب من الفلسطينيين أن يصبحوا حصان طروادة لاحتلال الوطن العربي وإخضاعه بصورة نهائية للصهاينة بينما من غير المسموح به لأي عربي أن يوجه أي انتقاد لهم.
من السيئ إلى الأسوأ:
مع أن وعد بلفور أكد أن إقامة الوطن القومي لليهود لن يلحق أي ضرر بحقوق العرب الفلسطينيين السياسية والدينية ومع أن قرار التقسيم أعطى لليهود حق إقامة دولة على 55% من أرض فلسطين بغير وجه حق إلا أنه أقر بأن يكون للفلسطينيين دولة على 45% منها وعلى أن يبقوا في أراضيهم. إلا أن من يتحدثون اليوم باسم الفلسطينيين قد أقروا بحق اليهود في أن يطردوا شعب فلسطين وأن يشطبوا حقوقهم الدينية والسياسية والمدنية وأن يقيموا دولتهم على 78% من فلسطين. وأبوا إلا أن يختموا في الوثيقة جريمة ضياع فلسطين وضياع حقوق شعبها والشعوب العربية الوطنية والدينية والمدنية والسياسية وتقديم الشروط اللازمة لإخضاع المنطقة العربية لاحقاً من الفرات إلى النيل وإلى ما هو أبعد من ذلك للصهاينة.
الحقيقة المرة والمؤلمة أن المؤتمر التأسيسي الرامي إلى إخضاع المنطقة للصهيونية والذي عقد في بال سويسرا لم يحضره يومها إلا عتاة الصهاينة فقط. بينما المؤتمر الختامي اليوم والرامي إلى إخضاع المنطقة للصهيونية قد حضره ممثلون عن العرب والفلسطينيين والحقيقة الأكثر إيلاماً أن البعض مع كل ذلك يستخفون بالوثيقة التي وقعت في جنيف استخفافهم بالمؤتمر الصهيوني الأول..
فإذا كان ذلك الاستخفاف لم يحل دون تنفيذ المشروع الصهيوني (ومن المؤكد أن ذلك الاستخفاف قد سهل تمريره) كذلك فإن الاستخفاف الحالي لن يحول دون تنفيذ المشروع الصهيوني بصورته النهائية كما تقول الوثيقة "هذا الاتفاق هو حل كامل ودائم لا يجب أن يترك أي مجال أية لطرح مطالب أخرى غير تلك المتعلقة بتطبيق هذا الاتفاق".
وهذا يعني أن الاستخفاف ببال بسويسرا كمنطلق للمؤتمر التأسيسي الصهيوني والوثيقة الختامية للصهيونية في جنيف ما هو إلا نوع من التضليل والخداع يهدف إلى تسهيل تمريره علينا مما يتطلب من الوطنيين والشرفاء أن يظهروا خطورة الوثيقة على مستقبل الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمنطقة والعالم..
خطورة الوثيقة أنها جاءت في وقت أظهر فيه استطلاع للرأي العام الأوروبي أن إسرائيل تشكل الخطر الرئيسي على السلام في العالم أجمع. لتقول العكس أن الإسرائيليين هم دعاة ومحبي سلام بدليل أن الفلسطينيين أنفسهم قد التقوا معهم وأقروا بحقوق الإسرائيليين الكاملة ليس في القتل والتدمير وتهديد السلم العالمي بل وفي إظهار أنهم كانوا فعلاً وما زالوا مظلومين.
وهذا يعني أن الوثيقة لا تعيد الاعتبار للإسرائيليين القتلة والمجرمين بل تظهرهم بمظهر الذين وقع عليهم الحيف والظلم من قبل الفلسطينيين "المجرمين القتلة". الذين يفجرون أنفسهم بالمدنيين الإسرائيليين اللطفاء!! والمهذبين الذين أحضروا إلى جنيف رجال المجتمع الراقي من مختلف أصقاع العالم وهم بأزهى حللهم وألبستهم الرسمية ليصفقوا أثناء التوقيع على الوثيقة التي ستفتح المجال لعالم تسوده محبة الإسرائيليين ورضاهم.
والكارثة أن لقاء القاهرة بين الفصائل الفلسطينية لم يتم إلا بعد أن تم التوقيع على الوثيقة في جنيف مما يعني أن الهدنة التي يسعى عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية المتعاون مع المخابرات الأمريكية والإسرائيلية إلى فرضها على الفلسطينيين ليست إلا تنفيذاً فورياً ومباشراً لما جاء في الوثيقة. من ضرورة لوقف الإرهاب وسواء درى أو لم يدر هؤلاء الفلسطينيون الذين ذهبوا بأقدامهم إلى القاهرة للتوقيع على اتفاق هدنة.
فهم لم يتم استقبالهم بالقاهرة إلا لتمرير البند الأول في الاتفاقية الذي يطلب من الفلسطينيين إيقاف "العنف" الانتفاضة وتفويض عرفات أي بمعنى آخر التسليم بحق الإسرائيليين في الاستمرار بعمليات القتل والتدمير وحرق المزروعات ونسف البيوت واغتيال المناضلين وقتل الأطفال وكل شيء يتحرك على الأرض بينما يقر الفلسطينيون بأنهم لن يقدموا على أي عمل حتى دفاعاً عن النفس ويقرون بأنهم كانوا على خطأ.
إن أي حديث عن هدنة توافق عليها الفصائل الفلسطينية في وقت تقوم فيه إسرائيل بتنفيذ مخططها الإجرامي لن يكون إلا تسليماً واستسلاماً ملطفاً تحت اسم الهدنة. لنتذكر الهدنتين اللتين وقعتا عامي 1948 و1949 والهدنة التي وقعت عام 1967 والهدنة التي وقعت عامي 1973 والهدنة والتي وقعت عام 1978 وعام 1982 وعندها سنعرف أن جميع هذه الهدنات لم تكن إلا لتقديم الفرصة المناسبة للإسرائيليين لكي يتنفسوا الصعداء وليأخذوا الاستراحة "استراحة المحارب" الخبيث وليغدر بنا وللبدء بشن هجوم جديد.
وهذا يعني القول بأن الوثيقة ستحرج الإسرائيليين وتشق الشارع الإسرائيلي ما هو إلا كذب وخداع وتضليل فالوثيقة أنقذت شارون والإسرائيليين كقتلة ومجرمين وكخطر على السلم العالمي وكمهددين وأخرجت الصهاينة من المأزق الذي وصلوا إليه عملياً وإعلامياً.
مصيبة المصائب أن التوقيع على الوثيقة جاء بعد تحركات كثيفة وسريعة لمختلف أنواع الجواسيس والعملاء الصهاينة والمتصهينين وقتلة الشعوب وخونتها في لندن ومدريد وأوسلو وعمان والقاهرة وواشنطن.
إن مثل هذه التحركات السريعة والمكثفة تؤكد أن الوثيقة تشكل خاتمة لجميع هذه التحركات لن تكون مدعاة للسخرية والضحك أو الاستخفاف بل يجب أن تكون مدعاة لإثارة الرعب والفزع والحنق والرفض والاستنكار.
إن قول البعض بأن الوثيقة لن تنفذ ولن تجد أي حظ لها في الواقع العملي مثلها مثل اتفاقات سابقة هو قول مضلل. فالوثيقة جاءت بعد لقاءات ومشاورات عديدة في تل أبيب وواشنطن ولندن ومدريد وأوسلو وعمان والقاهرة مما يعني أن الوثيقة هي محصلة جهود مضنية وكثيرة ومكثفة لأطراف عديدة تلخص وتقدم الحلول النهائية للصراع العربي الصهيوني بما يتيح المجال لإسرائيل لأن تكون سيدة المنطقة والعالم بلا منازع.

1- الوثيقة تختم الصراع العربي الصهيوني بختم الصهيونية:
الحقيقة التي لا يريد واضعوا الوثيقة. من الشعوب العربية ونخبها وقواها السياسية ومن ضمنهم الفلسطينيون الانتباه إليها أو الاصطدام بها هي أن الشعوب العربية وطبعاً من ضمنهم الفلسطينيين قد غيبوا بحق عن إبداء آرائهم أو مواقفهم حول مستقبلهم أو لما يرونه صالحاً لهم منذ زمن طويل خاصة بعد تقسيم الوطن العربي وتعيين قيادات عربية وفلسطينية من قبل الإنكليز والصهاينة وحلفائهم.
ومن المؤلم أن نقول أن من يقرر اليوم ما يجب على الشعوب العربية (والفلسطينيين) القبول به ليسوا إلا قلة محدودة من الفلسطينيين الخارجين ليس عن الإجماع الوطني الفلسطيني فحسب، بل الخارجين عن الإجماع الوطني العربي والإنساني العام. ومن المؤسف أن نقول أن العرب جميعاً عندما يتركون المجال لهذه الفئة الضالة من الفلسطينيين أن تقرر بالنيابة عن الجميع ليس مستقبل الفلسطينيين بل والعرب جميعاً بحجة أنهم المعنيون بالقضية الفلسطينية إنما يسلمون بحق هذه الفئة الضالة أن تقرر ما تراه مناسباً للصهيونية.
2- الوثيقة تضع حداً للنضال الفلسطيني بجميع أشكاله:
من المؤسف أن نقول أن جميع الدول العربية عندما أغلقت الحدود أمام الفلسطينيين للنضال المسلح من داخل أراضيها في سبيل استرجاع حقوقهم لأسباب متباينة (لن ندخل في تفاصيلها وأسبابها وولن نناقش الذرائع التي يمكن استخدامها لتبرير ذلك المنع). جعلت الفلسطينيين - خاصة اللاجئين - مشلولي الإرادة وهذه حقيقة قائمة لم تترك إلاّ للقيادة الفلسطينية الموجودة في الداخل أن تقرر بالنيابة عن الفلسطينيين المغيبين ما تراه مناسباً، ليس للفلسطينيين فحسب بل وللعرب جميعاً. بمعنى أنه لم يعد فعلاً أمام اللاجئين الفلسطينيين في الدول العربية وهم الغالبية إلاّ المقاومة السلبية التي قد لا تتعدى في أحسن الأحوال السماح للفلسطينيين أن يتقدموا بعرائض يرفضون فيها الوثيقة وما جاء فيها.
وهذا يعني أن الدول العربية تركت اللاجئين الفلسطينيين يخضعون قسراً لما تقرره تلك الفئة الضالة من الفلسطينيين ومما ستقرره اللجنة الدولية المعنيّة بتوزيعهم على الدول العربية وغيرها وبالطرق التي تراها اللجنة مناسبة لإسرائيل.

3- الوثيقة تضع الإطار العام للحل النهائي:
من الواضح للمتتبعين لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والعرب أن اتفاق أوسلو ترك جميع القضايا الحساسة والمهمة لمفاوضات المرحلة النهائية حيث كان يفترض أن تحسم هذه القضايا عام 1998 وحيث كان يفترض أن ينتهي ذلك الاتفاق بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وقيام دولة فلسطينية وحل عادل لقضية اللاجئين.
وبما أن هذه القضايا لم تحل وتركت لمؤتمر كامب ديفيد الثاني في عام 2000. لذلك ظل المفاوضون في كامب ديفيد يلفون ويدورون حول وضع إطار عام للحل النهائي. ولم يتطرقوا لتفاصيل الحل إلاّ بما يمكن تمريره. وبما أن ذلك الإطار العام للحل سيقدم حلاً سيئاً للقضايا الحساسة والصعبة لن يقبل به أحد. فكان لا بد من إدخال الفلسطينيين في صراع دام مع الإسرائيليين أولاً ثم مع السلطة ثانياً، ومع العرب ثالثاً، ومع المجتمع الدولي رابعاً، من أجل أن يصطدموا بالجدار المسدود الذي وصلنا إليه حالياً حيث أصبحت القضية بالنسبة للسلطة الفلسطينية وموقعي اتفاقية جنيف هي كيفية إنقاذ الشعب الفلسطيني من الدمار والموت "إنقاذ ما يمكن إنقاذه".
من الواضح أن مقترحات كلينتون قد رفضت من قبل عرفات لأنه كان يعرف جيداً أن رفض الدول العربية وبعض الفلسطينيين لذلك الإطار العام سوف يسقط ما يمكن أن يوقع عليه مع كلينتون وباراك لذلك لجأ عرفات بعد عودته من كامب ديفيد إلى لجنة القدس من أجل أن يحصل على تفويض رسمي منها ليقرر ما يراه مناسباً أو بالأحرى ليوقع على ما يمكن أن يقبل به الإسرائيليون بعد أن يضمن لهم سكوت الجانب العربي والإسلامي المعني بقضية القدس ثم لجأ إلى القمتين العربية والإسلامية من أجل أن يحوز على هذا التفويض من الزعماء العرب والمسلمين. (حتى يوقع دون أن يلقى أية معارضة منهم) لكن استمرار الانتفاضة أظهر له وللجميع أن التفويض وعدم معارضة الدول العربية والإسلامية لما يقرره عرفات لن يمر طالما أن الانتفاضة مستمرة فكان لا بد من محاصرة الفلسطينيين عربياً وإسلامياً ودولياً (بصفتهم إرهابيين) وجعلهم خاضعين لما تقرره سلطتهم بالتعاون والتنسيق مع قوات الاحتلال ليرغموا على الاستسلام عن طريق إعطاء التفويض المطلق للسلطة الفلسطينية ممثلة بعرفات (أو من يراه عرفات مناسباً ليكون كبش فداء) ليوقع على ما يمكن أن يقبل به الإسرائيليون.
من يدقق فيما جرى خلال السنوات الثلاث السابقة يكتشف بكل بساطة أن مقترحات كلينتون التوفيقية (قبل نهاية ولايته) ثم محادثات شرم الشيخ ثم تقرير ميتشيل واتفاقية تنيت وشرم الشيخ ثم محادثات طابا ومقررات القمم العربية والإسلامية كلها كانت تدور حول جر الجميع عرباً وفلسطينيين إلى تقديم التنازل تلو الآخر حتى يصل الجميع إلى الإقرار بحق إسرائيل في الهيمنة على الشرق الأوسط.
صحيح أن تلك المحادثات واللقاءات الدولية والعربية والفلسطينية مع اليهود والأمريكان وسواها والتي حدثت سابقاً قدمت للفلسطينيين والعرب ما هو أكثر مما قدم لهم في جنيف لكنها مع ذلك فشلت في تمرير الحل النهائي السيء والمرفوض لكن ما يغيب عن بال الكثيرين أن وثيقة جنيف وضعت الأسس النهائية للحل الصهيوني النهائي الأسوأ بمعنى أن جميع تلك اللقاءات والمقترحات السابقة لم تكن إلا مقدمات لتهيئة الجميع للقبول بالحل الأسوأ. ولما أيقن الجميع أن هذه المقترحات قد تمرر على الفلسطينيين وهم في أصعب وأقسى مرحلة يمرون بها (حيث القتل والفتك والتدمير وحرب الإبادة وإخوانهم العرب يتفرجون والعالم يقف صامتاً مشدوهاً) فاستغلوا حالة اليأس من مساندة العالم التي تسود بين كثير من الفلسطينيين من أجل أن يفرضوا عليهم أسوأ حل قدم لهم في التاريخ وهذا ما عبرت عنه لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين (مجلة العودة – العدد 143 – لندن) عندما قالت: "إن العمل بخفاء وسرية بقضية تهم اللاجئين في ظل الهجمات الإسرائيلية المتسارعة والتي كان آخرها في مخيم يبنا ورفح وحصار مخيم جنين وبلاطة يعطي علامات استفهام وشكوك حول دواعي تلك التفاهمات؟؟"..
لقد أرادوا استغلال أقصى حالات الإحساس بخطر بالإبادة الجماعية التي يتعرض لها الفلسطينيون ليمرروا الحل الذي يريده الإسرائيليون ضاربين بعرض الحائط ما يمكن أن يقبل به شعبهم أو يرفضه بحجة أن الوثيقة ليست إلاّ مناورة أو اجتهاداً أو بالون اختبار أو محاولة لخلق تيار إسرائيلي معارض لشارون.
لكن الحقيقة هي أن الوثيقة ليست لا هذا ولا ذاك باعتبار أنها تقدم الإطار العام للحل النهائي الأسوأ بلا ليس أو غموض وبطريقة تؤكد أن العرب والفلسطينيين لن يحصلوا على شيء بل مجرد محمية إسرائيلية تكون حصان طروادة لها في الدول العربية، وأن تتحمل الدول العربية فوق ذلك مسؤولية إخضاعهم بالقوة وإنهاء الصراع مع تقديم هدية التطبيع وفتح القلوب للإسرائيليين ليقودوهم إلى السلام الذي يحقق لهم مصالحهم الحقيقية التي يجهلونها والتي عملت قياداتهم على تجاهلها!!

4- الاتفاق "الوثيقة" تلغي وتشطب القرارات الدولية السابقة:
على الرغم مما يقال من أن جميع القرارات التي صدرت بخصوص القضية الفلسطينية بدءاً من القرار 181 مروراً بالقرارات رقم 194 و273 و242 و338 و1515. ومئات القرارات الدولية التي صدرت في مرحلة ما بعد إقامة إسرائيل والمتعلقة بقضة اللاجئين والمستوطنات وأعمال إسرائيل الإلحاقية وقوانينها الجائرة والمدانة دولياً. على سوءها وعلى الرغم من أن جميع هذه القرارات ليست ملزمة لإسرائيل باعتبار أنها لم تصدر عن مجلس الأمن باستثناء القرارين 242 و338.
إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر أن هذه القرارات شكلت مكسباً كبيراً للنضال والحقوق الفلسطينية والعربية المغيبة قدم العرب والفلسطينيون تضحيات كبيرة في سبيل الوصول إليها. يستطيع المفاوض العربي أو الفلسطيني الاستناد إليها من أجل الوصول إلى شيء من حقوقه المشروعة التي تقرها الشرعية الدولية والإنسانية.
لكن الوثيقة بخبطة واحدة تشطب جميع هذه القرارات وتغيّبها وتحيلها إلى سراب فلقد جاء تحت عنوان هدف الاتفاق الدائم:
1- إنهاء عصر المواجهة.
2- سيؤدي تطبيق الاتفاق إلى إنهاء مطالب الطرفين النابعة من أحداث وقت قبل التوقيع على الاتفاق. وبهذا تنتهي إمكانية أن يطرح أي من الطرفين مطالب تعود إلى عصر قبل التوقيع. أو إلى قرارات صدرت قبله.
بمعنى أن الوثيقة- الاتفاق- تضع حداً فاصلاً ما بين عصرين عصر ما قبل وثيقة جنيف وهو العصر الذي صدرت فيه قرارات دولية لصالح القضية العربية- وعصر ما بعد الوثيقة حيث تنتهي جميع القرارات والمطالب العائدة للعصر البائد.
إذا عدنا إلى مؤتمر مدريد فإن ذلك المؤتمر استند بالأساس إلى القرارين 242 و338. ولم يلغ أو يشطب القرارات الدولية الأخرى التي تمت الإشارة إليها مثل القرار 194 وإذا كان صحيحاً أن مؤتمر مدريد جعل من الشرعية التفاوضية بديلاً عن الشرعية الدولية فإن وثيقة جنيف تلغي وتشطب جميع القرارات السابقة وتجعل من الاتفاق وثيقة دولية رسمية تلغي وتشطب ما قبلها.
وهذا يعني أنه بعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ لن يكون بوسع أي بلد عربي أو فلسطيني التحدث عن القرارات السابقة ويعني أيضاً أن الوثيقة حسب ما جاء في "مجموعة التطبيق الدولية" التي ستقام للرقابة على تطبيق الاتفاق والتي ستضم كلاً من الولايات المتحدة- وروسيا والاتحاد الأوروبي- والأمم المتحدة وكندا وممثلين آخرين من المنطقة والعالم. بحيث ستكون القوة متعددة الجنسيات التي ستشكل جزءاً من مجموعة التطبيق هي الأساس الوحيد الذي سيتم بناء عليه حل الصراع أي بمعنى أن الوثيقة بعد أن تصبح جزءاً مكملاً لخارطة الطريق التي أقرتها الأمم المتحدة بتاريخ 20/11/2003 والتي طرحها المندوب الروسي. فإنه لن يحق لأي عربي أو فلسطيني العودة إلى أي من قرارات الأمم المتحدة أو حقوق الإنسان أو الاستناد إلى القانون الدولي الموضوع لحل النزاعات أو العودة إلى محكمة العدل والجزاء الدوليتين أو اتفاقيات جنيف لعام 1949 أو غيرها إي بمعنى أن ما جاء في الوثيقة يفقد العرب والفلسطينيين أية حقوق قانونية لهم غير الحقوق الواردة في الوثيقة فقط.

5- الوثيقة تعزل القوى الوطنية والشعبية العربية والفلسطينية خارج فلسطين:
طالما أن الموقعين على الوثيقة تحركوا برعاية عرفات وسلطته وبغطاء منه فإن كل من يتعرض للوثيقة ولما جاء فيها من العرب الوطنيين والشرفاء سيبدو أمام شعبه كما لو "أنه ملكي أكثر من الملكيين" كان يتدخل في شؤون الفلسطينيين الداخلية وضد ما توافق عليه سلطتهم المنتخبة والمحبوبة. فإذا ما قام عربي بتوجيه أي انتقاد للاتفاق سيدفع الفلسطينيين إلى الوقوف بوجهه وإلى مزيد من الالتفاف حول عرفات وسلطته وكذلك حول الاتفاق نكاية به. كما أنه لم يعد بمقدور القوى الفلسطينية الوطنية التي تمثل غالبية اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في الخارج أن توجه النقد للاتفاق والوثيقة لأنها ستبدو لكثير من العرب والفلسطينيين أنها تتحرك مدفوعة بأوامر خارجية. مما سيوقع بيد جميع القوى الوطنية العربية والفلسطينية الشعبية أو نخبها ويظهرها بمظهر من يعارض القيادة الشرعية المنتخبة للشعب الفلسطيني وبمظهر الذي يضع العصي أمام عملية السلام ويدعم الإرهاب والإرهابيين. ومن المؤسف أنه لم يعد باستطاعة حتى موارنة لبنان الاعتراض على الاتفاق الذي سيلحق أضراراً فادحة بمواقعهم السياسية على المدى البعيد بعد أن قدم أعضاء قرنة شهوان الحل عن طريق إعطاء الفلسطينيين الذين سيتم توطينهم في لبنان جوازات سفر فلسطينية وإقامة دائمة تحول بينهم وبين ممارسة حقوقهم كمواطنين مسلمين لبنانيين مقابل أن يتخلى البنك الدولي عن جزء من ديونه على لبنان.

6- الوثيقة تضع مستقبل العرب والفلسطينيين أمام الجدار الإسرائيلي المسدود:
عندما تؤكد الوثيقة على "التنديد بالإرهاب والعنف الذي تقوم به المنظمات والأفراد" ولا تشير إلى العنف الرسمي والمنظم التي تقوم به دولة وقوات الاحتلال يومياً وإرهاب الحكومة الإسرائيلية فإنما تندد بالمقاومة العربية والفلسطينية فقط وتعطي الحق لقوات الاحتلال بممارسة القتل والتدمير وعندما تطالب الوثيقة الطرفان بالامتناع عن أعمال وسياسات تحرض أو يمكن أن تغذي الإرهاب بما فيها الدعم المالي المقدم للفلسطينيين الذين فقدوا آباءهم أو إخوانهم أو أصيبوا خلال عمليات التدمير، بينما لا تشير إلى الدعم المالي غير المحدود الذي يقدمه الصهاينة والأمريكان لإسرائيل فإنما يقصدون التنديد بالدعم المقدم للفلسطينيين وترك المجال للصهاينة للحصول على جميع أنواع المساعدات المالية والعسكرية.
وعندما تطالب الوثيقة نزع أسلحة الدمار الشامل في المنطقة دون الإشارة المباشرة والصريحة بإزالة أسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها إسرائيل فعلاً فإنما تعطي الحق لإسرائيل وحدها في المنطقة بامتلاك هذه الأسلحة وتخزينها. وعندما تصر الوثيقة على اعتبار المفاوضات وسيلة وحيدة لحل جميع القضايا العالقة فإنما تضع العرب والفلسطينيين أمام خيار وحيد، خيار الخضوع للإملاءات الصهيونية المدعومة بالقوة العسكرية وأسلحة الدمار الشامل.
وعندما تعلن الوثيقة أنها تسقط جميع المطالب السابقة دون ترك أي مجال للمطالبة والمساءلة من قبل الجانبين في المستقبل حسب نص الاتفاق فإنما ترسي الأساس لمستقبل تستطيع إسرائيل فرض كل ما تريده على العرب والفلسطينيين والعالم.

رؤية الوثيقة من الخارج:
يرى بعض المحللين الفلسطينيين والعرب أن هذه الوثيقة ليست أكثر من مبادرة فلسطينية تظهر حسن نية الفلسطينيين في التوصل إلى السلام لمحاصرة الإسرائيليين (وإظهارهم بمظهر المتعنتين الرافضين).
لنا أن نتساءل هل تتم محاصرة شارون وتجمعه الصهيوني بتقديم التنازلات عن الحقوق الفلسطينية الوطنية والثابتة وغير القابلة للتصرف. وبالتخلي عن حق تقرير المصير والدولة المستقلة ذات السيادة؟
يرى بعض المحللين أن الوثيقة سوف تشق الشارع الإسرائيلي وتؤلبه ضد شارون المتشدد لكن الوقائع أظهرت أن الشارع الإسرائيلي لم ينشق بل ازداد تمسكاً بشارون وباليمين المتطرف. والحقيقة هي أن الوثيقة  حققت كل ما يرغب به ويريده شارون وتجمعه الصهيوني المتطرف جداً.
فعندما تثبت الوثيقة حق إسرائيل في أن تكون دولة يهودية صرف وحقها في السيادة الكاملة والمطلقة على الدولة الفلسطينية وحقها في القدس الشرقية والكبرى كعاصمة لإسرائيل وبحائط البراق وساحته.. مع تثبيت عدم عودة لاجئ فلسطيني واحد وعندما تتنصل عن مسؤوليتها عن قضية اللاجئين فإنها تثبت كل ما طالب به شارون وأكثر, وبما لم يحلم به اشد المتعصبين الصهاينة من أن فلسطين كلها والمنطقة كلها من الفرات للنيل هي حق تاريخي طبيعي للصهاينة. وإن ادعاء شارون برفض ما جاء في الوثيقة ما هو إلا كذب وخداع وذر للرماد في العيون وللضحك على الفلسطينيين بدليل أنه أرسل ابنه عوزي لحضور حفل التوقيع على الوثيقة. وإن زعم بعض الصهاينة أنهم يرفضون ما جاء في الوثيقة ليس إلا من باب التصلب لدفع الفلسطينيين إلى تقديم المزيد من التنازلات وتثبيتها بدليل ما قاله شارون أمام اللجنة النيابية "لن ننتظر انهيار خارطة الطريق ونحن نتفرج بل سنجد الإجراءات الأحادية الفردية لأمن إسرائيل.
أما الزعم بأن السلطة الفلسطينية تعتبر الوثيقة والاتفاق ليست إلا مناورة فما هو إلاَّ كذب وخداع. إن موافقة أربعين شخصية فلسطينية على الوثيقة أغلبهم من فتح أو ممن هم وزراء أو ممن هم في مواقع المسؤولية الحساسة في السلطة أو من الوزراء السابقين أو ممن هم مستشارون لعرفات (دحلان المستشار الأمني ومحمد رشيد المستشار الاقتصادي وعبد ربه المستشار الثقافي يؤكد أن عرفات موافق أساساً على ما جاء في الوثيقة الخيانية وأنه من دون موافقة عرفات ما كان باستطاعة أي واحد من هؤلاء السفر والتباحث والتوقيع عن الوثيقة مما يعني أن عرفات يخاتل عندما يقول أنه الوثيقة لا تلزم السلطة بشيء طالما أن المجلس التشريعي لم يقرها.
إذا كان المجلس التشريعي لم يقرها فلماذا لم يرفضها ويعلن صراحة أنها مرفوضة؟ ولماذا لم يرفض أياً من بنودها؟ ولقد تساءل أحد الفلسطينيين "إذا كان عرفات وسلطنة لا يدافعون على ما جاء في الوثيقة أو أنهم يرفضون ما جاء فيها فلماذا يسكتون عليهم ويبقيهم عرفات في مواقعهم الحساسة وكمسؤولين عن تقرير مصير الشعب الفلسطيني؟.
وكما قال بيان صادر عن كتائب العودة المقربة من فتح "إن الطرف الفلسطيني المشارك في هذه المفاوضات هم من الذين لفظتهم حتى أحزابهم ومنظماتهم بل هم من يمارسون التخريب في ساحتنا الداخلية وهم من يجهز للمرحلة القادمة كقيادات بديلة للصفقات المشبوهة وهم يتحركون دائماً وينشطون في ظل الحصار المفروض على شعبهم وفي ذروة الدم بفضل غياب المحاسب وتغييب الشعب للاستيلاء على المنظمة وسياسة الإحتيال من قبل بعض قادة المرحلة".
وإنني في هذا المجال أجد أن أفضل كشف لهذه الحقيقة ما عبر عنه عضو المجلس التشريعي عن البيرة "عبد الجواد صالح بحيث تساءل عن سبب كون كافة المشاركين الفلسطينيين هم ممثلون رسمياً عن السلطة ويشغلون مناصب حساسة في السلطة الفلسطينية بينما لم ينضم إلى الوفد الإسرائيلي أي مسؤول رسمي في إشارة إلى أن الهدف الحقيقي لهذه الاتفاقية هو انتزاع التزامات رسمية من السلطة الفلسطينية التي شارك ممثلون عنها في توقيع الاتفاقية بينما تتهرب دولة الاحتلال عن أي التزام بحجة أن الموقفين عن الجانب الإسرائيلي لا يمثلون أي جهة رسمية. وأضاف عبد الجواد صالح إذا كان ولابد من عقد اجتماع كهذا فلماذا لم يتم إيفاد شخصيات فلسطينية غير رسمية كما فعلت إسرائيل".
وأضيف أيضاً ما جاء في بيان حق العودة المنعقد في لندن "إن الوثيقة تقدم الغطاء المناسب واللازم لبعض الأطراف العربية والدولية للتنصل من حق العودة وحق تقرير المصير" فإذا كانت السلطة وممثلوها يقرون بهذه التنازلات فلماذا لا تقر الدول الأخرى بالتنازل عنها أو تتوقف عن مطالبة إسرائيل بتنفيذها؟
إنها بالفعل أسوأ وأخطر وثيقة تصدر ضد الفلسطينيين وتلحق أفدح الأضرار بالنضال الفلسطيني والعربي الراهن والمستقبلي. كما أشار إلى ذلك عدد من الفلسطينيين الأحرار في أكثر من مكان ومجال.



#فتحي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فتحي رشيد - قراءة نقدية في وثيقة جنيف