سعيد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 2320 - 2008 / 6 / 22 - 08:25
المحور:
القضية الفلسطينية
((مابين السطور))
لقد سبق أن اقبل الفلسطينيون على عملية التسوية السلمية بصدق, انطلاقا من اتجاه دولي وعربي وفلسطيني, وقوبل هذا التوجه السلمي بعدوان ومجازر, تفضح النوايا الصهيونية ذات أيدلوجية الجريمة , والتهويد والتهجير والرعب والإرهاب, وأصرت القيادة الفلسطينية على انتزاع الحقوق الفلسطينية تحت ذلك الغطاء الدولي والعربي, ولكن دون جدوى فقد انتهجت دولة الاحتلال قتل وتدمير كل بارقة سلام وتسوية ولا غرابة,فان التسوية والسلام في أعرافهم تقويض ونهاية لأحلامهم الاستيطانية التوسعية الصهيونية, وما تركوا حيلة ولا وسيلة لتدمير أي تقدم وإحباط أي انفراج يدفع بالعملية السلمية إلى الأمام,إلا وقد ارتكبوها من اجل الدوران في فلك فارغ وإتباع المماطلة الصهيونية التاريخية والغدر المعهود, وتوهم البعض أن مائة عام من الصراع ستجعل هؤلاء الصهاينة يؤمنون بان الاحتلال والقوة العسكرية لن تحقق لهم أمنا ولا أمانا, ولن تحقق لهم عمليات الدعم الأمريكي والغربي أي استقرار, لكنه كان الوهم بعينه, فرغم ذلك مازالت دولة الاحتلال وقيادتها الصهيونية, تنتهج الغطرسة وتعتبر أن قوتها الفريدة لقادرة على لجم المقاومة الفلسطينية الشرسة التي أقرتها كل المواثيق والشرائع الدولية عبثا خططوا, عبثا تآمروا, عبثا كانت نتاج نصف قرن من الجريمة المتواصلة, فالمقاومة حاضرة إن هدأت على الأرض فهي ملتهبة في الصدور, وستنفجر كل حين من حيث يعلمون ومن حيث لايعلمون.
ذلك الاحتلال الاحلالي الاستيطاني المسخ, تعود أن يلعب على أوتار التناقضات العربية العربية, وأخيرا وللأسف نال من صلابة النسيج الفلسطيني الفلسطيني, فسابقا عندما دعت القيادة الفلسطينية إلى تهدئة ووقف للعمليات المسلحة للمقاومة, اعتبرت الدعوة كفر وفجرا وجريمة وطنية, وتآمر على سلاح المقاومة المقدس, وقالت المقاومة كلمتها لن تخرس البندقية مادام الاحتلال جاثما على صدر وطننا الفلسطيني, لن تلجم المقاومة طالما العدوان والتهويد على أشده في قطاع غزة والضفة الغربية, والقدس تهود والحفريات الصهيونية أسفلها تستهدف انهيار المسجد الأقصى , وعمليات الاستيطان ومصادرة الأراضي مستمرة, وتجريف الأراضي الزراعية وضرب الاقتصاد الوطني الهش مستمرا, وسرقة المياه وبناء الصور العنصري مستمر,حينها ذهب الخط السياسي في اتجاه وخط المقاومة في اتجاه آخر, فنجحت المخططات الصهيونية للسقوط وسط صدع ذلك الاختلاف, بل وتم تسمية السلطة وان لم تفرط بأي من الثوابت الفلسطينية في أي اتفاق بدائي أو نهائي, بسلطة"دايتون" وحماة الكيان الصهيوني في مواجهة المقاومة, فزادت الهوة بسبب الابتعاد الوطني الوطني, وبسبب الاستثمار الصهيوني لذلك الخلاف في الآليات وليس الخلاف على الثوابت والأهداف.
واليوم وبعد مسار التهدئة الذي يقول فيها الصهيوني النازي"موفاز أنها استسلام كامل" فيعتقد الصهاينة واهمين, أن كل فصائل المقاومة اليوم أصبحت تعتنق نهج"دايتون" وجل همها حماية امن الكيان الصهيوني, والسهر على راحة المغتصبين والمغتصبات, التي كانت بالأمس تمطر بوابل من صواريخ الجحيم, وقد تحفظ البعض على عدم شمول التهدئة نصفنا الوطني الثاني"الضفة الغربية, واعتبر الاحتلال أن"غزة أولا" ستطلق يدهم لتوغل في الدم الفلسطيني في الضفة الغربية, بل ربما يعلم الجميع أن الاحتلال سيعمد إلى وضع تلك التهدئة الهشة كما يصفونها الصهاينة لأنهم يعلمون بل يخططون مسبقا لاختراق جذورها, سيتعمدون وضع تهدئة"غزة أولا" على المحك العملي والاختبار الاستفزازي المؤلم, لكي يتثبت لديهم نجاح مخططهم الدموي العدواني, بان غزة المقاومة, غزة الصمود, غزة الانتفاضة, قد ماتت دون رجعة, ولن تحرك ساكنا في مواجهة الجريمة التي يخطط لها في الضفة الغربية, ولو كانت التهدئة مهمة لهم كما لنا, خاصة وان الأخ الرئيس/ أبو مازن والسلطة الفلسطينية بارك تلك التهدئة "الشفهية" وطالبا الجميع بالالتزام بها, ولم يرفضها حتى باقتصارها على غزة, كما رفضت من قبل عندما نادى بها شاملة, لو كانت مهمة لهم فإنهم سيعمدون إلى الحرص بعدم استفزاز الدم الفلسطيني الواحد الذي يجري في وريدنا من غزة إلى الضفة الغربية.
واليوم ومنذ اللحظات الأولى لسريان التهدئة, تلوح في الأفق إرهاصات الجريمة الصهيونية الأيدلوجية, والتي لن تستطيع على التهدئة أو التسوية صبرا, فأول خرق لتفاهمات التهدئة حدث في غزة بإطلاق القذائف على قوارب الصيد الفلسطينية, لكن الاختبار الصهيوني الخبيث بدأ ببشاعة في الضفة الغربية وليس ذلك بجديد عليهم, فالضفة القريبة في عمق الكيان الغاصب أكثر إستراتيجية من غزة التي يحلم عتاة الصهاينة بان يستيقظون فيجدونها غارقة في البحر, فمنذ أمس الأول ثاني يوم لتفاهمات التهدئة, بدأت اذرع الإرهاب الصهيوني"المستوطنون" بحرق مئات الدونمات من المحاصيل الزراعية في قرى ومدن الضفة الغربية تحت سمع وبصر وحماية الجيش النازي الصهيوني, واليوم ولا غرابة طالما أن الضفة سيتم إدخالها لحقل الألغام والتجارب بالفصل الوطني عن جبهة غزة, فقد أجريت أول عملية إجرامية بتصنيع وإطلاق صواريخ محلية الصنع من قبل"المغتصبات والمغتصبين الصهاينة" حيث تم إطلاق أول صاروخ من احد غلاة الصهاينة من "مغتصبة يتسهار" شمال الضفة الغربية, أطلق من أطراف تلك المغتصبة على إحدى القرى الفلسطينية وسقط في منطقة مفتوحة, وهنا يأتي السؤال والاختبار, واقسم بعزة الله, لو أن ذلك الصاروخ الإجرامي سقط وسط تلك القرية الآمنة, واحدث مجزرة فلن يفكر أي مناضل ولا مجاهد باحترام تلك التهدئة أو التسوية, فنداء الدم مهما ضبط الجميع أعصابهم سيغلب على نخوة الشرفاء, وتبقى الكرة في ملعب القيادة الصهيوني, إن كانوا حريصين على تهدئة غزة, أن يلجموا قطعان مستوطنيهم التي ستعبث بالدم الفلسطيني تحت حماية جيش"اولمرت وباراك", أما إن كانت هذه الإرهاصة الخطيرة برضا وتخطيط القيادة الصهيونية, وحتى وان تم ضبط الالتزام من غزة الثائرة الهادرة حينها, فإنهم بغباء منقطع النظير سيفتحون أبواب الجحيم على عمقهم الصهيوني المسخ, بإطلاق صواريخ المقاومة من الضفة الغربية التي لاتقل شهامة وثورة عن شقيقتها الغزية, ستنتفض نابلس عاصمة جبل النار, وجنين البطولة وكل شبر في الضفة الغربية سيصبح قاعدة انطلاق ليفتح باب الجحيم على تلك المغتصبات الآثمة وصولا إلى القدس "وتل أبيب" ويكون البادئ اظلم يابني صهيون, عندها سينتفض المارد الغزي من غفوته وسباته, ويحطم قيود التهدئة الزائفة التي تستهدف الاستفراد بجزء من الوطن, في محاولة لتحقيق حلمهم الأرعن على مستوى الهم الوطني بالمقاومة المنفصلة, كما يخطط في وهم السياسة "بمصرنة غزة" و"اردنة الضفة الغربية" ذلك الوهم الأحمق من وصايا غلاة وآباء الصهاينة البائدون والحاضرون.
الشعب الفلسطيني بقيادته السياسية وسلطته ومقاومته, ليس دمويا وليس عدوانيا, لكنه لن يستطيع على الجريمة الصهيونية والعدوان صبرا, والتاريخ شاهد لمن لايكابر ويدور كالثور معصب العيون بغمامة الصهيونية الكاذبة, تلك القيادة والمقاومة والتي يعتبرها الاحتلال حاليا ومتوهمين أنها حارسة لأمن كيانهم المسخ, ربما تلتزم في حدود الممكن نعم, لكن إذا ماتبين أن المقصود من عزل غزة ولجم مقاومتها, ارتكاب المجازر في الضفة الغربية, وإذا ما انطلقت الاستغاثة من قدسنا وضفتنا الحبيبة, فلا يلومن الاحتلال إلا نفسه ومخططاته الإجرامية, ودون ذلك بالإمكان سريان التهدئة واكتمال عملية التسوية, فالكرة في الملعب الصهيوني, فما زال قطاع غزة محاصرا والعدوان ليس فقط وقف اغتيال شخوص المقاومة بل وقف اغتيال شعب بكامله, وتلك المقاومة ماقامت إلا للدفاع عن هذا الشعب الذي يتعرض إلى بطش ومجزرة الاحتلال المسخ, فألاهم هو أن تكون التهدئة "استراحة مواطن" أكثر من كونها"استراحة مقاتل" لان الوطن والشعب هو الحاضنة الحقيقية للمقاومة, فإذا أنهك المواطن اهتزت المقاومة, لذلك فان العدوان مازال قائما بتعدد أشكاله , ومازالت تصريحات قيادة الكيان الصهيوني متغطرسة, تتردد مابين زرع الإحباط والاستخفاف, يقول احدهم المعابر بحاجة إلى وقت طويل ليتم فتحها, وآخر قائلا: إذا استمر الهدوء في غزة سندخل لهم مزيد من الأغذية!!!!
فاليهود هم اليهود, والصهاينة هم الصهاينة, لايؤمنون إلا بالقوة, والقوة الحقيقية ربما القادمة في حال زيادة وتيرة الجريمة والغطرسة, هي ثورة شعبية وجماهيرية شاملة لتسقط كل الرهانات الوهمية الصهيونية, غزة والضفة الغربية جزء واحد لا تستطيع قوة على الأرض ولا وهم الأساطير أن يجعلهما كيانين ووطنين منفصلين في الهموم والمعاناة والطموح, ومراهنة الصهاينة بالاستفراد بالضفة الغربية سيرد إلى نحورهم, وسيسقط اختبارهم الصهيوني الهش الذي يخطط له ليس من اليوم, بل منذ سنوات, حين اتخذ قرار خبيث بالانسحاب أحادي الجانب من غزة , وقد تبنيناه على أساس نصر للمقاومة, وأغفلنا الشق الآخر حيث يربض الشيطان الصهيوني, وفشل رهانهم, إلا أنهم حاليا يعودون للمراهنة بلغة جديدة "التهدئة وغزة أولا", وهؤلاء الأغبياء الصهاينة جاهزون حتى داخل غزة أن يقولو في تفردهم"حماس أولا" أو "فتح أولا" أو "الجهاد أولا" أو استثناء فصيل دون غيرة ليس صدقا ولا محبة ولا أفضلية وإنما, لتطبيق نهجهم الاستفرادي الإجرامي, وإبعاد نهج الإجماع الوطني العربي العربي, لتكون تسويات ثنائية وصراع صهيوني سوري, وصراع صهيوني لبناني, وصراع صهيوني فلسطيني, المهم ألا يكون صراع عربي صهيوني, ومؤخرا ألا يكون صراع صهيوني فلسطيني شامل, هذا مخططهم الأسود المفضوح والمكشوف, ليصبح في مخطط التهدئة صراع صهيوني مع المقاومة في الضفة الغربية دون مقاومة غزة.
وانهي بان الجريمة التي بدأت إرهاصاتها من "مغتصبة يتسهار" بالإقدام على تفعيل الصواريخ البدائية الصهيونية من المستوطنين, مع وقف الصواريخ المحلية الفلسطينية, لهو مؤشر خطير سيعصف بكل التسويات والتهدئات, أمام وحدة الدم والمصير والهم الفلسطيني في كل شبر محتل من فلسطين, والبادي اظلم أيها الصهاينة, إن عدتم عدنا, وجعلنا سماء مغتصباتكم جهنما, وأرضها جهنما, وان تم احترام التهدئة والتسوية فانا لها, ساعين إلى انتزاع حقوقنا, وحلم الأجيال ووصايا الشهداء, دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وان كان لنا بانجاز يمكن تحقيقه في هذا المنعطف الخطير بالذات, فانه يكون إنهاء حالة الانقسام, واستعادة صمام الأمان"الوحدة الوطنية" على غير رغبة وتوقع وتخطيط المتربص بالكل الوطني شرا, وما يجب أن يؤخذ بالحسبان هو, لو أن الصهاينة راضون عن الأداء السياسي للرئيس / أبو مازن , ماوافقوا على عقد اتفاق تهدئة بعيد عن سلطته وحضوره, فما قبلت التسوية قبل التهدئة إلا على مضض,نتاج عوامل ذاتية وعربية وإقليمية ودولية في غير صالح إستراتيجية التحرير العسكرية, وانتهاج إستراتيجية السلام, فاكبر انجاز ممكن أن نفاجئ به الصديق قبل العدو هو الوحدة الوطنية, والتنازل عن روح المصلحة الحزبية والفئوية, لصالح المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا, وليتم احتضان مبادرة الأخ/ الرئيس لإنهاء الانقسام, عندها يتم إسقاط الفصل الذي يخطط له المحتل, ويتم مواجهة العدوان بخطاب سياسي واحد, وإستراتيجية مقاومة واحدة.
يتبع.....
#سعيد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟