|
قتل السجناء والمعتقلين من صلب سياسة البعثيين
جان كورد
الحوار المتمدن-العدد: 2342 - 2008 / 7 / 14 - 09:00
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يقتل فيها زبانية البعث الحاكم السجناء والمعتقلين، ولا أقصد هنا البعث العراقي المفضوح أمره على أثر سقوط نظامه، ورأى العالم بعينيه معتقلات التعذيب والاعدامات الجماعية والتصفيات الجسدية في طول البلاد وعرضها، وتم محاكمة رؤوس نظامه ولا يزال، ومنهم من لقي جزاء ما ارتكب حزبه الاجرامي، وانما أقصد البعث السوري الذي يحاول تجميل وجهه الكريه بعض المعارضين السوريين وبعض الأوربيين أو من تحول من النظام إلى المعارضة، عندما شعر بأن نهاية هذا الليل الطويل قد أزفت، وهم يكثرون يوما بعد يوم، والحمد لله الذي فتح عيون وقلوب بعضهم على حقيقة الجريمة الكبرى بحق الشعب السوري، وعسى أن تتحرك ضمائر الآخرين فيدعوا المجرمين ومناصبهم وألقابهم وأوسمتهم ورواتبهم المغرية ويعودوا إلى صف الشعب المظلوم والمقهور... ما حدث في صيدنايا مرة أخرى من تقتيل وتعذيب واهانة صارخة لكرامة الإنسان وتعد غير مقبول على أهم مقدسات الإنسان السوري الدينية، ليست الجريمة الأولى لهذا النظام البعثي المقيت، فله تاريخ طويل في هذا المجال، ولاحاجة لنا لذكر التواريخ وأرقام الضحايا، فبامكان القارىء الحصول عليها بالسرعة الالكترونية، حيث تحتفظ منظمات حقوق الإنسان بتلك المعلومات التاريخية بدقة تامة... من يستطيع نسيان اقدام هذا النظام العفلقي المتخلف حضاريا على جريمة اخراج المعتقلين بالجملة من سجن تدمر ليلا وتصفيتهم بالرصاص ، وردمهم بين قتيل وجريح تحت التراب، ومن ثم نقل رفات الضحايا بعد أعوام من مكان الجريمة، حتى لايجد المحققون دليلا ماديا ملموسا، عندما ازداد الحديث حدة حول الموضوع بين المهتمين بهذه الجرائم دوليا، وتم شطب واخفاء وحرق الكثير من السجلات الرسمية، بل هناك شكوك حول حرق رفات الشهداء ونثر بقاياها على مساحة واسعة من الصحراء...فالبعثيون السوريون أشد حذرا من الطغاة العراقيين، رفاقهم في العقيدة الحزبية، فصدام حسين كان متهورا وغير آبه لما قد يحدث له، وكان مقتنعا تماما حتى لحظه جره إلى غرفة الاعدام التي كان زبانيته يعدمون فيها معارضيه بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تتخلص منه أبدا، وقد تعيده للحكم من جديد... من لايتذكر جريمة أخرى للنظام السوري في السجون، وأعني حريق سجن الحسكة الذي راح فيه عدد كبير من السجناء الكورد، فأحرقوا أحياء، ثم عمل النظام على تشويه الحقائق، واخفاء المعلومات وتهديد الشهود أو ابعادهم، واجراء تحقيق غير نزيه وغير قانوني بهدف اظهار الجريمة وكأنها حادث عرضي...وذلك وسط تعتيم إعلامي كالعادة، حيث لا إعلام حر في البلاد، ولايسمح للاعلام الخارجي الوصول إلى أماكن حدوث مثل هذه الجرائم مطلقا، أو قد تتم دعوة بعض الصحافيين عندما يخلو الحمام تماما... وراحت دماء الكورد هدرا في دهاليز الديموقراطية السورية المحكمة منافذها بدقة صارمة، كما راحت دماء الإسلاميين في سجون حماه وحلب والمزة وتدمر والقلعة وسط هزيج عارم للاشتراكية وتحت راية الرسالة الخالدة (!)... من يستطيع نسيان استدعاء الشباب الكورد خاصة والسوريين عامة، ليقضوا عدة أيام في غرف التعذيب البعثية التي تشتهر باحتوائها على أساليب وأدوات خاصة بالتعذيب وفنونه التي يندر وجود مثيل لها في العالم الخارجي، والتي تهدر فيها كرامة الإنسان بصورة لايتصورها العقل، ثم تسلم جثث هؤلاء الشباب إلى ذويهم، ويؤمرون بعدم فتح التابوت الذي فيه الجثة لما تعرضت له من تشويه مرعب، بل ويجب دفنها ليلا، بحضور أفراد العائلة فقط، تحت طائلة العقوبة، وهنا نرى البعثيين السوريين أرفع درجة من البعثيين العراقيين الذي كانوا يطالبون ذوي الشهيد بدفع ثمن الطلقات النارية التي صرفوها لقتل فقيدهم أو فقيدتهم... وهذا يجب تسجيله كنقطة "تقدمية – سوسياليستية" للبعث السوري الذي يدفع ثمن الطلقات من الجيوب المثقوبة لوزارة المالية... ولما لا فهذه الطلقات لاحاجة لها على جبهات القتال لحماية الوطن، ويمكن صرفها من قبل الضباط للصيد أو لبيعها للارهابيين وزعماء المافيا أو لقتل أبناء وبنات سوريا بها... ومن الجثث المشوهة بحقارة وقذارة كانت جثة الشيخ الشهيد الدكتور محمد معشوق الخزنوي الذي ستفوح مسكا وعنبرا مدى التاريخ للجرأة التي وقف فيها هذا الرجل يوم دفن شهيد شاب "فرهاد" ليقول كلمة سيفتخر بها كل وطني سوري عامة، وكل مواطن كوردي خاصة، لأنها تمثل التحدي للنظام في أروع صور التحدي... في هذه الأثناء التي يذرف أمهات الشهداء والمساجين الدموع بسبب ما جرى ويجري في سجن صيدنايا، يقوم المسؤولون السوريون، وفي مقدمتهم وزير الخارجية السيد وليد المعلم الذي يعلم جيدا طبيعة نظامه الذي يخدمه ومدى عدائه للحريات السياسية وخرقه لحقوق الإنسان، بمحاولات مضنية لاقناع الغرب الأوربي بأن النظام في سوريا يحترم المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلا أنه يقع في "أخطاء بسيطة!"، ولكن في الحقيقة هذه ليست مجرد "أخطاء" وانما سلسلة من جرائم قتل المواطنين بدون حق وببشاعة، بل وإن قتل المساجين والمعتقلين من صلب سياسة البعثيين الذين يؤمنون بأنهم يعملون ل"خلق الإنسان العربي الكامل" على غرار ما كان يزعمه أدولف هتلر وغيره... بعض السياسيين الأوربيين يرون أن التواصل بين المعارضة السورية الديموقراطية والنظام البعثي المستبد بالحكم أمر مفيد لدفع النظام صوب الانفتاح واجراء الاصلاحات المرجوة، ولقد كان هناك من هذا الاتجاه نواب في البرلمان الأوربي في مؤتمر استانبول الذي نظمه معهد "اسبن" للعلاقات عبر الأطلسي قبل 3 سنوات، وحضره عدد هام من منظمات حقوق الإنسان، ومعارضون من داخل الوطن، وحاول هؤلاء اقناع المعارضة السورية بأن تقتدي بالإصلاحيين الأوربيين في دول أوروبا الشرقية سابقا، حيث سلكوا طريقا غير طريق "التغيير الجذري"، وأضطررت إلى أن أوضح لهم آنذاك بأنهم لايدركون حقيقة الفوارق الكبيرة (سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا) بين أوروبا الشرقية ومجتمعنا السوري، وقد لايعلمون تماما وحشية النظام في تعامله مع المعارضة، وحتى مع المسجونين والمعتقلين منهم أيضا... أو أن هؤلاء الأوربيين يريدون من المعارضة السورية الكف عن محاربة النظام الذي يحتاجون إليه لأسباب تتعلق بمشاريعهم الخاصة بصدد اسرائيل...كما هو حالهم الآن، حيث يحتاجونه للضغط على ايران ولعزلها تماما... ولكنهم تلقوا صفعة قوية اليوم (صيدنايا) من النظام الذي ساهموا ولا يزالون في اظهاره وكأنه حمل وديع يقفز قفزات خاطئة، ولكنه لايضر تماما، وبذلك يخرقون الدستور الأوربي الذي يحاولون ترسيخه ويخرق كل مواثيقهم السابقة عن حقوق الإنسان والشعوب... إن الشعب السوري إذ يخجل من تلويث سمعته واراقة دماء أبنائه إلى هذه الدرجة عالميا من قبل حزب مستبد به، يناشد المجتمع الدولي بالكف عن محاولاته لانقاذ النظام من السقوط الذي لابد منه، ويدين المواقف الأوربية الترقيعية في هذا المجال، وبخاصة الموقف الفرنسي الرسمي تجاه النظام السوري، رغم مسلسل جرائمه السابقة وجريمته الجديدة التي يجب أن ينظر إليها كسياسة خرقاء ومؤلمة ومعادية لحقوق الإنسان وادانتها والتحقيق النزيه فيها، بدل جعل شهداء الشعب السوري ثمنا رخيصا لسياسة الاحتواء التي يمارسونها تجاه الأسد ونظامه...
#جان_كورد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التناقضات في تصريحات أردوغان نتيجة لسياسات خاطئة
-
هذا ليس بحلم وانما حق أمة
-
تقرير بيكر – هاملتون زوبعة في فنجان؟
-
أسود سوريا بين ميوعة أوروبا ودغدغة أمريكا
-
من يقتل الللبنانيين والعراقيين؟
-
الكرة الآن في الملعب التركي
-
هل تنقذ اسرائيل الأسد من شباك بيراميرزالدولية؟
-
حكام دمشق...إلى أين المفر؟
-
إعلان مابعد إعلان دمشق ...
-
الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
-
الإدارة الأمريكية وترويض الأسود
-
عبد الباري عطوان في هيستيريا وهذيان
-
ماذا تريد المعارضة السورية حقا؟
-
يسار هارب ويمين غير موجود
-
إسماعيل عمر في محل الأواني الخزفية
-
حول العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
-
حول رسالة منظمات الأحزاب الكوردية في ألمانيا للسيد جورج دبلي
...
-
حول اجتثاث البعث وتطهير العراق منهم
-
هل نخون الانتفاضة وشهداءها؟!
-
نجاح الانتخابات العراقية انتصار آخر لجورج دبليو بوش
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران
/ جعفر الشمري
-
في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية *
/ رشيد غويلب
-
الحياة الثقافية في السجن
/ ضرغام الدباغ
-
سجين الشعبة الخامسة
/ محمد السعدي
-
مذكراتي في السجن - ج 2
/ صلاح الدين محسن
-
سنابل العمر، بين القرية والمعتقل
/ محمد علي مقلد
-
مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار
/ اعداد و تقديم رمسيس لبيب
-
الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت
...
/ طاهر عبدالحكيم
-
قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال
...
/ كفاح طافش
-
ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة
/ حـسـقـيل قُوجـمَـان
المزيد.....
|