أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2366 - 2008 / 8 / 7 - 10:10
المحور:
الادب والفن
لم تكن لى رغبة فى السفر والترحال وراء وظيفة تدر مرتبا يتضخم عند نهاية كل شهر، لم أرغب في تحويل حياتى إلى "حصالة" نقود. اعتدت الحياة دون ضوضاء، وكانت مطالبى قليلة تفى بالحاجة، مجرد الحاجة. أحلامى بسيطة جدا، معقولة، لكنها طموحة علي المدى الطويل. حتى عندما اخترتك من بين فتيات كثيرة، كانت حساباتى مرهونة ببساطتك، ولم أغال، وإلا ما كنت اخترتك.
إلحاحك كان وراء هذه الغربة القسرية، وجاء فرمان النفى الذى وقعتيه بدموعك الكاذبة، ودفعى دون هوادة أو شفقة للهروب. سافرت بحثا عنك حتى لا أفقدك. كانت طلباتك كثيرة.. أرهقتنى، وزادت عن طاقتى، أشعرتنى فى بعض الوقت بالضآلة، وكانت مقارناتك الدائمة بالآخرين تؤلمنى. سافرت رغما عنى بتحريض منك، وبوداع محموم بدعوات الرجوع محملا بالصناديق المغلقة وقائمة من "الهلاهيل" وبعض الهدايا لخالاتك وعماتك وبنات جيرانك.
حاولت أن أشرح عدم جدوى السفر، لأننى مرغم عليه. إلا أن عيناك كانت تحاصرنى وتحبط كل محاولات البقاء، كانت أحلامك جامحة أطاحت بى. عبأت كل أحاسيسى ومشاعرى فى دفتر بنكى. سافرت مرغما. أحمل حقيبة يدى الصغيرة، وبعضا من الذكريات المجروحة المذبوحة علي صخرة عنادك. ولفافة من الورق تحمل خطاباتك، وكلماتك المعسولة الفارغة من أى قيمة، وعباراتك عن الفراق والبعاد والبكاء على جسر التنهدات.
ما أدهشنى هو سيل الدموع الذى ألقيتيه عند وداعنا، إذا كان سفرى يسبب لك هذا الألم الكبير فلماذا تصرين علي سفرى؟ ألست الآن بين يديك، فما الداعى للبكاء إذن. هالنى كم الدموع التى سقطت من عينيك، أكثر مما هالنى كم الحزن الذى عشش داخلى عندما ابتعدت المسافات بين ذكرياتى وأحلامك البعيدة.
مازلت أتذكر قبلتك الباردة والتى كشفت عن نوع ردئ من أحمر الشفاه. ورددت فى نفسى هل امرأة شفتاها ملطخة بمساحيق رخيصة، تنطق بكلام غير رخيص؟
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟