أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - صائب خليل - فيصل القاسم يسلخ ضيفه في الإتجاه المعاكس للحضارة















المزيد.....

فيصل القاسم يسلخ ضيفه في الإتجاه المعاكس للحضارة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:42
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


موجز القارئ التعبان
استضاف فيصل القاسم في الإتجاه المعاكس كل من الصحافي محمد عبد المجيد ووكيل سابق لوزير داخلية مصري في حديث عن واقع السجون العربية. تحيز فيصل القاسم نحو المدافع عن السجون تحيزاً مخجلاً غير مسبوق.


سمعت بخبر المقابلة سيئة الصيت للصحافي والصديق محمد عبد المجيد في "الإتجاه المعاكس" من أحد الأصدقاء وليس من خلال مشاهدة البرنامج، فأنا أهرع إلى التلفزيون لأخفضه فور ظهور إعلان "الإتجاه المعاكس" والدكتور فيصل القاسم يصرخ بشكل مخدش للحس ويشير بذراعيه في كل اتجاه. لا أعتبر الإعلان دعاية للبرنامج وإنما "إنذار" لما ينتظر المشاهد من مشاكسة مشوهة غير حضارية إن هو تورط في مشاهدته.

لكني بعد قراءة مقالة للأستاذ محمد عبد المجيد تقطر ألماً لما جرى في البرنامج وشعوره بالأسف والحيف لما حدث، بحثت عن تسجيل للحلقة في الإنترنيت فوجدتها (1) وشاهدتها. والحق أنه يصعب وصف تلك الحلقة وما جرى فيها، فقد تفوقت على كل الحلقات الهمجية التي سبق لي رؤيتها صدفة عبر هذا البرنامج، بل إني لم يسبق لي أن رأيت انحداراً إعلامياً وأخلاقياً علنياً بهذا القدر. على عكس العادة، حتى بالنسبة للمحتالين من الإعلاميين، كان الدكتور فيصل القاسم صريحاً في تحيزه ووقحاً في حركاته وصلفاً في كلماته.

الحوار جرى بين محمد عبد المجيد، صحافي مصري مقيم بالنرويج وعضو باتحاد الصحافيين بالنرويج، أصدر صحيفة "طائر الشمال" عام 1984 وقد كتب الكثير من المقالات المعارضة للنظام الحاكم في مصر وبصفة خاصة للرئيس مبارك. ضيف الحلقة الثاني هو لواء الشرطة مجدي البسيوني، مساعد وزير داخلية سابق ومدير أمن.
موضوع الحلقة كان "واقع السجون العربية" و كان المفروض أن يقدم محمد إنتقاداته لواقع السجون العربية بينما يقوم مجدي بالدفاع عن ذلك الواقع. قد يستغرب الإنسان وجود شخص يقبل مهمة مسيئة للسمعة مثل تلك التي قبلها مجدي البسيوني، لكن وصول الرجل إلى منصب مساعد وزير داخلية في حكومة مثل حكومة مصر، يشرح أن الرجل لابد أن قد قبل ومستعد أن يقبل بمهام أكثر سوءة بكثير.

إضافة إلى صعوبة مهمة مجدي البسيوني من الناحية الأخلاقية، فيجب الإعتراف بأنها صعبة من الناحية الفنية: من يستطيع أن يدافع عن أية سجون أمام الناس، دع عنك "السجون العربية"، وأمام الشعوب العربية التي تعرف ما تعني تلك السجون؟ لمواجهة هذه المهمة التعجيزية، إضافة إلى دراسة الشخص الذي سيقف بوجهه، ونقاط الضعف والقوة، مثل حقيقة كون الرجل يعيش خارج البلاد فترة طويلة، وضع البسيوني خطة واضحة: الهجوم على الشخص، التشكيك بمعلوماته، هز توازنه بأسئلة سريعة وأساليب استفزازية أملاً بدفعه إلى رد فعل غير محسوب يتيح الفرصة للتركيز على رد الفعل هذا بعيداً عن الموضوع الصعب. من الواضح لمن يشاهد الحلقة أن اتفاقاً قد تم بين البسيوني وفيصل القاسم على "تمزيق" ضيف فيصل الآخر بلا رحمة.

كلنا يخطئ احياناً فينفجر بطريقة غير مناسبة، لكن ما حدث لم يكن انفجاراً غاضباً بل خطة معدة مسبقاً بعناية كبيرة. كتب محمد عبد المجيد مخاطباً فيصل القاسم متألماً (2):
" كيف تحوّلتَ من شخص وديع قبل البرنامج إلى مساعد أول طاغية أو جلاد لمستبد أو مفترس لصالح سيد القصر؟
(....) كأنك ذاكرتَ الدرس مئات المرات، وحفظته عن ظهر قلب، وتم اجراء امتحان في جهاز أمن الدولة عن كيفية ارباك ضيفك، وقطع حديثه، واقتطاع كلمات في نهايات الجمل الاستئنافية قبل أن يكملها، والاستهزاء به، والسخرية مما لديه، وحجب أي فرصة على توثيق وإذاعة معلومات وبيانات وأسماء و ....كيف طاوعتك نفسك أن تختار زميلا لك، وتمارس معه أمام الملايين ما يفعله ضابط الأمن ومرشد السلطة وسجّان الرأي، فتقطع لساني ثم تطلب مني الحديث، وتكتم فمي لتصيح مستهزئا بأن ضيفك صَكَّ وجهه، وتلعثم لسانه، وفقد القدرة على الحديث؟"

في البرنامج، كان فيصل يجهد في تجنب الحقائق رغم تظاهره بمتابعتها ولا يتوضح ذلك فقط من خلال مقاطعة محمد عبد المجيد ومنعه من قراءة بعض ما معه من تقارير، بل ايضاً من خلال تجاهله المداخلات غير المناسبة. كتب أحمد هريدي محمد تحت عنوان "إحراق صحفي على شاشة الجزيرة!" (3) قائلاً أنه ارسل الى فيصل معلومات مفصلة قبل البرنامج وأثنائه ترد على أسئلة اللواء البسيوني وتبين كذب ادعاءاته، بعد أن بين له مصادر معلوماته وأهليته للحديث عن الموضوع لكن فيصل تجاهلها تماماً كما تجاهل طلبه المتكرر بالسماح له بالإتصال تلفونياً بالبرنامج أسوة بآخرين.

لا شك ان فيصل، صاحب السمعة السيئة لقضايا عديدة لعل أشهرها فضائح كوبونات النفط مع نظام صدام، لاشك أنه قد قبض الثمن، وإن لم يفعل فليس ذلك إلا حماقة منه، أن يهبط إنسان إلى هذا المستوى دون أن يقبض الثمن.

يمكننا أن نرى بوضوح أن خطة فيصل – البسيوني نجحت في إفقاد محمد عبد المجيد تركيزه وإحراجه بأسئلة سخيفة غير متوقعة مثل طلب عنوان "مركز النديم" وبأسلوب أشبه بالبصاق منه إلى الكلام، وقلة أدب غير مسبوقة في إدارة الدكتور فيصل للنقاش والمقاطعات المتتالية والعبارات المهينة. إذا كان البرنامج إختباراً للفهلوة أو القدرة على صمود التركيز بوجه الصراخ والمقاطعات وقلة الأدب فلا شك أن محمد خسر الإختبار، وإن كان الهدف هو معرفة واقع السجون العربية فقد فشل البرنامج وفيصل فشلاً ذريعاً حيث لم يعد هذا هو المحور الفعلي للبرنامج. لقد تخلى فيصل عن موضوعه لأجل البسيوني، وكان البسيوني سعيداً بالتخلص من موضوعه الخاسر، أما محمد فكان شديد الإخلاص له وبشكل يثير الإعجاب! لقد كان واضحاً لمحمد منذ الدقائق الأولى أنه سقط في فخ ومؤامرة، وقد كان قادراً أن يقوم من كرسيه رافضاً إكمال "النقاش" وقد أعطاه فيصل بقلة الأدب المتكررة فرصاً عديدة ليفعل ذلك دون أن يلومه أحد، لكنه شعر بلا شك أن هذا هو المقصود، وأن من واجبه أن يبقى يدافع عن المساجين الذين يمثلهم، وفرصتهم الثمينة لطرح قضيتهم. الفرق بين القضيتين والتزام كل من طرفي "النقاش" بقضيته يبين لنا أي نوع من الناس هو كل منهم.

نقطة أخرى تبين الفارق بين مجدي ومحمد عبد المجيد، وهي نظرتهما إلى قضية إسراء عبد الفتاح. لمن لا يعرفها، إسراء فتاة مصرية دعت للإضراب على الإنترنيت فتم اعتقالها من قبل الأمن المصري...فوجئت إسراء بذلك ولم تكن مستعدة له فانهارت فوراً وقدمت التوبة والإعتذار, وأخرجت من السجن في حالة ذهول ورعب وهي تشكر الإدارة على حسن "ضيافتها" وكانت مثالاً لإضطهاد الإنسان العربي وتحطيم كرامته وهي تتكلم وتبكي في حضن أمها غير مصدقة نفسها أنها خرجت سالمة لتؤكد مراراً معاملتهم الجيدة وأنها "لم تغتصب" في السجن! هذه الحالة أراد بها رجل الأمن مجدي دليلاً على جودة السجون المصرية والأمن المصري، بينما كان واضحاً أن محمد الذي جاهد أن يسمحوا له بالحديث عن قضيتها دون جدوى، يعتبر تأكيد وتكرارا "توبتها" و "فرحتها" بخروجها "باكراً" من السجن، دليل إدانة للنظام من نوع غير اعتيادي! إنه الفارق بين نوعين مختلفين تماماً من الفكر: المثقف من جهة ورجل الأمن من الجهة الأخرى.

هل نجح البسيوني وفيصل في خطتهما في نهاية الأمر؟ المسألة تعتمد على المشاهد. إن كان قد جلس ليشاهد "صراع ديكة"، ويعتبر أن الضرب تحت الحزام شطارة ممتعة، فلا شك أنه سيعتبر "فريق السجون" هو المنتصر بامتياز. أما مع من يحسب للحضارة وأسلوب النقاش قيمة فهزيمة فريق الحكومة المصرية كانت ساحقة بلا شك. لقد كان واضحاً أن هذا الفريق قد قدّر مسبقاً أن قضيته خاسرة لايمكن الدفاع عنها في حوار بأية درجة من الموضوعية، وأن هزيمة موقفهم لايمكن تفاديها بالتحيز الإعتيادي المعروف مثل إعطاء وقت أكبر للجهة المفضلة أو توجيه الأسئلة المناسبة لها، وربما الإتفاق معها مسبقاً على تلك الأسئلة، وحتى على الأسئلة التي ستوجه إلى الطرف المقابل أو مقاطعة الجهة الأخرى (ولكن بأدب)، لكن اضطرار هذا الفريق إلى هذا المستوى من التحيز والهجوم والغش يدل على أن كل تلك الإجراءات التي يمكن أن تتم دون أن يحس بها المشاهد، لم تكن كافية لإنقاذ القضية التي يدافعون عنها!

لقد كشف هذا البرنامج نقاط ضعف أطراف "النقاش". محمد عبد المجيد لم يكن متمكناً من تكنيك الجدل الهجومي أو لم يكن مستعداً له، خاصة بعد "اللطف" الإضافي الذي حضره به فيصل قبل البرنامج، كما يشير محمد، ليكون ليناً جاهزاً للسلخ ولكي تكون صدمة الوقاحة المفاجئة أكبر أثراً. من الناحية الثانية عجز فيصل ومجدي عن الدفاع عن "قضيتهما المشتركة" بأن السجون العربية بخير وأنها ليست بالسوء الذي يشاع عنها، ولجأآ إلى الهجوم على الشخص لتحطيمه. محمد يستطيع أن يكمل نقص تكنيكه من خلال دورة "تدريب إعلامي" قد تستغرق شهراً، أما فيصل ومجدي فهما بحاجة إلى إعادة تربية منذ الطفولة!

لقد كنت دائماً أتحسس من صراخ فيصل وابتعد عن برنامجه حفاظاً على نفسيتي من العنف اللساني والأسلوب المنخفض، أما بعد هذه الفضيحة فقد أضيفت الريبة والتقزز إلى مشاعري تجاه هذا "الإتجاه المعاكس والحضارة".

هوامش:
(1) برنامج الإتجاه المعاكس: "واقع السجون العربية"
http://www.youtube.com/watch?v=8icewK-nG7I&feature=related

(2) محمد عبد المجيد: "رسالة مفتوحة إلى فيصل القاسم"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=137532

(3) أحمد هريدي محمد: "إحراق صحفي على شاشة الجزيرة!"
http://www.saveegyptfront.org/news/?c=165&a=14601



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثال الآلوسي يقلب العالم ليتهم الشعب العراقي بالعمالة لإيران
- أيمكن رفض المعاهدة دون قراءة بنودها؟
- كروكر يحاول منح إيران شرف رفض المعاهدة
- الصناعة تخصخص شركاتها، بينما ينشغل الشعب بدرء خطر -الصداقة-. ...
- حكاية -الكتل العميلة والنواب الوطنيين الخجولين- – عودة جنّي ...
- دعوة لتذوق متعة أن تفقأ فقاعة!
- تطبيق المنطق على أخبار خارج المنطق- 1
- إسألوا الأسئلة – طالبوا بأجوبة
- أعطونا تفسيراً محترماً واحداً لسعيكم إلى العمالة المصرية يا ...
- إستخدام الإلكترونيات في الإنتخابات ليست حضارة وإنما محاولات ...
- أن يدرك الشعب أن الدكتاتورية إحتلال أيضاً وأن يؤمن بحقه في م ...
- المالكي وقصة التمديد -الأخير-
- ألإنتحار يقتل من الجنود الأمريكان أضعاف قتلاهم في العراق وأف ...
- وصية أهلنا القديمة في -الصداقات- المريبة
- صولة الفرسان: أمتعاض الناس من جيش المهدي لايعني احترامهم للم ...
- رسائل محيرة من مدينة الصدر والبصرة تكشف انشقاقاً خطيراً
- الإعلام وكتابة التأريخ
- توفير الوقت اللازم للقتلة
- صديقي الذي قضى في بشتاشان، حلبجة العرب
- ألليبرالية: ثورة عمال سرقتها الشركات وقلبتها على رأسها


المزيد.....




- تعود إلى عام 1532.. نسخة نادرة من كتاب لمكيافيلّي إلى المزاد ...
- قهوة مجانية للزبائن رائجة على -تيك توك- لكن بشرط.. ما هو؟
- وزيرة سويدية تعاني من -رهاب الموز-.. فوبيا غير مألوفة تشعل ا ...
- مراسلنا: تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيرو ...
- الرئيس الأمريكي: -أنا زوج جو بايدن.. وهذا المنصب الذي أفتخر ...
- مسيرة إسرائيلية تستهدف صيادين على شاطئ صور اللبنانية
- شاهد.. صاروخ -إسكندر- الروسي يدمر مقاتلة أوكرانية في مطارها ...
- -نوفوستي-: سفير إيطاليا لدى دمشق يباشر أعماله بعد انقطاع دام ...
- ميركل: زيلينسكي جعلني -كبش فداء-
- الجيش السوداني يسيطر على مدينة سنجة الاستراتيجية في سنار


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - صائب خليل - فيصل القاسم يسلخ ضيفه في الإتجاه المعاكس للحضارة