أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رضا السمين - ظهر الفساد في البرّ والبحر...















المزيد.....

ظهر الفساد في البرّ والبحر...


رضا السمين

الحوار المتمدن-العدد: 2318 - 2008 / 6 / 20 - 02:16
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم 41).

اضطرابات المناخ والقضاء على تنوع الحياة، إبادة أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات إلى الأبد..، حروب من أجل السيطرة على النفط وقريباً من أجل السيطرة على الماء.. كوارث متلاحقة في البيئة وعلى رؤوس الفقراء.. تزايد الفوارق الفاحشة بين الشمال والجنوب، وبين حفنة من الأغنياء وملايين الفقراء في كل بلاد، المساس بشكل خطير بمقومات الحياة : الهواء والماء والشجر..

كل سنة تقع إبادة أكثر من 6000 نوع من أنواع الحيوانات، ومحوهم تماماً من على وجه الكرة الأرضية.

كل سنة يقضي التصحّر على ستة ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة نتيجة الانجراف الناتج عن الصناعة وعن كثرة الاستغلال.

تخسر الغابات كل عام 2% من مساحتها !

"التقنية والعلوم" في خدمة السوق أكثر فأكثر وما ينتج عن ذلك من إفساد مناخ كوكبنا، وزيادة التلوث والقضاء على التوازن البيئي بإبادة آلاف الأنواع من النباتات وتهديد تنوّع الحياة فيها.

كل سنة هناك حوالي ملياري طن من النفايات الصناعية و 350 مليون طن من النفايات الخطيرة إضافة إلى 7000 طن من النفايات النووية التي لا يعرفون أين يخفونها والتي يلزمها قرون بل ربما آلاف السنين حتى تفقد خطرها الإشعاعي !! (الغرب ينتج 90% من كل هذه النفايات).

هناك 1,2 مليار من البشر يعانون من سوء التغذية الحادة، و1,3 مليار من الناس لا يجدون الماء الصالح للشرب !! فالماء العذب مادة تقِلّ يوماً بعد يوم بشكل خطير ومتواصل.. نتيجة السدود الصناعية وتحويل وجهة الأنهار والاستهلاك الضخم للمياه في غير الأساسيات، وحسب الخبراء فإنّ نصيب الشخص الواحد من المياه العذبة قد انخفض بنسبة 81% في حياة بشرية واحدة.. فبين 1960 و2025 يكون الماء المتوفر لكل شخص قد انتقل من 3340 متر مكعب إلى 667 !! ( حدّ الإنذار وناقوس الخطر للاستهلاك العادي هو 2000 متر مكعب !!، وأخطر مكان وأول منطقة يتهددها العطش هي "شمال إفريقيا والشرق الأوسط" !! أي بلادنا نحن...)

بين 1960 مثلاً و2001 فقد بحر الأورال 60% من مساحته ! أمّا البحار والمحيطات ونتيجة للرمي المتواصل طوال هذا القرن الصناعي الغربي للنفايات الفلاحية والصناعية والمياه المستعملة، بدأت تنذر بتحولات بيئية عميقة تهدد حياة الأسماك فيها (من هنا بداية النزاعات بين البلدان التي تملك أساطيل صيد كبيرة !) أمّا تلوث البحر المتوسط فقد تجاوز حدّ الخطر...

إنّ "العلوم والتقنية" في خدمة الشركات الكبرى المدفوعة بأغراض الربح المالي تفسد الأرض والبحر.. تقضي على الأنواع وتهدد الحياة.. ولا يهمّ هذه الشركات المجرمة إلا زيادة أرباحها المالية !

لعل أوضح دليل على خطورة ما يتهددنا إلى جانب ما ذكرناه، مثال كارثة Bhopal في الهند في 3 ديسمبر 1984 (تسرّب غاز 610 E القاتل من خزّانات شركة كاربيد الأمريكية وكيف حطمت حياة 500.000 من البشر ! خنقت كل المدينة وما جاورها).. المأساة كبيرة، و لكن نكتفي بإيراد ثلاث مسائل فقط :

الأولى أن كمية 42 طن التي تسربت تساوي الضعفين لأكبر كمية مسموح بتخزينها قانونيا.. ثم إن الشركة الأمريكية ولزيادة الأرباح بدأت سنتين قبل الكارثة بتخفيض عدد العمال من 1500 إلى 950 .. ورغم وقوع 5 حوادث خطيرة بين 1981 و 1983 أدت إلى مقتل عامل وجرح 47 آخرين فإن الشركة الأمريكية لم تحرك ساكنا لمعالجة أمن الشركة...

المسألة الثانية !!! تَمَّ اكتشاف أن الشركة كانت قد لوثت كل المياه الجوفية قبل الكارثة.. حتى أن المحكمة العليا في الهند أمرت في 7 ماي 2004 بسقاية الناس بقوارير الماء وتزويدهم الدائم بالماء الصالح للشراب من خارج المنطقة.
أمّا "التعويضات" التي دفعت إلى الضحايا بعد 20 سنة من الإجراءات القانونية فهي 715 دولار ! وبالنسبة للعائلات التي مات منها عضو (عدد الموتى وصل إلى 22.000) دُفع لها بين 1430 دولار و 2860 دولار ! فقد حسبت الشركة الأمريكية أن معدل حياة الهندي لا تتجاوز 30 سنة... وأنّ دخله الشهري 23 دولار !! ( للمقارنة التي لا كلام بعدها... "لوكربي"، الطائرة الأمريكية التي سقطت في 1988، حصلت كل عائلة ضحية على 4 ملايين دولار!! ).

ثالثا، الأطفال الذين ولدوا بعد الكارثة كلهم يحملون آثارا خطيرة وراثية وغيرها.. ناتجة عن الكارثة.
يعني هناك ضحايا الكارثة نفسها وضحايا مستعملي الماء ثم أبناءهم وأحفادهم... أما الشركة الأمريكية فقد غيّرت اسمها (صارت تابعة لـ : داو شميكل)، واكتفت الحكومة الهندية بتدبر أمر مواطنيها ولم تطالب بمحاكمة الشركة أو تعويضات عادلة.. خوفا على الاستثمار الأجنبي !!!
الفساد والموت.

هناك قرابة 10 شركات أمريكية ومتعددة الجنسيات تفرض، منذ سنوات، ليس أقل من السيطرة الفعلية على الفلاحة العالمية (داو مونسانتو، دو بونت، آفانتس..) وخاصة سيطرتها الكاملة على GMF وفرضها شيئا فشيئا على العالم بل إجباره على استعمال هذه الزراعات.. التي لا يعرف أحد حتى الآن مخاطرها على الصحة الإنسانية.. ولا على الزراعة عموما.. بل ما تأكد هو العكس إذ ثبت في كندا وبلاد أخرى أنه ما إن يتم زرع هذه "النباتات المعدّلة جنينيّا" حتى تنتقل بنفسها إلى حقول لم تتم فيها التجربة هذه.. (مما دفع بوزير فلاحة كندا إلى القول أنه صار من المستحيل مثلا زراعة الصوجا أو الذرة الطبيعية في بلاده إذ عمّ التلوث كل الأراضي الزراعية.. وليس فقط حقول التجربة !) والرابح الوحيد هو الشركات البيوتقنية !!!

المناخ الأرضي والاحتباس الحراري والغازات السامة التي أحدثت انقلابات في درجة حرارة الأرض (إلى درجات بين 4,5 و6,5 عكس ما بقي ساريا منذ ملايين السنين !!!) وما تعكسه من نتائج ارتفاع مياه البحر التي أغرقت وستغرق سواحل كثيرة مكتظة بالناس وعامرة بالحياة . للعلم سكان أمريكا الذين يمثلون %4 من سكان المعمورة يرمون 22% من غاز CO2 !! وهم إلى اليوم يرفضون توقيع معاهدة "كيوتو" للحد من هذا التلوث الخطير... برغم أن المعاهدة وللتقريب للأذهان كل ما اقترحته هو مثل الذي يقود سيارة في زنقة باتجاه جدار.. بسرعة 100 كلم في الساعة ويقال له إنّ عليه الإسراع في تخفيض السرعة إلى 97 كلم في الساعة !!! هذا كل ما أرادته المعاهدة الذائعة الصيت تخفيض 3 % وجواب الرئيس الأمريكي أن الشعب الأمريكي –والغربي بعامة– غير مستعد لتغيير نوع حياته ! (في حين أنّهم مستعدون للهجوم على بلادنا إن كان هناك خطر يتهدد التزود بالنفط !!).
الغَمُّ الـمُعَمَّم.

إن عدد الناس الذين يعيشون تحت البؤس الشديد يتزايد يوما بعد يوم: ثمانون بلدا في العالم صار لهم دخل لكل فرد أقل مما كان عليه منذ 10 سنوات !!
البلدان السبع المصنعة تصرف كل عام 80 مليار دولار رشوة وعمولات.. للحصول على عقود ومعاهدات في بلاد العالم لنهبها !!! حسب تقرير للأمم المتحدة.. وهذا المبلغ كاف للقضاء على الفقر في العالم.. "اللوبي والرشوة" يحدّدان وجهة العالم.. والإفساد فيه.

قامت الشركات –من أجل الربح– بإفساد تغذية الحيوانات النباتية والتي صارت غصباً عنها آكلة لحوم.. (عمليات تحويل لحوم أقرانها إلى دقيق) ممّا أدّى إلى مخاطر كثيرة ظهر منها مرض "جنون البقر" والبقية تأتي !!

الشركات المتعددة الجنسية ومديريها ونهبهم وتبذيرهم للثروات الطبيعية ولعرق الناس من عمّال وفلاحين وصبّهم نفايات الصناعات دون رقيب ولا مسئولية ولا اعتبار لحدود وقدرة الطبيعة... أكدّت دراسة، برغم أنّها صادرة عن الأمم المتحدة، The Least Developed Countries Report 2004 أنَّ الدول الفقيرة الأقل انفتاحاً على العولمة الرأسمالية هي التي تقدّمت أكثر وحققّت رفعا لمداخيل مواطنيها، عكس البلاد الأكثر انفتاحاً.

الإنماء الرأسمالي هو بالضرورة ظالم، ومُفسد لمُقدّرات الطبيعة، مُعمّق للفوارق الفاحشة ومنتج لآفات جديدة : الشعور الخانق بالحرمان! الكبت اللاهث وراء المصنوعات الجديدة !! زد على ذلك SRAS ووباء أنفلونزا الطيور.. والقادم أخطر..

العالم صار فعلاً بدون "خارج"، كل مشكلة أو مأساة في أي مكان تأثّر في كلّ العالم.. وفينا. فالعالم أصبح، أكثر من أي وقت مضى، "سفينة".. بكل ما تعنيه هذه الكلمة من خطورة وحميمية وشعور بالكارثة.. خاصة إذا استمر هذا الإفساد المنظّم والغادر لبني إسرائيل وللشركات المتعددة الجنسية. إنّ نظام "المنافسة" الذي بناه الغرب وعمّمه و"ثقافة الربح المالي" والاقتصاد المنتصر، أي بمعنى صراع كلٌّ واحد ضد كلّ الآخرين... وتحويل الحياة ولقاءاتها إلى معركة تُحدّد الرابح والخاسر بمعايير مالية وعنصرية... (لا مبالية بالناس وبالأرض). عالمنا الصغير (السفينة) حيث فعل كل واحد، فرد أو دولة أو جماعة أو عرق، يؤثر على كل الناس، وعلى نوع الحياة على كوكبنا، يجعل هذا الخيار الرّأسمالي وما ينتج عنه من كارثة.. يدفعنا دفعا للاستعجال بالردّ والدّفاع عن الحياة...

الخيار الإسلامي هو: خيار التعارف... وهو خيار صعب ولكن يُكتسب باللقاء الفعلي بين الأنا والمجتمع الأهلي.. وبين "الشعوب والقبائل".. وهو خيار اقتصادي مغاير يتجه نحو "نوع الحياة" وتحسينها لا شراء كل جديد.. حيث الأولوية لوسائل النقل الجماعية والنظيفة، الصحة للجميع، التعليم للكلّ، العون والرعاية للقاصرين والعجّز والمعاقين، الدفاع عن الكائنات الحية سواء كانت حيوانات أو نباتات أو فقراء جائعين {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام 38)، الاهتمام بالماء ورعايته وصونه، وحماية الأرض جوفها وتربتها ومناخها، توفير الأكل واللباس والسّكن وحقّ تكوين أسرة وحقّ العمل والحقّ في العدل... لكلّ واحد، وللناس جميعاً (نحن الآن حوالي 6 مليار! من البشر).
مجتمع مقتصد ومتعاون، رحماء بينهم أشدّاء على المفسدين في البر والبحر والجوّ. مجتمع أهلي.. يدعو إلى الله الخالق الكريم، يحمي الحرمات الفردية والجماعية، ويحّب الأرض وتنوع الحياة.
{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (يونس 12).



#رضا_السمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهندس القيروان
- ونَعَبَ الخبراء...
- عيون لا تنام
- الظلال أهمّ من كائناتها في الصحراء


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رضا السمين - ظهر الفساد في البرّ والبحر...