أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منال جبور - فرنسا: ما وراء الحجاب















المزيد.....

فرنسا: ما وراء الحجاب


منال جبور

الحوار المتمدن-العدد: 724 - 2004 / 1 / 25 - 05:16
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


صعود اليمين دفع شرائح واسعة من المسلمين في فرنسا للاحتماء بالدين، الامر الذي استغله بعض التيارات الاسلامية في محاولة لبناء مراكز قوة لها ونفوذ؛ قد يكون قرار فرنسا نابعا من منطلق "الدفاع عن الجمهورية"، الا ان مبادئ الجمهورية كانت ستتحقق اولا بالمساواة الاجتماعية لجميع مواطنيها، وبالغاء جميع مظاهر التمييز العنصري.

منال جبور
قرار الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، تأييد تشريع جديد يمنع الرموز الدينية، بضمنها الحجاب، في المدارس الحكومية، اثار عاصفة بين الفرنسيين الاسلاميين والجالية العربية هناك. وقد اعتلى الموجة رجال دين مسلمون وحركات اسلامية بالاضافة لوسائل اعلام عربية، في محاولة لاعطاء الامر صبغة دينية سياسية، واستغلاله لنشر افكارهم.

وقد اربكت القضية العالم العربي والاسلامي، وبرز هذا في ازدواجية مواقف المثقفين العرب. فمنهم من قال ان هذا اجراء تعسفيا يتعرض لحرية المرأة في اختيار لباسها، ومنهم من تخوف من البت في الموضوع، كما يظهر في اقوال محلل مصري رفض التصريح باسمه: "اذا كتبت ضد الحجاب قد اعتبر كافرا، واذا كتبت تأييدا له بادعاء انه يرمز لموقع المرأة المستقل، فسيقولون انني اخون مبادئي". (هآرتس، 1 كانون ثان)

 

دولة علمانية

بدأت المشكلة في فرنسا بعد اتخاذ المجلس التأديبي في مدرسة هنري والون لاوبرفيلييه الحكومية قرارا بطرد الطالبتين الما وليلا ليفي لرفضهما نزع الحجاب. ورغم ان القانون الذي يمنع الرموز الدينية في المدارس الفرنسية موجود منذ تشريعه عام 1905، الا ان ازدياد عدد النساء المحجبات في الآونة الاخيرة، دفع برئيس الوزراء الفرنسي، جان بيير رافاران، الى القرار بضرورة سن تشريع جديد. وقامت الحكومة بتشكيل لجنة بحث اوصت بتشريع قانون يمنع ارتداء الحجاب بالاضافة الى القلنسوة (كيبا) لدى اليهود والصلبان الكبيرة لدى المسيحيين من طلاب المدارس الحكومية.

ومن الجدير ذكره ان التوصية تطرقت لمنع الحجاب في نطاق المدارس الحكومية فقط. وقد "امرت محكمة فرنسية شركة في باريس باعادة مسلمة للعمل بعد ان كانت قد فصلتها بسبب ارتدائها الحجاب". (الجزيرة نت، 18 كانون اول)

وقد ادعى شيراك ان المحافظة على علمانية الدولة هو الاعتبار الواقف وراء موقفه، كما قال: "ان العلمانية غير قابلة للتفاوض". وبينما يعزز صراع فرنسا الطويل مع الكنيسة هذا الادعاء، الا ان القرار بمنع الرموز الدينية لم يطبق فعليا، فقد استمر الطلاب بتقلد الصلبان دون ان يتخذ بحقهم اي اجراء.

وفي هذا يقول الصحافي في صحيفة "ليموند" آلان غرش في مقال بعنوان "تسكين المسألة الدينية لطرح المسألة الاجتماعية- في اصول الجدل حول العلمنة": ان التعليمات الوزارية دعت الى تطبيق القانون "ليس كقانون يجب فرضه بالقوة، وانما كأحد القوانين المهمة التي من المفترض ان تنظم الحياة في البلاد".

 

الركود واليمين المتطرف

ماذا يقف وراء اثارة الموضوع من جديد؟ عند التمعن في هذه المسألة تبرز حقيقة لا يمكن تجاهلها، وهي ان نزوع اعداد متزايدة من المسلمين في فرنسا الى الحركات الاسلامية هو تعبير عن رد فعل على الاهمال الحكومي الكبير اولا، ولكن ايضا على صعود اليمين الفرنسي المتطرف والعنصري الذي اتخذ من المسلمين وعموم المهاجرين والاقليات اعداء وكبش فداء.

ظاهرة العداء للاجانب موجودة في المجتمعات الاوروبية، الامر الذي ينعكس في التأييد المتزايد للاحزاب اليمينية المتطرفة في اوروبا. في فرنسا مثلا تمكن اليميني المتطرف جان ماري لابين الذي اتخذ شعار "فرنسا للفرنسيين" كدعاية حزبية، من الوصول للمركز الثاني في جولة الانتخابات الاولى للعام 2002. ويعتمد اليمين في بناء نفوذه على اتهام المهاجرين من دول شمال افريقيا وغيرها، بارتفاع نسبة البطالة في اوروبا، الذي هو في الحقيقة ناجم عن الركود الاقتصادي. وجاءت احداث 11 ايلول لدعم النظرة الغربية التي تربط الاسلام بالارهاب.

الموقف الاوروبي الرسمي تجاه المهاجرين ليس افضل بكثير. فالمجتمع الغربي الرأسمالي لم يعط الفرصة للمهاجرين للاندماج، الاهمال المتعمد تجاههم يصل احيانا الى درجة نفي هذه المجموعات المنبوذة للعيش في ما يشبه الغيتوهات. في فرنسا هناك ما يدعى ب HLM وهي مساكن اجتماعية ارخص من ايجار المساكن العادية. اقيمت هذه المساكن لاستقبال العمال الاجانب، الذين كان المفروض اعادتهم الى اوطانهم بعد انتهاء مدة عملهم. وتضم هذه المساكن اليوم نسبة كبيرة من العرب الذين يعانون ضائقة اقتصادية. (برنامج "للنساء فقط" – الجزيرة، 20 تشرين اول)

الى هذا الموضوع تطرقت الباحثة والاستاذة الزائرة في جامعة كولومبيا، جوسلين سيزاري، في مقالها "المسلمون في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية" الذي ورد في "ليموند دبلوماتيك"، فكتبت: "ان المرشحين للهجرة الى اوروبا هم عموما العناصر المتضررة اقتصاديا والاقل ثقافة داخل مجتمعاتها الاصلية". فالهجرة الى اوروبا، برأي سيزاري، مرتبطة "بالفقر الذي يصيب مجتمعات المغرب وافريقيا والهند وباكستان". النتيجة المتوقعة من ذلك ان "الفارق الاجتماعي المطلوب ردمه داخل المجتمعات الاوروبية كبيرا...".

 

اسلام اصولي بفرنسا

الظروف الصعبة التي يعيشها جانب كبير من المسلمين في اوروبا، بالاضافة الى التطرف اليميني، جعلت بعض المسلمين يتخذ اجراءات دفاعية، في محاولة للحفاظ على الهوية والتقاليد. وقد استغل هذا الوضع بعض التيارات الاسلامية الاصولية لبناء مراكز قوة لها ونفوذ. هذه التيارات لم تفكر في تنظيم المسلمين للمطالبة بحل المشاكل الاقتصادية التي تواجه الكثير منهم، ولم تثر ضجة كتلك التي قامت على الحجاب، حول مسائل اكثر خطورة مثل التفرقة العنصرية وعزلهم في مساكن "الغيتوهات". بالعكس، فانها تركز كل خطواتها بهدف استخدام الدين لعزل المسلمين عن باقي المجتمع، وتمييزهم عنه باللباس الديني.

في هذا السياق نشر الكاتب اللبناني وضاح شرارة مقالا بعنوان "الوصاية المركزية على المسلمين الفرنسيين تؤدي الى جهل او عجز"، يحذر فيه من مغبة الوقوع في خطأ إجمال المسلمين في فرنسا في اطار واحد. فهم، كغيرهم من المجتمعات، تختلف اتجاهاتها وتوجهاتها بحسب الميول الشخصية والمستوى الثقافي والوضع الاقتصادي والسبب الاساسي الذي دعا الى الهجرة. فهناك من هاجر طوعا مختارا بارادته الدولة التي هاجر اليها، متبنيا معظم مبادئها وقوانينها. وهناك من فُرض عليه الامر نتيجة لحاجة اقتصادية او لاضطهاد في الدولة التي اتى منها، فبينهم نجد علمانيين، ومتدينين غير سياسيين الذين يبتعدون عن العاصفة الحالية. (الحياة، 10 كانون ثان)

وطالب شرارة برفع الوصاية الخارجية عن المسلمين في فرنسا، كونهم اولا وآخرا فرنسيون يستطيعون الدفاع عن انفسهم بالاساليب المشروعة، كالتظاهر وابداء الرأي من خلال الهيئات والنقابات والاحزاب والصحف التي يشاركون بها كمواطنين فرنسيين. كما حذر من استغلالهم من خلال تيارات اسلامية ذات اهداف سياسية.

 

ضد اليمين اولا

ان اعتبار ارتداء الحجاب جزء من حرية الفرد، ليس دقيقا. فقد يكون ارتداء الحجاب نابعا من قرار شخصي مستقل للفتاة، ولكنه ايضا وهذا في معظم الحالات هو نتيجة لتركيبة المجتمع الابوي الذي يفرض هذا اللباس على الفتاة في محاولة لابعادها عن اي "خطر" يهدد كيان هذا المجتمع من المجتمع الغربي. وتكون النتيجة انه يعزلها عن المجتمع والتقدم في حين انه يسمح للشبان بممارسة حياتهم العادية.

والسؤال الذي يجب طرحه هو ماذا يريد المسلمون الفرنسيون؟ هل يريدون عزل انفسهم عن المجتمع الفرنسي، او الاندماج فيه وخوض معركة ليس على اساس حقهم بارتداء الحجاب اولا، بل ضد اليمين العنصري المتطرف، وضد البطالة، ومن اجل الحصول على كامل المساواة مع باقي المواطنين، كل هذا مع الحفاظ على دينهم الاسلامي وثقافتهم العربية. اما الانعزال فانه يضر بمصالح المسلمين الفرنسيين انفسهم، ويغذي سياسة اليمين المتطرف، الذي يسعى هو ايضا لابعاد المسلمين عن المجتمع.

قد يكون قرار فرنسا نابعا من منطلق "الدفاع عن الجمهورية" كما قال الشاعر ادونيس في مقابلة معه اجراها زاهي وهبي من تلفزيون "المستقبل"، الا ان مبادئ الجمهورية كانت ستتحقق اولا بالمساواة الاجتماعية لجميع مواطنيها، وبالغاء جميع مظاهر التمييز العنصري. في المقابلة المذكورة اضاف الشاعر ادونيس: "انا مع مبدأ رفع الحجاب كليا ولا ارى انه فرض على الاطلاق"، واضاف انه سيكون من الخطأ ان يكون مبدأ التحرر مبنيا على منع ارتدائه.

 



#منال_جبور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاصفة الصفيح والرخام
- بروتوكولات صهيون: تلفيق لا يخدم النضال
- المياه للاغنياء فقط


المزيد.....




- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - منال جبور - فرنسا: ما وراء الحجاب