|
علماني في مكة والمدينة3
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 10:37
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تبع أسعد ,ملك حمير هو أول من كسا الكعبة ثوبا سنة 220قبل الهجرة . وهو أول من جعل لها بابا ومفتاحا وكانت من قبله بلا باب أو مفتاح .
وبقيت العرب من قريش تفرض قدرا من المال على أفخاذها وعلى القبائل العربية المجاورة ,كل على قدر حاجته, فيكسون بهذا المال الكعبة بعد ملك حمير, حتى جاء أبو ربيعة بن المغيرة فقال لقريش أنتم تكسونها عام وأنا أكسوها لوحدي عام فلقبته قريش بالعدل لهذا السبب . وكان النبي محمد ينهى عن سب ملك حمير الذي أول من كسا الكعبة وكان يقول عنه إنه ملك أسلم لله وكسا الكعبة . وكساها محمد النبي في حجة الوداع وأمر أن تكسا الكعبة على نفقة مال المسلمين أي على بيت المال .
ولربما يستغرب القارىء إذا عرف أن الفرنسيين قد كسو الكعبة سنة 1799م ولكنها لم تصل لظروف سياسية وقد عرى العرب في مكة الكعبة من ثيابها إثر الحملة الفرنسية على مصر وهذه من عادات الحكام العرب أنهم يقومون بتعرية الكعبة إذا حدث للمسلمين مكروها لإشعار العالم من أن هنالك أمرا خطيرا يحدث للمسلمين .
والمغيرة بن شعبة هو أول من خلع نعليه بجوار الكعبة.. والبيت... والحرم , وكانت الناس والعرب تحج البيت وتعتمر قبل مجيء الإسلام .
إذن ما هو الشيء الذي أضافه الدين الجديد للعرب ؟!!
لقد كانت الناس في بداية العصر الإسلامي المكي يصفون أتباع الدين الإسلامي بالصابئة والصابئين وأحيانا بدين محمد الجديد علما أن غالبية تعاليم الدين الإسلامي هي قديمة قدم الإنسان المكي الأول . وتظهر لنا كتب التراث شذرات أدبية من أغنياء قريش يستنكرون بها دعوة محمد للمساواة بين العبد وسيده . وهذه كانت هي أهم نقطة خلاف بين محمد وبين الحزب المعارض له من قريش . وهنالك أقوال في السيرة النبوية تقول على لسان المشركين : ما تبع محمد إلا الأراذل من القوم والعبيد وافسد محمد العلاقة بين العبد وسيده وبين الرجل والرجل وبين الأخ والأخ وبين السادة والعبيد وبين الوالد والمولود. ونستنتج من ذلك أن أتباع محمد من الفقراء والعبيد وأصحاب الحاجات وهم في العدد أكثر بكثير من الأغنياء وهذا يعني أن دعاية الدين الجديد كانت قوية وكانت تطير بسرعة من ألسنة الدعاة إلى قلوب الضعفاء والبسطاء من العرب . وكانت تهدف لقلب مجتمع الفقراء على مجتمع الأغنياء دون المساس بجوهر النظام الإجتماعي الأبوي البطريركي المتسلط غير أن الدعاية السياسية كانت أقوى بكثير من حجم المعارضة وكان القرآن كنص ديني يلعب دورا كبيرا في سحر القلوب والعقول وقد صدقت قريش وقتها إذ قالت محمد ساحر ..!!؟.
ولم تكن العرب ولا قريش يقصدون بكلمة ساحر ما تقصده الكلمة بمعناها الحرفي أوما تعنيه الكلمة من معناها الحرفي , ولكنهم كانوا يقصدون بها معنى إصطلاحيا لكلمة السحر من حيث أن لمحمد ودعايته سحرا دعائيا قويا ومن المعروف أن الفقراء أخيلتهم واسعة من حيث دعوة التقارب والمساواة وهذه الكلمات تجعل الفقراء يلهثون خلفها ويركضون بسرعة وبدون وعي وبهذا يكونون سكارى وما هم بسكارى . دعوة النبي محمد في مكة لم تأت بجديد بل كانت دعاية يصدقها الفقراء والعبيد وتجعلهم سكارى وما هم بسكارى وما حروب الردة إلا عودة وصحوة من سحر الكلمات الشاعرية الساحرة والبراقة بالمساواة فقد وعت العرب أو بعضهم زيف الحقيقة فصدوا وارتدوا عن الدين الجديد وعادوا لدين آبائهم وأجدادهم .
والعودة للدين القديم ليس قدحا بالدين الجديد فقد عادوا وارتدوا وما زالوا يعتمرون ويحجون البيت ويتزكون بأموالهم ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا . إذن ما هو شكل الردة؟
هو التوقف عن الإنصياع لنظام الجباية .
الدين القديم لم يتغير شيئا عن الدين الجديد ومحمد كنبي دخل مكة فاتحا وحاجا ومصلحا إجتماعيا ولكن ظروف الناس وحياتهم منعتهم من الإستمرار بتطبيق الشعارات السحرية والمساواة بين العبد وسيده وتسريح العبيد وإعتاقهم فإذا أعتقوا العبيد فمن يقوم بالعمل مكانهم ؟؟؟؟ فالآلة لم تأتتهم بعد!! وليس في زمنهم مصانع !! وكسب لقمة العيش صعب جدا !! ولا يتحقق إلا بالكد والتعب... وهذه الأمور تستلزم جهادا في النفس والولد ومن لا يقدر عليها يشتري عبدا ومن لا يقدر على شراء العبد يموت من شدة الإرهاق والتعب ,والقوي يأكل الضعيف . وحين دخل المسلمون الأوائل على الملك النجاشي وتحدث إليه جعفر الطيار بن إبي طالب قال : كنا أهل جاهلية يأكل القوي منا الضعيف ونغير على بعض....إلخ . وهذا صحيح ولنتأمل هنا شكل الدعاية والتجارة بقلوب المظلومين والفقراء من الناس وكيف طارت بهم الدعاية بسرعة كبيرة وجنحت بهم نحو مدينة مثل منزل صغير الكل فيها سواسية وإن شكل الدعاية شكل شيوعي وتطبيقها أخذ شكلا رأسماليا قاسيا .
وكانت بنفس الوقت الدعوة وسحرها وشعاراتها تخبر عن فجر عصر جديد تذوب فيه الفوارق الإجتماعية والطبقية ولكن التطبيق على أرض الواقع تحول إلى بداية نقطة مستحيلة التقدم عنها أو الإنتقال منها لنقطة أخرى أي الإنتقال من مرحلة رفع الشعارات إلى مرحلة تطبيق الشعارات .
وقلنا أن الكعبة أول من كساها هو تبع ملك حمير ولقد كساها أثر حملة قام بها على المدينة المنورة يثرب حين وضع بها إبن أخيه حاكما فقام إبن أخيه وقطف نخل رجل عربي فقام له الأعرابي وقتله وهو يقول : ألا أتدري أن النخل لمن أبره , وذهب هذا القول مثلا . وكانت من عادة العرب أن يهبوا النخل لمن يعتني به وأن يعطوا الأرض لمن حرثها وأحياها ومن هنا إستن النبي محمد قاعدة : من أحيا أرضا بور فهي له .
فلما سمع التبع بذلك قال لأقتلنهم ولأهدمن بيتهم ويقال أنه حارب أهل يثرب ولما قفل عائدا مر بأهل مكة فلم يعظموه تعظيم الملوك فسأل عن السبب فقيل له :إن لهم بيتا يعظمونه أكثر من تعظيمهم للملوك والقياصرة, فأقسم ليهدمنه .
فلما قدم مكة قاتله المكيون نهارا وأكرموه ليلا هو وجنده فقال : والله إن قومنا لكرام.. يقاتلوننا نهارا ويقرونا ليلا ,فقدم إليه حبران من اليهود نهياه عن مكة وقالا له هي مبعث نبي آخر الزمان فأعجب الملك باليهوديين وبطباع أهل مكة فقام وعزمهم ودعاهم للطعام إسبوعا وأكثر طبخ لهم في شعاب ما زال إلى اليوم يحمل إسم جبل المطابخ ,لكثرة ما طبخ به التبع اليماني وأمر بثوب للكعبة فكساها جيشه ثوبا على نفقته وجعل للكعبة بابا ومفتاحا , وأخذ معه اليهوديان الحبران ومنذ ذلك الوقت دخل اليهود إلى اليمن وكانت هذه أول مرة لهم في التاريخ .
وعاداتنا الإسلامية معظمها كانت سارية المفعول قبل أن يأت الإسلام وهي عادات إما نصرانية وإما يهودية وإما عربية وهي خليط ومزيج بين ذلك كله ما عدى أن هنالك أشياء مستقلة بذاتها عن الديانات الأخرى وهي قليلة ولكن صلب العقيدة وحج البيت والإعتمار كانتا ساريتان المفعول قبل مجيء الإسلام . وقد كسا العرب الكعبة لمعرفتهم بفضلها عليهم وكانوا يعظمونها كثيرا لمعرفتهم بعظمتها عندهم حيث كانت وما زالت فعلا إلى اليوم تطعمهم وتسقيهم بفضل تجارة الحجيج وإستغلال الحجاج والمعتمرين وإبتزاز أموالهم عن كره وعن إرضاء منهم . إن آلاف السذّج اليوم يحجون ويعتمرون مكة وبيوتهم خاوية من الخبز لكي يستغفروا الله كثيرا ويقبلوا حجرا أسود ويسعون بين الصفا والمروة وينفقون أموالهم هنا وهناك وليشهدوا منافع لهم علما أن تجار مكة هم الذين يشهدون منافع الحجاج بسبب التجارة أكثر مما يشهده المعتمرون من منافع لهم . ولنتخيل الآن أن ملايين الدولارات تحج إلى جيوب تجار مكة مع الحجاج والمعتمرين كل موسم حج وعلى مدار تأدية العمرات على مدار السنة بنفس الوقت الذي نموت به جوعا ولا نجد دخلا مناسبا لنا بينما تنتفخ بطون تجار مكة والمدينة وبطون أصحاب مهنة (المقومون) الذين يقومون الناس للحج والعمرة فتستفيد شركاتهم أضعافا مضاعفة ولا يحصل المعتمر على خدمة مطابقة لربع المال الذي يدفعه وبهذا يستفيد التجار الدينييون ويخسر البسطاء والمتعبين والسذّج من المعتمرين فقد قابلت هنالك مرضا جاؤا للشفاء وتركوا خلفهم مستشفيات طبية متخصصة .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علماني في مكة والمدينة 2
-
علماني في مكة والمدينة
-
هوايتي جمع القبلات
-
من يحيي المعاني إذا ماتت ؟
-
رائحة إبط الرجل تنظم الدورة الشهرية للمرأة
-
الإستعمار للمواطن العربي أفضل
-
العبقرية ليست للعرب
-
الثقافة التي تطعمنا الخبز أو خبز المسيح
-
بابلوف في المخابرات1
-
هل سيبقى بوش حمارا؟
-
هل سيبقى بوش حمارا ؟
-
دعوة لفتح ملفات الأدب الجاهلي والمسكوت عنه
-
العمل الثقافي المقدس
-
الرجل يقف على قدمين والمرأه على قدم واحده
-
المثقفون ملح الأرض
-
عشقي للجمال في الحوار المتمدن
-
القوانين العراقية أرست قواعد الديانات التوحيدية .
-
خذوا حذركم عند كل عربي
-
الخليفة المعتصم المثمن
-
شكرا أمريكيا وإسرائيل
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|