|
شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
أشرف بيدس
الحوار المتمدن-العدد: 2332 - 2008 / 7 / 4 - 09:21
المحور:
الادب والفن
ستظل لعنة «اللمبي» تطارد محمد سعد أينما ذهب، وسيخلق النجاح الكبير الذي حققه؛ قيدا حريريا لن يستطيع الإفلات منه بسهولة، لأنه يحوي داخله نجاح سهل ومضمون، وأيضا جمهور عريض ينتظر المزيد والمزيد، وربما لا نبالغ إذا قلنا أن الجمهور ينتظر الجزء الثالث والرابع والخامس، وقد نبهنا من قبل علي هذه الصفحة بأن هناك أجزاء أخري قادمة علي الطريق، في الوقت الذي نفي «سعد» بأن فيلمه الجديد «اللي بالي بالك» سيكون له علاقة بـ«اللمبي» . وراهنا علي أن السوق يقبل كل ما هو سطحي، وأن مقولة «الجمهور عايز كده» سوف تفرض كلمتها وبقوة، وتقنن ما تريده، ولن يكون للسينمائيين سوي السمع والطاعة، فلقد فرض الجمهور أسماء محددة علي صناعة السينما؛ هي التي تملأ الأفيشات، في حين يجلس طابور كبير من الفنانين الكبار في بيوتهم في انتظار عرض أية أدوار عليهم، ويلجأ الآخرين منهم للفيديو، من أجل التواجد، أما كثرتهم فهم فعلا يشتكون من قلة العمل، وهذه علامة استفهام كبيرة تحتاج لاجابة مقنعة وصريحة. لن يدع «سعد» الفرصة تفلت من يده، وسيستغل اللمبي في أكثر من عمل، وقد لا نندهش إذا رأينا إحدي الشركات تقوم بتصنيع دمي تشبه اللمبي لتطرحها في الأسواق والبوتيكات، وسوف يقبل الناس عليها، فقد دخل اللمبي حياتنا، رغما عنا، مثل أشياء كثيرة دخلت دون استئذان، أو حتي طرق الأبواب! يحتاج محمد سعد إلي معجزة لكي يتخلص من شخصية «اللمبي» التي لصقت به، ولصق هو بها، واقترن نجاحه السينمائي بها، وتعود الجمهور علي مشاهدته في أداء هذه الشخصية التي حققت له نجاحا كبيرا.. لاشك أن شخصية اللمبي سكنت محمد سعد، والتخلص منها يحتاج إلي مجهود مضاعف، وإلي شخصية تملك ثراء شعبي وغوغائي وعشوائي مثل تلك الشخصية ، حتي تستطيع أن تزيح ولو مؤقتا «اللمبي» والتي سكنت بفعل في عقول المشاهدين، والذين لا يرتضوا غيرها، وربما إيرادات «اللي بالي باك» تؤكد ذلك. يسير «محمد سعد» علي خطا اللمبي مستثمرا النجاح الذي حققه، ولو أن قدرات «سعد» التمثيلية والأدائية في هذا الفيلم - اللي بالي بالك- مثلت قفزة كبيرة، وكأنه يقصد أن يؤكد للذين هاجموه أنه يملك إمكانات تمثيلية عالية، وجاء ذلك من خلال تنوع دوره في أداء شخصية مأمور السجن؛ والذي أداها بفهم ووعي كبيرين، ودون أن يلجأ لأدوات اللمبي، وهو بالفعل ممثل جيد، وربما كان تقييمه من خلال فيلمه الأول، هو ما كان في غير صالحه، ولو أن الفيلم لم يحقق كل هذه الملايين، لاختلف تقييمه، لكن النجاح الكبير الذي حققه استفز الكثيرين، وجعلهم يوازوون بين قيمة الفيلم وإيراداته، فكان ما كان. فيلم «اللي بالي بالك» بصورة عامة جيد، علي ضوء المناخ العام، إلا أن مبرر دخوله السجن، بسبب سرقة أموال عمه - مغتصب حقه- لم تكن مقنعة ولم تتماشي مع الشخصية التي رسمها السيناريو والتي تحمل صفات الطيبة والشهامة، والسذاجة في أحيان كثيرة، واللجوء إلي هذا، كان سببه أن تظهر الشخصية بقدر كبير من الفروسية، كما حاول الفيلم التأكيد عليها، ووضح ذلك في عدم خضوعه للابتزاز. فكرة الفيلم ليست جديدة، ولكن معالجتها تمت بشكل مختلف، وهي تدور حول الشبيه المهمش الذي تضعه المصادفة مكان شخص آخر يشبه لكنه يحتل مكانة مرموقة، وما ينتج عن هذه المصادفة من مواقف طريفة، وقد نجح السيناريو في عدم اللجوء إلي المواقف المكررة، وركز علي البعد الإنساني للشخصية وتطورها مع الأحداث، ومن الجمل الجميلة والتي تحمل دلالات كثيرة، تلك التي قالها المجرم «المهمش» لضابط الشرطة «المرتشي» : (فضلت طول عمري استني فرصة اشتري بيها نفسي، وأنت فضلت طول عمرك تستني فرصة تبيع فيها نفسك) فقد أكدت علي أن الإنسان نتاج مواقفه ، وإذا كان الفيلم لم يتبق منه سوي هذه الجملة فقط ، فهذا في رأيي يكفي.. تكرار أدوار «حسن حسني» يجعلنا لا نشعر به ، فجميع أدواره في الفترة الأخيرة متشابهة لحد التماثل، ولا يفرق بينها سوف اختلاف أسماء الأفلام ، أما فيما عدا ذلك فلا تغيير ولا تطوير ولا إجادة، فالشخصية واحدة ، وكأنه يقوم بتمثيل مسلسل من عشرون حلقة..لقد قولب «حسني» نفسه، وأدي تكرار أدواره؛ رغم كثرتها إلي الإحساس بعدم وجوده أصلا. رغم أنه فنان يملك إمكانات عالية، ولكن يبدو إنه خضع لمتطلبات السوق. تملك نيفين مندور وجه سينمائي مبشر، ولا يمكن الحكم عليها من خلال دورها القصير، حيث أن مشاهدها في الفيلم لم تبرز ما تتمتع به من موهبة ، وقد عابها اللقطات التي جمعتها مع «سعد» وهي تضحك، رغم أن المشاهد لم تكن تستدعي هذه «السخسخة»، فالمفروض أنها تؤدي شخصيتها.. تنفعل معها سواء كان هذا الانفعال بالضحك أو البكاء أو اللطم، أما أن تنسي دورها وتضحك لما يقوله الممثل الواقف أمامها، فهذا أمر مؤسف حقا، يسأل عنه المخرج، إلا إذا كان المخرج قد ترك موقع التصور لمساعده، والذي بدوره تركه لأحد معاونيه، فجاءت اللقطة وكأنها بروفة للمشهد.. مفترضا أن هناك اتفاق غير معلن بين الفنان والجمهور علي أن ما يجري ليس حقيقيا، ومع ذلك فإن الفنان يؤدي دوره من خلال معايشته للشخصية، وعلي ضوء ذلك يتم معايشة الجمهور مع الشخصية والاندماج معها وأحيانا تصديقها، وفي حالة أن يكشف الممثل صراحة عن هذا الاتفاق، فذلك يكون بمثابة سقوط للعمل وللممثل أيضا، واستخفاف بالمشاهد. من رأي الفيلم، يدرك أن اسم «عبلة كامل» علي الأفيش كان الغرض منه تجاري، لجذب الجمهور، حيث أن دورها قصير جدا، كما إنها لم تظهر إلا في ثلاث مشاهد، وكان يمكن أن يقوم بها أي فنان أو فنانة، وهذا ليس خطأ القائمين علي الفيلم، بل خطأ يضاف إلي أخطاء عبلة كامل التي ارتضت علي نفسها أن يضع اسمها بهذا البنط في عمل لم تبذل فيه مجهود، ولم يكتب لها فيه دور، أساسا، وكان أولي أن يسبق اسمها كلمة ضيفة شرف، لا أن يكتب اسمها بهذا الشكل ، ثم نفاجأ بأن عبلة ليست موجودة، ونقوم خلال عرض الفيلم بالبحث عنها.. عاب «سعد» اللجوء لتقليد حركات الممثل العالمي «جيم كاري» وهو ليس في حاجة لذلك، لأن اللمبي بمواصفاته الشكلية والأدائية شخصية ثرية جدا، ولديها مخزون من الحركات العشوائية، يجعل جيم كاري نفسه يقتبس منها، وليس العكس. أيضا كان ملفتا للنظر، إنه لم يخلو كادر طوال الفيلم من مشهد لمحمد سعد ، فقد ملأ الشاشة طولا وعرضا، ولم يدع السيناريو فرصة لأحد أن يظهر بجواره. أما كيف يتخلص «سعد» من هذا الكابوس، فهذا سؤال نتركه للأيام، ولو أن الجمهور سوف تكون له الكلمة الأولي والأخيرة في هذا الموضوع، فهو الذي سيحدد متي يعزف عن مشاهدته؟
#أشرف_بيدس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
-
«الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
-
فوضي حالات الاستثناء
-
من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام
-
فلسطين 00 توابيت وأكفان
-
وطن ينزف شعبا
-
ضاقت مساحات الوطن
-
يا جبل ما يهزك ريح
-
شمعة حبلي بالنور
-
إدوارد سعيد قلب المكان
-
أمي الفلسطينية
-
فرحة الدنيا
-
العاشقة الصغيرة
-
سمراء
-
الموت00 ورائحة الياسمين
-
تبت أياديكم
-
ريم00 امرأة فلسطينية
-
شهداء وعملاء
-
فاتن حمامة : السير علي حافة الهاوية
-
رسالة إلى امرأة غير استثنائية
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|