أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف هريمة - مخطوطات قمران والفكر الآسيني















المزيد.....


مخطوطات قمران والفكر الآسيني


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2344 - 2008 / 7 / 16 - 02:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يعتبر البحث الأركيولوجي والتاريخي من أهم العلوم في باب المعرفة الإنسانية، المفتوح على مجموعة من الاكتشافات والحقائق المبثوثة هنا أو هناك، وتزداد أهميته في عالمنا المعاصر والفكر يتطور بشكل كبير، بسبب تسارع مسلسل العولمة الصناعية والثقافية والعلمية، وبسبب هذا الكم الهائل من الثورة التكنولوجية التي خولت لإنسان اليوم سبر أغوار المجهول بكل تجلياته. عرف هذا المجال كغيره من المجالات الإنسانية مدا وجزرا وحركات امتداد وانحسار في فترات متفاوتة، وساهمت الحرية العلمية والفكرية في البلاد الغربية بشكل كبير في الدفع به من أجل أن يأخذ مساره الطبيعي، بغض النظر على نتائج البحث سلبا أو إيجابا.
لم يقف البحث الأركيولوجي مقتصرا على دراسة الإنسان بشكله التاريخي، بل تجاوز ذلك إلى أبعاد أخرى كانت في القرون الوسطى تعتبر زندقة، لا يمكن أن يسلم منها أي متجاوز لهذا الخط الأحمر إلا وجسده مفصول عن رقبته، ولعل أهم معطى من هذه المعطيات التي تمت دراستها هو الاكتشافات الدينية أو التنقيب الديني عن الكتب أو المخطوطات، أو الأماكن أو كل الإشارات المتعلقة بالدين من قريب أو من بعيد. وللأسف الشديد فالبحث بهذا الشكل لا زال لم يعرف طريقه بشكل كبير إلى العالم الإسلامي، نتيجة مجموعة من الظروف التاريخية والثقافية المؤسسة أساسا من ثقافة ترى في البحث العلمي ضربا لمصداقية النص، وليس تزكية أو طرحا له بدرجة من الدرجات. كل هذه العوامل تمشي وفق سيرورة معينة تعيد التاريخ ولا تستفيد من قوانينه وضوابطه، عبر دينامية معينة تقفز عبر التراكم الإنساني إلى آفاق يكون فيها البحث مؤسِّسا لتنمية الإنسان من جميع نواحي الحياة، وليس تكريسا لثقافة خالية لم يجْنِ منها الإنسان إلا اصطدام حقيقي بمقررات الدين أو الثقافة الدينية، وبالتالي العودة إلى الصراع الأبدي بين العلم والدين في العقل السلفي.
كانت هذه مقدمة أحاول من خلالها الولوج لموضوع اليوم عبر مدخل هذا البحث الأثري في أساسياته، ألا وهو اكتشاف مخطوطات قمران أو كتابات البحر الميت كما يطلق عليها البعض، فما هي هذه المخطوطات؟ وعلى ماذا كان يدل هذا الاكتشاف الأثري؟ ومن هم كتبتها؟...
هذا ما سنراه في ما يلي:
*- مخطوطات قمران وبداية الاستكشاف:
قبل الحديث عن مخطوطات قمران لا بأس أن أضع القارئ وفق التصور الجغرافي لما يسمى بخربة قمران، فهذه الأخيرة تقع في الشمال الغربي للبحر الميت وتبلغ مساحتها 2كلم مربع، موقعها يطل على جبال المؤاب الأردنية، وتقع منذ سنة 1967 والحرب العربية تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي الذي حولها إلى مرافق سياحية يجلب منها الكثير من الأرباح.
كانت بداية الاكتشاف الأولى لمخطوطات قمران في عام 1947 ، وتقول الرواية بأن مكتشفها هو أحد البدو الرعاة الذي كان يبحث عن شاة ضالة، فلما ألقى بحجرة وهو في طريق بحثه عن ضالته ارتطم الحجر بشيء محدثا صوتا دفعه إلى محاولة اكتشاف مصدر الصوت، وقد تم دخوله بالفعل إلى إحدى المغارات الموجودة هناك، حيث تم عثوره على العديد من الجرار البالغة علو قدمين طولا وحوالي عشر بوصات عرضا، وتحوي بداخلها العديد من المخطوطات المصنوعة من جلد رقيق ملفوفة في كتان. تم العثور هناك على حوالي 11 مخطوطا قد تم أخذها ليباع بعضها إلى تاجر ببيت لحم، سيبيعها هو الآخر إلى أستاذ بالجامعة العبرية، والأخرى المتبقية سيشتريها رئيس أساقفة دير القديس مرقس السرياني الأرثوذكسي.
لم يتوقف البحث هنا أمام هذا الاكتشاف التاريخي الهام، بل أرسلت النسخ إلى المعهد الأمريكي للدراسات الشرقية بالقـدس؛ ليكتشف أنها نسخة كاملة من سفر إشعياء أحد أنبياء العهد القديم يرجع تاريخ كتابتها إلى حوالي مائة سنة قبل الميلاد، أما الكتان الذي كان يلف هذه المخطوطات داخل الجرار فلقد أجريت عليه البحوث العلمية بمعهد الدراسات النووية بالولايات المتحدة الأمريكية الذي أكد رجوع هذا الكتان إلى ما بين 167 ق.م إلى 233 م حسب مقياس جيجر.
كانت هذه هي بداية الكشف الأثري لهذه المخطوطات واللفائف التي سميت بلفائف البحر الميت، واستمرت البحوث وتوالت بعدها على المنطقة مسحا وتنقيبا، ليكتشف المنقبون سنة 1957 إحدى عشر كهفا تضم 400 مخطوط، يضم الكهف الرابع منها أكثر من عشرة آلاف قصاصة لمجموعة من أسفار العهد القديم إلا سفر إستير، واستمرت الرحلة والبحث لا زال متواصلا لحدود الساعة.
وهذه كتب مرتبة حسب عدد المخطوطات الموجودة:

Livres Nombre de manuscrits
Psaumes 39
Deutéronome 33
Hénoch 1 25
Genèse 24
Isaïe 22
Jubilés 21
Exode 18
Lévitique 17
Nombres 11
Petits prophètes 10
Daniel 8
Jérémie 6
Ezéchiel 6
Job 6
Samuel 1 & 2 4

*- المغارات والبحث الأثري:
بدأ التنقيب رسميا في هذه البقعة الجغرافية من الأردن سنة 1949 ، وتواصل البحث إلى سنة 1952 حيث أسفر التنقيب الأثري على اكتشاف جرة سليمة تماثل في الحجم والشكل الجرار التي اكتشفها الراعي أول مرة ووجدت في الكهف الأول بمنطقة قمران، كان هذا الأمر دافعا للكثير من الباحثين للربط بين من كانوا يسكنون هذه الكهوف والمغارات من جماعات دينية، والمخطوطات التي وجدت في الكهف الأول. كما تم العثور على مقبرة متصلة بالخربة بها هياكل عظمية لرجال ونساء، وتم اكتشاف برج كبير ومبنى رئيسي للجماعة يشغل مساحة 12 قدماً مربعاً تقريباً في الجانب الشمالي من حجرة الطعام والمطبخ ، وإلى الجنوب الغربي كانت توجد خمس حجرات عثر في إحداها على بقايا مقاعد رخامية، وتم العثور على محبرتين من العصر الروماني احداهما من الخزف والثانية من النحاس الأصفر. ولم يكتف البحث عند هذا بل تم وجود أيضا قمينة للفخار وعثر على مراحيض وأحواض مياه وخزانات...
وهذه أهم المغارات:
المغارة 1: تم اكتشافها سنة 1949 أي سنتين بعد الاكتشاف الرئيسي للفائف البحر الميت، وقد بدأ التنقيب في شهر فبراير من خلال بعثة من الباحثين قادها G L Harding, Roland de Vaux, Ibrahim El-Assouli, عن متحف Rockefeller، انتهت باكتشاف أكثر من 600 قصاصة مرتبة إضافة إلى قطع خشبية وفخارية.
المغارة 2: تم اكتشافها سنة 1952، من طرف مجموعة من البدو، ليست ضخمة وتحوي مجموعة من القصاصات تم العثور عليها هناك وبيعت للمعهد الأركيولوجي الفلسطيني والمدرسة الكتابية biblique) ( والأركيولوجية الفرنسية بالقدس.
المغارة 3: تم العثور عليها في 14 من مارس من نفس سنة 1952، وتحتوي على مجموعة من المخطوطات ولفائف نحاسية.
المغارة 4: تم اكتشافها من طرف Roland de vaux مدير المدرسة الكتابية والأركيولوجية الفرنسية، وتضم هذه المغارة أكثر من 500 نص مخطوط نشر منها 100 مخطوط بعد خمسين عاما من الاكتشاف.
*- جماعات قمران والفكر الآسيني:
في الكهف رقم 1 تم العثور على مخطوطات من بينها ما سمي ب " نظام الجماعة "، تحتوي على السير العام لتلك البيئة الخاضعة لشروط وعقائد وعادات معينة من طرف جماعات إنسانية كانت تسكن هذه الكهوف. أوضحت هذه المخطوطات ونظامها بأن الجماعة تتكون من مجموعة من الكهنة يحيون حياة مشتركة، وفق طقوس معينة يترأسهم مؤسس الطائفة الذي يدعى" المعلم البار ". كان هذا الأخير صاحب سلطات دينية عديدة يبسطها على نظام الجماعة، بصفته مرسلا من الله ليعلن الدينونة في شعب إسرائيل ويفسر الكتاب المقدس بما لم يستطع الرسل أنفسهم أن يبلغوه للناس، والتبشير بنجاة جماعة قمران من الدينونة لارتباطها بالحرفية التوراتية والمعلم البار. كان هذا التوجه الديني ينذر بمعارضة شديدة من بعض التيارات الأخرى لعل أبرزها ما أشارت إليه الوثيقة نفسها من وجود ما سمي بالكاهن الشرير، الذي مثل المعارضة الحقيقية لتوجهات المعلم البار في مراحل تشكل الجماعة.
كان قانون الجماعة قانونا صارما يخضع له كل راغب في الدخول إليها، من خلال المرور والخضوع لطقوس معينة يتم تسليمه فيها العضوية بعد ثلاث سنوات. آمنت طائفة قمران بإقامة الحكم السماوي على الأرض، وظهر ذلك من خلال كتاباتهم حول فكرة المسيا وفكرة الانتظار نظرا لارتباطهم الوثيق بالتوراة. كما عرفت الجماعة عنايتها الكبيرة بالجانب الطقسي خاصة المتعلق بالطهارة عبر طقوس معينة، واحتل هذا الأمر حيزا كبيرا في الفكر القمراني، إضافة إلى العناية بدراسة التوراة ومعاهدته بشكل كبير.
ربط العديد من الباحثين بين طقوس جماعة قمران والفكر الآسيني، هذه الجماعة اليهودية التي لم يوردها العهد الجديد مقارنة بأخرى كالصدوقيين والفريسيين، وكلمة الآسينية آرامية تعني الطبيب أو المداوي، واستوطنت شمال غرب البحر الميت كما مر معنا بحسب بعض الباحثين فى الفترة ما بين القرنين 2 ق.م و1 ق.م، وهم جناح متطرف من الفريسيين وقفوا ضد التجارة وانسحبوا من الحياة العامة. قسَّم الآسينيون الناس إلى فريقين: البقية الصالحة من جماعة إسرائيل وأبناء الظلام، وعاشوا على عملهم بالزراعة لا يتناولون إلا ما أعدته أيديهم من الطعام، وحرموا الذبائح وحرموا على الأغلبية منهم الزواج. إلا أن البعض الآخر من الباحثين لا يرى بأن الفكر الآسيني هو من كان وراء كتابات قمران بدرجة من الدرجات، لوجود تفاوتات فكرية مع جماعة قمران كممارسة القمرانيين طقوس الزواج وتقديم الذبائح.



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طقوس الموت والامتداد الثقافي
- ما وراء الكواليس !!!…
- حي على الصلاة... !!!
- يا قارئة الكفِّ والفنجان!!!
- عبد الرحمن المجذوب وعقدة الأنثى المغربية!!!
- وتستمر الممانعة...
- قناة العربية والأزمة اللبنانية
- لعنة السياسة وسيف المذهبية
- الدراسات المقارنة بين المعرفة والتحيز
- أين الحقيقة...؟؟؟
- عيدُ الأُمِّ شعلةٌ لا تنطفئ...
- القرآنيون والتوظيف الإيديولوجي
- مدخل إلى الكتاب المقدس؟؟؟
- حتى الأقلام تبكي...
- أكادير: تنمية بشرية أم جنسية
- الثقافة العربية وسؤال النخبة؟؟؟
- نظرية مالتوس وأزمة الزواج العربي
- رمتني بنضالها وانسلت؟؟؟
- الفن الملتزم وثقافة العولمة
- وتكسًّرَ غُصن الزَّيتون...


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف هريمة - مخطوطات قمران والفكر الآسيني