أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - قبل أن يسقط المطر.. رواية البريطاني جوناثان كو














المزيد.....


قبل أن يسقط المطر.. رواية البريطاني جوناثان كو


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 2338 - 2008 / 7 / 10 - 09:38
المحور: الادب والفن
    


يصارحنا الروائي البريطاني جوناثان كو بأن روايته الأخيرة «المطر قبل أن يسقط» ظلت تختمر في ذهنه عشرين عاماً، أو يزيد، فقد أراد أن ينتظر إلى أن يشعر بأنه وصل إلى قدر كاف من النضج يؤهله لإنجاز القصة التي تدور حول صبية ضريرة وعائلتها الممتدة، والتي استمد وحيها من واقعة حقيقية حدثت في عام 1987.
وبالنسبة لقراء كتبه التي تشبه لوحات سياسية ممتدة وذات طابع سياسي مرح فإن النتيجة في حالة الرواية الجديدة ربما تكون مفاجأة حقيقية للكثيرين، حيث أن كو يترك وراءه الكوميديا الاجتماعية ليقدم لنا شيئاً أكثر حميمية بكثير. عندما تقدم العجوز روزاموند على الانتحار، يقع على كاهل ابنة أختها جيل أن ترتب الأشياء التي خلفتها وراءها، وهي تعثر في دار خالتها على سلاسل من الأشرطة الصوتية كانت روزاموند قد سجلتها قبيل موتها مباشرة، لكي تصل إلى إيموجين، وهي صبية ضريرة تتذكرها جيل وسط معالم صدر عمرها. وتستمع جيل إلى الأشرطة، وتكتشف ملامح من الحياة التي روتها روزاموند لإيموجين عبر البومات صور عائلية عديدة.
تبدأ الرواية بانتقال روزاموند للإقامة مع عمها وعمتها في مزرعة في منطقة شروبشاير خلال الحرب، وهناك نتوثق علاقتها بابنة عمتها بياتريس، من دون أن يتم توضيح أبعاد هذه العلاقة على وجه الدقة. ومنذ الطفولة حتى الموت فإن التمحور حول الذات الذي تتصف به نساء عائلة بياتريس يحدد دور روزاموند باعتبارها قائمة بالحماية.
فهي في خلال الطفولة تتحول إلى أخت لبياتريس، ثم تغدو الوصية على ثيا، ابنة بياتريس خلال الفترة القصيرة، والسعيدة في لندن مع ربيكا، شريكة روزاموند، ومع التردي المأساوي لحياة ثيا تحاول التصالح مع الأخطاء السابقة التي ارتكبت بحق الصغيرة إيموجين.
يتلون صوت روزاموند، فهو يتردد عذبا حينا، ومليئاً بالأسف حينا آخر، ومترعاً بالحنين، ولكنه لا يوحي بالمرارة قط. فهو صوت أصيل على نحو مطلق، وتملكها لناصية نفسها يجعلها راوية مدهشة. وعلى الرغم من أنها لا تتحدث إلا بالكاد عن علاقتها بأبويها، إلا أنها تنقل دور الأم إلى بياتريس في عمر مبكر، قبل أن تحاول هي القيام بهذا الدور مع خروج بياتريس عن الدور المرسوم لها.
وهي تقول في هذا الصدد: على المرء ألا يقلل أبداً من قيمة الشعور بأنك تعرف أنك لست مرغوباً من قبل أبويك. من الصعب للغاية أن تصبح شخصاً متكاملاً بعد ذلك . وتقضي روزاموند بقية حياتها محاولة ضمان أنه ما من أحد حولها سيساوره هذا الشعور بالهجران، وعلى الرغم من كل ما تبذله من جهد فإن الأمهات السادرات في غيهن يفلحن في إخراج بناتهن من مسار العائلة.
يفلح كو ببراعة في التخفيف من عمق موضوعاته، وتمضي أمور كثيرة من غير أن تقال في الرواية، وبصفة خاصة فيما يتعلق بنزعات روزاموند العاطفية. والثغرات بين الفترات الزمنية فيما هو ينتقل بين الصور تحدث انطباعاً بالمد والجزر، بين الآمال والطموحات التي يتم التخلي عنها أو التي تتربص بها الأخطار. وهو يتركنا ونحن نتساءل عما إذا كان القدر يقف وراء تواتر الأحداث العشوائية أم أن الأخطاء الموروثة هي التي تقف وراءها.
والصورة الختامية في الكتاب التي تكرر لحظة أسى رئيسية في طفولة روزاموند وبياتريس بسيطة للغاية ولكنها معبرة إلى أقصى الحدود في غمار تحقيق هذه الحيرة المحزنة إلي حد أن الكثير من القراء قد يجدون أنفسهم وقد انهمرت دموعهم لدى الوصول إلى هذه الصورة. ويبدو مدهشاً هذا التأثير الابتعادي المزدوج للسرد الذي يروي من وراء القبر وكوصف للصور، والروائي يفلح في وضع يده على أدنى ارتجافة لهذا العالم الذي يصور فيه العلاقات العائلية على امتداد العمر.
وخلافاً للحال في العديد من كتب كو السابقة، ومنها «دار الرقاد» و«نادي الروتاري» فإن الأسلوب الذي يعتمده يبقيه في قالب الترتيب الزمني والتعامل مع الشخصية الواحدة، والنتيجة تشبه إلى حد كبير كل حوار تمنيت أن تجربه مع قريب لك موغل في العمر قبل أن تغيب شمس عمره.
وربما لم يكن من قبيل الصدفة، في ضوء هذا كله، أن ينعقد إجماع الكثير من النقاد على أن كو قدم لنا لتوه كروائي أفضل أعماله بعد أن وصل إلى ذروة النضج والقدرة على العطاء، على نحو ما يتجلي في هذه الدراسة للشخصية التي تخلو تماماً من أي شائبة.
ها هي مجلة «ببلشرز ويكلي» المتخصصة في عروض الكتب تتناول الرواية مطولاً لتخلص في النهاية إلى القول: من خلال حياة ضيقة النطاق نسبياً في جزيرة ضيقة يصيغ كو تياراً عاطفياً متدفقاً يجتذب القارئ فلا يطلق سراحه إلا عند نهاية الرواية ذاتها .
تقول مجلة «نيوستيشمان» عن الرواية إنها تقدم لنا انتقالاً جريئآً من جانب كو الذي اشتهر بكوميدياته السياسية ـ الاجتماعية الذكية، حيث أن هذه الرواية الجريئة حافلة بالتأمل وتعمق الاضطراب المكبوح، وهي متوازنة علي نحو جميل وتملك القدرة المطلقة على اجتذاب القارئ. وترى صحيفة «لوس انجلوس تايمز» في هذه الرواية عملاً متألقاً ومتوازناً ومركبا يبرهن من خلاله كو علي أنه فنان مبدع للشخصيات وللقصص التي تدور حول الشخصيات أكثر من أي وقت مضى.

ذكريات
لم أصف بعد مزرعة واردن ـ الدار نفسها ـ بأي قدر من التفصيل، ولكنني أعتقد أنني سأتحدث أولاً عن الكرافان. فقد كانت من أولى الأشياء التي أطلعتني عليها بياتريس في الحديقة، وأصبحت بسرعة المكان الذي ننسحب إليه ونختفي فيه سوياً. ويمكنك القول إن كل شيء بدأ من هناك.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجاعات الجديدة ..كوارث ليست طبيعية ..
- شرطة مراقبة الكتّّاب
- جير وبسامير
- جار برلين ..من 1961 الى 1989..
- بولندا في ظل الشيوعية
- بولندا
- الغراب:حكاية إشاعة.
- حياة شكسبير
- كيف تطهو الكبدة..؟
- عالم «اوجين يونسكو».. نوع من الاحتجاج عما يجري في العالم
- جيوسياسة التاريخ المديد لليوم الراهن
- آيديولوجية اليمين المتطرف
- أميركا في حالة حرب
- الرجل الذي رأى الدب
- الإصلاح الديني
- الأجيال المتبدلة
- أحلام السلام والحرية
- جذور الحرية.
- القارة الصفراء والعالم الجديد..
- هوغو شافيز : النفط، والسياسة، وتحدي الولايات المتحدة الأميرك ...


المزيد.....




- المفكر التونسي الطاهر لبيب: سيقول العرب يوما أُكلنا يوم أُكل ...
- بعد مسيرة حافلة وجدل كبير.. نجمة كورية شابة تفارق الحياة في ...
- ما الأفلام التي حصدت جوائز البافتا لهذا العام؟
- سفيرة الفلكلور السوداني.. وفاة المطربة آسيا مدني بالقاهرة
- إيهاب الؤاقد :شاعر يقتل الحظ والفوضى !
- الفنان وسام ضياء: الدراما عليها الابتعاد عن المال السياسي وع ...
- لون وذاكرة.. معرض تشكيلي لفناني ذي قار يشارك فيه نحو 60 فنان ...
- إطلاق الدورة الـ14 من جوائز فلسطين للكتاب
- وفاة المطربة آسية مدني مرسال الفلكلور السوداني
- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رحيم العراقي - قبل أن يسقط المطر.. رواية البريطاني جوناثان كو