|
تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:54
المحور:
القضية الفلسطينية
مباشَرةً، ووجهاً لوجه، يتعذَّر، على ما يبدو، أن يتمخَّض التفاوض الفلسطيني (والعربي) مع إسرائيل عن نتيجة (إيجابية) تُذْكَر؛ و"الدليل السلبي" على ذلك هو المفاوضات المباشِرة المستمرة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني منذ انتهاء "لقاء أنابوليس"؛ أمَّا "الدليل الإيجابي" فهو المفاوضات عبر الوسيط التركي بين إسرائيل وسورية، و"المفاوضات" عبر الوسيط المصري بين "حماس" وإسرائيل، والتي انتهت أخيراً إلى اتفاق على ما يشبه الهدنة، أذاعته القاهرة، ووافق عليه، من ثمَّ، الطرفان.
الاتِّفاق، الذي سيُنفَّذ بدءاً من اليوم الخميس، إنَّما هو اتِّفاق على وقف متبادل متزامِن لـ "كل الأعمال العدائية والعسكرية" في قطاع غزة، أي بينه وبين إسرائيل؛ ومعناه العملي إنَّما هو، على وجه الخصوص، أن تُوْقِف إسرائيل كل أعمالها العسكرية ضد القطاع في مقابل أن يتوقَّف إطلاق "الصواريخ" منه على سديروت وعسقلان..
هذا هو الذي سيتحقَّق اليوم، أو بدءاً من اليوم، وإنْ بقي "التالي" مستعصياً على التوقُّع، فـ "الاتِّفاق" يلبِّي، أيضاً، للطرفين شروط استئناف الأعمال العسكرية، بدءاً من غدٍ الجمعة.
إسرائيل، وما أن يبدأ تبادل الطرفين وقف إطلاق النار، قد تُخفِّف من ضغوط الحصار الذي تضربه حول قطاع غزة، ملبِّيةً، بالتالي، بعض الحاجات الإنسانية والأوَّلية لمليون ونصف المليون فلسطيني هناك، فإذا احتاجت، أو اشتدت لديها الحاجة، إلى استئناف أعمالها العسكرية ضد القطاع، فإنَّها تستطيع أن تزعم أنَّ أسلحة وذخيرة قد هُرِّبت إليه من سيناء، وأنَّ المصريين لم يقوموا بما يكفي لمنع هذا التهريب. وأقول ذلك على افتراض أنَّ القطاع قد التزم تماماً وقف "الأعمال العدائية والعسكرية".
أمَّا إذا قضت مصلحتها بالجمع بين استمرار وقف إطلاق النار والإبقاء على حصار "شبه كامل" للقطاع فإنَّها قد تتشدَّد في رفضها الشروط والمطالب الفلسطينية في ملف "شاليط والأسرى الفلسطينيين"، فيبقى شاليط في الأسر الفلسطيني، ويبقى الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية، ويبقى الحصار مستمراً في أساسه ومعظمه، لِتُخيَّر، "حماس"، وغيرها، من ثمَّ، ما بين استمرار هذا الوضع واستئناف إطلاق "الصواريخ".
وإلى أن تتَّضِح النتيجة النهائية لمفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية ستظل إسرائيل محتفظة بثلاثة أسباب مهمة للتفجير، أو لـ "التفجير المتبادل"، هي: الإبقاء على الضفة الغربية في خارج "اتِّفاق الهدنة (أو التهدئة)"، الإبقاء على قطاع غزة ضِمْن الحصار، وإنْ خُفِّف قليلاً، والإبقاء على كل ما يسمح لها بالزعم أنَّ الأسلحة والذخيرة ما زالت تُهرَّب (عبر الأنفاق) من سيناء إلى القطاع، وأنَّ "حماس" مستمرة في مضاعفة قواها العسكرية والقتالية.
أمَّا ما يدعوها إلى الاحتفاظ بتلك الأسباب الثلاثة للتفجير فهو خشيتها من أن يتحوَّل فشل مفاوضاتها مع السلطة الفلسطينية إلى وقود سياسي لحلٍّ تام ونهائي للنزاع بين "حماس" و"فتح"، فاقتران ذاك الفشل ببدء جهود لمصالحة حقيقية بين الطرفين الفلسطينيين، إنَّما يعني أن تُطْلِق إسرائيل حملة عسكرية جديدة وقوية ضد قطاع غزة.
ويبدو أنَّ باراك وليفني ونتنياهو (وآخرين أقل أهمية) متَّفِقون، ضِمْناً على الأقل، على منع أولمرت من أن يسجِّل باسمه أي "إنجاز" قد يساعده في الخروج من أزمته. وهذا إنَّما يعني منعه من أن يقوم الآن بعمل عسكري كبير ضد قطاع غزة، ومنعه، أيضاً، من أن يُحْرِز نجاحاً يُعْتدُّ به في مفاوضاته المباشِرة مع رئيس السلطة الفلسطينية، وفي مفاوضاته غير المباشِرة مع الرئيس السوري.
ما تحتاج إليه إسرائيل الآن حصلت عليه وهو وقف إطلاق "الصواريخ" الفلسطينية مع استمرار حصارها (المخفَّف قليلاً) لقطاع غزة؛ وما احتاجت إليه "حماس" الآن لم تحصل إلاَّ على بعضه وهو وقف إسرائيل لأعمالها العسكرية ضدها، وضد القطاع، والتخفيف من حِدَّة الحصار.
لقد قَبِلَت إسرائيل تأجيل حل مشكلة شاليط، فَقَبِلَت "حماس" تأجيل حل مشكلة الحصار، التي لا حلَّ نهائياً وحقيقياً لها قبل إعادة فتح وتشغيل معبر رفح على وجه الخصوص.
وأحسب أنَّ الوسيط المصري قد احتاج أكثر من إسرائيل و"حماس" لهذا "الاتِّفاق"؛ فالقاهرة كانت مدعوة إلى أن تحل من جانبها أزمة معبر رفح إذا ما تسبَّبت إسرائيل بفشل جهود الوساطة التي بذلتها. والآن، تستطيع القاهرة أن تقول: انتظروا، ها هو الحصار قد خُفِّف قليلاً، وها هي مستمرة جهود الوساطة التي تقوم بها، توصُّلاً إلى حلٍّ نهائي لمشكلتي "شاليط والأسرى الفلسطينيين" و"الحصار والمعابر".
إسرائيل ليس لها مصلحة الآن في أن تنهي وضعاً قوامه تلك التهدئة، واستمرار الحصار من حيث الجوهر والأساس، وإطالة أمد جهود الوسيط المصري؛ أمَّا "حماس" فهي التي ستشعر بصعوبة استمرار هذا الوضع (وضع التهدئة مع استمرار الحصار من حيث الأساس) وبصعوبة أن تنهيه من خلال استئناف إطلاق "الصواريخ".
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صحافة الموت وموت الصحافة!
-
جدل -الأزمة السكانية- في مصر!
-
خطوة سعودية قد تكون تاريخية!
-
-الفشل الوشيك- و-التحدِّي الكبير-!
-
نمط استهلاكنا مهدَّد ب -الصَّوْمَلَة-!
-
ظاهرها -كتابة- وباطنها -إملاء-!
-
أما حان للولايات المتحدة أن تستقل عن العراق؟!
-
عسكر تركيا يلبسون -حجاب العلمانية-!
-
عَصْرٌ من الجوع.. و-الطاقة الذُّرَوية-!
-
هذا هو كل متاعهم الفكري!
-
-حزيران-.. -سلام الهزيمة- و-هزيمة السلام-!
-
-أزمة اولمرت- هي خير عُذْر!
-
اولمرت.. كم أنتَ مسكين!
-
خطاب نصر الله في ميزان الخطأ والصواب!
-
الأُميَّة الديمقراطية!
-
مفاوضات للسلام أم لاجتناب مخاطر حرب؟!
-
-الأمن الغذائي- أوَّلاً!
-
القوميون العرب الجُدُد!
-
عندما -يُعرِّف- الرئيس بوش الدول!
-
سنة فلسطينية حاسمة!
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|