|
هل ينقص مصر الطلاب ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:03
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لا ، مصر لا ينقصها الطلاب ، و لكن ينقصها أن يكونوا كهؤلاء الذين نشاهدهم في نشرات الأخبار العالمية ، كهولاء الطلبة الفرنسيين الذين يضربون بين وقت و أخر إحتجاج على سياسات ساركوزي ، و كهؤلاء الذين نزلوا ، في الثامن و العشرين من مارس من عام 2006 ، إلى الشارع الفرنسي ، فوصل عددهم إلى المليون ، في - ربما - أكبر تظاهرات شهدتها فرنسا في عمر جمهوريتها الخامسة التي تأسست في عام1958 ، إحتجاجا على مشروع قانون جائر ، يلقي بمزيد من الضغوط على العامل دون سن السادسة و العشرين ، فنجحوا آنذاك في سحبه . و كمثل الطلبة الفرنسيين أيضاً الذين أسهموا في نهايات عقد الستينات من القرن الماضي ، في أفول نجم أشهر شخصية فرنسية في القرن العشرين ، شارل ديجول ، و كان لهم دورهم البارز في مقاومة الإحتلال النازي . ملاحم الطلاب ليست بالطبع وقف على فرنسا ، فقد رأينا في سياتل بالولايات المتحدة ، كيف كان الطلاب هم العمود الفقري للتظاهرات الشهيرة التي أفشلت مؤتمر سياتل لمنظمة التجارة العالمية ، في ديسمبر عام 1999 ، و في كل التظاهرات المنددة بالسياسات الإقتصادية العالمية لمنظمة التجارة العالمية ، حتى أصبحت تلك المنظمة مجبرة على أن تبحث عن بلدان صغيرة و أماكن نائية لإقامة مؤتمراتها ، مثل قطر . و من قبل في رومانيا في ديسمبرعام 1989 ، كان الطلاب هم الشرارة التي أشعلت الثورة التي أسقطت شاوشيسكو الطاغية ، و بالمثل في باقي بلدان أوروبا الشرقية ، فكانوا في الطليعة دائما ، و في ثلاثينات القرن العشرين ، أثناء الحرب الأهلية الأسبانية ، كان الطلاب هم أحد الأعمدة التي قامت عليها مقاومة الجمهوريين التقدميين للقوى الرجعية بقيادة فرانكو . طلاب مصر أيضا – في الماضي ، و أشدد على قول : في الماضي – كانوا كهؤلاء ، فطلاب مصر و مثقفيها في القرن التاسع عشر ، كانوا من الذين تحلقوا حول جمال الدين الأفغاني ليسمعوا أحاديثه النارية عن الحرية و العدالة ، و كانوا يطالعون جرائد يعقوب صنوع ، و خطابات النديم ، و يروجون لمطالب المصريين قبل و أثناء حركة عرابي ، و لم تكن لتكون هناك ملحمة الكفاح المصري للإستقلال - قبل و بعد ثورة 1919 - بدون الطلاب ، فقد كانوا هم الذين ناصروا مصطفى كامل ، و كانوا العمود الفقري لثورة مصر الخالدة ، ثورة مصر الثانية في العصر الحديث ، ثورة 1919 ، فمن الذي يتجاهل - حين يدرس أسباب نجاح ثورة 1919 - الجهاز الطلابي السري ، الذي كان هو دينامو الثورة الدائب العمل ، و الذي أبقاها بحيويته حية ، فهو الذي نزل لمدن مصر و ريفها ، فوعى الشعب من جميع الطبقات و الفئات بمطالب الأمة المصرية ، و حق الأمة المصرية العظيمة في الإستقلال ، و كان هو من أهم أسباب وعى الشعب بمخاطر الإسفين الذي يدقه الإحتلال بين عناصر الأمة المصرية العريقة ، و قد كان هذا الجهاز الطلابي السري هو الذي أخرج لمصر كثير من السياسيين فيما بعد . لم يتوقف النضال الطلابي المصري عند هذا الحد ، فتواصل و كانت مذبحة كوبري عباس ، في أواسط الثلاثينات ، حين خرج الطلاب هاتفين بالإستقلال من جامعة فؤاد - القاهرة اليوم - و إتجهوا في مسيرتهم نحو كوبري عباس ، فتلقاهم الرصاص الحي من الجهة المقابلة ، ثم فُتح الكوبري – و الذي كان قابل للفتح من أجل الملاحة آنذاك - فسقط العديد من الطلاب الأبطال قتلى من أجل مصر و إستقلالها . كما كان لطلاب مصر نصيب وافر في ملحمة الكفاح المسلح في القناة ، بعد إلغاء مصر ، من طرف واحد ، معاهدة الصداقة المصرية - البريطانية ، المعروفة بمعاهدة 1936 . قبل 1952 ، لم تكن يمر عام ، دون مظاهرات أو إضرابات طلابية ، كان يشارك فيها حتى طلبة المدارس الثانوية . أين طلاب اليوم من طلاب يناير 1977 ، الذين كانوا أحد أعمدة إنتفاضة الخبز الشهيرة ، التي أرغمت السادات على أن يلغي قرارته الإقتصادية ، و التي لم تراع الظروف الإقتصادية لأغلب الشعب المصري آنذاك ، و الذي سبق و أن ضحى بالكثير من قبل من أجل الحروب السابقة التي خاضتها مصر ، و كان ينتظر أن يدرك الحاكم حاله ، و يقدر تضحياته ؟ مصر اليوم لا ينقصها الطلاب - فما أكثر الطلاب اليوم في الأعداد بالمقارنة بالأمس ، و حتى عند المقارنة بالنسب المئوية - إنما ينقصها أن يكونوا كهؤلاء الطلاب الأبطال ، الذين سطروا بهتافاتهم و حياتهم ملاحم مصرية و عالمية رائعة ، يفخر بها كل مصري وطني ، و يشيد بها كل إنسان يتمتع بحس إنساني . لا ثورة شعبية بدون الطلاب ، فإلى أن يفيق النائمون منهم ، و ينبذ المستيقظون منهم الأحزاب و الجماعات التي إختارت الإنخراط في اللعبة السياسية الزائفة - من إنتخابات و غير ذلك ، تلك اللعبة التي يديرها النظام الحاكم ، و يضع قواعدها و قوانينها ، و يحدد فيها الفائز و المهزوم ، و مقدار الربح و الخسارة – فلا أمل في أي ثورة شعبية ، و لا أمل بالتالي في أي تغيير حقيقي ، و نهضة مصرية شاملة . أحمد محمد عبد المنعم إبراهيم حسنين الحسنية بوخارست - رومانيا حزب كل مصر تراث – ضمير – حرية – رفاهية – تقدم – إستعيدوا مصر 02-07-2008
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحكمة المتوسطية العليا لحقوق الإنسان
-
تصوراتنا لإتحاد المتوسط ، السفر و العمل و التجارة و البيئة و
...
-
إستفتاء شعبي لكل قانون ، هو الطريق للحرية و العدالة
-
إتحاد شمال شرق أفريقيا هو الأقرب للواقع
-
أئمة المساجد بالإنتخاب
-
عودة الروح الفرنسية لساركوزي ، و لكنها ليست كما نرغب
-
شارع الخليفة المأمون سابقاً ، الوجه الحقيقي لطاغية
-
المعارضة المصرية بين الدرس النيبالي و خيانة الرابع من مايو
-
دوحة ترحيل المشاكل للغد
-
الساركوزية هي أقرب للبونابرتية و ليست بأي حال ديجولية
-
حتى تعود مصر لمكانتها ، الحلقة الأولى
-
فوتوغرافية هذه الحقبة
-
فأغرقناه و من معه جميعاً ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
-
فأغرقناه و من معه جميعاُ ، لا للعفو عن الرتب الصغرى
-
أمريكا على طريق روما ، طريق إلى حرب باردة ثانية
-
لماذا لا تنضم غزة إلى مصر ؟
-
إنهم الخوالف و الأعراب في ساعة العسرة
-
إنها ثورة الشعب المصري ، لا حزب العمل
-
ليبيا مصرية
-
إخلع محراثك اليوم ، فقد آن أوان الثورة ، آن أوان الحرية
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|