|
دعوة الرئيس ابومازن للحوارخشبة الخلاص لإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني
وليدالعوض
الحوار المتمدن-العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7 - 09:22
المحور:
القضية الفلسطينية
بمناسبة مرور 41 عاما على نكسة الخامس من حزيران عام 1967 واحتلال الضفة الفلسطينية وقطاع غزة وأجزاء من الأراضي العربية القي الرئيس أبو مازن خطابا هاما أطلق خلاله دعوة صادقة من اجل البدء بحوار شامل تطبيقا للمبادرة اليمنية بما يقود لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وقد تصادف هذا الخطاب الذي اخضع لنقاش مستفيض في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وحاز على موافقتها مع اقتراب مرور عام على حدوث هذا الانقسام الذي سيطرت بموجبه حركة حماس على قطاع غزة بالقوة المسلحة في مسلك مرفوض شكل سابقة هي الأولى من نوعها في العلاقات الداخلية الفلسطينية وبعد مرور عام على ذلك يتضح ما سبق واشرنا له منذ اللحظات الأولى لحدوثه أن مخاطر هذا الوضع الانقسامي المؤلم تتزايد على وحدة النسيج الاجتماعي الفلسطيني بل وتهدد المشروع الوطني الفلسطيني برمته، ومن الواضح أيضا أن عدم معالجة هذا الأمر والإسراع في إنهاءه و استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية بات يجعل من تكريس الانقسام وإدامة الفصل الجغرافي والسياسي والقانوني أمرا واقعا يتكرس يوما بعد يوم بأساليب وأشكال متعددة ، ولا يخفى على احد أن الاحتلال الإسرائيلي هو الطرف الوحيد المستفيد من ذلك ويمكن للمرء ان يلاحظ دون عناء انه يعمل على تعزيزه و إدامته وتغذيته بالأشكال كافة، كما يتخذ منه في نفس الوقت ذريعة للتهرب من استحقاقات عملية السلام وأكثر من ذلك يستخدمه للضغط من اجل اعتصار التنازلات من مختلف الأطراف سواء من خلال محاولاته البائسة للحصول على مبتغاه من ذلك على طاولة المفاوضات أو من خلال فرض شروطه للتهدئة على حركة حماس ومسعاه المتواصل لانتزاع المزيد من ذلك دون مقابل ، ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تواصل جرافاته غرس أسنانها في الأراضي الفلسطينية وابتلاع المزيد من الأراضي لإقامة وتوسيع المستوطنات في الضفة وتواصل دباباته إطلاق حممها لتحصد أرواح المواطنين في قطاع غزة بشكل يومي . وعلى ارض الواقع هنا في قطاع غزة المحاصر والجريح نتلمس بعد مضي عام على هذا الانقسام الضار أن أمرا واقعا يجري تكريسه على الأرض بل ويغرس جذوره في كافة المجالات بما فيها ما يتركه من آثار دامية على الجسد الفلسطيني الذي لم يعتد سابقا على ذلك، ومن هنا لابد من القول أن إطالة أمد هذه الحالة التي تتكرس وتبني ركائزها كل قوة سيجعل من العودة عنها في فترات لاحقة أمر صعب المنال وإن تحقق ذلك فسيكون بأثمان واستحقاقات باهظة يتحمل وزرها شعبنا بالدرجة الأولى في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأخذة في التدهور خاصة في قطاع غزة وأوصلت الشعب إلى حالة غير مسبوقة من اليأس والقنوط ، يزيد من وطأتها استمرار الحصار والعدوان الإسرائيلي على شعبنا و سقوط الشهداء والجرحى بشكل يومي، علاوة على ما يعانيه الناس جراء التداعيات التي أحدثها الانقسام وما رافقه وتلاه من ممارسات وأساليب طالت الحريات العامة والخاصة والمسيرة الديمقراطية التعددية السياسية بما فيها حملات الاعتقال السياسي في غزة والضفة أيضا،ويجري ذلك في ظل الإصرار على فرض سلطة الأمر الواقع وإقامة المجتمع الخاص بكافة أبعاده ومكوناته في القطاع بكافة الأشكال المتاحة وقد حققت هذه السياسية نجاحات ملموسة على المدى المنظور وبات الناس أسرى ورهائن لهذه السياسة وقد سكن الرعب قلوبهم جراء ذلك مما اثر سلبا في التحركات الجماهيرية الرافضة لذلك ،لكن من الواضح أيضا لكل متبصر أن صبر الشعب وقدرته على التحمل آخذة في النفاذ ولن يطول انتظار لحظة الانفجار في وجه هذا الواقع إن بقي الأمر على حاله من الاستخفاف بقضايا الناس ومتطلباتها الحياتية والسياسية كافة. هذا من جانب ومن جانب آخر من الملاحظ أن خطاب الرئيس ودعوته للحوار جاء في أعقاب تصاعد القلق وبروز مؤشرات هامة لمسها الرئيس أبو مازن نفسه تتعلق بانعدام الأفق السياسي لعملية المفاوضات الجارية حاليا وقد اتضح بشكل جلي أن إمكانية التوصل لاتفاق سلام يرضى شعبنا أمر غير قابل للتحقيق خصوصا في ظل استمرار العدوان والاستيطان الذي يقطع كل طريق يؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة، ولذلك فان الناس في غزة باتت تنظر بعين الريبة لاستمرار عملية المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي في وقت يتصاعد فيه العدوان والاستيطان على شعبنا وباتت تتساءل إلى أي وقت ستبقى رهينة الانقسام وانعدام الأمل في التقدم الجدي لعملية السلام التي تنهي الاحتلال وتعيد الحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا ,وأمام ذلك ومع وصول عملية المفاوضات إلى طريق مسدود وما تشهده الساحة الداخلية الإسرائيلية من تموجات في ظل استمرار التحقيق في ملفات الفساد لرئيس الحكومة الإسرائيلية وتهديد مستقبله السياسي واحتمالات انشغال الساحة السياسية الإسرائيلية بالأوضاع الداخلية سيوفر لحكومة الاحتلال الفرصة لاستمرار تهربها من استحقاقات عملية السلام بل يمكن أن يقود هذا الانشغال إلى تنافس أقطاب السياسية الإسرائيلية على من هو الأقدر على توجيه الضربة لشعبنا الفلسطيني باعتباره الحلقة الأضعف خاصة وهو يرزح تحت أعباء هذه الحالة من الانقسام وانعدام الوحدة، ان حالة الفراغ هذه أضف إلى ذلك انشغال الإدارة الأمريكية بانتخاباتها حتى نهاية العام تؤشر إلى أن الانشغال سيتركز من قبل كل طرف على ترتيب أوراقه وأوضاعه الداخلية وتأجيل ما سواها إلى النصف الثاني من العام القادم، ويجدر القول أيضا أن خطاب الرئيس الهام جاء في توقيت اتضح خلاله لقادة حماس أن استمرار إدارتها للانقسام وسيطرتها على قطاع غزة وصلت أيضا إلى طريق مسدود وباتت أمام خيارين لا ثالث لهما فإما التجاوب مع الشروط والاملاءات الإسرائيلية وأقصى ما بمكن أن تحققه إطالة سيطرتها على القطاع واستمرار الانقسام وإما إيصال الوضع في القطاع إلى الانفجار أو بالأحرى الانتحار ونحر المشروع الوطني برمته ومحاولة تصدير الأزمة إلى الشقيقة مصر عبر الحدود الجنوبية وفي ذلك تقاطع واضح مع ما دعا له مؤتمر هرتزليا بإلقاء غزة على مصر، مما سيوفر لإسرائيل في هذه الحالة شطب إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة على كافة الأراضي المحتلة عام 1967وعاصمتها القدس. في هذا المجال اعتقد أن خطاب الرئيس أبو مازن ودعوته للحوار جاء ليوفر الخيار الوطني الفلسطيني المتمثل بضرورة استعادة الوحدة ومواجهة التحديات والحصار والعدوان بشكل موحد وانطلاقا مما تقدم يمكن القول ان هذه الدعوة جاءت لتقدم خشبة الخلاص من الأزمة الراهنة وتفتح الأبواب لمعالجة مختلف جوانب الأزمة الفلسطينية بالاستناد إلى وثيقة الوفاق الوطني وتفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية حسب اتفاق القاهرة آذار 2005، ولذلك لابد من تكاثف الجهود وصولا لتحقيق النجاحات التي ينتظرها شعبنا ولا بد من المباشرة على الفور في تهيئة الأجواء وتوفير سبل نجاح هذا الحوار من خلال وقف الحملات الإعلامية من الطرفين في وسائل الإعلام كافة، و وقف الاعتقالات وإطلاق سراح المعتقلين في غزة والضفة خاصة بعد ان رحبت الإطراف المعنية بهذه المبادرة الأمر الذي يتطلب توفير مقومات نجاحها. إن نجاح هذا الحوار يتطلب الاستفادة من التجربة اللبنانية والتوصل لاتفاق الدوحة ولذلك لابد من توفر الدعم والإسناد من الأشقاء العرب الأمر الذي يتطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية الإسراع في تشكيل لجنة عربية خاصة لوضع الآليات المناسبة العملية لرعاية الحوار الوطني الفلسطيني الشامل وضمان نجاحه في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والوقوف إلى جانب شعبنا خاصة فيما يتعلق بالضغوطات الدولية والإقليمية التي ستعمل على وضع العراقيل والعقبات في طريق ذلك. عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني
#وليدالعوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|