أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - كاندنسكي .. ثورة لم تخمد بعد!!















المزيد.....

كاندنسكي .. ثورة لم تخمد بعد!!


زاهد عزت حرش
(Zahed Ezzt Harash)


الحوار المتمدن-العدد: 722 - 2004 / 1 / 23 - 05:57
المحور: الادب والفن
    


ولد مؤسس تقنية التجريد في الفنون التشكيلية .. الروسي فاسيلي كاندنسكي Wassily Kandinesky في الرابع من كانون اول من العام 1866 في موسكو. منحدراً من اسرة قضت عشرات السنين من عمرها منفية في سيبيريا .. وقد عادت الى مسقط راسها بعد المرسوم الملكي الذي اصدره القيصر الروسي الكسندر الثاني عام 1861.. والقاضي باعادة الكثير من العائلات المنفية الى سيبيريا .. وكان من بينها اسرة والده التي استقر عيشها قبل ذلك في بلدة كياخطه kyakhta الواقعة في الجزء الشرقي من سيبيريا والمتاخم للحدود المنغولية, حيث عمل والده في صناعة الشاي.. مما اهله للعمل في هذا المضمار بعد استقراره في موسكو وعودته الى حياة انسانية طبيعية .

 تزوج عامل الشاي المميز هذا من ليديه طاتشيبه.. المرأة الفائقة الاناقة والجمال والمعروفة في ارجاء موسكو بصفاتها الفريده هذه, وكانت النتيجة الوحيدة لهذا الارتباط ميلاد الطفل فاسيلي كاندنسكي,  لان زواجهما لم يكتب له البقاء طويلا, وهكذا احيلت تربية الطفل الى خالته.. هذه التي الهبت مشاعره بقصص الاساطير الروسية والالمانية.. اذ كانت تقرأها له باللغتين منذ تفتقت حواسه ووعيه الاولى .. اضافة الى المحبة الكبيرة التي اغدقها عليه والديه كل بطريقته واسلوبه الخاص, وقد راى في امه رائعة الكمال الانساني حيث والف ما بينها وبين المدينته الحبيبة على قلبه .. موسكو, التي اعتبرها صورى اخرى عن امه وعن البيت والامان.
 
اسم اللوحة (اصفر, احمر, ازرق) 1925

 شكلت موسكو بالنسبة اليه مصدر الايحاء الاول حيث زودته بدوافع قوية من الثبات والقناعة والامان .. الا ان حلمه هذا لم يدم طويلاً, فقد اضطر والده الى الانتقال للعيش في اوديسا سنة 1871 والعمل هناك مديراً لاحد مصانع الشاي فيها, بعد ان عانى الكثير من ويلات المرض بسبب طقس موسكو ذات الشتاء القارص البرودة . وشب كاندنسكي في تلك الاجواء البعيدة عن مدينته المحبوبة محتفظاً بالقليل القليل من ذكريات الطفولة المبكرة فيها.. والعائد اليها مع كل مناسبة ونفحة ذكريات.

 عمل كاندنسكي في مطلع شبابه لدى احدى الشركات التي تولت اعمال الاحصاء في المقاطعات القروية والفلاحية, وقد انجز مهمته في اعداد دراسة واحصاء عن الفلاحين في مقاطعة فلوغدا Voogda بنجاح كبير مما اهله ليصبح احد اعضاء الهيئة الادارية لتلك الشركة.. وقد ساعده هذا النجاح لمتابعة دراسته الاكاديمية, ففي سنة 1892 اجتاز الامتحانات النهائية في كلية الحقوق دون عناء يذكر .. وفي تلك الاثناء بالذات التقى مع آنية تشمياكين التي كانت تدرس في القسم الخارجي من نفس الجامعة وتزوج منها.

 وقف كاندنسكي مع نهاية القرن التاسع عشر امام اختيارين, اما العمل من خلال لقب بروفسور في جامعة Tartu .. او يكون رساماً لا يلوي على شيء, سوى على احساسه وايمانه بهذا الفن العظيم .. وقد كان للقائه بمعرض الانطباعيين البارسيين الذي اقيم في موسكو في تلك الحقبة من تاريخه, وخاصة تاثره البالغ باحدى لوحات الفنان العريق كلود مونيه (كومة القش)..  واستماعه الى موسيقى فايجنر Wagner في المسرح الملكي الروسي.. تاثيراً كبيراً على قرار حياته, فانحاز الى اتجاه دراسة الفنون التشكيلية دون اي تردد او ابطاء, وهو في ذلك يناهز الثلاثين من العمر.. وقد علق على ذلك بقوله "ان موسيقى فاجنر اجتاحتني بعفوية عميقة استطعت من خلالها ان ارى كل الالوان المحببة الى قلبي بعيون روحي الهائمة في ارجاء المكان .. وان ارى خطوطها المتوحشة التي اوصلتني الى حافة الجنون, من خلال حركتها وقدرتها على رسم عدداً من اللوحات امام ناظريّ ."

 هاجر كادنسكي متجهاً نحو ميونخ في العام 1896 لدراسة الفنون التشكيلية في احدى معاهدها .. وقد عرفت ميونخ في تلك الحقبة باتجاهها كمدينة الفنون السياسية. من هنا بدأ كاندنسكي يوطد علاقته بالفنون التشكيلية بشكل ثابت لا يقبل التأويل, حيث حدد مفهومه في الفن الحديث بما جاء في قوله الاتي: "ان اعظم تزوير للحقيقة هو الاعتقاد بان الفنون التشكيلية تقليداً دقيقاً لما تحتويه الطبيعة " .
 
اسم اللوحة (على المساحة البيضاء) 1923

 اعتمد كاندنسكي في ميونخ على تبسيط الشيء.. فرسم بواسطة "طباعة الخشب" الكثير من الاعمال الجرافيكية والتصاميم الخطوطية, على الرغم من انه كان محاطاً بحركة فنون امتازت بـ "المحافظة .. والنظرة الرجوازية .. وضيق الافق" على حد تعبيره .!! كما راى ان هناك خضوعاً نصف اكاديمياً مسيطراً عليها. من ضمن ما انجزه في تلك الايام بواسطة "طباعة الخشب" لوحة "المغنية" ذات اللونين.. عام 1903, وقد تميزت بتلك الخطوط الطولانية العامودية التي تشابهت وخطوط اسطر النوتة الموسيقية .. وكان مرد ذلك لايمانه العميق بتواصل الموسيقى مع الرسم.. وهو يفسر هذا التواصل بانه يحدث من خلال علاقة متفرسة ما بين المتلقي واللوحة بالوانها وتشكيلها الكلي .. وتعتبر لوحة "المغنية" اقرار وثائقي لهذا الايمان المطلق.

 كما يمكن ايعاز هذا الجنوح للعمل بواسطة "الطباعة الخشبية" الى مخزونه الذاتي.. الذي احتوته الذاكرة منذ ايام الطفولة. لقد علقت في مخيلته من خلال تلك الاساطير التي حفظها .. شخوص اناس مجردة من تعابيرها التفصيلية الصغيرة لتعبر عن ذاتها وقدراتها الاسطورية المذهلة .. وقد كان لتلك الصور الغائبة عن الواقع فضاء تجول به في حرية استنطقت اعماله التجريدية باللون والشكل والمضمون.. وقد ساهمت مساهمة رائعة في بناء عالمه الفني المميز الذي عرفه كاحد عمالقة العمل الثوري في الفنون التشكيلية من خلال اعماله المنجزة منذ ذلك الحين.
 
اسم اللوحة (Composition – 5) 1922

 مع حلول العام 1911 اسس كاندنسكي  وصديقه فرانز مارك Franz Marc (1880- 1916م)، حركة تشكيلية جديدة عرفت بجماعة "الفارس الازرق".. Der Blaue Reiter ويعود ذلك الى ان كلاهما احب استخدام اللون الازرق في اعماله.. اضافة الى شغف مارك برسم الخيول وشغف كاندنسكي برسم الفرسان. وقد انضم الى هذه الجماعة كل من كوفكا Kofca الذي طبع ألوان لوحاته بطابع موسيقي فريد، والفنان روبرت ديلوني Delawny الذي تميزت اعماله الفنية بألوانها الجوهرية الصافية.
 
 ركزت جماعة "الفارس الأزرق" على تفسير علم الجمال من خلال التجارب والدراسات التي قام بها كل من الروسي كاندينسكي الألماني مارك..   وكانت خلاصة تلك التجارب والدراسات نتيجة واحدة هي البعد بفلسفة الجمال عن القواعد الكلاسيكية والأكاديمية والتركيز على الرغبات الباطنة للفنان .
وقد شرح كاندينسكي تلك الرغبات الباطنة قائلا "لا نهتم بالدعوة إلى شكل معين أو نظام محدد وهدفنا أن نيسر من خلال استعراض الأشكال المتنوعة، التعبير عن الرغبات الباطنة التي يستشعرها كل فنان بالطريقة التي ترضيه، سواء كانت هذه الطريقة تعبيرية أو تكعيبية أو محاولات تجريدية. الا انهما في تلك الحقبة اقاما معرضيين لا تفصلُ بينهما سوى أسابيع قليلة شارك فيهما فنَّانونَ مِن روسيا، ألمانيا، فرنسا، وكذلك النمسا من أمثال:  ماكه ـ شونبرغْ ـ مارك ـ كانْدينسكي ـ براك ـ بلوك ـ مولر ـ بيكاسو ـ كوبين... إلخ.‏ ."  وفي نهاية المطاف انضم كاندينسكي إلى مدرسة" الباوهاوس" Bauhau بعد توقف جماعة "الفارس الأزرق" إثر إعلان الحرب العالمية الأولى عام 1914.
 هكذا اتسمت اعمال كاندنسكي بالتجريد الذي اصبح الصيغة المثلى للتعبير عن علاقة الفنان بالمحيط الذي يعيش فيه .. بعد ان سقطت مسلمات من المفاهيم والقيم التي عاشت وعششت داخل ادمغة انسان ما قبل القرن التاسع عشر.. فانبثقت هذه الرؤيا الثورية لصياغة الشكل والمضمون في الفنون المرئية خاصة, لتعبر عن علاقة الانسان بالطبيعة من خلال المنظور المادي للتاريخ .
-------------------------------------

اللوحات
الفايل : Khndinsky1   اسم اللوحة (اصفر , احمر, ازرق) 1925
الفايل : Khndinsky2   اسم اللوحة (على المساحة البيضاء) 1923
الفايل : Khndinsky3  اسم اللوحة (Composition -5) 1911




#زاهد_عزت_حرش (هاشتاغ)       Zahed_Ezzt_Harash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نزيه نصرالله .. هذا هو ميلادك الاخير؟؟
- اغنية للسنة الجديدة قــوافـل الــدمـوع
- الحرية للمناضل السياسي ابو علي - محمد مقبل
- عريان وابي عريان في اخر الزمان قصة لم تنتهي - من تراثنا العر ...
- رابطة سوا للفنانين التتشكيليين في شفاعمرو
- اتمنى لشمعة -الحوار- ان تبقى مضيئة به وبكم ابد الدهر
- عملاق اللون الفلسطيني.. اهلاً بهذا الحضور كلمة لم تلقى في حف ...
- مساهمة بصوت مسموع في نقاش استوفى كافة حالات الهمس عمداً
- الباص.. في مهرجان المسرح الآخر رائعة الموسم المسرحي لهذا الع ...
- الباص.. في مهرجان المسرح الآخر رائعة الموسم المسرحي لهذا الع ...
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن-7
- شفاعمرو ..تاريخ واسماء ووطن - 5
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن(6
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن 4
- الرسم الايقونوغرافي او التصوير الكنسي البيزنطي
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن- 3
- شفاعمرو تاريخ واسماء ووطن 2
- فنون فلسطينية مقاتلة في منهاتن
- شفاعمرو .. تاريخ واسماء ووطن
- بدئ التحضيرات المكثفة لمسرحية الباص - المسرحية العربية المشا ...


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهد عزت حرش - كاندنسكي .. ثورة لم تخمد بعد!!