أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - سياحة














المزيد.....

سياحة


عدنان الدراجي

الحوار المتمدن-العدد: 2305 - 2008 / 6 / 7 - 09:52
المحور: الادب والفن
    



أمسكت عصا غربتي ورافقت وحدتي مهجرا إلى ذاتي, لا ادري ما الذي جعلني اعقد العزم على خوض هذه المشقة إلا ان إملاقي هون علي الأمر فلا املك ما اخسره.
انحدرت سالكا أبين السبل مخترقا وجيب فؤادي بتمهل وحذر فرضته وعورة الطريق وتعرجاته المفاجئة, وخوفا من النكوص شحذت عزيمتي الصدئة باستذكار ما قيل وكتب عن هذه السياحة المرهقة.
بعد جهد طويت منعطف لزج قادني إلى مسلك نيسمي يتوسط المسافة بين مستنقع كدر آسن وسور عظيم أصم شاهق وهنا اتجهت بكلي إلى السور ملتمسا مدخلا يعصمني من روائح المستنقع القذر لكني لم أجد غير كوة ضيقة كأنها عين صقر.
كان السور شاهقا يداعب الغمام وصلدا أصما يتعذر ارتقاءه، وحيث لا سبيل إلى الخلاص إلا بتجاوزه فكان لابد لي من الانسياب خلال الكوة، دفعت بجسدي قدر ما أمكنني فيها فحشرت في مدخلها كسدادة قنينة إذ أبت ان تتسع لغير راسي.
استسلمت قانعا بخلاص راسي من قهر المستنقع الآسن, تذوقت النسيم العذب بتلذذ شره ثم عببته عبا فارتوت منه رئتي حتى إذا بلغت ذرة النشوة أغمضت عيوني لبرهة وحين فتحتها كان الزمن قد ذوى في تدرجات الأزرق النبيل.
وبعد قدر ما من الزمن المفقود انزلقت حزمة ضوء طافية اكتسحت المكان وسلبت ألوان الأرض والعشب والأزهار وتلألأ كل شيء بنبضات ضوئية شفافة رائعة.
كان تدرج الصفاء يضفي ألوانا نقية رقراقة خيل لي أنها تهزا من ألوان الدنيا جميعا, تجاهلت أنين جسدي المرهق وتشبثت بموقعي التهم الصور الضوئية الخلابة إذ كنت حريصا على نحتها في ثآليل ذاكرتي.
تحرر المشهد ببطء لذيذ عن لحظة ولادته الأولى حتى بدت الأشياء تذوب ببعضها لترسم لوحة ضوئية سرمدية تنبض بالحياة.
لم يداخلني البتة أي شك فيما يحدث أمامي فحواسي نشطة في عنفوانها ولا يعقل أن المنظر قد أسكرها كما أسكرني فهاهي مشدودة إلى مواضعها في راسي رغم اكتسابها قدرة العوم.
وللمرة الأولى منذ علمت أنني أنا أبصرت نفسي بعيوني متحررا من وساطة المرآة إذ رمقتني عيوني حين توسلت إليها لتعود إلى محاجرها فانبهرت لما شاهدت من انعكاس الضوء المتلألأ على صفحة وجهي.
لم أجد غيري خلال رحلتي حتى بلغت السور وحين دسست رأسي المتلصص في الكوة وتحررت من ظلمة المستنقع وروائحه تملكتني رغبة التحدث إلى احدهم, أطلقت عيوني تجوس المكان لكنها لم تبصر إلا ظلالي الضوئية فتأوهت متحسرا لوحدتي لكن سرعان ما أسرني صوت صاف كنبضة ضوء.
قال مالك تتأوه؟
قلت ألا ترى شقائي!!
قال أتندب حظك وبيدك أن تتحرر من قيودك.
قلت أين قيودي؟ لا أراها.
قال حين تراها ستتحرر ويفتح لك باب السور على مصراعيه.
قلت كيف أجد قيودي؟ قال هذا شأنك.


د.عدنان الدراجي
[email protected]



#عدنان_الدراجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوطن البكر
- نزوة شجرة
- قصة أنفاس الفجر
- قصة رائحة بلدي
- نبتة الخلود


المزيد.....




- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الدراجي - سياحة