أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خضر سعيد - العاهة ....














المزيد.....

العاهة ....


خضر سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:37
المحور: كتابات ساخرة
    


جلس في مقعده داخل الحافلة مبتسما وقد بانت اسنانه الصفراء المبقعة
وتحرك شعره المنفوش مع امواج الهواء القادمة من شباك الحافلة , نظر اليه الرجل الجالس بجانبه
و شد جسمه مبتعدا حتى لا يلامس جاكيته ملابس الصبي الرثّة .
كان الصبي معروفا في مجمع الحافلات ..
معروفا من قبل جميع الـ" كمسرية "
والـ"كمسري" كلمة مصرية تطلق على الشخص الذي يجمع الاجره من ركاب الحافلة ,
لقد كان الصبي معروفا لدى جميع الكمسرية ... انه " الـعاهة " كما احبوا ان يلقبوه ..
كان بسيطا ساذجا و قذر الملابس .. يخرج كل يوم الى العمل مستقلا الحافلة . ولم يسلم يوما من تعليقات وسخرية الكمسرية ومقالبهم المؤذية ..
فأذكر ان احدهم كان قد امسكه من ذراعه وهو يقف خارج الحافلة , وبعدها تحركت الحافلة بسرعة فوقع على الارض وسط ضحكات الجميع .
ولكنه لسذاجته المفرطة .. يقابل كل مقلب بابتسامة ...
فهو لم يصل بعقليته البسيطة الى التعقيد الذي وصل اليه كل شخص منا .. مايزال بسيطا جدا على فهم السخرية والازدراء .
جلس ينظر خارج النافذة باندهاش , وكأنه لم يرى منظر الشارع من قبل ..
انتبه الكمسري لوجوده . فابتسم بابتسامة شريرة و غمز السائق اعلاما بأنه قد وجد فريسة تصلح لاثارة ا لضحك .
ثم اقترب من الصبي و قال له : ماذا تفعل هنا ؟ الم اخبرك بأن لا تركب معنا ابدا ؟
فبدأ الصبي يتأتئ حول ان والده قد اخبره بأن يركب هذه الحافلة دون سواها عندما يريد الذهاب للعمل .
فجأة بدت على وجه الكمسري معالم الفرح لأنه وبعد جهد جهيد قد توصل اخيرا لفكرة قد تضحك الجميع كما وعد ..
فقاطع الفتى قائلا : هذا الفتى كان ضيفا على برنامج "عاهاتك يا وطن" !!!!!
فضحك الجميع بصوت عال , وبدى على وجه الكمسري الارتياح لان البنات في المقعد الخلفي قد ضحكن قليلا ,
فسحب بطنه و نفخ صدره و أخذ يفكر في تعليق جديد .
في هذه الاثناء كان الصبي ينظر خارج النافذة من جديد .
فجلس الكمسري امامه .. وقد قرر ان يضحك الناس عليه مجددا . فرفع الكمسري يده ليسلم على الصبي ,
وعندما مد الصبي يده للسلام سحب الكمسري يده ضاحكا ... !!
ثم رفع يده مجددا .. ومد الاخر يده مجددا .. ثم سحب الاول يده ضاحكا .. وضحكت الافواه و الشفاه ..
فزادت حماسة الكمسري .. ورفع يده من جديد .. وكله فرح و كبرياء .. عقله مشغول بالفتيات في المقعد الخلفي .
مفكرا بخطوته القادمة ... ماذا سيفعل بعد هذا ؟ هل يغمزهن ؟ هل يكلمهن ؟
ولكن الفتى لم يمد يده هذه المرة .. لقد استفاقت في عقل "العاهة" شعلة دهاء اخيرا .. قد تكون غير مقصودة .. ولكنها جاءت في وقتها ....
وقد شدّني المنظر .. لقد انتبه الضعيف اخيرا الى نفسه . وسيفعل العجائب الان بعد ان استفاق ..
لم يمد الفتى يده .. وبقي ينظر في عيني الكمسري ...
احس الكمسري بأن الجميع يراقبه .. احس بأن المقلب سينقلب ضدّه .. ففكر سريعا ..
كيف سمح هذا "العاهة" لنفسه ان يخرب مشروعي ؟ لن يضحك الناس علي بسبب غبي كهذا ..
فبدا على الكمسري الضعف .. لقد تغيرت ملامحه .. لقد علم ان المقلب انقلب ضدّه ..
فلجأ الى اسلوب الاقناع ..
قال للفتى : لقد مددت يدي لك ... سلم علي !!!
فأومأ الفتى بالرفض !!
فشعر الكمسري بالاحراج مجددا... وحاول تغطية ذلك الاحراج بالغضب .. فأراد استخدام الارهاب القولي لينقذ الموقف ..
فصرخ بوجه الفتى قائلا : مدّ يدك و الا رميتك من الحافلة ....!!!
فرفض الفتى .. ولا يزال الكمسري ماداً يده ... لقد احرج بما فيه الكفاية .. وحان الوقت لانقاذ الموقف بصورة اكثر عنفاً ..
فهناك فتيات يراقبنه .. وبقية الركاب بدأوا يضحكون عليه .. ولاننسى سمعته بين زملاء المهنة .....
فمد يده في محاولة اخيرة ليمسك بيد الفتى ويجرّها حتى يرغمه على متابعة المقلب ...
وتفاجأ الجميع بصوت يد الفتى على وجه الكمسري وقد صفعه بشدّة ..
احمرّ وجه الكمسري .. ودمعت عينه .. واشاح بنظره عن "العاهة" ... ثم تركه وقام ليجلس في اول مقعد مختفيا عن الانظار وسط ضحكات الجميع ..
لا ادري لما رويت هذه القصّة ..
ربما لأنها ذكرتني بانتفاضة الضعيف .. مهما كان الشعب ضعيفا وساذجا .. سيأتي يومه .. وسينتبه لما يحدث ..
فاحذروا يا "كومسرية " الشعوب ...







#خضر_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية 90% من البشر
- هيلاري كلنتون الهدف الوهمي
- اعذروني .. فدموعه خدعتني
- غباء الغرب وقصة البحارة الخمسة
- كلمة لمن خدعوا بمن يسمون انفسهم بأهل الدين
- الالعاب والطفولة
- لقاء مع الشيطان
- وراودني حلم
- انا وروحي
- بنت الجن
- الضمير العربي .. كلمات اغنية


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خضر سعيد - العاهة ....