|
حوار مع محمد مسكاوي/ الهيئة الوطنية لحماية المال العام – السكرتارية الوطنية
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2344 - 2008 / 7 / 16 - 09:09
المحور:
مقابلات و حوارات
الآلة القمعية مهما اشتدت لن تركع المواطنين والمناضلين، وبعملية حسابية بسيطة فعدد المحرومين والمعطلين والمطرودين يتجاوزون رجال القمع الممنهج آلاف المرات كل فضائح التعذيب الكبرى في عهد محمد السادس ارتبطت باسم الجنرال حميدو لعنيكري الذي بدأت سيرورة الاندحار عندما لم يعد يتحكم في المعلومة الأمنية منذ أن سُحِبَ بساط مديرية الحفاظ على التراب الوطني من تحت قدميه وتعيين ياسين المنصوري على رأس مديرية الوثائق والمستندات بعد عزل عدد من رجال الجنرال المقربين. في هذا الاطار دردشنا مع محمد مسكاوي حول إشكالية : هل حان الوقت لمحاكمة حميدو لعنيكري؟
- ما رأيكم في قدوم التنسيقية الوطنية للأطر العليا على مقاضاة حميدو لعنيكري، المفتش العام للقوات المساعدة بخصوص التدخلات الهمجية لرجالاته؟ وهل مثل هذه التجاوزات تستوجب المساءلة والمحاكمة وربما العقاب؟ + في البداية لا بد من التأكيد على الحق الثابت للمجموعات المعطلة، بمختلف أنواعها وفي جميع المدن، بحقها الدستوري والطبيعي في الشغل وفق مقاربة تضمن تمتعهم بهذا الحق والذي نصت عليه أيضا جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك بالاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى الذي أكد أن الوقفات لا تحتاج إلى ترخيص مسبق عكس المسيرات‘ إذن السؤال المطروح هنا، إن الذي يخالف القانون ومقتضياته هم رجال القوات المساعدة ومن يعطيهم التعليمات، وهو ما يبرز الجهل بالقانون والحاجة إلى إعادة التكوين في المجال القانوني والحقوقي. كما أن إجراءات المصالحة التي تزعم الدولة بأنها تنهجها كانت تستوجب الإسراع بتطبيق توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، والتي تعتبر أن أهم توصية جاءت بها هي تأهيل الأجهزة الأمنية، وهذا حكم مسؤول ورسمي، على أن رجالات العهد القديم ليسوا مؤهلين لممارسة المسؤولية الأمنية والتي أصبحت في الدول الديمقراطية أجهزة خادمة للديمقراطية والتنمية الشاملة وليس أداة قمعية، وبالتالي فمن حق المعطلين وكل المتضررين مقاضاة أجهزة القوات المساعدة ومساءلتها تطبيقا لدولة الحق والقانون وترتيب الجزاء على المخالفين. وخلال السنوات الأخيرة يمكن أن نسجل أن رجال القوات المساعدة أصبح لهم هامش كبير من التدخل في فك الاعتصامات والوقفات، وكثيرا ما يتم اللجوء إلى العنف، والعنف غير المبرر كما حصل مع الإخوة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حينما تم الاعتداء على رئيسة الجمعية إبان الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، وكذلك أحداث سيدي إفني الأليمة.
- في نظركم، والحالة هذه، هل القضاء المغربي مستعد حاليا لقبول مثل هذه الدعاوى، أم أن وضعه الحالي لا يسمح بذلك؟ + بالنسبة لموضوع القضاء لقد نادينا دائما بإصلاح هذا الجهاز عبر إقرار قضاء مستقل ونزيه وشفاف منصوص عليه ضمن دستور ديمقراطي متحاور بشأنه، وأؤكد مرة أخرى أنه مهما كانت لنا من قوانين متقدمة وترسانة حديثة تضاهي الدول الغربية، فبدون قضاء نزيه ومستقل عن الجهاز التنفيذي ليست هناك أية ضمانات لتطبيق القانون وإحقاق الحق مع عدم التعميم هذا من جهة، ومن جهة ثانية عندما نتحدث عن سمو القانون، فلا أحد يعلو عليه مهما كانت مسؤوليته داخل الدولة، مدنية كانت أو عسكرية، وأعتقد أنه في ظل الوضع الحالي إذا لم تكن هناك رغبة في محاكمة مسؤولي القوات المساعدة فلن تتم، وإذا كان هناك ضغط للمجتمع المدني فسيتم اعتماد سياسة تنقيل بعض الرؤوس إلى أماكن أخرى أو إحالتهم على التقاعد الاحتياطي بمن فيهم لعنيكري، وكما يحصل الآن مع المسؤولين في سيدي إفني، هي مبادرة لتفريغ كل محاولة للتقصي من محتواها، ونتمنى من القضاء المغربي أن يسجل صفحة مهمة للتاريخ من خلال إعمال القانون وعدم الرضوخ للضغوطات والتعليمات إذا ما تمت متابعة هذا الجهاز ومسؤوليه.
- كيف تقرؤون تجاوزات رجال لعنيكري وخروقات عناصره خلال السنوات الأخيرة كلما تعلق الأمر باحتجاجات سلمية تحرج النظام والحكومة؟ + لقد سجلنا كمجتمع مدني وطني، من خلال تقارير المنظمات الحقوقية الدولية تراجع المغرب على مستوى الحريات التي عرفت انفتاحا مهما خلال السنوات الأولى لحكم محمد السادس، وهو ما يعد للأسف تراجعا عن التقدم في مثل هذه السياسة، خصوصا بعد أحداث الدار البيضاء التفجيرية، هذا الانفتاح رغم بساطته ومحدوديته كان لابد أن يسهم في التأسيس لقواعد جديدة، حتى أن الخطاب الحكومي حاليا عندما يريد أن يروج لتجليات المغرب في هذا الإطار فإنه يعتمد على خلاصات التجربة الماضية، البسيطة والمعقدة في آن، دون ملاحظة أي جديد. تجاوزات رجال القوات المساعدة في اعتقادي الشخصي ليس لها ما يبررها لكن يمكن أن نحذر منها ومن تفاقمها"، إن تكسير عظام المعطلين والعمال المحتجين وبسطاء الشعب في ظل عالم متحول متقارب وإعلام مستقل ينقل الحقائق، لن تعيد لهؤلاء صولات الماضي"، وأنصحهم أن يستشيروا أساتذة علم الاجتماع بما أنهم لا يفقهون سوى لغة العصا وسيؤكدون لهم أن الآلة القمعية مهما اشتدت لن تركع المواطنين والمناضلين، وبعملية حسابية بسيطة فعدد المحرومين والمعطلين والمطرودين يتجاوزون رجال القمع الممنهج آلاف المرات. ومن جهة أخرى فإن سعي الخطاب الرسمي إلى بناء دولة الحق والقانون يظل خطابا فارغا، مادامت اللبنات الأساسية مازالت غائبة، أو بعبارة أدق مغيبة كالاحتجاج السلمي، التعبير عن المطالب، المطالبة برفع الظلم وغيرها من التعابير الاحتجاجية السلمية الحضارية، والاحتجاجات كما هو معروف ظاهرة عالمية وتاريخية مستمرة.
- ما هي الدوافع التي تفرض مثل هذه التجاوزات؟ هل هي فعلا لحفظ النظام أم رغبة في إبراز حاجة المخزن في استمرار عناصر مثل لعنيكري رغم كل ما في جعبتهم من تورط بخصوص انتهاك حقوق الإنسان؟ + في نظري ليس هناك دوافع لتبرير هذه التجاوزات لأننا لسنا أمام عملية معقلنة ومحسوبة، نحن أمام عقلية شائخة تربت على أسلوب القمع والتقرب إلى الحاكم، والتدرج المهني يكون بعدد العظام المكسرة، إذن فنحن أمام مدرسة بوليسية ليس لها منطق التحليل والحوار والتضحية بالمنصب في سبيل حفظ كرامة الإنسان المغربي، وهي مناسبة نستغلها لنقول إن تدبير الملف الأمني بالمغرب يجب أن يخضع للحوار والنقاش بغية تطوير الأداء بالاعتماد على تكوين عصري ذي بعد حقوقي ووطني حتى يبقى هذا الجهاز من العناصر الموحدة للمغاربة على قضاياهم الوطنية. كما أن المعارك التي تنتظر المغرب فيما يخص وحدته الترابية وباقي الثغور المحتلة تستوجب الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسئ لصورتنا بالخارج، وأنا لا أقصد تزيين صورة النظام بل أشير فقط إلى العمل على قواعد ديمقراطية وبحكامة اقتصادية، أما أن نترك البعض يجعل من عظام المعطلين قربانا للتزلف والتملق والرضا فإن هذه الأمور تضعف تماسكنا وصورتنا، وهي أخطاء يتمناها الأعداء أن تقع من أجل استغلالها.
- ألا تعتبرون استمرار مثل هذه التجاوزات من شأنه أن يؤدي إلى العصيان المدني؟ وبالتالي، ألم يحن الوقت للتخلي عن رجال العهد السابق المتورطين في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حتى لا يكونوا، مرة أخرى، سببا فيما لا يحمد عقباه؟ + أظن أن حركية المجتمع المدني المغربي وتأسيس لبنات دولة الحق والقانون تقتضي الآن وبشكل ملح وبعد أحداث سيدي إفني وصفرو، إعادة التفكير في الأجهزة الأمنية بالمغرب بكل أنواعها وحول طرق عملها، الأجهزة الأمنية ومن منطلق عملها يجب أن تسهم في التنمية الوطنية اقتصاديا واجتماعيا، ونتمنى أن نصل إلى اليوم الذي نجد فيه وزير الداخلية المغربي يقلب الطاولة على أعضاء الحكومة من أجل أن يتحملوا مسؤولياتهم وأخطائهم التي تعالجها وزارة الداخلية عن طريق الأمن. على الدولة أن نقوم بإعداد جيل من الشباب ذو تكوين عال في المجال الأمني والاقتصادي لتحمل المسؤوليات الأمنية، المغرب من خلال دستوره يصادق على كافة المواثيق الدولية ورفع التحفظات على الكثير منها، فلماذا لا يلتزم أمنيوه على الأقل بهذا الدستور، المغرب ينجب الآن مجتمعا مدنيا قويا وصحافة مستقلة ضاغطة وفاعلة لا تعترف بالطابوهات أو الخطوط الحمراء، وهي عوامل ومؤشرات على انهزام أصحاب الاختيار الأمني القمعي، إن المنطق الأمني أصبح متجاوزا ولاغيا حتى في الدول الشمولية لأنها توصلت إلى أن رغبة الشعوب في الانعتاق والتحرر من الظلم مسألة مصيرية، وأن اعتماد الصراع الديمقراطي عبر آلياته الحقيقية ضمان للسلم الأهلي والاجتماعي. إن المغرب الذي يعرف ارتفاعا للأسعار وطبقية فاحشة ونهب للمال العام ورشوة تنخر جميع القطاعات، إنقاذه يتطلب ابعاد كل المسؤولين المارقين حتى لا تتسبب تصرفاتهم واجتهادتهم في تعميق الأزمة وتكريس الاحتقان وحتى لا تنفرط حبات السلم الاجتماعي. كما أدعو البرلمان على علته إلى التدخل في هذا الموضوع من أجل تشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول الانتهاكات التي تمارس يوميا على المعطلين والمواطنين وبمختلف المناطق وعلى الاحتجاجات السلمية الاجتماعية.
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعادة -انبعاث- لعنيكري من الرماد
-
حوار مع عبد الرحيم مهتاد/ لجنة النصير لمساندة المعتقلين الإس
...
-
نحيا بالأكذوبات
-
هل صدق فؤاد عالي الهمة حين قال : - أنا لا أخشى المساءلة ومست
...
-
-التَّسَوُّلقْرَاطِيَّةُ-
-
إجهاض دعوى ضد البوليساريو ودعم أخرى لفائدتها
-
كان الهدف هو إرهاب سكان سيدي إفني
-
السكن الاجتماعي بين هاجس الربح السريع وهاجس تحسين الأوضاع
-
صورة -المغرب السعيد- ليست على ما يرام
-
إعلامي كافح بالبندقية والقلم
-
جنرالات الجزائري متخوفون من مطالبة المغرب بصحرائه الشرقية
-
مؤسسة إدريس بنزكري لحقوق الإنسان والديمقراطية
-
-الحر اللبيب بنصف غمزة تايعيق-
-
إلى متى سيتم استبلاد المغاربة؟
-
-للي قالها المخزن هي للي تكون-
-
ثراء جنرالات المغرب على حساب البلاد و العباد
-
سجين من داخل سجن القنيطرة يروي الهروب الهوليودي لتسعة سجناء
...
-
الحياة داخل القصور
-
جنرالات الجيش استغلوا ضعف النظام الملكي لجمع الثروات
-
بعدما باعت أغلب ممتلكات الشعب الدولة تفكر في فرض ضرائب جديدة
...
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|