أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصطفى العبد الله الكفري - العولمة أم الأمركة ؟















المزيد.....

العولمة أم الأمركة ؟


مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق


الحوار المتمدن-العدد: 726 - 2004 / 1 / 27 - 05:07
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


استخدمت مفردات كثيرة للتعبير عن ( العولمة ). على أن الكلمة الأكثر شيوعاً واستخداماً في هذا المجال هي Globalization  وقد أخذت من كلمة Globe ومعناها: الكرة الأرضية، الأمر الذي جعل البعض يترجمها بـ (الكونية).

    يعرّف الدكتور إسماعيل صبري عبد الله العولمة والتي يفضل أن يستخدم مكانها مصطلح الكوكبة على أنها: ( التداخل الواضح لأمور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية). [1] ولا أعلم لماذا ابتعد الدكتور إسماعيل صبري عبد الله عن المفهوم الدقيق للعولمه ؟ والذي يعني هيمنة نمط الإنتاج الرأسمالي وانتشاره بعمق لا بل هيمنة النمط الأمريكي سيما وهو يقر بأن الرأسمالية كنمط إنتاج تتغير ملامحها وأساليبها في الاستغلال عبر الزمن. كما انه يربط بين نشأة العولمة وانتشار الشركات متعددة الجنسية.

على المستوى الاقتصادي، تفترض العولمة أن العمليات والمبادلات الاقتصادية تجري على نطاق عالمي، بعيداً عن سيطرة الدولة القومية. بل: إن الاقتصاد القومي أو الوطني يتحدد بهذه العمليات. وهذا الوضع مغاير تماماً، لما كان عليه الحال في الإطار السابق، حين كانت الاقتصادات القومية هي الفاعلة، أما الاقتصاد العالمي فهو ثمرة تفاعلاتها. [2]

وإذا كان الفكر الليبرالي الجديد Neoliberal هو الناظم الجوهري " للعولمة " فإن الليبرالية الجديدة تتجه الآن ضد الدولة القومية نفسها، كأداة ضبط وتنظيم، أي أداة تدخل ولجم على الصعيد القومي وعلى الصعيد العالمي، والفكرة المطروحة حالياً إن الرأسمالية تنشط الآن على المستوى الكوني، مديرة حركة رأس المال، والخدمات والسلع وبالطبع العمل. [3] وهكذا فإن الاقتصاد المعولم يقع خارج نطاق تحكم الدولة القومية، مما يزيد في إمكانات الصراع والتنافس، ويريد من دور الشركات متعددة الجنسية ويحولها إلى شركات فوق قومية Trans – Nation  ورأسمال طليق بلا قاعدة وطنية محددة وبإدارة عالمية. ويبدو أن " العولمة " لم تفقد الدولة القومية الكثير من وظائفها كناظم وضابط اقتصادي فحسب، بل إن انتهاء الحرب الباردة، من جانب ثان، ساهم مع العولمة في تقليص وظائف الدولة العسكرية ـ الأمنية … إلى حد غير قليل. [4]

إذا صدرت الدعوة إلى العولمة من بلد أو جماعة فإنها تعني إعمام نمط من الأنماط التي تخص ذلك البلد أو تلك الجماعة وجعله يشمل الجميع: العالم كله، وإنه طالما صدرت هذه الدعوة من الولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأمر يتعلق بالدعوة إلى تعميم النموذج الأمريكي، وفرضه وفسح المجال له ليشمل العالم كله. مما يعني أن العولمة الثقافية التي راحت تصل إلى أي مكان، كل مكان تقريباً، على وجه كرتنا الأرضية، عبر وسائل الإعلام التي تتحكم الولايات المتحدة بمعضمها (خمسة وستين بالمائة من مجموع المادة الإعلامية في العالم)، ستقود بالنتيجة المتوخاة إلى قطع الصلة شيئاً فشيئاً بين الإنسان ومجتمعه ووطنه، والقفز فوق الوطن عبر صيغة العولمة هذه، وهذا ما يجب أن يرفضه العرب، ويجب أن يفعلوا. لقد رفضه المثقفون الأوروبيون قبلهم انطلاقاً من فكرة تقول بتعارض العولمة مع التعددية الحضارية ومع صلة الإنسان بوطنه وضرورة توحد المجتمع الأوروبي ضد العولمة بصيغتها الأمريكية. [5]

يقول الأمريكي توم فريدمان: " نحن أمام معارك سياسية وحضارية فظيعة، العولمة هي الأمركة، والولايات المتحدة قوة مجنونة، نحن قوة ثورية خطيرة، وأولئك الذين يخشوننا على حق. إن صندوق النقد الدولي قطة أليفه بالمقارنة مع العولمة. في الماضي كان الكبير يأكل الصغير، أما الآن فالسريع يأكل البطيء". [6]

ولكن العولمة بالمفهوم المعاصر ( الأمركة ) ليست مجرد سيطرة وهيمنة والتحكم بالسياسة والاقتصاد فحسب، ولكنها أبعد من ذلك بكثير، فهي تمتد لتطال ثقافات الشعوب والهوية القومية والوطنية، وترمي إلى تعميم أنموذج من السلوك وأنماط أو منظومات من القيم وطرائق العيش والتدبير، وهي بالتالي تحمل ثقافة (غربية أمريكية) تغزو بها ثقافات مجتمعات أخرى، ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والتفكير وجعله يعمل وفق أهداف الغازي ومصالحه. وأكد ذلك الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش حين قال بعد انتهاء حرب الخليج الثانية: " إن القرن القادم سيشهد انتشار القيم الأمريكية وأنماط العيش والسلوك الأمريكي". [7]

أضحت المعرفة العلمية بواقع (العولمة) ضرورة سياسية واقتصادية لتوضيح الأساليب والوسائل الجديدة للدفاع عن مصالح الشعوب العالمثالثية ومنها شعبنا العربي، في وجه أنظمة العولمة الأكثر حداثة في السيطرة والاستغلال والأكثر شراسة في انطلاق التوحش الرأسمالي في أعلى قدراته من حيث استخدام أرقى منجزات العلم والتكنولوجيا والمعلوماتية وشبكات الاتصال، بهدف أساسي: استثمار شعوب العالم وتحويل كل قدراتها إلى مؤسسات هائلة تملكها شركات محدودة العدد، تسيطر على كوكب الأرض والفضاء الخارجي والحكومات.

- ويسهم مشروع العولمة بشكل كبير في تآكل الهياكل والمؤسسات المتوفرة في دول العالم الثالث.

- كما أنه ينمي التناقضات الموجودة في الساحة الاقتصادية العربية وكذلك على المستوى الإقليمي والدولي. [8]

ولا مكان للدول النامية عامة والدول العربية خاصة في ( العولمة ) إلا في الاتجاه السالب، أي تأثيرها عليها وتأثرها بها. ومع ذلك فنحن بهذا المعنى معولمون منذ زمان بعيد اقتصادياً وثقافياً … وسياسياً في بعض الأحيان. [9]

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1]  - إسماعيل صبري عبد الله، الكوكبة الرأسمالية العالمية في مرحلة ما بعد الإمبريالية، مجلة الطريق العدد 4 تموز/ آب 1997 ص 47.

[2]  - فالح عبد الجبار، مجلة  (النهج) العدد 46، ص 152.

[3]  - المصدر السابق، ص 151.

[4]  - المصدر السابق، ص 154.

[5]  - عبد المطلب محمود، العولمة وثقافة الطفل العربي، دراسة مقدمة إلى المؤتمر العام العشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، دمشق 18 – 21 كانون الثاني 1997، ص 661 - 663.

[6]  - جريدة الشرق الأوسط، العدد الصادر بتاريخ 2/3/1997.

[7]  - الأسبوع الأدبي، العدد رقم 602 الصادر بتاريخ 14/3/1998 ص 19.

[8]  -  محمد محفوض، صحيفة الرياض، 24 تموز 2001 عن طريق الانترنت.

[9] - جورج المصري، المواطن العربي في الصورة الإعلامية الأميركية، مجلة الفكر العربي، العدد 84،  ص 33. نقلاً عن نصر الدين البحرة، مخاطر العولمة عل الأطفال وعلى ثقافة الأطفال، دراسة مقدمة إلى المؤتمر العام العشرين للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، دمشق 18 – 21 كانون الثاني 1997، ص 744 – 745.
   



#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معوقات التنمية الزراعية في الوطن العربي
- المرأة وظاهرة العنف
- التعاون البحثي بين الجامعات العربية والجامعات الأوروبية في م ...
- الإصلاحات الاقتصادية والتحول إلى اقتصاد السوق في الدول العرب ...
- إعداد الاقتصادات العربية لمواجهة السوق الشرق أوسطي
- الاتفاقيات والمعاهدات بين الدول العربية على طريق العمل الاقت ...
- جامعة الدول العربية ومسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك
- الدول العربية الإنجازات الاقتصادية والتحديات
- تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك
- التكامل الاقتصادي بين سورية ولينان
- المنظمات التعاونية في الوطن العربي
- سياسات الاستثمار في البلاد العربية
- مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية
- ملامح المستقبل أو خطوط الأفق
- جامعة الدول العربية الأهداف والمبادئ
- التنمية المستقلة في الوطن العربي
- الإشارة إلى محاسن التجارة للشيخ أبي الفضل جعفر بن علي الدمشق ...
- الشراكة الأوروبية المتوسطية
- التكامل الاقتصادي بين الدول الإسلامية
- وضع برنامج وطني لتحديث الاقتصاد السوري - 1


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مصطفى العبد الله الكفري - العولمة أم الأمركة ؟