أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - طريق الآلام .. والخلاص














المزيد.....


طريق الآلام .. والخلاص


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 09:34
المحور: الادب والفن
    


انطلق قطار الحرب السريع المتجه إلي الشرق.. محملا بالجنود والقناصة والمرتزقة والكوماندوز والمارينز ولصوص المقابر والمتاحف والنفط وتجار البشر والوسطاء والعملاء والخونة، انطلق بآلته العسكرية الجهنمية وشروره وغطرسته وأطماعه رغم إرادة الجميع، ودون الالتفاف إلي أي مواثيق أو عهود أو قرارات أممية تغني بها كثيرا، ولعب علي أوتارها بالباطل والزور، وتنكر لها في نهاية الأمر، وجعلها مسخة للأمم، انطلق قطار الموت السريع ليحصد الأرواح البريئة التي لم تجن أي جرم، ويطيح بأحلام البسطاء والفقراء، ويمارس عليهم سطوته وعنجهيته وجبروته، في غيبة من الضمير الإنساني.. انطلق قطار الحرب السريع ليجتاح الحقول والمدارس والمصانع والبيوت والتاريخ.. ويستبيح الأرض بملحها وقمحها ومبانيها وذكريات ابنائها.. ويحدد لنا المواقيت والتواريخ.. ويعيد ترسيم الحدود من جديد..
هكذا كانت هدية الكاوبوي للأمهات العراقيات في عيد الأم مزيدا من صواريخ كروز ومزيدا من القنابل ومزيدا من الفزع والهلع والخوف.. هكذا تتحدث مدنيتهم الفجة، منطق القوة والسيطرة والهيمنة.. عندما انطلقت صفارات الإنذار في ربوع بغداد لتنبئ بأن الخطر آت لا ريب.. أضيئت سماء بغداد بالنيران والحرائق، لتعلن علي مرأي العالم كله بأن قانون الغاب شرع في الأرض، ولا صوت يعلو فوق صوت الغزاة.
علي صوت المدافع، والقنابل الغبية، وصفارات الإنذار، والحرائق والصواريخ المتسكعة، تعيش بغداد أيامها العصيبة، تقاوم، تكافح، تناضل، تقاتل المحتل الغاشم بما تبقي لها من عتاد، تدفع بأبنائها علي أرضها شرقا وغربا أمام آخر ما وصلت إليه تكنولوجيا الحرب، ووسط هذا الزخم الدعائي والمسرحي والاستعراضي يمارس الغزاة غطرستهم، لكن بغداد لم تلبس بعد ثوب الحداد.. وتلقن الغزاة دروسا جديدة لم تقرها بعد مقرراتهم ولا مناهجهم ..
سيكتب التاريخ في اللوح المحفور من خان؟.. ومن باع؟.. ومن رقص علي دماء العروبة، ومن رقص حتي أسقطه التعب؟ .. ومن استباح دم القبيلة؟.. ومن سهل للأعداء دخول قرانا وحوارينا وشوارعنا ليرتكب الفحشاء، والأفعال الفاضحة ويحرق قلوب الأمهات؟.
لا تسطرون كلمات العزاء .. هذا ليس أوان الكلام.. فعلي امتداد الذاكرة يبقي الوطن المذبوح جرحا ينزف يتساقط منه الرجال ، يبقي الوطن طريقا طويلا للآلام من المحيط للخليج.. يحمل علي كفيه تابوته وأكفانه وآماله.
عند كل إشراقة شمس نتذكر الماضي بكل ما يحمله من هموم وذكريات .. نجتر الأيام.. لكننا لا نتعلم بسهولة. فتاريخهم الدموي معروف ، وأطماعهم معلومة.. ونواياهم الخبيثة شربنا منها مرارا .. ليسوا ملائكة وتحولوا بفعل السحر إلي شياطين .. فهم شياطين أبناء شياطين .. أتوا من بطون أمهاتهم شياطين.. وعاشوا في الأرض كالشياطين... أفسدوا، خربوا، دمروا، قتلوا، سرقوا، .. واستباحوا حقوق الآخرين.. دافعوا عن حقوق الشواذ والحيوان، واستباحوا دماء أطفالنا وضحكات بناتنا..
أناديكم
أشد علي أياديكم
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول : أفديكم
وأهديكم ضيا عيني
ودفء القلب أعطيكم
توفيق زياد
إنها الحرب الصاعقة.. العاصفة.. الساحقة .. القاتلة .. الفاتكة.. الناسفة .. إنها الحرب بكل ما تحمل من مآس ودمار ومعاناة وقسوة وهوان وتشريد وتجويع .. وبكل ما تجلب من خراب وقتلي ومرضي وجرحي.. إنها الحرب حيث لا مكان للعواطف أو النوايا الحسنة.. إنها الحرب التي لا تحمل أي قلب..
يستطيع الكاوبوي وذيوله الآن أن يقدموا رقصتهم الأخيرة، وأن يترنحوا في الاستعراض الأخير لسقوطهم ، فسوف تشهد شوارع بغداد فيلما عربيا يفوق تلك التي تصنعها هوليود ، وسوف يتعقبهم الصبية في الشوارع والحارات، وسينالون منهم وهم مختبئون في القصب وبين أشجار النخيل.
تكثر الأسئلة في زمن الإجابات المختصرة والشحيحة، وتكثر معها علامات الاستفهام والتعجب .. وتأبي اللغة الكسيحة أن تنطق بالجمل المفيدة، وتتواري خلف الجمل السجعية المطاطة وأدوات الشرط والتأخير والتعجيز.. تأبي اللغة المجهدة المعبأة بأثقال المرادفات والمضادات، أن تجد تفسيرا لما يحدث.. لكن إرادتنا المغيبة بفعل فاعل تثور في الأرجاء وتعيد ترتيب الأشياء المهملة ، وتخلق من رحم المعاناة صلابة وقوة لا تستطيع تكنولوجيا الأباتشي الالتفاف عليها أو النيل منها.. ويستطيع فلاح بسيط أن يسقط طائرة في محاولة أيسر وأهون كثيرا من اصطياد عصفورة.
عمت الفوضي والعربدة والبلطجة بعد أن تخلت الأمم المتحدة عن مقعدها الخالي، وغدت قهوة يتناول فيها مندوبو الأمم المشروبات الساخنة ولعب الورق..
ما أقسي الكلمات التي نرثي بها أوطاننا.. وما أثقل العبارات التي نختارها لنكتبها علي قبور أولادنا وآبائنا.. لكنه قدرنا أن نكمل المشوار، شئنا أم أبينا.. راضين أو مكرهين ..حفاة علي الأشواك وعلي الجمر.. عراة في البرد .. مجبورين علي الأشياء، مدفوعين إليها رغما عنا..
لن تهون الأرض، ولن تتسكع الحكايات علي شفاة الغزاة.. ولسوف نذيب مسافات الإحباط والانكسار.. وسوف تثور الأرض الحبلي بالحرية..
ماذا تبقي لنا في عصور القهر سوي النضال والدفاع عن حريتنا وطموحاتنا.. ربما نكون قد هزمنا في كل الجولات . لكن هناك دائما جولة أخيرة تكون حاسمة فاصلة.. أزعم أننا سننالها.. لن تفني أوطاننا .. فنحن أول التاريخ..وأول الشعوب، وأول الحروف.



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوان الرحيل
- معذرة .. سيدي العزيز
- عصر الشهداء والجواسيس
- غرام الافاعي
- أعياد ميلاد ومواكب أموات
- الموت الرحيم
- عبد السلام النابلسي : حسب الله السينما المصرية .. فقر و-عنطز ...
- عاطف الطيب : رادار الموهوبين
- سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل
- بهيجة حافظ : بنت الإسكندرية الارستقراطية التي عشقت الفن
- خطاب التنحي: وانتفاضة الجماهير في 9و1. يونيو
- الإرهاب في السينما : تخاذل مقصود أم وعي مفقود
- في عام النكسة : السينما لم تدفن رأسها في الرمال
- سينما نجيب محفوظ : واقعية وجريئة
- المرأة والسينما والانتخابات
- سعاد حسني في ذكراها السابعة: حالة خاصة جداً
- فؤاد المهندس سفير الكوميديا
- شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
- يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
- «الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء


المزيد.....




- مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - طريق الآلام .. والخلاص