|
الى متى تبقى المرأة جدارا للصمت وبؤرة للخطر حينما تتكلم ؟
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2317 - 2008 / 6 / 19 - 06:53
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
روى لي احدهم مرة حكاية امراة شابه كانت تسكن مع اهل زوجها في البيت المجاور لبيته .. وكانت تلك المراة قد تزوجت حديثا من رجل عرف في المنطقة بسطوته وحدة طبعه ، وما ان مرت شهور قليلة على ذلك الزواج حتى بات من المألوف سماع اصوات الشجار يوميا بين الزوجة وحماتها لتعقبها في المساء اصوات اخرى وهي صراخ الزوجة من ضرب مبرح كان يسلط عليها من قبل زوجها عقابا على فعلتها النكراء مع العجوز الطيبة والتي غالبا ما كانت تشفع شكواها بدموع سخيه 0 لقد اشفق صاحب الحكاية على تلك الزوجة فقرر ان يجد لها حلا وبأية طريقه تخلصها من ذلك العذاب اليومي المستمر ، ولكن كيف له ذلك ؟ .. وفي يوم من الايام وبينما كان هو على سطح داره يتفقد شأنا من شؤونه لاحت له وعلى السطح المجاور انية فيها كمية من التمر وضعت هناك لغرض التجفيف ، وفجأة وجد نفسه يقفز وبسرعه نحو تلك الانيه ليغرف بكفه بضع تمرات وهم عائدا من حيث اتى 0 وكانت المفاجأه .. لقد كانت هي بلحمها ودمها شاخصة امامه ، تلك الزوجة المظلومة صاحبة العويل المستمر جراء العذاب المسلط عليها وبلا رحمه في كل مساء 0 تسمر في مكانه .. كانت تعرفه ولم يكن غريبا عليها فهو جارها وزوجته تتردد باستمرار لزيارتها وزيارة عجوزها في الدار ، لم يتركها في حيرتها فبادرها فورا بالاستفسار عن اسباب اصرار زوجها على ضربها يوميا .. وضعت ما في يدها على الارض لتدنو منه وكانه قد ازاح عنها كابوسا ثقيلا حيث قالت : انها هي .. هذه العجوز الشمطاء التي لا تريد ان ترحمني بموتها او ان يأخذني ربي اليه فاتخلص منها ومن شرورها 0 اجابها فورا كي يختصر الوقت بانه لديه الحل ، دنت منه اكثر .. قال لها ان عليها انتظاره يوم الغد في مثل هذا الوقت وفي نفس المكان ليسلمها دواء يشفي دائها وينهي عذاباتها ، كادت تطير من الفرح ورفعت وجهها الى السماء كاشفة عن صدرها وهي تدعو له بالخير والرزق الوفير وقد لاحظ ندبة حمراء على رقبتها من جراء لطمة كف ثقيله 0 تراجع بسرعه يملؤه الحياء من منظر صدرها المكشوف ليقفز فوق الجدار عائدا الى حيث سطح داره ، والتفت اليها مؤكدا موعده معها ، وغاب عنها ليعود الى غرفته وقد احس لبعض الوقت بخليط من المشاعر غير المألوفة لديه من قبل ، كان يرتعش وقلبه يخفق بسرعه .. وأحس بشيء من الضيق في صدره يمنع عنه التنفس بحريه ، لقد راعه ان تكون تلك الفاتنة عرضة للسياط كل يوم 0 فكر طويلا كيف يمكن له ان يفي بوعده لها .. وبدأت نفسه تهدأ شيئا فشيئا وبدأ تركيزه يتجه نحو فحوى المشكلة بدلا من التفكير بالضحية ذاتها .. لقد تذكر جيدا بان الامر يبدأ كل صباح بشجار بين المرأتين ، واعاد الى ذهنه بان الكنة كانت لا تسكت عن شتائم حماتها فتجيبها عن كل كلمة تقولها وبلا ابطاء او تردد ليكون مصيرها العذاب في المساء من قبل زوجها الهائج والممتليء غيرة على امه المسكينه 0 وحيث لا سبيل لتغيير طبيعة كلا المرأتين فلابد اذن من معالجة احداهما فقط لتنسحب من دائرة الشجار ، والعلاج هو ان تسكت احداهما عن ملاسنة الاخرى كي تتضح معالم كفتي الميزان 0 في صباح اليوم التالي وقبل ان يحل موعد اللقاء ، خطرت له فكرة بدت وكأنها ضرب من ضروب السحر .. فقد جلب عود صغير قطعه من احدى الاشجار في حديقة منزله ولف عليه خيوطا ملونة بالوان مختلفه وبتنسيق متعمد ، ودسه في جيبه ولحين حلول الموعد المرتقب ، صعد الى السطح ليجدها في انتظاره وعيونها تقطر شوقا لتلقي العلاج ، اعطاها العود الملون واخبرها بان تضعه في فمها عندما تهاجمها عجوزها ولا تخطأ ابدا بفتح فمها فيسقط العود على الارض وحينها يبطل مفعوله ، ولا بأس من ان تبقى على هذه الحالة عدة اايام فالعلاج لابد وان يأخذ وقته المطلوب كما يجب وعليها ان لا تستعجل 0 شكرته كثيرا وعادت ادراجها بعد ان ناولته كمية من التمر0 مرت ايام ولم يعد صوت الزوجة يسمع في الدار .. وكان صوت ام الزوج هو وحده الذي يغطي الفضاء بالشتائم والضجيج ، وصادف يوما ان عاد الرجل الى بيته وعلى غير عادته .. فتح الباب الخارجية للدار بمفتاحه الخاص وقد سمع دوي صوت امه فانزوى جانبا في الممر ليكتشف بانها هي التي تولول وتصرخ لوحدها ولم يسمع لزوجته صوتا بالمره .. دخل على امه ليؤنبها ويعتذر من زوجته الصبورة المظلومة .. وانتهى كل شيء 0 الحكاية هذه قد تبدو عادية جدا ، بل هي موجودة وعلى نطاق واسع في مجتمعنا المعتاد على ان تكون المراة فيه كيان اما ان يكون صامتا ليسلم او متحدثا في وسط لا يؤمن له سلامة العاقبة لو زل عن طريق الصواب 0 لقد سلمت تلك الزوجة المسكينة من ظلم العقاب ولو مؤقتا بفعل سحر عود صاحبي الملون ، ولا ادري الى متى سيكون احتضان ذلك العود لتدوم السلامه ، في حين لم تسلم حماتها من نتائج صدود ابنها جراء سلوكها المنطلق من اسس ظالمة هي الاخرى رسختها في نفسها اعراف المجتمع فجعلتها تخاف من ان يذهب عنها ابنها الى احضان امراة اخرى فيتركها لتصبح بلا معيل ولا رجل يحميها من عاديات الدهر 0 وكثيرا ما كنا ولا نزال نسمع عن المراة الخادمه الصامته والتي تدير شؤون بيتها ورعاية زوجها القيم عليها شرعا وبدون اي حرج قد تسببه له وللاخرين ان تكلمت او اعترضت او حتى ابدت ارتياحها او عدمه من شيء ما ، وكثيرا ما نسمع عن ام قذف بها العسف الى قارعة الطريق تحت وطأة ضغط زوجة الابن .. ويبقى الامر في اكثر الحالات شيوعا هو ان المراة هي الضحية على الدوام .. هي المطلوبة وليست الطالبه .. هي المذنبة ولا محامي لها يدافع عنها في محكمة قضاتها ممن يلبسون عمة الدين او عقال التخلف او حتى ربطة العنق الملونة بلون الجهل واللامنطق 0 المراة الصامتة هي التي تستطيع ان تنجو بجلدها من عذاب الرجل والمجتمع والعرف والقانون ودساتير القرون الوسطى ، وهي التي ان تجرأت وتكلمت فعليها جريرة ظلم نفسها وتقبلها ان تساق الى مذبح الفضيله الزائفه وتموت على دكة الضياع والفقر والطلاق والترمل وهتك العرض قسرا 0 ترى .. هل قدر للمراة ان تبقى صامتة فتسلم وان تكلمت يكون مصيرها الموت قبل ان يقدر لها ربها منية الموت المكتوبة على لوح حياتها .. ومن يدري ؟ .. فلربما هناك في يوم الحساب الاعظم سيكون عليها رجس الصمت او الكلام ، فكلاهما من الكبائر التي جعلتها تتخلى عن واجباتها الارضاعية والانثوية وعدم القيام بايقاظ زوجها حتى ولو كان نائما عله كان يحلم بمعاشرة امراة اخرى وقد يكون في نفسه شيئا من طلب تستطيع ان تؤديه له قبل ان يحل يوم لا رحمة فيه لمن اذنب ولا شفيع لمن ارتكب جرما 0
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
منعتم بيع الخمور .. فابشروا بسوق رائجة للحشيش
-
بين معاشرة الزوجتين معا ورذيلة زواج المتعه والمسيار - قضية ا
...
-
وماتت بهيه .. بعد ان خنقها عرف غسل العار
-
مصير النساء الارامل في العراق .. الى اين ؟
-
بين سؤال ابنتي .. وضلالة رجال الدين
-
قتلوها ورموها في مياه نهر الفرات غسلا للعار .. شهادة اخرى عل
...
-
العراقيون قبل غيرهم أولى باعمار بلادهم
-
السفارات العراقيه .. وعلاقتها بخلق تجمع سليم للعراقيين في ال
...
-
العمل الدبلوماسي بين الاحتراف والتجربه - مساهمة في تشخيص الب
...
-
أنا شاهد على ازهاق ارواح صبايا ثلاث بسبب عرف ( غسل العار )
-
ألمياه الجوفيه في العراق .. بين الاهمال والحلول المنتظره
-
حلم في غرفه
-
صيف وحب وخيال
-
رساله مفتوحه اخرى الى السيده رحاب الهندي .. مع خالص التحيه
-
لنعمل معا من اجل نصرة حقوق المرأة في العراق
-
من افاق الذكريات
المزيد.....
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|