أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2358 - 2008 / 7 / 30 - 09:46
المحور:
الادب والفن
تجاوزت ما تجاوزته من عمر. لكنى مازلت كالأطفال، أصرخ دون سبب، وأضحك دون سبب، وأطلب أشياء لا أحتاجها. ولا تعنى لى شيئا.
أحتاج لكلمات التشجيع والثناء، وكثيرا ما أرى نفسى تحبو خلف الأحداث الكبيرة المفتعلة، لا يهمنى أن أكون محط أنظار واهتمام الآخرين، ولا تحرجنى نرجسيتى إزاء توزيع الهدايا على الآخرين، لكن يهمنى كثيرا أن أشغل حيزا صغيرا فى محيط من حولى، أؤثر بهم ويؤثرون فى، أتفاعل معهم و يتفاعلون معى. ولا أغضب إذا عزف عنى الآخرين، ولا أفتعل الضجيج حتى أسترعى انتباههم واهتمامهم، أحتاج لبعض الكلمات البسيطة، فقط بعض الكلمات البسيطة، وقليلا من العناية والرعاية وطول البال والصبر على شطحاتى. مازلت احتاج لكلمات المجاملة التى تجعلنى لا أكرر أخطائى مرة أخرى، فأنا سريع التعلم.
تجاوزت ما تجاوزته من عمر. وزحف الشعر الأبيض على رأسى، وتوازت تجاعيد وجهى وانكمش عنقى، وبطأت حركتى قليلا، لكنى أحتفظ بألعابى القديمة فى صندوق خشبى، أستعيدها حينما أشتاق لطفولتى، وتزداد بى وحشة الأيام، وغدر الآخرين. وأستعيد ضحكات الصبا، عندما تقسو الحياة على، وتنفر منى حالات الرضا والقناعة.
فعاملينى كأنى طفل يُتّم يوم مولده. ولا تقس على. لن تجدى مشقة فى تعليمى، يمكن توجيهى مرة واحدة فقط، سوف أحرص على عدم تكرار الأفعال التى تغضبك. ولكن برفق. فأنا إنسان لا يجدى معه العنف. فالعنف يزيدنى حماقة وعنادا.
يخيل لى أحيانا، أننى لست فى حاجة إلى امرأة، بل إلى طفلة لا يشغلها كثيرا أفعال الكبار، ولا تستقطبها الأشياء عديمة النفع، تتوحد معى، حتى إذا ما رأت الأحداث الكبيرة المفتعلة، تحبو خلفها مثلى.
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟