|
لماذا 14 تموز وليس 9 نيسان عيدا وطنيا للعراق وشعبه ؟
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2348 - 2008 / 7 / 20 - 00:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طريقة طرح السؤال ذات منحى ليبرالي بمعنى انها لا تريد ان تنطلق من مسلمات ايديولوجية مسبقة وانما تحاول ان تضع التاريخين على كفتي ميزان عدالة المعرفة المتحققة ومن ثم تجري مقارنة بينهما حتى تستنطق الجواب المدعم بالادلة والبراهين استنطاقا . قد تكون الاعياد الوطنية الشعبية غير الاعياد الوطنية الرسمية ، وقد يحدث وان تكون هي ذاتها شعبية ورسمية معا وعندها فقط تكون المناسبة شاملة برمزيتها ، ومن وارد الحدوث ان تكون هناك اكثر من مناسبة وطنية ملهمة ومؤثرة ولها طابع الشمول الشعبي والرسمي معا كما هو الحال مع يوم الثورة الفرنسية والامريكية والروسية ، لقد وجدت دول العالم بانه من الانسب ان تختار مناسبة سنوية واحدة لتجعلها رمزا وطنيا رسميا على اقل تقدير ، وعليه صار من المألوف ان يكون يوم الاستقلال الفعلي هو رمز وطني تحتفل به الدول القديمة والحديثة كل عام .
العراق الرسمي والشعبي ومنذ قيام دولته الحديثة وحتى 9 نيسان عام 2003 لم يشذ عن القاعدة اعلاه حيث كانت البلاد رسميا تحتفل بيوم جلوس الملك فيصل الاول على عرشها اي يوم قيام المملكة العراقية كيوم وطني اول وهو عيد رسمي للبلاد ، اما بعد قيام العراق الجمهوري في 14 تموز 1958 صار يوم قيام الثورة ، يوم الاستقلال الناجز ، يوم السيادة الحقيقية ، يوم قيام الجمهورية الاولى هو العيد الوطني الاول شعبيا ورسميا ، وبقي هذا التاريخ وفرحته منحوتتان بالذاكرة الجمعية للعراقيين كتاج لايام اهل العراق ، نعم يحتفل العراقيون وباعتزاز غامر بكل ايام النضال المشهودة الاخرى ، وخاصة بعد قيام الجمهورية حيث تلاحم المستويين الشعبي والرسمي فصار الاحتتفال بيوم انطلاقة ثورة العشرين شرعة وطنية كما هو الحال مع يوم انطلاقة حركة مايس 1941 ويوم انطلاقة وثبة كانون وايام انتفاضتي 52 و56 . في 14 تموز تحرك ضباط وجنود العراق الاحرار مدعومين برغبة الاكثرية الساحقة من الاحزاب والفعاليات الوطنية العراقية بل باكثرية ابناء الشعب بالتغيير الجذري للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي البائس ، نحو عراق جديد لا مكان فيه للتبعية والوصاية والقواعد الاجنبية والاحلاف العسكرية ولا مكان فيه للاحكتارات النفطية وكارتلاتها التي كانت تنهب ثروات البلاد وتتدخل في رسم مستقبلها بتشويه يسوده الحرمان والتخلف ، عراق يحمي الطبقات المسحوقة ويعيد لها حقوقها المستلبة ، عراق التنمية والنماء . كانت جبهة الاتحاد الوطني التي قامت عام 1957 والتي اشتركت بها كل الاحزاب الوطنية الفاعلة وقتها هي القاعدة السياسية للثورة ، فكان الطيف السياسي ذا النفس الوطني الديمقراطي والقومي والشيوعي قد قام بتغذية رئة الثورة ورجالها ومن فصائلها شكلت حكومتها الاولى ، لم تكن الطائفة او الاثنية او الدين ما جمع الاحزاب في الجبهة اوماجمع ضباط الثورة في منظمتهم " الضباط الاحرار" كان الجميع يجتهد باتجاه عراق تقدمي حر ومستقل وسيد يعيش شعبه بكرامة وعزة . 14 تموز اصدرت ونفذت قانون الاصلاح الزراعي ، وشرعت قوانين تعزز حقوق مختلف الفئات الاجتماعية ، اخرجت العراق من التبعية النقدية للاسترليني ، اسقطت اتفاقية حلف بغداد ، حررت العراق من الوجود العسكري البريطاني واستعادت قاعدتي الشعيبة والحبانية ، اصدرت قانون رقم 80 الذي مهد الطريق لانتزاع سيادة العراق على ثروته النفطية ، اطلقت العنان لنهضة تعليمية وعلمية وعمرانية واقتصادية ، جعلت من العراق عونا لنضالات شعوبنا العربية وجزء فاعل من حركة التحرر الوطني العالمية ، هذه هي الاجزاء الاهم من منجزات الثورة العراقية الرائدة التي استحقت وعن جدارة ان يكون يومها 14 تموز اليوم الوطني شعبيا ورسميا للعراق كل العراق !
9 نيسان يوم الشذوذ في الحالة العراقية ويوم لم يباركه الا المحتلون ومن عاونهم ، لم تسقط الدولة في 14 تموز لكنها اسقطت وقسمت وحطمت في 9 نيسان ، استعاد العراق في 14 تموز نفسه وثرواته وسيادته ، في 9 نيسان فقد العراق نفسه وثرواته وسيادته ، لم يحدث اي اقتتال اهلي او نزوح جماعي على اثر ثورة 14 تموز واجراءاتها ، في 9 نيسان شهد العراق ما لم يشهده بكل تاريخه من تمزق واقتتال داخلي ونزوح مليوني ، لم يكن الفساد يشكل ظاهرة ملموسة بعد 14 تموز ، بعد 9 نيسان صار العراق مضرب الامثال بكل انواع الفساد وحسب شهادات عالمية محايدة ! الشذوذ الذي الم بالعراق ومسيرته بعد 9 نيسان 2003 كان شاملا بمفارقاته وعلاماته المليئة بالاسى ومنها محاولات اعوان المحتلين تبييض وجه هذا اليوم الاسود في تاريخ العراق باعلانه عيدا وطنيا ليحل محل 14 تموز ،، كان الرد الشعبي قاسيا ومهينا مما اخاف البياعين وجعلهم يتراجعون عن اعلانهم ، وراحوا بصمت يقررون يوم قبول العراق بعصبة الامم كيوم وطني بديل عن يوم 14 تموز المجيد ، 9 نيسان يوم من ايام الاتجاه المعاكس ، فالاحتلال وفقدان السيادة والخراب لا يلاقي ولا يصافح ولا يرحب بيوم التحرير والاستقلال والبناء ، ستبقى ذكرى 14 تموز حافزا خلاقا للنضال الوطني لمقاومة وباء الاحتلال واثاره المدمرة التي حلت بالعراق منذ 9 نيسان 2003 وحتى الان .
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يقرر مصير العراق ؟
-
أمريكا تأمر وحكومة العراق تنفذ !
-
عندما يكون المثقف متبوعا عبد الوهاب المسيري نموذجا
-
من يعاهد من ؟
-
لاحصانة للعراقي في بلاده المهانة يوميا بالوجود الاحتلالي ؟
-
يوم الاجيء العراقي !
-
معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !
-
العالم يعيد اكتشاف جيفارا !
-
-صحوة- احزاب المنطقة الخضراء !
-
لا حِراك في الفطائس يا حراك !
-
كيف سيمررون اتفاقية الانتداب الامريكي على العراق ؟
-
انطباعات في الشيوعية الروزخونية !
-
أجل اسرائيل مسمى !
-
مئة عام من النفط = مئة عام من الدماء !
-
عبود يعبر الحدود !
-
الثوريناطح الثورة !
-
أيار العراقي
-
الطبقة العاملة العراقية تبحث عن حزبها فلا تجده !
-
خمسة أعوام من الارهاب الامريكي في العراق!
-
31 أذار يتوشح بالحزن !
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|