أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - سؤالُ البعوضةِ والقطار














المزيد.....

سؤالُ البعوضةِ والقطار


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2310 - 2008 / 6 / 12 - 10:47
المحور: كتابات ساخرة
    


لو أنكَ جالسٌ في كابينة قطار، ترقبُ العالم المتسارعَ من النافذة، وتفكر أن الكونَ يتفكّكُ من حولك، فتقرر أن تغمضَ عينيك وتغفو. لكن بعوضةً تقفُ على زجاج النافذة من الداخل. تهشُّها فتطير. القطارُ يفوق البعوضةَ سرعةً. لذا لابد أن تتراجع البعوضةُ حتى تصطدمَ بالحائط الخلفيّ للكابينة. وتموت في الحال. لكن الذي يحدث أن البعوضةَ تظلُّ عالقةً في هواء الكابينة، ساكنةً أو طائرةً فيما القطار يجري! كيف يحملها القطارُ وهي معلّقة في الهواء هكذا؟ جننتني الحكاية! سألتُ. معلمو الفيزياء في مدرستي، البعضُ انشغل عني لتفاهة السؤال، والبعضُ أجابني بما لا يُقنع! يقول آينشتين إن الزمنَ بُعدٌ رابعٌ للمكان، مع الطول والعرض والعمق. ومن ثَم فلكي تحتفظَ البعوضةُ بمكانها في قطار سريع فلابد أن تطير بسرعة= سرعتها+ سرعة القطار. وهذا غير منطقيّ بالنسبة لحجم وقدرات بعوضة صغيرة. وظللت أبحثُ عن الشخص القادر على إجابتي. طبعا ليس آينشتين لأنه مات. بل د. مصطفى محمود.
أخبرنا معلمونا أن "النسبية" أعقدُ نظرية عرفها التاريخ. لأن فرضياتها ونتائجها حطّمت كلَّ ما سبقها من نظريات الحركة والكتلة والطاقة والسرعة، وطبعا الهندسة الإقليدية الكلاسيكية، بل وأيضا قوانين نيوتُن التي أذهلتِ العالمَ وقتها. عقلُ الفلاح البسيط انسجمَ مع هندسة إقليدس دون مدرسة ولا كتاب ولا مسطرة. لأنه يعرف كيف يخطّط حقلَه بالطباشير، وتعلّم أن مساحة المثلث هي نصف طول قاعدته في الارتفاع، والمربع هي الطول في العرض. لكن العقلَ البشريّ غيرُ قادر على استيعاب أن لا خطَّ مستقيما في الكون كلّه! فكلُّ خطٍّ ترسمه على الأرض هو منحنٍ بالضرورة مادامت الأرض كروية. ومن ثم فكلُّ حسابات إقليدس خطأٌ في خطأٍ! كيف نصدق مثلا أن كتلةَ الجسم تزيد كلما زادت سرعته؟ فإذا بلغت سرعتُه الحدَّ الأقصى المعروف، أي سرعة الضوء، صارت كتلتُه لانهائيةً، ومن ثم يصير قصورُه الذاتيّ لا نهائيا أيضا، فيتوقف! ولأن لا شيءَ في الكون ساكنٌ، فهذا مستحيل. لو ركبَ إنسانٌ شعاعَ ضوء، جدلا، فسوف تؤخّر ساعتُه حتى تتوقف تماما، ويختفي الزمنُ تماما، ليدخل هذا الإنسانُ في الأبدية! أما لو فاقت سرعتُه سرعةَ الضوءَ (300 ألف كم/ث) فسيخترق هذا الإنسانُ حاجزَ الزمن ليدخل في الماضي! كل هذه الفرضيات لا عقلَ بشريًّا يقدر أن يتصورها، لكن معادلات آينشتين حسمتها بدقة.
لم يبسِّط أحدٌ النسبيةَ مثلما فعل مصطفى محمود. فمثلما شرح ابنُ رشد أرسطو، شرح هذا الرجل نظريتيْ آينشتين بأمثلة بسيطة تجعل أشدَّ المعادلات تعقيدا وتركيبا يسيرة على غير دارسي الرياضيات والفيزياء. فأصبح من الممكن تصور هذه الأحاجي الفيزيائية بإعمال بعض الخيال وكسر حائط التعوّد الذي يغلّقُ المتاريسَ أمام جموح العقل.
وبحثتُ طويلا عن مصطفى محمود لأسأله سؤال البعوضة والقطار. لكنني حين التقيته مصادفةً قبل عشرين عاما أمام ماسبيرو، لم أسأله! ليس فقط لأنني كنتُ قد عرفتُ الإجابةَ، بل لأن بهجتي برؤيته أربكتني. فلم أقدر حتى أن أقول له: آهٍ كم أحبك!
هل تعلمون أن الأستاذ العظيم صاحب المائة كتاب يرقدُ الآن في فراش المرض؟ عمتَ صباحا أيها العالِم الجميل!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب
- إلى أين تذهبُ الشمسُ... يا جوجان؟
- انظرْ حولك في غضب
- ثقافةُ الوقوف في البلكونة !
- بالطباشير: فقدانُ الهالة
- داخل رحم
- الأحدب والجميلة
- ناعوت: «الهدم والبناء» في الوعي أصعب من «المعمار!-
- السوبر قارئ
- عينا الأبنودي
- اِصمتْ حتى أراك!
- كلام شُعَرا...!
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟
- بالطباشير: آخرُ مُعتزلةِ هذا الزمان
- بالطباشير:يا باب الورد، حِصَّة وين؟


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمة ناعوت - سؤالُ البعوضةِ والقطار