|
هيئة النزاهة تستخدم جهاز كشف الكذب
قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 2340 - 2008 / 7 / 12 - 11:31
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نشرت جريدة (الصباح ) بعددها الصادر في 8 تموز الجاري خبرا" بالعنوان أعلاه مفاده ان الهيئة " استخدمت جهاز كشف الكذب للمفاضلة بين المتقدمين للتعيين لديها من حملة الشهادات العليا.. الماجستير والدكتوراه " . وجهاز كشف الكذب ، لمن يروم التقديم ولا يعرف عنه شيئا" !، بستعمل للكشف عن التغيرات المتقلبة " غير المستقره " للاستجابات اللاارادية التي تحصل للفرد في اثناء استجوابه . وهو ــ عكس ما يشاع عنه ــ لا يستطيع تحرّي الكذب انما يكشف عن ما يحصل للانفعالات من تقلبات ويراقب مؤشرات أساسية للاستثارات اللاارادية " الذاتية " التي تحصل لضربات القلب وضغط الدم وسرعة التنفس. والافتراض الذي يقوم عليه عمل جهاز كشف الكذب(Polygraph ) هو : عندما يكذب الفرد فأنه يحصل لديه انفعال قلق يؤدي بالضرورة الى تغيرات فسيولوجية ملحوظة في القلب والدم والتنفس . وتقنيته الفنية ، ان الممتحن يقوم أولا" بتوجيه أسئلة عادية للشخص من قبيل : " في اي جامعة تخرجت ؟ " فيقوم الجهاز بتسجيل ردود فعل فسيولوجية طبيعية يعتمدها الممتحن قاعدة للقياس . ثم يبدأ بتوجيه أسئلة محرجة مثل : " هل حصل أن قمت بسرقة الدائرة التي تعمل فيها ؟ " ويلاحظ التغيرات الفسيولوجية التي تحصل ، فان بقيت الخطوط التي يرسمها الجهاز مستقرة على ما هي عليه دلّ ذلك على ان الشخص يصدق ، وان حصلت تغيرات في الخطوط دلّ ذلك على ان الشخص يكذب . ويزعم المؤيدون لاستخدام هذا الجهاز ان دقته في الكشف عن الكذب بين ( 85 ــ 90 % ) من الحالات . فيما يشكك باحثون بصدقيته لصعوبة التحقق من ذلك ، ولمشكلتين جوهريتين الاولى : ان الاشخاص الذين يضطرون الى قول الحقيقة قد تحصل لديهم استثارة انفعالية حين يجيبون على أسئلة تتطلب كشف المستور ، مما يعني ان الجهاز قد يتهم احيانا" اشخاصا بريئين . والثانية : ان بعض الافراد يستطيعون ان يكذبوا من دون ان تظهر عليهم استثارة انفعالية ، مما يعني ان الجهاز قد يزكّي بعض الكذابين . مع ذلك ، فأن الجهاز استخدم على نطاق واسع في اميركا ، وبخاصة في قطاع الاعمال ، لانتقاء المتقدمين الذين يتمتعون بالنزاهة والكشف عن سرقات الموظفين . وفي عام 1983 زادت الحكومة الامريكية من استخدام هذا الجهاز لا سيما في الكشف عن الافراد الذين يسرّبون المعلومات من البيت الابيض الى وسائل الاعلام ، فاحدث استياءا بين الموظفين اضطر الكونكرس الاميركي الى استدعاء عدد من علماء النفس للادلاء بشهادتهم بخصوص فاعلية هذا الجهاز . وخلاصة ما انتهوا اليه ، انه بالرغم من ان درجة الاستثارة التي تحدثها سلسلة من الاسئلة تقيس فعلا" تغيرات فسيولوجية ، الا انه لا توجد استجابة فسيولوجية فريدة من نوعها لكشف خداع المستجيب. وكانت العبارة التي ادت الى اصدار قرار في عام 1988 يقضي بحماية الموظفين من جهاز كشف الكذب ، هي ان هذا الجهاز لا يتمتع دائما" بالدقة ، وانه مثل البشر قد يصدق وقد يكذب ، مع ان نسبة كذبه اقل من 50% !. ومع ان بعض علماء النفس يشجعون على استعمال هذا الجهاز لا سيما في الكشف عن مرتكبي الجرائم ( ولا يأخذ بشهادة الجهاز في المحاكم ) ، فان غالبية علماء النفس يقفون ضد استعماله ، ليس فقط لعدم قدرته على ان يقول لنا من هو الكاذب ، بل ايضا" لأن هناك اشياء بسيطة يمكن ان يفعلها الفرد ليتجنب كشف كذبه أو خداعه مثل : تناول ادوية مهدئة ، أو تحريك الجسم في اثناء الاجابة ، أو استخدام استراتيجيات معرفيه أو تقنيات التغذية الراجعة . وكانت اخر صيحة لهذا الجهاز استخدامه في اشهر برنامج تلفزيوني امريكي بعنوان ( The moment of truth) انتهى موسمه الاول بتقديم اخر حلقاته مساء الاربعاء 9 تموز الماضي ، يقدّم جوائز من عشرة الاف الى نصف مليون دولار لمن يكشف عنه الجهاز انه صادق في اجاباته . ومعظم أسئلة هذا البرنامج تدور حول فضائح جنسية وسرقات . وكان بين المتقدمين والمتقدمات من فضح نفسه وربح الدولارات ، ومن لم يكسب سوى الفضيحة .. اليكم واحدة منها : أمراة شقراء جميلة في العشرينات جاءت الى البرنامج بصحبة زوجها " ضابط شرطة " ووالديها وصديقتها ، فاعترفت بأنها تنزع حلقة زواجها حين تكون بصحبة صديقاتها في حفلة وربحت عشرة الاف دولار . وطمعت في "25 " الفا" فاعترفت بأنها خانت زوجها . وطمعت بالجائزة الكبرى التي لايفصلها عنها سوى سؤال واحد هو :( هل تعتقدين انك انسانة صالحة ؟ ) فأجابت " نعم " ، وكان جواب جهاز كشف الكذب ان الاجابة " خاطئة " .. فخسرت كل شيء وفضحت نفسها امام زوجها وأسرتها والملايين من المشاهدين ، فتناوشتها وسائل الاعلام ووصفتها بانها " المرأة الاكثر مكروهيه في اميركا " ، فيما وصفتها أخرى بانها " شجاعة " خذلها جهاز كشف الكذب . ولقد حكيت هذا الموضوع من بداية عنوانه الى نهايته لصديق في الستين من أهل " أيام زمان" فعلق ساخرا" : هيئة النزاهة هاي حيل بطرانه .. ليش ظل واحد من المسؤولين يستحي من الفضيحة . اشو صارت السرقة عينك عينك ، والينهب يسموه شاطر ، والنزيه صار بعرفهم ما يفتهم . والثانية يا دكتور : العراقيين ما يصعب عليهم جهاز كشف الكذب ، والله ليخربطون احواله ويخلوه ما يعرف الصدق من الكذب . وصدقني ، النزيه راح ايطيح بيها والكذّاب راح يعرف اشلون يضحك على الجهاز ويطلعه صادق . غير ان اطرف تعليق له حين اخبرته ان شرحي لجهاز الكذب سوف ينشر في مقالة بجريدة " النهار " تصدرها هيئة النزاهة ، فضحك وقال : " لعد اخذ من المتقدمين عموله على كشفك سرّ اللعبة!". ثم حدق بوجهي واضاف ساخرا" : دكتور .. اخاف قصدك من مقالتك هاي اتريد اتسوي دعاية لنفسك حتى الناويين يقدمون يجون عليك اتدربهم على الجهاز . بربي تستاهل .. على الاقل تشتريلك بيت بدل ما قاعد بالايجار وانت بروفيسور من 20 سنة !.
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشخصية العراقية ..وسيكولوجيا الخلاف مع الآخر
-
الاتفاقية العراقية الأمريكية ..وسيكولوجيا الورطه !
-
نحو بناء نظرية في الابداع وتذوق الجمال في العالم العربي (الح
...
-
في سيكولوجيا الدين والتعصب
-
دروس من 9 ابريل / 4- العراقيون ..وسيكولوجيا الانتخابات
-
دروس من 9 أبريل 3- تبادل الأدوار بين السنّة والشيعة
-
دروس من 9 أبريل- تحليل سيكوسوسيولوجي
-
دروس من 9 أبريل / 1- سيكولوجية الاحتماء
-
الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة /مدخل لثقافة المص
...
-
الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة(مدخل لثقافة المصال
...
-
الكراهية والتعصب..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المصا
...
-
الكراهية والتعصب ..واذكاء الشعور بالمواطنة (مدخل لثقافة المص
...
-
دور وزارة التعليم العالي ....
-
مؤتمر الخدمات النفسية والرعاية الأساسية عقب الكوارث ، الرؤى
...
-
حوار مع فرويد - 5
-
حوار مع فرويد -4
-
حوار مع فرويد -3
-
حوار مع فرويد - 2
-
حوار مع فرويد
-
ماركس ولينين ام فهد وسلام ؟!
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|