تنزلق راحتاه برحيل موحش عن وجه قاتليه
لكنه لم يزل يقرأ هذا الحطام المتعثر ،
الحطام الذي ترسّب في أعينهم
وهم يختمونه بالظلام .
لم يزل يسمع همهمة أفواههم الناشزة بتكتم صديء ،
وهم ينكبون كسوط الغنائم على جسده
المثقل بالتساؤل :
كيف هوى جذع الله فيه
... ليتوارى بذاته خلف سكينة الموت ؟
كيف توحدّ طينه بمراثي التلال
التي نكشت عريها صلافة البارود ؟ .
جسد يتسع بالكاد لطفولة علقت منه ( ذات مساء غامض ) بالفراغ
طفولة تسلّق هفهفتها باتساع مرن ،
حين تلمّسته وشاية ،
أتاحت لليقين أن يتهامس بتفاصيل غيابه
هاهم يغرزون نفيه بأسلاك تتلمّس عزلته ،
كأفعى تجرجر دهشتها في تفتحه الغض .
يتلاقفون دهشته بأنياب تهتك ستار مواسمه ،
تغرز خذلانها في صباه .
لكنه منتش في غيبته ... فاقئا هزيمة النار وهي تقطر من مزاميرهم سخونة الموت ... وهذيان الزنازين ... سواد التواريخ المنحوت بغايات تسرد وسائلها ، ووحل التفوه بالشعار المخاتل .
ها هو يرسم رأس وطن بسبعة أقمار منسوجة من كيمياء توطّن للريح رمادها ، كي توغل أملاحها في نشيج المقابر وضيافة الأرض .
وطن يندسّ بمتسع يغمر عتمته
وطن يبوح بقيامته ...
أسراب نساء من قش الحزن يشجرن عواء الجوع ويهدهدن قمصان الموتى ، وملاءات تنسج فصاحة الكتمان .
رؤى تضج بأشلائها ،
ودوائر كغياب تتلذّذ ، تمتشق جسدا خلاف النصوص و تسرد مفتتحا يختزل العري. وطن يتطوح في سكرة البيع ، فيما يتابع محوه وهو يتفتت كسماء تعجن مقابرها .
وطن يتبعثر
يتناسل الموت كالرياحين ، وتزهر فجائعه كالطحالب وهي تخصب نعومة البكاء .
وحده يمطّ مراياه لتكمّم هامش الصورة ،
كي تتلقف الوقت بتمعن
فيما يحيل المكان إلى شجر يستعصي على شراهة هتافاتهم
بالكاد كان يركز عصيانه على حدود اليقين ،
يتبين سرب عذاب
يقفل من عودته نحو أفلاك تدلهمّ بفزع
أجساد تندس بكامل أزليتها في مواسم موت لايتسع لتمائمها
أحياء تتناهشهم المقابر ، لتردم صراخ من لم يلجمه إحكام فصيل الإعدام لبلاغة الرصاص ،
وهو يندسّ بمكيدة في معجزة الله وسورته الأولى .
كان يمسك كفّ الله ، حين تسارعت سكينة قلبه المحكوم إلى أسلاك ترتكب معاصيها في شواهده المبعثرة ، حيث تطيح بسلالات من كتمان مضرّجة بالقرابين .
أيّ أنين سينشب في ركام أفلاكه وهي تتلاشى في لهاث الفجيعة
أيّ أبوة ستمسحها يد الله على رأسه الذي سيفضي إلى دم لا يفصح عن نحيب .
2003