أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الوشاح البنفسجي














المزيد.....


الوشاح البنفسجي


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 09:15
المحور: الادب والفن
    



لست فى حاجة إلى اعتذار. يمكنك لملمة أشيائك فى هدوء. كل شئ كما تركتيه آخر مرة، لم يتغير مكانه، ولم يعبث به أحد. فما زالت رائحتك تعبق المكان، وأظافرك هى آخر ما لمسته. زهورك مازالت تحتفظ بعبيرها، ولكن احذرى أن تجف أعوادها. وشاحك البنفسجى المثقوب كما تركتيه على وسادة أيامى مازال يحلم بدفء الكلمات وحنين النظرات، الصور الخاصة بك موجودة بالألبوم أعلى رف المكتبة، فقد كنت حريصة على التقاط الصور بمفردك، رسائلك المائة ملفوفة بالشريط الأحمر، ولاعة السجائر الخاوية، كتاب كنا قرأناه معا، بعض أدوات الماكياج الفارغة، ومشابك شعرك المتناثرة، يمكنك انتزاع اللوحات البيضاء الخاصة بك من على الجدران، يمكنك إعادة الغرفة لحالتها الأولى، لا حاجة لى بشكلها الحالى. استعيدى أشياءك وارحلى بهدوء. دون وداع، أو نظرة نصفها شفقة والنصف الآخر شهوة، ليس هناك كلمات أروع من الصمت، وليس هناك حاجة لتبرير ما حدث، لن تجدى الكلمات، ولن تزيل العبارات الشيك شحوب الحكايات وتجاعيد الذكريات. امض بهدوء.

لملمى أشياءك المبعثرة فى سنين حياتى وأيام عمرى، ولا تنسى أنفاسك، همساتك، اجمعى ما تشائين وارحلى. كلماتك، عباراتك، لمساتك، لحظات بكائك على صدرى ليال طويلة، وانزعى من على كتفيك يداى التى ربتت كثيرا، وخصلات الشعر الملتصقة بثيابى. ضحكاتك العالية التى كانت تدغدغ احباطاتى وانكساراتى. نظراتك المسافرة فى الأرجاء والأركان وزوايا الغرف، صادرى الذكريات والليالى الجميلة، واطوى الأيام بين راحتيك. ودعينى أتأمل ما حدث، وسوف أبذل قصارى جهدى لإيجاد تفسير يعفيك من الحرج. وسوف ألوم نفسى أشد اللوم، وأحملها ما حدث، واتهمها بأنها.. اتهمها بماذا؟

العصيان المستحيل
ما زالت. مازالت عيناك تحاصرنى. تترقبنى. تتعقبنى. تتلصص على، تعد أنفاسى، وترصد كل تحركاتى. تحدد لى الإقامة الجبرية فى محيطها، وترسم الاتجاهات التى أرنو إليها. تحاسبنى إذا أخطأت، وتعنفنى إذا جنحت، تعاملنى وكأننى طفل، يحتاج إلى تهذيب وتأديب، تفرض على شروطا جائرة بعدم التحرك، والتجوال والنظر إلى أشياء أخرى غيرها، تعقد معى اتفاقا تحتكر به نظراتى وإيماءاتى، اتفاقا يتجدد من تلقاء نفسه، دون الرجوع لموافقتى.

أحيانا تحاكمنى بقوانين باطلة ومجحفة، تحصرنى فى محيط محدود. أتلفت فى المكان بحثا عن منفذ عن مهرب أو حتى هاوية. لكن كل ثقوب الدنيا تفضى إليك. سئمت القيود والقوانين، والإرشادات المدرسية، أحاول الفرار بعيدا، لكنى لا أستطيع. تنفذ داخلى وتحكم قبضتها على مفرداتى ولغتى، فأجد نفسى لا أتكلم بل أسبح فى عالمها وأذوب حتى أتفت، حاولت كثيرا أن أروضها، أن أستبيحها وأجعلها تابعة لى، تنفذ تعليماتى وترضخ لى ولأوامرى. حاولت أن أقودها حيث أشاء ووقتما أريد. حاولت أن أبدل موقعى. لكنى فشلت. اسمحى لى أن أعلن عصيانى وتمردى على عينيك.

وأن أتطاول، وأطالب بحقى فى القصاص منك. أن أتحرر من عبوديتك، وأن أتخلص من كل التماثيل البالية العالقة فى ذهنى، وأحطمها تحت قدماى، وأجعلها ترابا وأحجارا، فما أنت إلا وهم صغير، أستطيع أن أسحقه فى أى وقت. فأنا الذى صنعتك، اسمحى لى أن أفضح عينيك تلك التى استباحتنى، وغررت بي، وأن أعلن للناس بأنك ديكتاتورة لم تمنحنى يوما ممارسة الحب بحرية، اسمحى لى أن أنزع قيودك، وأفتح حدودى، وألغى كل الاتفاقات الذليلة التى عقدتيها معى، اسمحى لى أن أمضى. أن أتخلص من سجنك ومن قبضة عشقك. ولكن متى ستسمحين لى أن أفعل ذلك؟



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد
- ترحال
- زهوة الالوان
- المسافة الوهمية
- طفولة
- القناع المزيف
- عبودية
- الرهان الخاسر
- كشف حساب
- بقايا امرأة
- الرقصة الأخيرة
- دقت طبول الحرب
- طريق الآلام .. والخلاص
- أوان الرحيل
- معذرة .. سيدي العزيز
- عصر الشهداء والجواسيس
- غرام الافاعي
- أعياد ميلاد ومواكب أموات
- الموت الرحيم
- عبد السلام النابلسي : حسب الله السينما المصرية .. فقر و-عنطز ...


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - الوشاح البنفسجي