أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الريح في جنازة














المزيد.....

الريح في جنازة


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 2334 - 2008 / 7 / 6 - 06:21
المحور: الادب والفن
    


أُقطِّبُ أغنيةً من دمعٍ تسيلُ من خلايا الراديو الصغير، ألبسُ نغمةً لا مقامَ لها على مخارج الظلِّ الحزين، أصبّ زيتاً على ساعةِ الحائطِ، تعبِّئني الدقائقُ في الأسئلة، فيما تُفرِغني الأسئلةُ من الإنسانِ فيَّ.
أما الريحُ في الشارع...
تمضغُ قدميَّ وتضحكُ من مطرٍ لا يستطيعُ ركوبها، يشتمني السائقُ لأنه لا يريدُ مصيبةً جديدةً تفرفطُ أمامهُ على الإسفلت.
الريحُ كلبةٌ تضحكُ كأنها في جنازة …
الرملُ يحاورُ المطر، أنتبهُ إلى أنني منقوعٌ بالدمعِ وبالماءِ وبكُرةٍ من الرغبةِ في القفزِ إلى عالمٍ يجهلُ قصيدتي.
أرفعُ ذيلَ الأرضِ وأصرخُ في رملها ليستبدلني بأحدِ ساكنيه، أدورُ أدورُ وقدماي تنبحان من تعبٍ شرّيرٍ خطَّطْتُهُ لهما وهما لا تفهمان.
الحبُّ معادلةٌ جائرةٌ دائماً، اللغةُ كلبةٌ لا تساعدُ أحداً ليقولَ غير النباح، أنبحُ منذ الظهيرةِ والآذانُ كلُّها من حجر، حتى الهاتفُ الذي لا أحبُّهُ يخذلني ويكسرُ فقرتين من ظهري ويموت، كم جرحتني السكينُ التي جرّحتُ بها سعادةَ شفتينِ من شوقٍ وكرز.
الليلُ يحبُّني مثل أبي، وأكرهُ الصباحَ لأنه يجيءُ دونَ أن يشاور، أنا بين اللهِ ورغبتي مقسّمٌ إلى هواءٍ وزيتِ لغة، لا يعرفني غيري، لا يساومني غير الورق، وحين أعشقُ: أموتُ ساحباً حبري على جريدة.
أما حين تطلُّ الفضّةُ من جيبي الصغير... فالفضّةُ مزوّرةٌ إذا لم يكن عليها دمي... فابحثي عن دمي في الفضة، وابحثي عن الفضةِ في صوتِك، وعن صوتكِ في جلدي، وعن جلدي في شفتيكِ، وعن شفتيكِ في أصابعي، وعن أصابعي في حلمكِ، وعن حلمكِ في روحي، وعن روحي تحت وسادتِكْ.
أسمعُ همسَ المطاراتِ في شهوتي، أذكرُ جيّداً كيف ذكّرتني بكِ حمامةٌ هَدَلَتْ على شبّاكِ الفندقِ الرخيص، أعرفُ لماذا كان المطرُ جميلاً في شوارعِ القاهرة وقاسياً في ساحاتِ غزة.
الجسدُ الذي أسكنُهُ يتغيرُ مثل عنوانِ بيت، روحي تنرفزني وتقلعني عنها كثوبٍ قديم، وأنا بطيءٌ في التواجدِ في الجسد، وفي الخروجِ من الروح.
أعرفُ عني أشياءَ صغيرة، مثل لون جلدي، تاريخُ ميلادي، أني أحبكِ، اسمي وحزني، لكنني لا أعرفُ هذا الذي يكتبُ.
ألملمُ خيبتي عن الدرجِ الذي بلا كهرباء، أسحبُ كلماتي من دُرْجٍ في قاعِ القلبِ، أفتحُ الشباكَ على المطرِ والريحِ، علّني أدخلُ مرضاً يقرّبني من عباءةِ الموتِ.
ـ الموتُ على أيةِ حالٍ ليس سوى تغيير عادة ـ
لا أسمعُ غيرَ ما تقولُ الريحُ في طفولتنا، كانت تحدُّ من شبقي للحياة، ومع ذلك كبرت عاشقاً للخريفِ ومنتمياً للعاصفة.
أكتبُ على جلدي حوتاً، منفضةً للسجائرِ، وجملةً من وجع.
يتعبني الرنينُ الذي لا يجيبُ، ويقتلني الذي يجيبُ، فيما لا أستطيعُ أن آخذ دور الشمسِ لأنفذ من زجاج النافذة.
كم أكرهُ النوافذ.
أُلقي وجهيَ المذبوحَ على روحِكِ صانعاً ولداً لأنثىً أرهقَتْها تربيةُ الأطفالِ، جنَّدَها طفلٌ لتحبَّهُ وحدَهُ أكثرَ من ناياتِ صوتِها، هو الذي أحَبَّ غناءها الذي من سكوت، لكنه لم يكتب غير سيفٍ يجرحُ جلدَها والكلام.
أضعُ لغماً تحت هذا النهار.
أضعُ ريحاً وجنازةً في صوتي، أضعُ وردةً في مزهريةِ الوقتِ، ربما، أضعُ قصيدةً في كتابِ الطبيعةِ كي تفرجَ عن جنازتي..
الريحُ كلبةٌ تغازلُ نافذتي،
فيما أكرهُ الريحَ والنوافذَ
والإنتظار.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصف قصيدة
- مرآة على الحائط المقابل
- عن اللغة
- الحواجز
- عن موت الإله الصغير
- فيلم قبل المونتاج
- الأعمى
- الكابوس
- إلا قليلا
- كما تتغير الخيول
- عن سيجارة في منفضة
- فراغ في الخارطة.. فراغ على الخارطة
- الدول والشعوب والطوائف والديانات والمذاهب في التاريخ الفلسطي ...
- الدول والشعوب والمذاهب والديانات والطوائف في التاريخ الفلسطي ...
- يؤلِّفُ أُفُقاً ويُضِيْؤُهُ
- كأي شاهد قبر


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - الريح في جنازة