مظاهرة

حسن عبد راضي

الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 10:06
المحور: كتابات ساخرة
    

تلقيتُ دعوة من أحد الأصدقاء للمشاركة في مظاهرة تنظمها إحدى منظمات المجتمع المدني ضد السماح باستيراد ألعاب الأطفال التي على شكل أسلحة ومسدسات وغيرها، وكان موعد المظاهرة في اليوم التالي، ترددت قليلاً في إعطائه الجواب، ثم حسمت أمري معتذراً عن الحضور، وقد عبرت له عن رغبتي الأكيدة في المشاركة لولا أني كنت قد ارتبطت بالتزامات مهمة لا سبيل إلى تركها، وانتهت المكالمة.
في اليوم التالي، وفي الوقت المحدد للمظاهرة كنت أتمدد على أريكة في منزلي وأتفرج على التلفزيون (إذ لم يكن لدي أي التزام في الحقيقة.. لقد أردت التملص من المشاركة في تلك المظاهرة .. بصراحة .. مالي خلك مظاهرات) وإذا بي أشاهد تقريراً تلفزيونياً يفيد أن تظاهرة في كوريا ضد استيراد اللحوم الأميركية أسقطت الحكومة الكورية! لقد كان التقرير يصور مظاهرة تكاد تكون مليونية، حيث كان آلاف الكوريين يحملون شموعاً ويتظاهرون سلمياً ضد قضية لا يرتضونها، وفكرت: كم من الأشياء يمكن قراءتها بين سطور هذا الخبر؟ إذ يعني ضمنياً أن الكوريين يعرفون ماذا تستورد لهم حكومتهم وقطاعهم الخاص من لحوم وأغذية وغيرها، ثم أنهم لديهم الوقت و(الخلك) ليبحثوا ويقرروا ما الذي يخدم مصالحهم الاقتصادية والصحية من هذه الأشياء، وهم بعد ذلك يملكون الوسائل اللازمة لتحويل تلك القناعة الموضوعية التي توصلوا إليها إلى رأي عام ضاغط يستطيع أن ينظم نفسه في مظاهرة سلمية، وهناك في المقابل حكومة مستعدة لأن "تسقط" عندما لا تتمكن من إرضاء المحتجين أو إقناعهم. الخبر يعطينا أيضاً فكرة عن الشفافية التي لديهم مقابل العتمة التي عندنا في عالمنا "النامي"، وعن استعدادهم الطوعي المخلص للتعبير عن الاحتجاج والرفض لكل ما يمس حياتهم وكرامتهم وأمنهم الغذائي والقومي و.....و...ألخ، مقابل تقاعسنا المزمن عن معرفة حقوقنا، ناهيك عن المطالبة بها.
وأخيراً، فكرت وأنا ما أزال اشاهد التلفزيون الكوري الصنع نوع (LG) وأحمل بيدي مفاتيح سيارتي الكورية الصنع أيضاً نوع كيا: كم من الكوريين تقاعسوا عن الانخراط في تلك المظاهرة كما فعلتُ أنا، ثم تساءلت مستغرباً : لم لا يبدأ الكوريون باستيراد سياراتهم وأجهزتهم المنزلية من العراق!!!

#حسن_عبد_راضي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات