حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 2342 - 2008 / 7 / 14 - 08:49
المحور:
الادب والفن
أيام وليالي في القلق والترقّب.اضطراب داخلي عميق أكثر من كل ما سبق.
تجاوزت أزمة منتصف العمر بسهولة نسبيا.بعد شباب طائش وجنون قبله طفولة شقية لا تترك لحظة تمضي بسلام وهدوء.
.
.
في رابطة المحاربين القدماء,بصحبة صديقين عتيقين مأمون وعمر أشرب وأفرط في الشراب كعادتي.
الشام جرح وحكايات مبتورة.
.
.
على باب السفارة الأمريكية نقف في الطابور.
فرنسا كانت حلمي على الدوام,السويد,ألمانيا......أمريكا أبعد من الفكرة والخيال حتى.
كل الإشارات في اتجاه واحد,سنعطى الفيزا فريدة السعيدة وأنا وسنغادر.
تحول الحلم إلى قلق وخوف.
_أنت لا تستطيع مغادرة اللاذقية أكثر من أيام.
يجزم كثيرون من أصدقائي.
"لا أعرف" تلفّ كياني كلّه.
سأركب الطائرة أخيرا
ونعبر المحيط!
*
المشكلة في الوهن والتعب النفسي.
جهد بسيط يوصلني إلى الإرهاق.تلك أولى أعراض الاكتئاب_أعرف وأواجهه بالكحول....تخدير العقل والمشاعر,كؤوس ترفع وأخرى تملأ ....اشرب يا حسين ولا تستسلم.
اللاجدوى_المريرة ثاني أعراض الاكتئاب.....لماذا؟حلقة جهنّمية بلا توقّف.
سؤال الجدوى والغايات حطّم حياتي,وتركها أشلاء مبعثرة.
اللاجدوى انتقلت بالوراثة
صوت خافت آخر
بعد خبرة الهروب الكبيرة
تفكّك الشخصية إلى كيانات منفصلة وتعمل في اتجاهات مختلفة ومتضاربة....آخر الأطوار. ما تزرعه بيد تقتلعه الثانية,وما تراه العين ليس ما تسمعه الأذن وترغب النفس فيه.........شتات.
مرآة متشظية هي نفسي.
*
في البيت العتيق أقدم الغرف_لطالما رغبت في مغادرتها إلى أبعد ما أستطيع. فيها فقط أشعر بالهدوء والسكينة.
هنا حدث كلّ شيء.
هنا زرعت الأمراض والخوف والعقد والنقص مع الأحلام والرغبات والذاكرة.
هنا قاع واقعي النفسي_استسلم وأغفو.
.
.
.
رواية"الخريطة الصخرية" لصديقي نضال,أعيد قراءتها مطبوعة وفي غلاف أنيق.
.....يا ذا الجلالة,هب أن دماغي أتلف بتلك الهبطة,وأنك كسرت عظامي وأذقتني المرّ بألف لون وطعم,لن أرفع نظري إليك_بالتوبة_أبدا. فإما تميتني ميتة كاملة أصيلة. ميتتي الخالصة التي أستحقّ,حيث لا يصعب عليك موت,وإما أن تحضر نفسك لملاقاتي دائما.كلّ ليلة...
رواية هذه الجبال اللعينة,يكتبها الرجل الوحيد الناجح بيننا.
_لا تتردد.اذهب. أنظر إلى العالم من الجهة المقابلة.
يأمرني نضال جديد مشدّدا على ضرورة التجربة وأسبقيتها.
*
ثلاث مسافات إلى السفارة الأمريكية.
في الطابور والشارع_حتى الباب,مرحلة إذلال.
من الباب وحتى آخر موظف ة سوري ة,مرحلة إزعاج.
بعد أول كلمة مع الأمريكية والأمريكي وحتى موعد النتيجة,صدمة وذهول.
فرح وبشاشة,تفور الصحّة من العينين والكلمات شبه المفهومة...مرهبا....مرهبا.
_ماذا ستشتغلين في أمريكا؟
لا اعرف. ردّ فريدة السعيدة المختصر والكافي.
لا اعرف أيضا,أقولها بعشرات الجمل والتعبيرات الجسدية المتعثّرة.
_أمامهم تنهرني فريدة السعيدة:تمال نفسك حسين.
.
.
.
هل هذه هي المقابلة؟
نضحك ونتسكّع في شوارع دمشق.
كأننا نجحنا.
*
.
.
لم اخدع سوى نفسي
.
.
كيف أصل إلى الغد؟
مشاعر كثيفة تحاصرني.
*
الخوف من الفشل.
ربما هو قلق التوقّع,ما يبعد النوم ويحوّله إلى حلم بعيد المنال.
.
.
فجر واحد تموز,تجاوزت الرابعة صباحا,عجزت عن النوم.
جرّبت كلّ الخبرات السابقة_عدا الكحول_بلا جدوى.
.
.
أتخيّل نفسي من الخارج,بداية من أصابع القدمين.صعودا إلى الأعلى,الحوض والقلب والرئتين....الدماغ وعالم الخيال الغامض.
أعدّ بصوت مسموع,ثم بصمت.
استحضر في عقلي كلّ الأشياء التي أحبّها.
فكّرت بما بعد الموت والغياب النهائي.
ما الذي يقلقني؟
ما لذي يخيفني؟
أعددت الخراف والسيارات والأسماء.
بلا جدوى.
في الصباح استكمال أوراق الفحص الطبي. مقابلة السفير أو من يقوم مكانه بعد أسبوع.
الجميع نيام في بيت ياسر بالسومرية.
فريدة السعيدة بعدما قرّرت,ورضخت لأمرها_اليوم لا عرق.
وتشخر منذ ساعات.
*
سأذهب إلى الفحص الطبي بدون نوم.
فعلتها مرارا فيما مضى وفي حالات مختلفة.
.
.
.
هل هي رغبتي العميقة بالرفض؟
*
اليوم قبل الأخير لختام مهرجان جبلة الثقافي.
بلالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالاد محزنة.
عماد جنيدي على باب المركز الثقافي,يكاد يسقط من شدّة نحوله وضعفه.
من هو مدير المركز الثقافي في جبلة؟ سؤال سيتردد على مسامعي كثيرا,قبل المهرجان وبعده_ليست تهمة أحمد وجهاد وفايز أقلّ,أدونيس بدوره في مركز الدائرة.
فساد الذوق والذائقة,عملية تاريخية....لا شكّ.
.
.
.
_هل ستشارك في مهرجان هذه السنة؟
لا.
في الحقيقة,لست في بال أحدهم.
لا الدكتور فايز وهو يطير فرحا,بدايات كيكا,وقصيدته إلى جوار سعدي يوسف_بوساطتي.
ولا القاص_الشاعر أحمد,والذي أحببت كتابته أكثر من شخصه.
ولا الأستاذ جهاد, وهو يرمي الإبداع في طريق الإعلام.
.
.
ما كنت لأشارك في هذا المناخ.....................الموبوء.
حسنا فعلوا وفعلت.نبقى أصدقاء.
.
.
رسالة فرات من وراء الحدود,ذكّرتني بالمهرجان وأهله وأرضه.
.
.
بقينا تحت سقف واطئ
نمضغ الألم جيلا بعد جيل.
*
قبل يومين_على جسر الجامعة,....أرغب برؤية عينيك بلا نظارات.
_ماذا رأيت؟
جمال.....مخطوف,يتفتّح بقوة الجمال وحده.
.
.
أريد قبلة.
_لا ارغب.
.
.
منذر مصري مع دريوس ورائد وحش وصديقهم منار....الصحفي والشاعر,ربما.
على موقف الجامعة نتصافح, في الطريق إلى جبلة ومهرجانها.
.
.
عماد جنيدي مع زكريا إبراهيم على باب المركز.
عادل محمود بضحكته الطريّة.....ألمح بعض الخبث في عينيك يا عادل!
*
على جسر الجامعة أسقط في طريق العودة من سيارة منذر,إلى بسنادا.
هنا فريدة السعيدة.
هنا بيتنا.
.
.
هنا الألم كبير
ولا شيء يمكن نسيانه.
*
في قصيدة نثر نتفحّص نضال وأنا أسماء الشعراء,بندر عبد الحميد_شخص لطيف,قابلته مرة....شعره أيضا يقرأ,
طاهر رياض شاعر تفعيلة معقول,
أطلق الأحكام المرتجلة,ونتفق على اللقاء في صالة المركز الثقافي في جبلة.
.
.
بعد ساعة. اصعد تلّة بسنادا إلى جبلة.
بعد يوم ينتهي المهرجان.
بعد سنة أترك اللاذقية لأهلها.
بعد خمس سنوات أو ست أو عشر.
أكون في الجهة الأخرى_من المعنى أو الوجود,
ولا عين رأت ولا أذن سمعت
.
.
هل قلت وداعا للاذقية التي.....تحبّ وتكره!؟
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟