|
متى ستسقط العاصمة صنعاء
بكر أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2307 - 2008 / 6 / 9 - 10:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
الحوثيون على مشارف صنعاء منذ أكثر من أسبوعين ، والسلطة تعلن بين الحين والآخر بأنها أنهت الحرب في تلك المنطقة بشكل اعتباطي و مهين لهيبة الدولة ، بينما أصوات القذائف والمعارك تُسمع من على ضواحي العاصمة رغم الحشد الكبير والمستمر للجيش ورغم استخدام مختلف الأسلحة الثقيلة والطيران ، مما يعني أن المعارك مستمرة وأن الجيش يتكبد الخسائر أمام خمسمائة إلى ألف رجل من أتباع الحوثي لا يمتلكون إلا أسلحتهم الشخصية وبعض الرشاشات المتوسطة ، وفي رحى هذه الحرب هنالك المئات من المنازل تعود لمواطنين يمنيين تم هدمها والكثير من الجثث ألتي تم جرفها ممن لا علاقة لهم بهذه الحرب . حرب مثل هذه تستخدم الدولة بها كل أسلحتها وكل فرقها العسكرية الأكثر تدريبا واحترافا مقابل بضع مئات من الأشخاص ولا تستطيع أن تحسمها ، تدل أنه ثمة أما فسادا ينخر في الجيش أو أنه هنالك من هو مستفيد من استمرار هذه الحرب التي قد تدر عليه فوائد شخصية أو أن هؤلاء الحوثيون أشباح لديهم مقدرات خارقة تفوق القدر الطبيعية للبشر .
الكل يتفق على أن هذه الحرب غامضة جدا و لا أحد يعرف ما أسبابها الحقيقية ولماذا هي مستمرة حتى الآن ولماذا يمارس بحقها كل تلك التعمية الإعلامية والأخلاقية بحق مواطنين يمنيين يذهبون ضحايا لها من الطرفين سواء من الجيش أو من أتباع الحوثي بينما لا يوجد وحتى الساعة أية حراك مدني أو شعبي حقيقي للمطالبة بإيقاف هذه الحرب البائسة التي تبدو لنا أنها لن تنتهي أبدا .
حاليا تمر هذه الحرب بمنعطف خطير تهدد عاصمة الدولة والأمر بدا لنا ليس وكما يحاول الأعلام الرسمي تصويره بأن الحوثيين مجرد مجموعة متمردة ، بل أن هذه المجموعة تمتلك قدرة تنظيمية وتدريبية عالية جدا وانضباط متميز تستطيع أن تنفذ تهديدات زعيمها بنقل الحرب إلى أي منطقة هو يريد ، وخطورة هذه المرحلة أن المعارك تدور على مشارف العاصمة ولا تبعد عنها سوى عشرين كيلو متر فقط حيث أن من يسكن الضواحي يستطيع أن يسمع أصوات المعارك الدائرة والتي لم تحسم منذ أسبوعين ،وكون أن الحسم قد تأخر كل هذه الفترة فهذه تعتبر وبحد ذاتها هزيمة لجيش يلتهم النسبة الأعلى من ميزانية الدولة ويعتمد عليه النظام بشكل مباشر في بقائه على سدة الحكم.
مثلما سقطت حنيش أمام أرتيريا وشكلت تلك الواقعة صدمة للكثيرين ، فالأمر الآن مختلف كليا في حال استطاع الحوثيون نقل معاركهم إلى داخل صنعاء وفي أزقتها ، لأن الهزيمة باتت أمرا معتادا، وإخفاقات الجيش هي حلقة ضمن سلسة أخفاقات تمر بها الدولة بشكل عام ، فالعقلية التي تدير البلاد هي نفسها ولم تتغير ، وهي عقلية لم تستطيع وخلال ثلاثون عاما مضت أن تحقق شيء سوى الكثير من الفشل ، وأننا حين نرى هذه الهزيمة المعنوية والمادية لجيش بكامل عتاده أمام فصيل " متمرد " فنحن لا نستطيع إلا وأن نربط الإدارة الشاملة للدولة وخاصة إذا علمنا بأن رئيس الدولة هي رجل عسكري بالأساس وأن هذه المعارك هي من صميم مهنته ، وإذا كان هو فشل بها وبهذا الشكل ، فكيف هو الحال في المجالات الأخرى التي هي ليست بأحسن حال من جيشه المتوعك .
أشك أن الرئيس يرغب فعاليا بإنهاء هذا الجريان من الدماء اليمنية بشكل حاسم ، فهو يتعامل مع المشاكل بطريقة ترحيلها لا حسمها ، وهي طريقة تعود بسلبياتها على مستقبل الإنسان اليمني والأجيال القادمة وتترك ترسبات في النفس لا يمكن لها أن تندمل بسهولة ،والمتتبع حاليا لأسلوب تعامله مع الإشكالية الجنوبية وكيف تعامل معها بشكل فج ومتعالي ، وهو يعلم قبل غيره أن ما قام به لم ولن ينهي الموضوع وأن محاكمة بعض قادة الحراك السياسي هنالك لا يعني انتهاء مطالب الجنوبيين المشروعة ، بل أنه لم يتنازل بالجلوس مع نصف الشعب اليمني ليقنعه بأنه في صدد عمل إجراءات مستقبلية تعيد الوضع إلى ما هو مطلوب أو مقنع .
لماذا لا يستطيع هذا الرجل القابع على سدة الحكم كل هذه الفترة أن يحل ولو مشكلة واحدة وبشكل صحيح تمر بها البلاد ، ولماذا دائما يتحدث عن أشياء غير موجودة ويعد بأشياء لا ينفذها ويصر على بقاء الوضع المتهالك كما هو عليه ، ويستخدم كل الأوراق الممكنة من أجل بقائه حتى وأن كانت على حساب محرقة تحدث في صعدة وفي الجنوب اليمني وعلى حساب فقر مواطنيه الطويل ومرضهم وأميتهم ، بل أنه مستعد أن يرى اليمن تمزق أكثر من دولة على أن يبقى له هو وأسرته دويلة يحكمونها ويستحلبون خيراتها وبشكل حصري لهم دون سواهم .
نكذب لو أدعينا أن اليمن على وشك الانهيار ، فذلك تنميق للحقيقة وتفاؤل غير مبرر ، بل الواقع يقول بأن اليمن بلد منهار فعليا وبلا أية قوانين أو دستور أو أحكام ، بلد تحكمه طغمة من العسكر اكتسبت ملايين الدولارات من هذه الحرب ومن كل الحروب الماضية بعد أن باعت النفط والغاز والأوكسجين لحسابها ، وأن هذه البلد أشبه بغابة يأكل القوي به الضعيف و تسودها قوانين بدائية تعتمد على الأعراف والعادات التي تعود إلى ما قبل تكوين التاريخ ، وأن المسئول عن كل هذا هو الرئيس ولا أحد غيره وأن تلك الجرائم التي حدثت في الجنوب وفي صعدة يجب أن يحاكم المسئول عنها ، فليس من حق أحد أن يقرر هدر دماء شعبه بهذا الشكل وبدون أن يبين لنا الأسباب الحقيقية من وراء ذلك ، وليس من حق أحد أن يفرض وحدة بالقوة العسكرية بينما نصف الشعب أراد أن يقرر مصيره بعد أن كره أسلوب الحكم الفاشل والذي يحمل في طياته مخطط نحو تجهيل وإفقار وطن بأكمله .
الحرب ستستمر في الشمال ، والجنوبيون سيعودون لمطالبهم بالانفصال ، والنظام سيبقى متمسكا بالحكم ، واليمن ستبقى دولة على الهامش يعاني مواطنيها من كل المشاكل المستعصية ولن تأتي أية حلول مادام الرجل الذي خلق هذه المشاكل مازال موجودا على سدة الحكم . و أن كانت هنالك حلول نريدها ، وأن كنا مازلنا نريد وطنا سليما موحدا ومعافى من كل هذه الترسبات ، فعلينا أن نتفق جميعا نحو الاستمرار بمطالبة إقالة الرئيس وبشكل فوري ، لأنه عجز عن أداء مهامه وأدخل البلاد في دوامة من العنف والحروب الأهلية بينما لو كان أي شخص آخر غيره لأستطاع تجنيب البلاد كل تلك المصائب ، لكن من الواضح أن الرئيس بات في مرحلة من الغرور التي جعلته يتصرف كيفما شاء وبالطريقة التي يريد لأنه تيقن أن لا رادع له ولا قانون يمنعه أو مرجعية يعود أليها ، ومن آمن العقاب أساء الأدب .
#بكر_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مع الأمريكان وضد الأختلاط
-
الأمر سهل : ليقدم الرئيس اليمني أستقالته فورا
-
أين تكمن قداسة الوحدة اليمنية
-
لابأس بعدم حضور السعودية ومصر إلى القمة العربية
-
مازلتُ مثلما تركتني
-
تغزلا بقناة الجزيرة الرئيس اليمني يصرخ أووولي
-
حين يكون - الجن - مُلهماً
-
مش عاوزين جعجة فضائيات
-
هشاشة أحزاب المعارضة اليمنية من الداخل - الناصري - إنموذجا
-
أوقات فراغ مستبدة
-
المشهد العربي قبل مؤتمر أنابوليس
-
وأن جلد ظهرك وأخذ مالك
-
لن أبقى وحيدا أقاوم
-
ماذا لو أضفنا هذا البند إلى مبادرة الرئيس
-
وصار إنفصال الجنوبي اليمني واقعا
-
هل يحكم اليمن بلطجي ؟
-
سعر الرغيف ورأس الرئيس
-
ألزمي حدودك
-
أنا لست مستعدا أن أضحى بدمي من أجل الوطن
-
هل له أن يبالي بما سيقوله التاريخ عنه .
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|