أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - إن لم ننجز الدولة فلنحافظ على هويتنا وثقافتنا الوطنية















المزيد.....

إن لم ننجز الدولة فلنحافظ على هويتنا وثقافتنا الوطنية


ابراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 2330 - 2008 / 7 / 2 - 10:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


التاريخ والواقع يقولان بأن الشعوب والأمم لا تندثر ولا تزول إلا إذا فقدت الإرادة بالحياة أو اجتاحها من الخطب والملمات الطبيعية ما لا قدرة لها على تحمله. شعوب كثيرة كان يُضن أنها اندثرت نتيجة توازنات دولية ناتجة عن حروب عالمية، وإذا بها تنبثق من تحت الرماد هادرة وعنيفة مصحِحَة لمظالم التاريخ فارضة وجودها مجددا على الخارطة السياسية الدولية،يكفي أن نتحدث عن الأكراد والشيشان والصرب والبوسنة وجمهوريات البلطيق والتشيك الخ ،ولماذا نذهب بعيدا فالحالة الإسرائيلية تعيش بين ظهرانينا،فمع أن اليهود لم يكونوا في يوم من الأيام امة ولم يرتبطوا بأرض فلسطين إلا ارتباط عابري السبيل أو المهاجرين بأرض استضافهم أهلها ولكنهم لم يحترموا أصول الضيافة،بالرغم من ذلك فقد وظفوا مزاعم تاريخية تعود لآلاف السنيين لتأسيس حق سياسي يتجسد اليوم بإقامة دولة وبناء امة لم يكن لها وجود.
قد يتغير شكل الكيان السياسي للأمة أو حدوده،قد تلتحق أو تُلحق الأمة بأمة أخرى،قد تزول دولة الأمة أو يُشتت الشعب،قد تطغى ثقافة على ثقافتها الوطنية ،قد تنهزم الأمة بفعل توازن قوى لغير صالحها أو لفشل قياداتها أو حتى خيانتهم لشعبهم ،ولكن الأمم والشعوب تبقى ما بقي الثابت والأصيل فيها وهو هويتها وثقافتها الوطنية،الثقافة والهوية هما الشيء الذي يبقى بعد أن ينهار ويذهب كل شيء،والثقافة الوطنية مرتبطة بالإرادة وليس بموازين القوى،إنها حالة شعورية وغير شعورية ،حالة روحانية تسري بين أفراد الأمة سريان الكهرباء،يحس بها أفراد الأمة وتفعل فيهم مفاعيلها التوحيدية دون أن يشاهدوها أو يعرفوا سرها، ثقافة الأمة قد تجدها في الراية الوطنية في اللباس الشعبي أو الأكلة الشعبية في اللغة أو اللهجة، في اسم الأمة بحد ذاته، في تاريخ مشترك حتى وإن كان أطلال بيوت أو دور عبادة أو حتى منحوتات صخرية وبقايا عظام،تاريخ يصرخ ويقول هنا كان وعاش الأجداد الأوائل الذين أعطوا للأرض و للأشياء أسماءها،حتى المعاناة على الحدود والمعابر وفي المطارات والإحساس باللجوء والهوان من الوقوف أمام مقرات وكالة الغوث الخ ،هذه جزء من الثقافة الوطنية كما أن ثقافة الصمود والمقاومة عناوين بارزة في ثقافتنا الوطنية.الثقافة والهوية الوطنية هما كل ما يميز الفلسطيني عن غيره . ولذا فالثقافة والهوية الوطنية لا تزول ولا تندثر فهي موجودة منذ أن أخذت هذه الأرض أسمها(فلسطين) و تتقوى وتتصلب كل يوم مع كل معاناة أو إبداع وتميُز لشعب هذه الأرض .

نقول هذا القول وقد هالنا ما لمسناه من حالة إحباط ويأس أصابت أفرادا بل قطاعات كبيرة ليس فقط من عامة الشعب بل حتى من الطبقة المثقفة،حالة يتم التعبير عنها بألفاظ مثل (خريانه) و(مفيش فايدة)،وهذه الحالة تؤدي لرغبة قوية بهجر ليس فقط السياسة بل الوطن،لا يهم إلى أين، بل المهم الخروج من الوطن بأي ثمن .هذه الحالة موجودة في قطاع غزة أكثر مما هي في الضفة الغربية.نفهم رداءة الحالة الاقتصادية وانغلاق الأفق أمام الحلول السياسية سواء أخذت طابع المفاوضات أو المراهنة على العمل العسكري،ولكن السبب الحقيقي لتفشي حالة الإحباط واليأس عند هؤلاء المحبطين والمتشائمين هو أن هؤلاء اختزلوا الأمة والوطن والتاريخ بالحالة السياسية الراهنة،اختزلوها بمؤسسات سلطة وأحزاب ونخب سياسية، اختزلوا كينونة و تاريخ امة بمشاريع وبرامج لأحزاب وقيادات سياسية،مخالفين بذلك أبسط قواعد علم السياسة و منطق الأمور،جاهلين ومتجاهلين أن الأحزاب والقيادات والكيانات السياسية ما وجدت إلا لخدمة الأمة في تاريخ محدد وظروف محددة،إنها أدوات عابرة توظف لخدمة الثابت والأصيل وهو الشعب بثقافته ومصالحه وحقوقه الوطنية،وفشل الأداة لا يعني التخلي عن الأصل أو الهدف بل تغيير الأداة والبحث عن طرق وأدوات وقيادات جديدة.
ولنفترض جدلا-بل قد يكون أمرا واقعا-أن السلطة بمؤسساتها وسياساتها قد فشلت في أن تكون بمستوى تطلعات واحتياجات الشعب ،وان الأحزاب السياسية ونخبها المأزومة أصبحت عالة على الشعب بل معيقة لأية إمكانية لاستنهاض المشروع الوطني وان موازين القوى العسكرية مختلة بشكل كبير لصالح العدو الخ ، إذن ما العمل؟هل نتخلى عن الوطن وننسلخ عن امتنا الفلسطينية؟هل نهجر الوطن ونتركه للعابرين الصهاينة وللنخب والقيادات السياسية الفاشلة والفاسدة ؟ ،أم نتجذر ونتمسك بالوطن ، الأرض و الثقافة والهوية الوطنية.ودعونا نتساءل ما سر استمرار وجود الأمة الفلسطينية عبر تاريخ يمتد لآلاف السنين؟ما سر أن هذه الأمة التي تعود لعهد الكنعانيين والتي عندما جاءها العبرانيون غزاة وجدوا كما تقول توراتهم شعب فلسطين يقاتل دفاعا عن أرضه؟لماذا استمر اسم فلسطين منذ عهد الكنعانيين إلى اليوم يُطلق على هذه الأرض وشعب هذه الأرض بالرغم من تعاقب عدة احتلالات وغزوات وحروب ؟.
الجواب ببساطة لان الأمم أو الشعوب لا تموت وشعب بتاريخ وعظمة الشعب الفلسطيني لا يموت،ذهب البريطانيون والأتراك والصليبيون والرومانيون وكل من حاول أن بحل محل شعب فلسطين على أرض فلسطين،وبقيت فلسطين الأرض والشعب ،ما حافظ على استمرار وجود هذا الشعب هو ثقافته وهويته الوطنية وهما شيء أهم واكبر من كل الأحزاب والقيادات ،الثقافة والهوية بمثابة الدين السسيولوجي للشعب الفلسطيني،وهو ما يجب أن نتمسك به وندافع عنه بكل ما نملك من قوة وعزم،العروبة هي عمق وامتداد وكذا العالم الإسلامي ،الثقافة والهوية الوطنية شجرة جذورها في فلسطين وفروعها تتنفس من العالمين العربي والإسلامي،ولكن الهوية والثقافة الوطنية هما الأصل والكينونة.الثقافة والهوية الوطنية هما ما يجمع الفلسطيني في القطاع مع أبن الضفة ومع فلسطينيي 48 وفلسطينيي الشتات بالرغم من التباعد الجغرافي.الثقافة والهوية هما شيفرة الانتماء للوطن،وهما وراء أنه بعد ستين عاما من النكبة والغربة والاحتلال ما زالت القضية الفلسطينية أكثر القضايا إشغالا للعالم .
لا شك ان الحالة الفلسطينية السياسية والاقتصادية في وضع مزر لا يبشر بقرب قيام الدولة الفلسطينية على ارض فلسطين، ولكن السبب ليس لنقص في شرعية الحق الفلسطيني أو لغياب إرادة الصمود والمقاومة، بل الخلل في موازين قوى تعمل لغير صالح الشعب الفلسطيني وفي نخب سياسية لم تُحسن إدارة الصراع مع العدو سواء على طاولة المفاوضات أو في مجال المقاومة، وحيث أن هذه أمور عابرة فيجب أن لا تؤثر على إيماننا بعدالة قضيتنا أو تدفعنا للاستسلام ورفع الراية البيضاء.إن كانت القيادة والنخب السياسية والأحزاب غير قادرة أن تنجز مشروع الدولة بحيث تترك للأجيال القادمة إمكانية العيش الكريم بدولة مستقلة ،فعليها أن لا تقطع الطريق على ذلك،وهذا يتطلب منها تمكين الأجيال القادمة من مقومات الصمود والبقاء ومن مقومات بناء الدولة واهم هذه المقومات عدم التنازل أو التفريط بالحقوق والثوابت التي توافق عليها غالبية الشعب ،و أن تترك لهم ثقافة وطنية أصيلة وهوية وطنية يفتخرون بها.

الدولة المستقلة هي عنوان المشروع الوطني ولا شك، ولكن المشروع الوطني أشمل من الدولة ويتعداها، إنه الثقافة والهوية الوطنية،وخصوصا في حالة كالحالة الفلسطينية حيث ان كل الشعب يعيش اليوم بدون دولة ،يعيش بقوة كيمياء الثقافة والهوية ، و أكثر من نصف الشعب قد يعيش في الشتات حتى بعد قيام دولة المشروع الوطني.ومن هنا يجب التفكير بالحفاظ على الوطن والهوية والثقافة بغض النظر عن التجاذبات السياسية حول تأسيس الدولة،الهوية والثقافة الوطنية يؤسسا الدولة ولكن الدولة لا تؤسس بالضرورة هوية وثقافة وطنية( مسالة الهوية ما زالت مطروحة بشدة في الولايات المتحدة بعد أكثر من مأتي سنة على قيامها وفي إسرائيل بعد ستين سنة من قيامها)،وحتى لو انقسمت دولة المشروع الوطني لكيانين في الضفة وغزة فيجب الحفاظ على وحدة الثقافة والهوية الوطنية .

نتمنى على قيادة الشعب الفلسطيني أن تضع الثقافة الوطنية على سلم اهتماماتها وتعمل على وضع استراتيجية ثقافية ذات رؤية شمولية لا ترتهن بأجندة الدول المانحة وان تتعامل مع الثقافة والهوية الوطنية باعتبارها ثقافة عشرة مليون فلسطيني .وفي هذا السياق يجب تفعيل وتنشيط وزارة الثقافة وزيادة الموازنات المخصصة لها ( فمن المؤسف ان تكون موازنة وزارة الثقافة 002 ,% اثنان بالألف من الموازنة العامة!) وإن كانت الجهات المانحة غير معنية بدعم الثقافة الوطنية فيجب تفعيل دائرة الثقافة والإعلام بمنظمة التحرير الفلسطينية والتي تم تهميشها عند قيام السلطة لصالح وزارة الثقافة ثم همشت هذه الأخيرة لتصبح الثقافة الوطنية بدون راع وخصوصا بالنسبة لنصف الشعب الفلسطيني في الشتات.

‏24‏/06‏/2008



















د/إبراهيم ابراش
[email protected]

إن لم ننجز الدولة فلنحافظ على ثقافتنا وهويتنا الوطنية

التاريخ والواقع يقولان بأن الشعوب والأمم لا تندثر ولا تزول إلا إذا فقدت الإرادة بالحياة أو اجتاحها من الخطب والملمات الطبيعية ما لا قدرة لها على تحمله. شعوب كثيرة كان يُضن أنها اندثرت نتيجة توازنات دولية ناتجة عن حروب عالمية، وإذا بها تنبثق من تحت الرماد هادرة وعنيفة مصحِحَة لمظالم التاريخ فارضة وجودها مجددا على الخارطة السياسية الدولية،يكفي أن نتحدث عن الأكراد والشيشان والصرب والبوسنة وجمهوريات البلطيق والتشيك الخ ،ولماذا نذهب بعيدا فالحالة الإسرائيلية تعيش بين ظهرانينا،فمع أن اليهود لم يكونوا في يوم من الأيام امة ولم يرتبطوا بأرض فلسطين إلا ارتباط عابري السبيل أو المهاجرين بأرض استضافهم أهلها ولكنهم لم يحترموا أصول الضيافة،بالرغم من ذلك فقد وظفوا مزاعم تاريخية تعود لآلاف السنيين لتأسيس حق سياسي يتجسد اليوم بإقامة دولة وبناء امة لم يكن لها وجود.
قد يتغير شكل الكيان السياسي للأمة أو حدوده،قد تلتحق أو تُلحق الأمة بأمة أخرى،قد تزول دولة الأمة أو يُشتت الشعب،قد تطغى ثقافة على ثقافتها الوطنية ،قد تنهزم الأمة بفعل توازن قوى لغير صالحها أو لفشل قياداتها أو حتى خيانتهم لشعبهم ،ولكن الأمم والشعوب تبقى ما بقي الثابت والأصيل فيها وهو هويتها وثقافتها الوطنية،الثقافة والهوية هما الشيء الذي يبقى بعد أن ينهار ويذهب كل شيء،والثقافة الوطنية مرتبطة بالإرادة وليس بموازين القوى،إنها حالة شعورية وغير شعورية ،حالة روحانية تسري بين أفراد الأمة سريان الكهرباء،يحس بها أفراد الأمة وتفعل فيهم مفاعيلها التوحيدية دون أن يشاهدوها أو يعرفوا سرها، ثقافة الأمة قد تجدها في الراية الوطنية في اللباس الشعبي أو الأكلة الشعبية في اللغة أو اللهجة، في اسم الأمة بحد ذاته، في تاريخ مشترك حتى وإن كان أطلال بيوت أو دور عبادة أو حتى منحوتات صخرية وبقايا عظام،تاريخ يصرخ ويقول هنا كان وعاش الأجداد الأوائل الذين أعطوا للأرض و للأشياء أسماءها،حتى المعاناة على الحدود والمعابر وفي المطارات والإحساس باللجوء والهوان من الوقوف أمام مقرات وكالة الغوث الخ ،هذه جزء من الثقافة الوطنية كما أن ثقافة الصمود والمقاومة عناوين بارزة في ثقافتنا الوطنية.الثقافة والهوية الوطنية هما كل ما يميز الفلسطيني عن غيره . ولذا فالثقافة والهوية الوطنية لا تزول ولا تندثر فهي موجودة منذ أن أخذت هذه الأرض أسمها(فلسطين) و تتقوى وتتصلب كل يوم مع كل معاناة أو إبداع وتميُز لشعب هذه الأرض .

نقول هذا القول وقد هالنا ما لمسناه من حالة إحباط ويأس أصابت أفرادا بل قطاعات كبيرة ليس فقط من عامة الشعب بل حتى من الطبقة المثقفة،حالة يتم التعبير عنها بألفاظ مثل (خريانه) و(مفيش فايدة)،وهذه الحالة تؤدي لرغبة قوية بهجر ليس فقط السياسة بل الوطن،لا يهم إلى أين، بل المهم الخروج من الوطن بأي ثمن .هذه الحالة موجودة في قطاع غزة أكثر مما هي في الضفة الغربية.نفهم رداءة الحالة الاقتصادية وانغلاق الأفق أمام الحلول السياسية سواء أخذت طابع المفاوضات أو المراهنة على العمل العسكري،ولكن السبب الحقيقي لتفشي حالة الإحباط واليأس عند هؤلاء المحبطين والمتشائمين هو أن هؤلاء اختزلوا الأمة والوطن والتاريخ بالحالة السياسية الراهنة،اختزلوها بمؤسسات سلطة وأحزاب ونخب سياسية، اختزلوا كينونة و تاريخ امة بمشاريع وبرامج لأحزاب وقيادات سياسية،مخالفين بذلك أبسط قواعد علم السياسة و منطق الأمور،جاهلين ومتجاهلين أن الأحزاب والقيادات والكيانات السياسية ما وجدت إلا لخدمة الأمة في تاريخ محدد وظروف محددة،إنها أدوات عابرة توظف لخدمة الثابت والأصيل وهو الشعب بثقافته ومصالحه وحقوقه الوطنية،وفشل الأداة لا يعني التخلي عن الأصل أو الهدف بل تغيير الأداة والبحث عن طرق وأدوات وقيادات جديدة.
ولنفترض جدلا-بل قد يكون أمرا واقعا-أن السلطة بمؤسساتها وسياساتها قد فشلت في أن تكون بمستوى تطلعات واحتياجات الشعب ،وان الأحزاب السياسية ونخبها المأزومة أصبحت عالة على الشعب بل معيقة لأية إمكانية لاستنهاض المشروع الوطني وان موازين القوى العسكرية مختلة بشكل كبير لصالح العدو الخ ، إذن ما العمل؟هل نتخلى عن الوطن وننسلخ عن امتنا الفلسطينية؟هل نهجر الوطن ونتركه للعابرين الصهاينة وللنخب والقيادات السياسية الفاشلة والفاسدة ؟ ،أم نتجذر ونتمسك بالوطن ، الأرض و الثقافة والهوية الوطنية.ودعونا نتساءل ما سر استمرار وجود الأمة الفلسطينية عبر تاريخ يمتد لآلاف السنين؟ما سر أن هذه الأمة التي تعود لعهد الكنعانيين والتي عندما جاءها العبرانيون غزاة وجدوا كما تقول توراتهم شعب فلسطين يقاتل دفاعا عن أرضه؟لماذا استمر اسم فلسطين منذ عهد الكنعانيين إلى اليوم يُطلق على هذه الأرض وشعب هذه الأرض بالرغم من تعاقب عدة احتلالات وغزوات وحروب ؟.
الجواب ببساطة لان الأمم أو الشعوب لا تموت وشعب بتاريخ وعظمة الشعب الفلسطيني لا يموت،ذهب البريطانيون والأتراك والصليبيون والرومانيون وكل من حاول أن بحل محل شعب فلسطين على أرض فلسطين،وبقيت فلسطين الأرض والشعب ،ما حافظ على استمرار وجود هذا الشعب هو ثقافته وهويته الوطنية وهما شيء أهم واكبر من كل الأحزاب والقيادات ،الثقافة والهوية بمثابة الدين السسيولوجي للشعب الفلسطيني،وهو ما يجب أن نتمسك به وندافع عنه بكل ما نملك من قوة وعزم،العروبة هي عمق وامتداد وكذا العالم الإسلامي ،الثقافة والهوية الوطنية شجرة جذورها في فلسطين وفروعها تتنفس من العالمين العربي والإسلامي،ولكن الهوية والثقافة الوطنية هما الأصل والكينونة.الثقافة والهوية الوطنية هما ما يجمع الفلسطيني في القطاع مع أبن الضفة ومع فلسطينيي 48 وفلسطينيي الشتات بالرغم من التباعد الجغرافي.الثقافة والهوية هما شيفرة الانتماء للوطن،وهما وراء أنه بعد ستين عاما من النكبة والغربة والاحتلال ما زالت القضية الفلسطينية أكثر القضايا إشغالا للعالم .
لا شك ان الحالة الفلسطينية السياسية والاقتصادية في وضع مزر لا يبشر بقرب قيام الدولة الفلسطينية على ارض فلسطين، ولكن السبب ليس لنقص في شرعية الحق الفلسطيني أو لغياب إرادة الصمود والمقاومة، بل الخلل في موازين قوى تعمل لغير صالح الشعب الفلسطيني وفي نخب سياسية لم تُحسن إدارة الصراع مع العدو سواء على طاولة المفاوضات أو في مجال المقاومة، وحيث أن هذه أمور عابرة فيجب أن لا تؤثر على إيماننا بعدالة قضيتنا أو تدفعنا للاستسلام ورفع الراية البيضاء.إن كانت القيادة والنخب السياسية والأحزاب غير قادرة أن تنجز مشروع الدولة بحيث تترك للأجيال القادمة إمكانية العيش الكريم بدولة مستقلة ،فعليها أن لا تقطع الطريق على ذلك،وهذا يتطلب منها تمكين الأجيال القادمة من مقومات الصمود والبقاء ومن مقومات بناء الدولة واهم هذه المقومات عدم التنازل أو التفريط بالحقوق والثوابت التي توافق عليها غالبية الشعب ،و أن تترك لهم ثقافة وطنية أصيلة وهوية وطنية يفتخرون بها.

الدولة المستقلة هي عنوان المشروع الوطني ولا شك، ولكن المشروع الوطني أشمل من الدولة ويتعداها، إنه الثقافة والهوية الوطنية،وخصوصا في حالة كالحالة الفلسطينية حيث ان كل الشعب يعيش اليوم بدون دولة ،يعيش بقوة كيمياء الثقافة والهوية ، و أكثر من نصف الشعب قد يعيش في الشتات حتى بعد قيام دولة المشروع الوطني.ومن هنا يجب التفكير بالحفاظ على الوطن والهوية والثقافة بغض النظر عن التجاذبات السياسية حول تأسيس الدولة،الهوية والثقافة الوطنية يؤسسا الدولة ولكن الدولة لا تؤسس بالضرورة هوية وثقافة وطنية( مسالة الهوية ما زالت مطروحة بشدة في الولايات المتحدة بعد أكثر من مأتي سنة على قيامها وفي إسرائيل بعد ستين سنة من قيامها)،وحتى لو انقسمت دولة المشروع الوطني لكيانين في الضفة وغزة فيجب الحفاظ على وحدة الثقافة والهوية الوطنية .

نتمنى على قيادة الشعب الفلسطيني أن تضع الثقافة الوطنية على سلم اهتماماتها وتعمل على وضع استراتيجية ثقافية ذات رؤية شمولية لا ترتهن بأجندة الدول المانحة وان تتعامل مع الثقافة والهوية الوطنية باعتبارها ثقافة عشرة مليون فلسطيني .وفي هذا السياق يجب تفعيل وتنشيط وزارة الثقافة وزيادة الموازنات المخصصة لها ( فمن المؤسف ان تكون موازنة وزارة الثقافة 002 ,% اثنان بالألف من الموازنة العامة!) وإن كانت الجهات المانحة غير معنية بدعم الثقافة الوطنية فيجب تفعيل دائرة الثقافة والإعلام بمنظمة التحرير الفلسطينية والتي تم تهميشها عند قيام السلطة لصالح وزارة الثقافة ثم همشت هذه الأخيرة لتصبح الثقافة الوطنية بدون راع وخصوصا بالنسبة لنصف الشعب الفلسطيني في الشتات.

‏24‏/06‏/2008




#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا التهدئة الآن؟
- التهدئة تضع النظام السياسي الفلسطيني على مفترق طرق
- سلطتان وحكومتان ولكن من يحمل ويحمي المشروع الوطني؟
- حركة فتح والشروع الوطني والحكومة
- احذروا تسوية غير قابلة للفشل لغياب البدائل
- انقلاب السلطة على المشروع الوطني
- الثوابت الوطنية:أيديولوجيا أو مهام نضالية
- ضرورة تخليص المشروع الوطني الفلسطيني من استحقاقات التسوية
- الخطاب السياسي العربي بين الايديولوجيا والواقع
- سر تفاؤل الرئيس أبو مازن بحل خلال هذا العام
- المبادرة اليمنية والتباس مفهوم عودة الأوضاع لما كانت عليها
- الخوف على الضفة والقدس وليس على غزة
- القضية الغزاوية أم القضية الفلسطينية؟
- القضية الغزاوية أم القضية الفلسطينية؟
- قطاع غزة:كيان مستقل أو أراضي محتلة؟
- الدولة الفلسطينية في المواثيق الوطنية
- تصريحات بوش تغير مرجعيات التسوية وتربك النخبة السياسية الفلس ...
- حتى لا نكون شهاد زور على مؤامرة تصفية المشروع الوطني
- استنهاض الحالة الثقافية في فلسطين بين شح الامكانيات وغياب ال ...
- مؤتمر أنابولس :مؤتمر لسلامهم أم لسلامنا؟


المزيد.....




- -أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
- لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو ...
- كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع ...
- -دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية ...
- قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون ...
- حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
- بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
- ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا ...
- مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
- أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ابراهيم ابراش - إن لم ننجز الدولة فلنحافظ على هويتنا وثقافتنا الوطنية