زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2341 - 2008 / 7 / 13 - 05:17
المحور:
الادب والفن
ها هي الحافلة تقترب ، ونبيل ينتظرها على المحطة على أحرّ من الجمر، انّها المرة الأولى في المخيّم الصّيفي الذي يذهب فيها إلى بركة السّباحة في هذه السّنة ، وهو يحبّ السّباحة ويشتاق إليها كثيرًا.
في السنة الماضية كان نبيل صغيرًا ابن تسع سنوات ، ورضيَ وقتها أن يسبح في المياه الضّحلة ، وهو يجيد السّباحة ، ويريد أن يسبح في المياه العميقة ويغوص ويُبرهنَ لزملائه كم هو ماهر!!
وها هو قد كَبر وأضحى ابن عشر سنوات ، ولا بُدّ له أن يُجرّب المياه العميقة ، رغم أن أهله يرفضون ، وقد حذّره أبوه بالأمس فقط قائلا : ما زلت يا بُنيّ طريّ العود ، صغير السّن ، والمياه العميقة تحتاج إلى قوة ، انتظر يا حبيبي سنة أخرى على الأقل".
لم يعجب نبيل هذا الكلام ، فقد كبر وأضحى بمقدوره أن يسبح في المياه العميقة ، ويقطع الحبل الفاصل ...سيفعلها وليكن ما يكون .
ركب نبيل الحافلة مع زملائه والفرحة تغمره ، وفجأة انتفض صارخًا : إنّي أغرق ...أغرق ...أنقذوني ...أنقذوني .
استيقظ على صراخه واستغاثته أخوه الأكبر جميل ، الذي بدأ يهدِّئ من خوفه ، ويقنعه أنّ ما رآه كان كابوسًا .
وفي الصّباح استيقظ نبيل ، فهبّ يُعانق أباه وامّه واخوته واحدًا واحدًا وهو يبكي وامّه تسأله : ماذا حَدَثَ ؟ مالَكَ يا بُنيّ ؟ ..والدموع تسبقه وهو لا يقول شيئًا .
غسل نبيل يديه وأسنانه ، وتناول فطوره ، ولبس ملابسه وتناول حقيبة المُخيّم ، فاليوم فعلا سيذهب إلى بركة السّباحة في المرّة الاولى في هذه السّنة ، وهو يحبّ السّباحة ويشتاق اليها !!.
ودّع نبيل اهله ومشى نحو المحطة ، ولكنه سرعان ما عاد يقبل أباه وامّه وهو يقول : لن ادخل المياه العميقة ، حقًا ما زلْتُ صغيرًا ...
وضحك الوالدان وهما يتساءلان ماذا دهاه ..امّا جميل فكان يضحك سرًّا !!
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟