أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - كما تتغير الخيول














المزيد.....

كما تتغير الخيول


خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)


الحوار المتمدن-العدد: 2315 - 2008 / 6 / 17 - 10:38
المحور: الادب والفن
    



قُلتُ: غامضٌ وجهُكَ يا سيّدُ من خزائنَ العروسِ، تسقطُ في طريقِ الشام كبُندُقةٍ فاسدةٍ ويحتفي بكَ الهائمونَ كأنّكَ تعويذةُ فَرَحْ، نائمٌ كنورسٍ وحيدٍ على شراعٍ لم يعرف ميناءً منذ مئةِ سنةٍ، مرَّ الفاتحون على مقربةٍ منه وشكّلوهُ، مضوا فيما هو للآن يحاولُ تصديقَ ما حدث.

ندمُكَ ينزفُ من كتابٍ للكذبِ ألّفه كثيرون ممن أقلقوا الرمل بالفرسان والحجيج، وصحراءٍ لم ترتوِ بغير الحكايات في رحيلها وإيابها مثقلةً بالتفاصيل والمجهول الذي يحمل العالم على كتفين من لغة.

ربّتْكَ الخلافاتُ والخلفاءُ ألا تخالفَ حين يحتفظُ كلُّ حوضٍ بمائه المقطّرِ الآتي دونَ وساطةٍ من سماءٍ لا وساطةَ فيها أَوْ لَهَا إن لم تغسلْ قلبك على مشارف الخطيئة قبل أن تدخل الأشجارُ في ظلّها.

أرهقتكَ الأسماءُ فلم تعترفْ بأغنيةٍ إلا حين تمر ممهورةً بخاتم الدولةِ وخيولِ الدولةِ ولحنِها.

خلّيتكَ، وما أفادَ الحرائرَ أنّك البائعُ الوحيدُ في المملكة، تصغي وتصغي وعادة البائعين ليست إصغاءً كلَّها، تجرُّ حصانك ذا الذيلِ الذّهبْ، تَسقطُ الأميراتُ بين يديك، جميلاتٍ كفجرٍ أزرقٍ فيه بقايا قمر، يأخذهنّ سحرُ الصمتِ وتأخذك خشخشةُ الحليّ في أماكنَ غامضةٍ من أجسادهن الملفوفةِ بالقشور الملونة والرغباتِ الشاهقة.

أيُّ بلدٍ هذا في يدك؟
وعَدْتَ ألا تستبدلَ القماشَ والخرزَ بالبُلدانْ، وعَدْتَ أكثرَ مما يجب، واستبدلتَ أكثرَ مما وعدت، كنتَ أكثرَ من تاجرٍ وأقلّ من فارسٍ، لكنّك لم تعرف أيّ العنقودين مأتَمَكْ.

كنتَ نصف كلّ شيء، نصفَ أي شيء، تدخلُ الأقطارَ كبرّيمةِ نفطٍ لا يمكنُ تجاهلها، تنسى الأسماءَ عمداً وتحتفظُ بكتابِ جيبٍ عن المدنِ التي تلاشت كضبابٍ صباحيّ، تقرأُ دائماً بين صمتين ولا تذكُرُ لأحد أنّكَ حزينٌ كأيّ حصانٍ فقدَ قدرة الجريِ في موسمِ التزاوجْ، وعلى جبينكَ ذهاباتٌ مُعَنْونةٌ تشبهُ خارطةً لا يعرفها ولا يعترف بها سواكْ.

ندىً على واجهةِ عينيك يقودكَ كثيراً إلى بصمةٍ خاطئةٍ على ورقةٍ خاطئةٍ مكتوبة بلغةِ الظنّ والغيبِ، تلوّحُ بعَلَمٍ فيشتريه أوّلُ عابرٍ فتختلقُ ندبةً تحتَ أنفِكَ وتسمّيها وساماً وربما تذهب أبعدَ من هذا فتنشرها في الساحاتِ كقصّة بطولةٍ لا تفاصيلَ فيها.

الآنَ تمرُّ مقطوعاً ومنسحقاً كأرنبٍ وحيدٍ في غابةٍ للتدريب على الصيدِ، تمهّدُ للجنّةِ بكثيرٍ من السحرِ اللُّغوي لتجذب الأشجارَ والظلَّ من مكمنِ الغيبِ إلى رغبةٍ لا تُنالُ، الوردُ الكثيرُ في الطريقِ لا يحملُ أية إيماءةٍ مما يحمله الوردُ عادةً، وأضيعُ في محاولتي الألف لاستحضاركَ من غيب المعارك القديمة.

ما بين الغيم والرمل مرّت على خاطرك الناعس مثل زنبقةٍ ماهرة التكوينِ، لم يقنعك الزمنُ أن للجَمالِ خيولاً تتغيرُ كما تتغيّرُ الخيولُ، تراها ولا تراها، ابنةً للنار القديمةِ بأفقٍ لا يضاهى، وضوءاً للصباحِ المستمرِّ غصباً في ذاكرةِ تجارتكَ الرخيصةِ، لم يزل سيفك منتشياً والحربُ تغيَّرَتْ أكثر من مجرّدِ تغييرٍ في الطقوسِ، مازلتَ تحملُ مملكةً بآرامها وأدومها وجليلها وعماليقها ومؤابها، كأنها على سفحٍ مأساتُهُ المسافةُ لا غير.

في طريقٍ تنوِّرُه الظنونُ خجلتَ من ساعدٍ أراكَ المدينةَ وهي تسقط كما ينبغي، صدّقتَ للحظةٍ أن الجغرافيا مصيدةُ العائدين من الزمن القديم، صدّقتَ أن النهاياتِ لا يكتبها بائعٌ بحفنةٍ من أمشاطٍ وخرز، صدّقتَ ربما أن ترساً واحدة في آلة الله الكبيرةِ قد يضع إمبراطوريةً على الرفِّ، صدّقتَ أو لعلك هاجمتَ الناياتِ التي ربّتْ أنغامها على محفل الطيبينَ أكثر مما ظننتَ.. صدّقتَ، أو.. نامت الطريقُ فنامت الأسئلة.

وجعٌ يمرُّ على جسدكَ الذي أرّختهُ المسافاتُ كأَبَدٍ لا يُمَسُّ، فاختبرْ وجه النومِ ودع روحي تذهب إلى غيّها كما تذهبُ إلى طقسها الخيولْ.



#خالد_جمعة (هاشتاغ)       Khaled_Juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن سيجارة في منفضة
- فراغ في الخارطة.. فراغ على الخارطة
- الدول والشعوب والطوائف والديانات والمذاهب في التاريخ الفلسطي ...
- الدول والشعوب والمذاهب والديانات والطوائف في التاريخ الفلسطي ...
- يؤلِّفُ أُفُقاً ويُضِيْؤُهُ
- كأي شاهد قبر


المزيد.....




- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد جمعة - كما تتغير الخيول