|
طويريج ، وما أدراك!
سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2311 - 2008 / 6 / 13 - 11:29
المحور:
كتابات ساخرة
يُقالُ إن العربَ لا تبدأُ بساكنٍ ، ولا تقفُ على متحرِّكِ . لكنّ طْوَيريج خرجتْ على القاعدة ... لم أكن أعرفُ ، في سالف الأيام ، من فضلٍ لهذه الـبُلَيدةِ ، إلاّ مغنّياً عتيقاً هو عبد الأمير الطويرجاوي ، وإلاّ في كونها مَـخْـمَـرةً لأهل النجف ، يقصدونها ليعودوا متعتَعين بعرقٍ من نادي الموظفين الذي كان يديره يهوديٌّ من أهلها . لكنّ الأيام تأتيك بالعجبِ العُجابِ : قبل الاحتلال بثلاث سنين أو نحوِ ذلك ، كنتُ ضيفاً ثقيلاً على شخصٍ ، في لندن ، كنتُ عرفتُه في باريس باديءَ ذي بدءٍ . ذاتَ مساءٍ ، والرجلُ لم يَعُدْ ، بَعدُ ، إلى المنزل ، رنّ الهاتفُ ، فأسرعتُ إلى السمّاعةِ ، على غير عادتي . كانت المتحدثة امرأةً يبدو من صوتها أنها متقدمةٌ في السنّ : آلو ... نعم . أأنت أيضاً من طويريج ؟ نعم ! اسمُكَ حسين ؟ لا! * عاد حسين ، حوالي العاشرة مساءً ، فأخبرتُه الخبر . قال : نعم . إنها فلانة ، زوجة فلان ، متعهد بار الموظفين في طويريج . وهو يهوديّ . طويريج بلدةٌ متسامحة. السيدة العجوز ، اتصلتْ ثانيةً ، لكن بحسين الفعليّ هذه المرّة . كانت تدعونا إلى عشاءٍ في منزلها بإحدى ضواحي لندن الغنية ، باعتبارنا عضوَينِ في " جمعية طويريج " . استفسرتُ من مُضيفي : نعم ... في لندن جمعيةٌ بهذا الإسم ، تعمل على إحياء ماضي طويريج ، وعلى تطويرها في المستقبل . لبّـينا الدعوَةَ . كان متعهد بار النادي حاضراً ، بالطبع ، مع ضيوفه ، أمثالنا . المائدة عامرةٌ بمآكلَ عراقية ، قديمة ، لذيذة ، ممّا يطبخه اليهود العراقيون . الحديث كله ، كان يدور حول طويريج : بيوتها . أهلها . عادات الناس . المحلاّت . النهر وعلاقته بالبلدة . إلخ . * يجيء الاحتلال ، بدباباته ، وأكاذيبه ، ويأتي بخدمه من رجالٍ ونساءٍ ، وشِيبٍ وشُبّانٍ . يأتي أوّلاً بأعضاء " جمعية طويريج " . من هؤلاء كان حسين ، أشهر مزوِّرِ انتخاباتٍ في العالَم . ومن هؤلاء ، نوري المملوكي ، الذي حظيَ ، أخيراً ، بلقب " القائد " ، من لَدُنِ المرشّح الرئاسيّ لحزبِ مُـجرمي الحرب ، جون ماكين . * وتقفز طويريج إلى الواجهة ، كما قفزتْ العوجةُ في أيامها . أهل طويريج ، مثل أهل العوجة ، يحيطون بالرئيس القائد . منهم العسكريون المزوّرون في " لواء طويريج " ، ومنهم الحمايات الشخصية ، والمتعهدون ، والمهربون ، ومنظِّـمو فرَق القتلِ ، والدبلوماسيون الحفاة ، والموظفون الأكثر حظوةً وســرقةً وفساداً . * أيامَ كان " أسبوع المدى الثقافي " يقامُ في دمشقَ ، كانت دار المدى تشحن الضيوفَ بالعشرات ، ولا أقول بالمئات، في حافلاتٍ تُبْـلِـغُهم " القرداحة " ، حيث يثوي الرئيسُ السوريّ الراحل حافظ الأسد . أمّا في أربيل ، فالمزارُ مثوى الملاّ . * هل ستأخذ " دار المدى " ضيوفَها ، في صبيحةٍ ملتبسةٍ ، إلى : طويريج ؟ * ويقول أهلُ العراقِ بلهجتهم العجيبة: خوشْ لَجَنْ ( الجيم هنا تُنطَقُ مصريةً ) خوش أبريج ( الجيم هنا تُنطَقُ جيماً حجازيةً ! ) ونقضي العُمر ، بِطويريج ...
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافةُ عراقٍ بين سيفَينِ
-
رسالة إلى حسن الخياط
-
جائزة الإبداع تُمنَح إلى سعدي يوسف
-
لماذا نقرأ لك ؟
-
الله صامتٌ أيضاً
-
إعدام مقتدى الصدر
-
قصائد فورتَيسّا
-
منظّمة العفو الدولية
-
ولاية الفقيس الذمّيّ
-
نشيدٌ للبصرة
-
إلى سركون بولص
-
تحت الوصاية ... نعم !
-
حديث الجمعيات والأحزاب
-
البؤس العراقي في حملة الرئاسة الأميركية
-
أربع قصائد من الأقصُر
-
أغنيةُ صيّادِ السّمَك وقصائد نيويورك
-
ردّ على الديلي تلغراف
-
تابعو التابعين
-
ثلاث قصائد مُبْتلّّة
-
المثقفُ التابعُ مطروداً
المزيد.....
-
ثبتها الآن.. تردد قناة كراميش للأطفال 2024 على القمر الصناعي
...
-
جيمس كاميرون يشتري حقوق كتاب تشارلز بيليغريمو لتصوير فيلم عن
...
-
كأنها خرجت من أفلام الخيال العلمي.. ألق نظرة على مباني العصر
...
-
شاهد.. مشاركون دوليون يشيدون بالنسخة الثالثة من -أيام الجزير
...
-
وسط حفل موسيقي.. عضوان بفرقة غنائية يتشاجران فجأة على المسرح
...
-
مجددًا.. اعتقال مغني الراب شون كومز في مانهاتن والتهم الجديد
...
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|