أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا-19- سيرة















المزيد.....

البسيط والهيئة العليا-19- سيرة


ناس حدهوم أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2326 - 2008 / 6 / 28 - 06:17
المحور: الادب والفن
    


مضت حياتي رتيبة وعادية ولم يكن يعكرها سوى بعض الأحداث . فإسبانيا آنذاك كانت منغلقة على نفسها بشكل فظيع ولم تكن تهب عليها رياح أوربا الحرة الطليقة
من عقالها الماضوي والمتحررة من إرثها الظلامي الذي خربته الحرب العالمية الأولى والثانية. بل كانت إسبانيا تعيش عزلة مفروضة عليها أنهكت الشعب وجعلته
يتنفس بصعوبة تحت وطأة الخوف والقمع والديكتاتورية المطلقة ولم يكن لأحد الحق في أن يفكر عكس تيار فرانكو الأسود.
ذات يوم كنا خليط من المورو والإسبان نحتفل برأس السنة وقد لعبت الخمرة برأسي وأقدمت على الحديث في فكر الشيوعية ليس لأنني من أتباعها ولكن فقط
كنت أدلي برأيي في سلبياتها وإيجابياتها فما كان على الأصدقاء الإسبان إلا أن ينسحبوا ويتملصوا مما منت أخوض فيه من كلام لا يريد أحد سماعه . وقد همست في أذني صديقتي الوفية ( conche ) أن أصمت فورا وأحول إتجاه الكلام إلى وجهة مختلفة . وفعلا رجع كل واحد إلى مكانه عندما بدلت
الحديث إلى مجرى عادي بلا فكر أو سياسة . لقد كان العمال الإسبان مقهورين ولهذا كانوا متعودين على التنفيس عن أحوالهم بإلصاق بعض الصفات بنا نحن
المورو لم تكن عادلة بالمرة . فقد سألني أحدهم يوما قائلا ( إن كان لدينا ماء ؟ في بلادنا ) لم أكن أجيب على مثل هذا السؤال الغبي بل كنت أضبف
( لا نحن نعيش في الصحراء وتعودنا عليها ولم يعد يهمنا الماء إلا نادرا ) وأسئلة أخرى مثل ( أنتم تشترون المرأة ؟ كما تشترى البقرة ؟ ( كنت
أسخر منهم وأقول ( نعم كل رجل منا يتوفر على أربع بقرات أو زوجات في منزله ) لأنه لا فائدة من أن تشرح له ولا يمكن أن يصدقك .
وكنت في الحقيقة أريد الدفاع عن نفسي وعن قومي فلا أستطيع . لأن بعضا ولو قليلا من الحقيقة كان صحيحا ولو بشكل مبالغ فيه . ففي يوم من تلك الأيام الخوالي كنت داخل حافلة مرفوقا بمجموعة من رفاق العمل وهم إسبان وبرتغاليين ومغاربة وتوقفت الحافلة وبالصدفة كان لي موعد مع فتاتي بتلك
المحطة التي كنت أمر عبرها يوميا . ولما نزلت وعانقت فتاتي الإسبانية ( وهي نفسها كلفتني أيما مشقة كي أفهمها بأنني إنسان وربما أكثر من بني جلدتها ) وبينما
هي طوقت خصري بيدها وانصرفنا . سمعت العمال يصفرون ويصدرون ضجة كما لو أنهم رأوا عجبا . وقد أخبرني أحدهم من بعد بأن رئيسنا الذي نعمل
تحت إمرته خاطب العمال والراكبين على السواء قائلا ( mira el moro . le creeamos tonto cuando le comprabamos )
( أنظر إلى المغربي لقد حسبناه مغفلا عندما إشتريناه )
أثناء تلك الحقبة كان الإسبان منحطين بديكتاتوريتهم لكنهم الآن أحرا ر ا ومتفتحين ومندمجين في أوربا . ذلك بفضل الديمقراطية التي رفعت من مستوى أفكارهم وأيضا جيوبهم . أتذكر خلال تلك الحقبة كانت تسكن بالحي ( iguia ) فتاة مراهقة مؤذبة إسمها( روسي)جميلة بعينين خضراوتين لم أكن أحلم يوما
بأن فتاة مثلها ستتعلق بي. وكان سني لا يتجاوز العشرين ربيعا من عمري . إلتقت بي في مكان تعودت المرور منه عند عودتي من العمل كان هذا المكان
مغطى بالأشجار والنباتات مما جعله مؤهلا لاحتضان العشاق بعيدا عن أعين الفضوليين . كانت حزينة والأمر كان جديا قالت لي ( أنت لا تحبني بل تحب
- isabel - ولم يكن ذلك صحيحا البتة فقد كنت مخلوب العقل بها ومن أجلها وليس بغيرها . وقبل أن أجاوبها بالحقيقة ولسوء حظي كالعادة شاءت الظروف أن تضبطنا عجوز شمطاء من الجيران وما أن رأتها تغير لون فتاتي وأطلقت ساقيها للريح . تصوروا منذ تلك الفترة لم أرها ولم يظهر لها أثر .
وقد أخبرتني صديقتها ( laura ) بأنها أرسلت إلى الجنوب البعيد حيث مسقط رأس والدتها لقطع الصلة بينها وبين المورو الذي هو أنا . كنا في نظر
الإسبان كما لو أننا لسنا بشرا مثلهم نحب مثلهم ونحلم مثلهم ونبكي الفراق مثلهم . وبعد ذلك بقليل كتبت أغنية وضعت لها لحنا مقتبسا من أغنية
الدكالي - حبيب الجماهير - وهاهي الأغنية yo te quiro rosi احنا معاك معاك
yo te amo rosi دايما معاك معا ك
no puedo olvidarte
si tu me quieres yo te dare mi vida
comprendame comprendame te quiero te quiero rosi
لازالت هذه الأغنية محفورة في ذاكرتي لحد السعة وملهمتها هي rosi .
كانت لي صديقة لكنها ليست حبيبة ولكنها كانت تمارس معي الجنس بشكل سطحي ليس لأنها عذراء بل خشية الحمل ومرة ناشدتها الإيلاج فامتنعت
وقالت بأنها إذا حملت من مغربي فإن والدها سوف يقتلها . أما اليوم فقد تغير كل شيء وأصبح من السهل جدا أن تتزوج بإسبانية وتحصل على الجنسية فوق كل ذلك . لقد تغيرت الأمور بشكل جذري . أما في أيامنا لن يكن أحدا يصدقك بأن فتاة إسبانية تحبك وأنت مغربيا . في إحدى المرات
بعد ممارستي للجنس مع إحدى الصديقات في مكان مظلم وبعيد عن الأنظار فوجئت برائحة كريهة تنبعث من ملابسي . لقد كانت نجاسة أحدهم تبرز بالمكان
ولم ننتبه لشدة الظلام . وأصبحت في ورطة حقيقية وكان علينا أن نقطع المسافات الطوال على الأقدام والإبتعاد عن الناس قدر الإمكان وكانت المسكينة يكاد
يغمى عليها من الخجل . وصلنا وانتظرتني بباب العمارة في حين دخلت مسكني وغيرت ملابسي ومن حسن حظي لم تكن هناك سيدة المنزل.
لقد عانيت أيضا من أشياء أخرى قد لا ينتبه إليها غيري لكنني كنت ولا زلت مفرط الحساسية . كنت ألبس اللباس الأمريكي متأثرا بموجة الوجودية حتى
لا يعرفني أحد بأنني مغربيا . وكان في تلك الآونة هذا الوضع غريبا عن الإسبان وبالخصوص طبقة العمال . ركبت يوما قطارا لأصل إلى
عملي بإحدى الورشات ( وكنت متعودا على نظرات الناس ) لكن هذه المرة كان يجلس قبالتي رجل عجوز وما أن حملق في وجهي وهيأتي
حتى فتح فاه عن آخره ولم يقفله وكان علي أن أنهض وأقفله أمام الناس وأسمعه كلاما منطقيا آلمه . لأن العجوز على ما كان باديا للعيان
هو أنه لم ير شيئا في حياته البتة .
أما المشاكل في العمل والشارع بسبب هيئتي فحدث ولا حرج . وسأترك ذلك للحلقة المقبلة - الحلقة العشرين من السيرة - .
- يتبع -





#ناس_حدهوم_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة إلى المطلق - من إقتراح الأستاذ رشيد المشكوري
- البسيط والهيئة العليا -14- سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 15- سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 17 - سيرة
- الرياح الوثنية
- البسيط والهيئة العليا -16-سيرة
- سارق الضوء
- البسيط والهيئة العليا - 13 - سيرة
- الدائرة
- البسيط والهيئة العليا - 12 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 11 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -10- سيرة
- مثلا
- البسيط والهيئة العليا - 9 - سيرة
- البسيط والهيئة العليا -8- سيرة
- البسيط والهيئة العليا - 7 - سيرة
- لحظة ضعف
- أبو الهول
- البسيط والهيئة العليا - 6 - سيرة
- سأكتب قصيدة


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناس حدهوم أحمد - البسيط والهيئة العليا-19- سيرة