أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ضرورة الشعر والكلام المفقود















المزيد.....

ضرورة الشعر والكلام المفقود


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 723 - 2004 / 1 / 24 - 05:38
المحور: الادب والفن
    


نزع الأوهام عملية شاقة وخطرة تتطلب الصبر والمرونة بالإضافة للكثير من الحظ,تحتاج أيضا لنفس طويل وأجيال متعاقبة, حسبي أنني أعمل على ذلك, وقد بدأت بأوهامي.
صنفت تجربتي الشعرية بحدود المتوسط, وأصنف نفسي في الحياة والثقافة بشبه فاشل. بصراحة أقول لو أتيحت لي فرصة مناسبة لمغادرة البلد لفعلت, ولو أتيحت لي مصادر الثروة أو الشهرة لفعلت. المرض والفقر وحسن الحظ  وسنواتي ال44 أسباب تخلصي من بعض الأوهام السورية السائدة.
تصوري عن بلدي أنها ما زالت مجهولة بأهلها ال17 مليون,خلف ستار كتيم ,هو بجوهره خليط متنافر من خطابات السلطة الدينية والسياسية ومن التوجهات القومية والسلفية, وما زال يحجب الجميع عن كلامهم الخاص, كبشر في مواقعهم وأدوارهم المختلفة, ويستبدله بخطابات خشبية موروثة, ذلك الإنفصال الكارثي الذي أشار إليه الشاعر السوري المطرود أحمد جان عثمان, بالهوة التي تفصل سوريا عن السوريين. أعتقد أن سبل تسوية ذلك الإنفصال ليست مستحيلة, وإن كانت أيضا ليست بسيطة بحيث تتلخص في مقال أو حتى كتب, أعتقد أنها تبدأ بتحرير الكلام وإباحة الحق في الخطأ الطبيعي, بتلك الخطوة التي أراها من موقعي كمثقف هامشي وقد خطوتها بالفعل, بالإنتقال من الموقف المعارض إلى الموقف النقدي. أعتقد بإمكانية البدء بعلاقات (سورية _سورية) و(لبنانية_لبنانية) (وعراقية _عراقية), وهي شروط لأي علاقات مناسبة أخرى.
إذا أخطأ الشعراء وفشلوا مرة في تحرير الكلام, فالحال الراهن يدل على فداحة ذاك الخطأ, وعلى أهمية الدور المنسي والمسكوت عنه, الذي لحسن الحظ أعادت شبكة الأنترنيت التذكير به, فهي أولا أزاحت الرقيب ورفعت سقف الثقافة الواطئ الذي شيده الرواد وحرسوه, رواد الإنقلابات في السياسة والثقافة, الشعر والقيم ليسا بعيدين عن ذلك. القائد يمتلك الحزب والأجهزة والمثقف يمتلك النظرية والمنبر, بينهم تحالف مضمر,وإن تخللته نزاعات شخصية تصل إلى السجون والتصفية الجسدية أحيانا , لكنهم معا أشادوا ثقافة الإستبداد التي محت آثار الفردية والإختلاف. ولنتأمل قليلا ما جرى بين(محمد عابد الجابري_جورج طرابيشي)و(صادق جلال العظم_أدونيس) و(الشيخ القرضاوي_الشيخ البوطي) لا المثقف العلماني ولا رجل الدين احترموا رأي زميلهم ولا نقول أقاموا حوارا, وهنا ليس التوجه لإزاحتهم وبالتالي تكرار ممارساتهم, بل التوجه نحو تجاوز النرجسية والإنغلاق الذاتي, التوجه النقدي, طيلة القرن الماضي لم يسمح أصحاب المنابر سوى بصنف واحد من الكلام هو الذي يناسبهم, ولم يكن أمام الفرد سوى خيارين إما العزلة والإختناق الثقافي أو يحاول تحقيق الشروط المطلوبة,وبالتدريج يتخلى عن خصوصيته بعدما يصل إلى الصيغة المقبولة والتي يسمح المنبر بتمريرها. المختلفون صمتوا طيلة القرن العشرين, واستبدل الكلام القائم على التجربة والخبرة بالشعار والرموز المجردة, فأصبح شعار الثورة مثل شعار الحرية مثل المختلف مثل الديقراطية وكثيرا ما خلطوا بينها كالجماهيرية العربية الليبية الديمقراطية الشعبية الإشتراكية العظمى(ربما نسيت بعض صفاتها) وهكذا تحول الكلام إلى وسائل ومبررات للحفاظ على الإمتيازات والمكاسب فقط.
ليس الشعر بمنجى عن المؤثرات الأيديولوجية, على العكس من ذلك, في مجتمع منكوب أحيانا يتحول الشعر إلى حامل أول ومروج أساسي للوعي الزائف, المثال البارز المهرجانات الرسمية العربية. كلام الفرد في (الآن وهنا) تطمسه الخطابات المختلفة وحتى الخطاب العلمي الدقيق والواضح, من خلال تجرده وتعاليه يشارك في طمس الوجود الفردي الذي يبدأ بالكلام ويكتمل بالكلام. ليس واقعيا أن يبتدع كل فرد لغته الخاصة, ذلك أقرب للوهم,لكن لكل فرد حالة لغوية جنينية خاصة به وحده(ذلك يفسر تنوع الذائقة الأدبية) تلك اللغة الفردية نواة عالم الداخل, الذي تعمل الأيديولوجيات دائما على محوه, وبالعكس يكون الشعر في إحيائه والتعبير عنه. لو أخذنا كلمة عدالة:لها معنى في القاموس هو المرجع ولها معنى تداولي في المجتمع تحدده السلطات والثقافة المشتركة, والمعنى الخاص وهو محصلة الخبرات التي يعيشها ويختزنها فرد محدد تخصه وتميزه, وهو دائم التشكل مدى الحياة. المعنى الخاص يحدد مدى استجابة الفرد للكلمة بمفردها أو ضمن سياقها اللغوي, وهو المحدد الأساسي للقراءات, يعرف كل منا ذلك رغم ضجيج وزحمة الخارج.دور الشعر إيجاد الكلام المفقود وتحرير المسكوت عنه.
أحاول التمييز بين صنفين من الكلام, الأول والسائد هو البيانات والأوامر والتعليمات وصنوف الإنشاء الكثيرة المتشابهة وكذلك الكلام المحايد غير الشخصي الذي نردده بحكم العادة, ويستمر إنتاجه في المدرسة والمجلة والجريدة والتلفزيون وحتى في الأسرة.والكلام الآخر الذي يحمل الخبرات والمشاعر والتجربة , لحسن الحظ لم يندثر كليا, يوجد منه اليوم في سوريا التأتأة والارتباك والتعبيرات المختلفة عن الألم, واللغة التسجيلية التي تمثل هذا الكلام في الدرجة صفر, وهذا متوافر ويعرفه الجميع.
(كلام الأسلاف يحتل كلامنا نحن) يتكلم المسؤول عن المرأة والفقير والمريض والطفل وعن المثقف والمعارض والمبدع ويستمر في ذلك الصنف من الكلام دون توقف, لأنه يشعر(وهو محق في ذلك)أن من يتوجه إليهم بكلامه لايفهمونه ولا يرغبون بسماعه,لذلك يحتاج للشرح والإضافة, للتمثيل والمبالغة والكذب, وسيستمر سوء الفهم حتى يتوقف عن الكلام بالنيابة وينتقل إلى كلامه هو:ماذا يفعل,ماهي العقبات التي تواجهه,أين نجح,متى أخطأ وكيف, والسؤال المؤلم متى يبدأ بكلامه ويترك لنا كلامنا, متى يعرف أن مؤسسات حماية الطفل تتحدث عن الأطفال, والجمعيات النسوية تتحدث عن المرأة, والنقابات عن العامل, والمثقفون يتحدثون عن الثقافة, وعليه أن يتعلم الإصغاء ليتمكن من الكلام لاحقا. في كل أسرة سورية شاعرة أو شاعر وما زال الكلام مفقودا.
تتحدث السورية أو السوري عن الإنتخابات الأمريكية وعن المعجزة اليابانية(تلك تسميتها السورية) وعن أوربا وأفريقيا والعالم الغير مرئي, ويتبرمون عند الإشارة إلى حياتهم كبشر وليس مكروفونات أو كاميرات.
مع أن أدوية الصداع والحبوب المهدأة والمنومة تتوافر في البيت السوري كالخبز...نحن بأحسن حال
طيلة أربعين سنة لم أغادر فيها سوريا, لم  أقرأ لعقلاء يزيدون عن أصابع اليدين بما فيها الفلسفة والدين والفكر والأدب والنقد.العقلاء لايستخدمون الكلام الميت.

اللاذقية_حسين عجيب



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفرد والفردية في بلاد العرب أوطاني
- لو كنت أستطيع تبديل الأوطان كالأحذية
- الموقف الايديولوجي يتوسط الواقع والوهم
- حوار
- الآخر السوري
- الكلام
- مات اليوم بسام درويش وبقي شيوعيا إلى آخر لحظة
- الضجيج الذي أثاره أدونيس أو خطبة الوداع لبيروت
- رجل يشبهني


المزيد.....




- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...
- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - ضرورة الشعر والكلام المفقود